مصدر يمني يفنّد مغالطات الانقلابيين بشأن الهدنة

أكد أن الدولة تعاملت بإيجابية مع كافة المبادرات لإيقاف نزيف الدم

مشهد لأحد الشوارع في مدينة تعز وتظهر عليه آثار الدمار 29 أغسطس (أ.ب)
مشهد لأحد الشوارع في مدينة تعز وتظهر عليه آثار الدمار 29 أغسطس (أ.ب)
TT

مصدر يمني يفنّد مغالطات الانقلابيين بشأن الهدنة

مشهد لأحد الشوارع في مدينة تعز وتظهر عليه آثار الدمار 29 أغسطس (أ.ب)
مشهد لأحد الشوارع في مدينة تعز وتظهر عليه آثار الدمار 29 أغسطس (أ.ب)

فنّد مصدر حكومي يمني مسؤول المغالطات التي أوردتها ميليشيا الحوثي الانقلابية بشأن الهدنة وبنودها، والذي يعكس تهربها الدائم من استحقاقات السلام، مشيراً إلى أن الحكومة لم ترغب في الرد فور نشر الميليشيات تلك المغالطات؛ حتى لا تدخل في باب المهاترات مع ميليشيا يدرك أبناء شعبنا أولاً عدم مصداقيتها وحتى تعطى الجهود الدولية الصادقة الفرصة لإقناع هذه الميليشيات لتعلي مصلحة اليمن وشعبه على أي مصلحة أخرى.
ولفت المصدر إلى أن الحكومة ومنذ اللحظة الأولى للهدنة وقبلها في كل مراحل المشاورات السياسية السابقة تعاملت بإيجابية كاملة مع كافة الجهود والمبادرات الدولية لإيقاف نزيف الدم اليمني وتحقيق السلام، وقدمت تنازلات كبيرة انطلاقاً من مسؤوليتها في تخفيف المعاناة الإنسانية التي سببتها الحرب المفروضة من قبل الميليشيات، مبيناً أنه منذ اتفاق السلم والشراكة مروراً بمفاوضات الكويت واتفاق استوكهولم وانتهاء بالهدنة الحالية المُعلنة في 2 أبريل (نيسان) 2022، عمدت ميليشيا الحوثي إلى الهروب من استحقاقات الهدنة بافتعال التعقيدات المتتالية لإفشالها، وهو سلوك يدركه ويتابعه الشعب اليمني وعاصره المجتمع الدولي عن قرب.
ورداً على ما أوردته ميليشيا الحوثي من مغالطات بشأن بنود الهدنة، أورد المصدر بعض الحقائق، وحول فتح الطرقات، قال طالبت الحكومة بفتح طرقات تعز الرئيسية نظراً للأثر الإنساني المترتب عن إغلاق طرق المدينة التي تحتضن ملايين المواطنين، كما أبدت الحكومة ترحيباً بمقترح الأمم المتحدة بتوسعة الاتفاق ليشمل طرق محورية أخرى بين المدن اليمنية، بما في ذلك طريق نهم – صنعاء، وطريق صرواح – صنعاء، وطريق الراهدة – كرش، وطريق دمت – مريس، حيث أظهرت الميليشيات الحالة من التعنت غير المفهوم أمام فتح الطرقات الرئيسية إلى مدينة تعز دون إبداء أي أسباب واختارت أن تفتح طرقات إما لأغراض عسكرية كما هو الحال في التركيز على طريق الدفاع الجوي أو طرق وعرة وغير مؤهلة لمرور الشاحنات التجارية ووسائل النقل العامة والخاصة؛ مما يجعلها طرقاً غير مجدية في فك الحصار عن مدينة تعز.
كما أن ميليشيا الحوثي افتعلت اشتراطات تعقيدية بشأن فتح الطرق الرئيسية بين المدن، ومنها فرض جبايات على الطرق التي تم اقتراح فتحها وفقاً لاتفاق الهدنة، ورفضت في كل مرة مطالب الحكومة ومقترحات المبعوث بإيقاف الاتاوات والجبايات، ولا تزال حتى اللحظة ترفض الالتزام.
وبشأن ميناء الحديدة، قال المصدر، إنه في ديسمبر (كانون الأول) 2019 رعت الأمم المتحدة اتفاقاً بين الحكومة وميليشيا الحوثي يضمن تسهيل دخول المشتقات النفطية من موانئ الحديدة وفقاً لآلية واضحة تحافظ على سلاسة دخول المشتقات النفطية وتفرض معايير تحدّ من تجارة السوق السوداء وتهريب النفط الإيراني الذي يوفر تمويلاً لميليشيا الحوثي ومحاربة غسل الأموال، وأن تورد الإيرادات كافة إلى حساب في البنك المركزي فرع الحديدة وتخصيصها لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، موضحاً أن ميليشيا الحوثي خالفت هذا الاتفاق وقامت بنهب المبالغ التي وُرّدت لهذا الحساب وامتنعت من اليوم الأول عن رفع أي بيانات عن حركة الحساب أو الأموال بحسب نصوص الاتفاق، وافتعلت أزمات متتالية أدت إلى توقف إدخال المشتقات من ميناء الحديدة حتى بداية الهدنة في أبريل الماضي، كما أنه في إطار اتفاق الهدنة وافقت الحكومة على العودة للآلية السابقة التي رعتها الأمم المتحدة في 2019، واستمر دخول سفن المشتقات بانتظام بما يزيد على 54 شحنة بحمولة تصل إلى مليون ونصف المليون طن. وبلغت الإيرادات المستحقة عن هذه الشحنات المفترض توريدها لفرع البنك المركزي في الحديدة لغرض دفع رواتب الخدمة المدنية في مناطق الحوثيين ما يزيد على 203 مليارات ريال، وعقب انتظام دخول المشتقات النفطية لميناء الحديدة لخمسة أشهر، افتعلت ميليشيا الحوثي أزمة جديدة ومنعت التجار من تقديم وثائقهم إلى مكتب المبعوث الأممي وفقاً للآلية المتفق عليها؛ ما أدى إلى تراكم السفن وحدوث أزمة مشتقات منتصف الشهر الماضي، ومع ذلك وحرصاً على إنجاح الهدنة واستجابة للأولويات الإنسانية، وكذا دعوات الدول الشقيقة والصديقة، سمحت الحكومة وبصورة استثنائية بدخول السفن التي تم منعها.
وحول مطار صنعاء، قال المصدر، إنه منذ توقف الرحلات إلى مطار صنعاء في 2016، قدمت الحكومة عدداً من المقترحات لتخفيف معاناة اليمنيين وفتح المطار للرحلات الداخلية، وأبدت استعدادها الاستجابة للمبادرات الدولية في هذا الجانب، إلا أنه لم تلق معاناة المسافرين والمبادرات الدولية أي استجابة من قبل ميليشيا الحوثي الانقلابية، وتنفيذاً لبنود الهدنة، وافقت الحكومة على فتح مطار صنعاء لوجهتين مباشرتين، هما عمان والقاهرة، ومنذ بداية الهدنة تم تسيير عدد 50 رحلة ذهاباً وإياباً من صنعاء إلى عمان، ورحلة واحدة إلى القاهرة، إلا أن تعثر الرحلات للقاهرة يأتي نتيجة لإصرار الميليشيات على العمل بجوازات صادرة عنها، وهو ما تتحفظ عليه الكثير من الدول، وأنه فور بدء تنفيذ هذا البند، عمدت ميليشيا الحوثي إلى تعقيد ذلك من خلال اشتراطها سفر المسافرين بجوازات صادرة منها؛ وهو ما يمثل سابقة بالتعامل بجوازات غير قانونية وتصدر من جهات غير مسؤولة، كما حذرت الحكومة الأمم المتحدة بأن ذلك يمثل خطراً أمنياً في التنقلات الدولية، ويمكن أن يكون مساراً يتم استخدامه لتزوير وثائق رسمية ونقل أفراد مشبوهين أو ملاحقين دولياً.
وكحل مؤقت، ومجدداً من أجل إنجاح مسار الهدنة، وافقت الحكومة على أن يحصل المسافرين على جوازات رسمية في دول الوصول من السفارات اليمنية في هذه الدول وغيرها من الحلول التي تحافظ على سلامة الجواز اليمني، وكل الحلول الفنية المقترحة يتم رفضها والامتناع حتى عن مناقشتها، وبالنسبة لفتح وجهات جديدة للطيران المباشر، فإن ذلك أيضاً يعتمد على الاشتراطات والمعايير الأمنية التي تفرضها هذه الدول بشأن التنقلات منها وإليها، وأبدت الحكومة حرصها الكامل لتحقيق ذلك بعد معالجة الإشكاليات الفنية والأمنية ذات العلاقة التي تفرضها ميليشيا الحوثي.
وعن إيقاف التصعيد العسكري، أورد المصدر التزام الحكومة اليمنية ببنود الاتفاق مقابل استمرار الخروقات اليومية من قبل ميليشيا الحوثي والتي أدت إلى سقوط أعداد كبيرة من العسكريين والأمنيين في مناطق الحكومة؛ إذ بلغ عدد شهدائنا وجرحانا خلال فترة الهدنة أكثر من 1400 من العسكريين و96 من المدنيين، مبيناً أن الميليشيات شنت هجوماً عسكرياً واسعاً في محافظة تعز أدى إلى استشهاد عشرة أشخاص وجرح آخرين، واستهدف إغلاق الشريان الوحيد للمدينة بينما كان العالم كله ينتظر من الحوثين فتح الطرقات في تعز، إضافة إلى استمرار التحشيد العسكري والهجوم اليومي بالطيران المسيّر والقصف المستمر للمناطق المدنية والعسكرية، فضلاً عن الاستفزازات المستمرة والعروض العسكرية
وحول الرواتب، قال المصدر، كان دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية المدنيين في مناطق سيطرة الحوثيين أحد أهم الملفات التي حملتها وعملت على حلها الحكومة اليمنية منذ سنوات، وأنه وحرصاً منها على الحفاظ على كادر الدولة، وانتظام أعمال المرافق الحيوية، قامت الحكومة في العام 2019 بدفع رواتب ما يزيد على 120 ألف موظف ومتقاعد مدني في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، بما في ذلك رواتب المتقاعدين ورواتب موظفي القطاع المدني في الحديدة، ورواتب القطاع الصحي، و50 في المائة من رواتب كوادر وموظفي التعليم العالي والجامعات، كما أن الحكومة قادت نقاشاً مع الأمم المتحدة لتخصيص جزء من المساعدات الإنسانية لتغطية رواتب الموظفين المدنيين، وأنه نتيجة للانقسام النقدي الذي فرضته ميليشيا الحوثي تعطل صرف رواتب الموظفين بداية العام 2020، بينما تفرض ميليشيا الحوثي جبايات مضاعفة على القطاعات التجارية والأوعية الإيرادية في مناطقها، وتتنصل من أي مسؤولية تجاه المواطنين في الرواتب والخدمات الأساسية، كما أنها قامت بنهب مبالغ كبيرة تجاوزت 60 مليار ريال تمثل إيرادات الحديدة وفقاً للاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة في 2019، وخصصتها لتمويل حملاتها الحربية ضد مارب خلال الفترة الماضية، بدلاً من صرفها فيما تم الاتفاق عليه، وهو دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية.
وقال، إن دفع رواتب موظفي القطاع العام أولوية إنسانية تحرص عليه الحكومة، في إطار معالجة شاملة للإيرادات العامة، بما في ذلك إيرادات ميناء الحديدة والإيرادات الضريبية في مناطق سيطرة الميليشيات، وبدعم دولي يساهم في تغطية الفجوة، ولا يقبل الأمر مزايدات وفرض إرادات.
وبشأن ملف المعتقلين والمختطفين، أشار المصدر الحكومي، إلى أن مغالطات ميليشيا الحوثي الانقلابية وممارساتها دليل على توجهها لإفشال الهدنة والمتاجرة بالقضايا الإنسانية، متجاهلة المصالح الحقيقية للمواطنين، أمام مصالحها الخاصة التي تسعى إليها بعيداً عن النظر لمعاناة أبناء الشعب اليمني.
وقال «لقد فعلت الحكومة كل ما في وسعها للإبقاء على هذه الهدنة؛ سعياً للتخفيف على أبناء شعبنا، غير أن الميليشيات الحوثية تسعى إلى تفجيرها بفرض شروط سياسية تتزايد مع كل يوم جديد مصحوبة بالتهديدات والاستفزازات والأكاذيب، بما في ذلك تهديد الشركات العاملة في القطاع النفطي والشركات الملاحية».
وأضاف المصدر «وإذ نقوم بهذا الإيضاح لأبناء شعبنا نؤكد كذلك أننا كنا وسنظل دائماً في صف الشعب ومع خيار السلام وكل ما من شأنه التخفيف من المعاناة، وعليه فإننا نحمّل هذه الميليشيات المتمردة مسؤولية إيصال هذه الجهود إلى طريق مسدودة، وندعو مجلس الأمن والمجتمع لتحمّل مسؤولياته لمواجهة التهديدات الصادرة عن الميليشيات الحوثية الإرهابية التي لا تستهدف اليمن فحسب، بل تهدد مصالح المجتمع الدولي خدمة للنظام الإيراني الذي يعاني من أزمة داخلية».


مقالات ذات صلة

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

العالم العربي الجماعة الحوثية منحت مهدي المشاط رئيس مجلس حكمها شهادة الماجستير (إعلام حوثي)

هوس قادة الحوثيين بالشهادات العليا يفاقم انهيار التعليم الجامعي

يتعرض طلاب الدراسات العليا في الجامعات اليمنية لابتزاز قادة حوثيين لإعداد رسائلهم للماجستير، والدكتوراه، في حين يجري إغراق التعليم الجامعي بممارسات كسب الولاء

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طائرة أميركية مسيرة من طراز «إم كيو - 9» (أرشيفية - أ.ب)

اليمن: مقتل قيادي بارز بـ«القاعدة» بغارة أميركية في مأرب

أكد مصدر أمني يمني، مساء السبت، مقتل قيادي بارز في تنظيم «القاعدة»، في ضربة بطائرة أميركية من دون طيار في محافظة مأرب، شرق البلاد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عناصر حوثيون أمام شاشة كبيرة تنقل صوراً لهجمات نفَّذتها الجماعة في البحر الأحمر (غيتي)

سباق الظلام… الحوثيون يحاولون تجاوز اختراقهم من إسرائيل

لجأ الحوثيون لتشديد إجراءاتهم الأمنية لحماية قياداتهم من الاستهداف الإسرائيلي، كتعطيل كاميرات المراقبة وتغيير هوياتهم يومياً وتنويع وسائل تنقلهم وتمويه تحركاتهم

وضاح الجليل (عدن)
خاص باتريك سيمونيه رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن (تصوير: صالح الغنام)

خاص الاتحاد الأوروبي لـ«الشرق الأوسط»: لا تساهل مع الحوثيين... وهدفنا عودة اليمنيين للمفاوضات

تؤكد بروكسل أنها لا تتساهل مع الحوثيين، وكل جهودها تنصب لإعادة الأطراف لطاولة المفاوضات وتطبيق خريطة السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الرئيس رشاد العليمي يستقبل الوزير البريطاني في عدن (سبأ)

وزير بريطاني: شراكتنا مع اليمن «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم

وصف وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر الشراكة مع اليمن بأنها «ركيزة أساسية» لاستقرار البلاد وأمن المنطقة والعالم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
TT

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)

حذَّرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، من النقص الشديد في الأدوية والمستهلكات الطبية الذي وصفته بأنه عند «مستويات كارثية».

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن 52 في المائة من الأدوية الأساسية و71 في المائة من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً»، كما أن 70 في المائة من المستهلكات اللازمة لتشغيل المختبرات بات رصيدها «صفراً» أيضاً.

وقالت الوزارة التي تديرها حركة «حماس»، في بيان، إن أقسام جراحة العظام، والغسل الكلوي، والعيون، والجراحة العامة، والعمليات، والعناية الفائقة، تواجه تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية، كما أن هناك نقصاً شديداً في الأدوية اللازمة للرعاية الأولية والسرطان وأمراض الدم.

وحذَّرت الوزارة من تصاعد الأزمة في ظل زيادة الحاجة إلى مزيد من التدخلات العلاجية للمرضى والجرحى، وطالبت بتعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين الأطقم الطبية من أداء عملها.


الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)

وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملة تجنيد قسرية في مناطق سيطرتها بمحافظتي الحديدة وذمار، بعد فشل محاولاتها السابقة في استقطاب الفقراء للالتحاق بمعسكرات التدريب مقابل وعود برواتب شهرية.

ولجأت الجماعة المتحالفة مع إيران -حسبما ذكرته مصادر حكومية- إلى اعتقال عدد من وجهاء تلك المناطق بتهمة «التخاذل» في مسعى لإجبار السكان على إرسال أبنائهم للقتال.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين اعتقلوا عدداً من وجهاء مديرية «جبل راس» في الحديدة، بعد رفضهم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب، ضمن حملات التعبئة التي تزعم الجماعة أنها مخصصة لـ«تحرير فلسطين».

وقالت المصادر إن سكان المديريات الخاضعة للجماعة يواجهون حملة تضييق وعقوبات غير مسبوقة، بسبب رفضهم الانخراط في القتال، وإن الوجهاء لا يزالون رهن الاعتقال منذ أيام.

الحوثيون يرغمون الدعاة على قيادة حملات التجنيد (إعلام محلي)

وأوضحت السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية، أن السكان -رغم الفقر المدقع الذي يعيشونه- رفضوا الانضمام لمعسكرات التدريب. وأشارت إلى أن القيادي الحوثي أحمد البشري، مسؤول ما تسمَّى «التعبئة العامة»، وعبد الله عطيف الذي عيَّنته الجماعة محافظاً للحديدة، أجبرا عدداً من الدعاة على مرافقتهم إلى تجمع أقيم في مدينة زبيد ضمن حملة التجنيد هناك. واعتبرت أن لجوء الجماعة إلى مثل هذا السلوك يعكس «حالة الإفلاس والتخبط» بعد فشلها في استقطاب أبناء تهامة.

وقالت السلطات إن مسؤول التعبئة الحوثي أبلغ الدعاة خلال الاجتماع أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أبدى استياءه الشديد من المجتمع التهامي، بسبب رفض أبنائه الالتحاق بالتجنيد، وعدم التجاوب مع دعوات التعبئة، رغم أن الحديدة تعد من أكثر المحافظات معاناة من انعدام الأمن الغذائي والفقر.

ضغوط على الدعاة

وطبقاً لما نقلته السلطات المحلية، وجَّه القيادي الحوثي أحمد البشري تهديداً مباشراً للدعاة، وأمرهم باستخدام نفوذهم ومنابر المساجد للضغط على الأهالي لإرسال أبنائهم إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وإصدار فتاوى بوجوب حمل السلاح. كما هدد بإلحاق الدعاة وأُسرهم قسراً بالدورات الطائفية والعسكرية في حال رفضهم تنفيذ التعليمات.

وحذَّرت السلطات المحلية من أن الجماعة الحوثية تعمل على تحويل الدعاة وزعماء القبائل إلى أدوات لشرعنة التجنيد القسري، وتهدد كل من يتأخر أو يرفض بالاتهام بالولاء للحكومة الشرعية.

بينما يعاني اليمنيون من انعدام الغذاء يستمر الحوثيون في الإنفاق على التجنيد (إعلام محلي)

واستغلت الجماعة حالة الفقر الشديد، وانقطاع المرتبات، وانعدام الوظائف، لإغراء الأهالي برواتب شهرية، ووعدت بإدراج أبنائهم في قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية عند استئناف توزيعها. وفق المصادر ذاتها.

إلى ذلك، واصلت الجماعة الحوثية التضييق على سكان محافظة ذمار (مائة كيلومتر جنوب صنعاء) إذ أجبرت الأهالي في عدد من المديريات على الخروج في وقفات تحت شعار «النفير والتعبئة العامة»، وألزمت المشاركين برفع شعاراتها، في حين قام عناصرها بتصوير الحشود لتقديمها كدليل على وجود «حاضنة شعبية».

وقالت مصادر محلية إن مشرفي الحوثيين أبلغوا مسؤولي القرى والعزل بضرورة الحضور الإجباري لهذه الفعاليات، والاستعداد لـ«النفير العام» تحت غطاء دعم فلسطين، رغم توقف الحرب في غزة منذ مدة. كما ألزمت نساءً وفتيات بتسجيل أسمائهن كمتطوعات، ولوَّحت بعقوبات لمن يرفض، في خطوة تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن للفعالية التي دعت إليها الجماعة في صنعاء.

أزمة هي الأشد عالمياً

تأتي هذه الممارسات الحوثية -وفق مراقبين- في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن اليمن لا يزال يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ يحتاج أكثر من 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب النزاع المستمر، والانهيار الاقتصادي، وتداعيات تغير المناخ.

يمنيون نازحون في صنعاء يدفئون أنفسهم تحت أشعة الشمس في مخيم مؤقت وسط طقس بارد (إ.ب.أ)

ووفق مفوضية شؤون اللاجئين، فإن نحو 4.8 مليون يمني ما زالوا نازحين داخلياً، بينما استقبلت البلاد أكثر من 62 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. وتوضح المفوضية أنها تعمل في معظم محافظات البلاد بالتنسيق مع السلطات والشركاء المحليين، لتوفير الحماية والمساعدات للفئات الأكثر تضرراً.

وعلى الرغم من هذه المعاناة الواسعة، تواصل الجماعة الحوثية إنفاق الموارد على التجنيد وحملات الحشد الطائفي والعسكري، بدلاً من توجيهها لتخفيف الكارثة الإنسانية، حسبما تؤكده مصادر حكومية ومنظمات محلية.


مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
TT

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)

دعت مصر وقطر، السبت، إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها في قطاع غزة.

وخلال لقاء عقده رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على هامش انعقاد «منتدى الدوحة»، في العاصمة القطرية، السبت، أكد المسئولان أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها.

كما شدد الوزيران على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وفي كلمته خلال افتتاح «منتدى الدوحة»، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن اتفاق غزة لم يطبَّق بالكامل، مشيراً إلى استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية.

وقال آل ثاني إن التحديات التي تشهدها المنطقة ليست معزولة عمَّا يشهده العالم من تراجع احترام القانون الدولي.

وأضاف أن «العدالة باتت في كثير من الأحوال غائبة عن مسار القانون الدولي»، مشيراً إلى أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام في العالم.

ولفت إلى أن «العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل يحتاج إلى عادلة تترجم الأقوال إلى أفعال»، مؤكداً أن «غياب المساءلة أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي الحالي».

وفي حديثه عن الوساطة، شدد على أنها ليست رفاهية سياسية، بل منهج راسخ لدولة قطر، معرباً عن إيمان الدوحة بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون القانون الدولي.

معبر رفح وتهجير الفلسطينيين

وخلال مشاركته في جلسة بعنوان «محاسبة غزة: إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، التزام بلاده بمواصلة جهودها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم مسار يُفضي إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على مرجعيات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وقال عبد العاطي إن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظَّم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام». وأوضح أن هذه المرحلة تتطلب إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ودون عوائق، والبدء في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يخفف من حدة المعاناة ويعيد الأمل لسكان القطاع.

وشدد الوزير عبد العاطي على أن معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، وأن المشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في خمسة معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها.

ولفت إلى أن خطة الرئيس ترمب تنص على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع.

وبعد لقاء بين وزيري خارجية قطر ومصر على هامش «حوار الدوحة»، ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف، في بيان صحافي، أن الوزير عبد العاطي أكد الحرص على مواصلة التنسيق الوثيق مع دولة قطر في مختلف القضايا الإقليمية، والبناء على العلاقات الثنائية المتنامية بما يخدم مصالح الشعبين ويدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وانطلقت في العاصمة القطرية، النسخة الـ23 لـ«منتدى الدوحة 2025» بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين وحضور رفيع المستوى من مختلف أنحاء العالم. وتقام جلسات المنتدى تحت شعار: «ترسيخ العدالة... من الوعود إلى الواقع الملموس».

اتفاق غزة لم يطبَّق

وخلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إنه لا يمكن اعتبار أن «هناك وقفاً كاملاً لإطلاق النار في غزة إلا بانسحاب إسرائيل من القطاع»، مؤكداً «استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية».

ولفت إلى أن الجهود التي بُذلت للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مطلوبة لمرحلتي الاستقرار وتأسيس دولة فلسطين، قائلاً: «نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبَّق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل».

وأضاف أن بلاده تؤمن بأن لديها دوراً في استقرار المنطقة والعالم، وتطمح لحل النزاعات بالوساطة.

فوارق الوساطة

أوضح رئيس الوزراء القطري أنه لا يمكن مقارنة جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وأفغانستان بالوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مبيناً أن التحدي في جهود الوساطة الأخيرة يتمثل في أن الولايات المتحدة الأميركية بصفتها أحد الوسطاء، كانت تتحدث فقط مع طرف واحد وهو الطرف الإسرائيلي، غير أنها بدأت بعد ذلك الانخراط بالتحدث إلى الجانبين، وهو ما ساعد على إحداث اختراق في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال: «لكننا لا نعدّه وقفاً كاملاً لإطلاق النار، إلا إذا انسحبت القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتحقق الاستقرار في القطاع، وأصبح بإمكان الناس الدخول والخروج دون عوائق على أرض الواقع».

ونبه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن الصراع لا ينحصر في قطاع غزة وحده بل يمتد ليشمل الضفة الغربية، وتطلعات الشعب الفلسطيني لبناء دولته، معرباً عن أمله في تعاون الحكومة الإسرائيلية على تحقيق ذلك.

وحذر الوزير القطري من عودة التطرف في غياب المحاسبة، وقال: «ما لمسناه وجرَّبناه على مر العامين الماضيين، هو أنه في حال غياب المحاسبة وفي حال غياب الإنفاذ، فإن الأمور ستبقى على حالها، وسوف نبقى رهائن في أيدي المتطرفين، وهذا ما نريد أن نتفاداه، وقد شهدنا ولاحظنا أن الجهود التي بذلناها جميعاً لكي نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار كانت ضرورية ومطلوبة أيضاً للمرحلة الثانية، لإرساء الاستقرار، بينما تكون المرحلة الثالثة هي تأسيس الدولة الفلسطينية».

وحذر من أنه «في حال تمكنت هذه الأجندة المتطرفة من أن تكون لها الغلبة على جهودنا الجماعية في المجتمع الدولي فعلى الجميع أن يقر بأن هناك خطأ ما في الهيكلية أو البنية التي نعمل معها»، معرباً عن اعتقاده بأن الدور الأميركي هو دور رئيسي في هذا السياق، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإنفاذ لكي تضع هذا الحل على المسار الصحيح.

ودعا في إجابة عن سؤال، إلى البناء على المصالح المشتركة لأطراف النزاع كأساس لأي مفاوضات لإرساء السلام والاستقرار، مع أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في هذا السياق، لإحداث الازدهار والرخاء الاقتصادي أيضاً.