تمارين التأمل والمكافأة الجامعية تحوّل خرّيجة «نظم المعلومات» إلى عازفة عالمية

ممثلة السعودية في «أوركسترا مجموعة العشرين»: الموسيقى الكلاسيكيَّة ليست حكراً على طبقة بعينها

العازفة أروى العبيد نسبت الفضل لوزارة الثقافة السعودية بعدما رشحتها هيئة الموسيقى لتمثيل السعودية ضمن فرقة أوركسترا دول مجموعة العشرين
العازفة أروى العبيد نسبت الفضل لوزارة الثقافة السعودية بعدما رشحتها هيئة الموسيقى لتمثيل السعودية ضمن فرقة أوركسترا دول مجموعة العشرين
TT

تمارين التأمل والمكافأة الجامعية تحوّل خرّيجة «نظم المعلومات» إلى عازفة عالمية

العازفة أروى العبيد نسبت الفضل لوزارة الثقافة السعودية بعدما رشحتها هيئة الموسيقى لتمثيل السعودية ضمن فرقة أوركسترا دول مجموعة العشرين
العازفة أروى العبيد نسبت الفضل لوزارة الثقافة السعودية بعدما رشحتها هيئة الموسيقى لتمثيل السعودية ضمن فرقة أوركسترا دول مجموعة العشرين

يُمكن للتجارب المريرة أن تصنع النجاحات في نهاية المطاف، كما يمكن أن تأتي هذه النجاحات من طريقٍ يجهله الإنسان، قبل أن يلقاه في وسط عتمة شعر بها لوحده؛ بينما كان الناس منشغلين في ذواتهم.
بعدما مثّلت بلادها السعودية في فرقة الأوركسترا الرئيسية لقمة دول مجموعة العشرين، قالت أروى العبيد إن تمارين التأمل قادتها إلى رؤية الخيارات المتاحة في حياتها عبر أسئلة عميقة واجهتها مع نفسها لأول مرّة.
وبالعودة إلى اللحظات الأخيرة قبل أن تُنقذ تمارين التأمّل مسيرة الفتاة اليافعة، تقول أروى العبيد لـ«الشرق الأوسط» إنها اكتشفت اهتمامها بالموسيقى في آخر سنوات الدراسة الجامعيّة لتخصص «نظم المعلومات الإدارية»، عندما مرّت بمرحلة عدم رضا عن مستقبلها المهني بعد التخرّج، «وشعرت حينها بالحاجة إلى التعبير عن نفسي بشكل إبداعي؛ حتى وجدت كتاباً قرّبني إلى نفسي أكثر من خلال تمارين التأمل».
ونتيجة لذلك، فقد اختارت أروى العبيد أن تصبح موسيقيّة «في أقرب وأصدق ما أكون مع نفسي» حسب وصفها، مع أنها اعتبرت في الوقت ذاته بأن التوقيت كان «متأخّراً»، مقارنة بالعمر المناسب الذي يبدأ فيه التعليم الموسيقي وهو سن الطفولة، نظراً إلى أن تعلّم المهارات الموسيقية كالعزف أو الغناء، يتطلّب بحسب أروى العبيد «سنوات طويلة، ولا يمكن ببساطة اختصارها لأنها مرتبطة ببناء جسدي وعضلي كبناء جسد رياضي، وعقلي كتعلم قراءة لغة جديدة، بالإضافة إلى أهمية صقل هذه المهارات وممارستها عبر خوض تجارب موسيقية عديدة ومختلفة».
مرّت العبيد بالعديد من التحديات خلال مسيرة تعلّمها للموسيقى، خصوصاً أنها امتلكت منذ وقت مبكر من هذه المسيرة طموحاً بالوصول إلى مستوى احترافي، وتطلّب منها ذلك الكثير من التضحيات على غرار جمع مدخولها الجامعي لمدة سنة من أجل شراء «آلة بيانو» فقط، والبحث عن وظيفة مؤقّتة لمساعدتها في دفع تكاليف الدروس الخصوصية في الموسيقى عبر تقنية «سكايب»، وقضاء أوقات متقطّعة خلال إجازة نهاية الأسبوع أو بعد نهاية يوم عمل شاق لصالح تعلّم نظريات الموسيقى وتاريخها وتحليلها، والتدريب على آلة الكمان التي سافرت العبيد من أجل اقتنائها من مدينة فيينا؛ وفي هذا الإطار تنسب العبيد فضلاً للأستاذ ديفيد شكري الذي درس الموسيقى في جامعة أكسفورد، وساعدها لتكون جاهزة خلال سنة فقط لاجتياز المستوى الثامن، وهو بحسب أروى العبيد «أعلى مستوى لاختبار شهادة ABRSM في نظريات الموسيقى».
ولحسن حظ عازفة الأوركسترا أروى العبيد، فقد صادفت بداية بحثها عن فرص لدراسة الموسيقى، تدشين برنامج «الابتعاث الثقافي» التابع لوزارة الثقافة، حيث حصلت على بعثة من البرنامج، وعن هذه الصدفة تقول: «كأنني كنت طوال السنوات السابقة، أَبني سفينة نوح على اليابسة»، حيث منحتها هذه البعثة فرصة الغناء لأول مرة مع فرقة كورال والمشاركة في فرق الأوركسترا، وتأليف أول عمل موسيقي متكامل.
وتوّجت أروى العبيد هذه التجربة بحصولها على جائزة أفضل أداء أكاديمي في جامعتها لعامها الدراسي الأوّل.
هيئة الموسيقى التابعة لوزارة الثقافة السعودية، رشّحت أروى العبيد لتكون ممثلة للبلاد في أوركسترا دول مجموعة العشرين، وتجمع فرقة أوركسترا دول مجموعة العشرين نخبة من العازفين من هذه الدول، بالإضافة إلى عازفِين على أعلى مستوى من إندونيسيا، الدولة المستضيفة للنسخة الحالية من قمة مجموعة العشرين.
https://twitter.com/Arwa_AlObaid/status/1568653286223544323?s=20&t=UoTEuPtl97hAAWUlPwQCXw
وتعلّل أروى العبيد على الصعوبات التي واجهتها منذ مرحلة مبكّرة، باختيارها من قِبل الأوركسترا لتنضم إلى قسم «الكمانات الثانية»، حيث ستخوض فيما بعد تحدّياً بأن تكون جاهزة خلال 3 أسابيع فقط لعزف 7 أعمال ضخمة، بما يعادل أكثر من 30 صفحة، فيما كان نظراؤها في الأوركسترا كانوا قد بدأوا التحضير منذ ما يزيد على الشهرين.
وطبقاً لأروى العبيد، فإن «الموسيقى» كانت هي لغة الحوار بين أعضاء فرقة أوركسترا قمة دول مجموعة العشرين في الأوقات التي كانت اللغات تحد من التواصل بينهم.
وصولاً إلى الإطلالة الأولى لفرقة أوركسترا مجموعة العشرين، في 12 من سبتمبر (أيلول) الحالي، وبحضور وزراء الثقافة لدول مجموعة العشرين، بجانب أكبر معبد تراثي في العالم سجلته اليونيسكو، كانت العبيد على أتمّ الاستعداد، وساهمت الظروف المحيطة في الموقع والتحضيرات إلى أن تؤدّي أروى العبيد دورها بالشكل الذي طمحت أن تظهر به، كعازفة كمان تمثّل البلد العربي الوحيد في مجموعة العشرين.
تروي أروى العبيد أنها امتلكت منذ وقت مبكّر رسالة أرادت بشدّة التعبير عنها، ومن خلال «الشرق الأوسط» أفادت: «الموسيقى الكلاسيكية ليست حكراً على طبقة اجتماعية بعينها، وتعليمها لا ينبغي أن يكون مكلفاً أو حصراً للأغنياء، فهي تساعدنا على فهم أنفسنا أولاً وتساعدنا على التعبير عمّا لا يمكن التعبير عنه إلا بالفن».
وتجسّد مسيرة العازفة أروى العبيد من التعليم إلى المشاركة ضمن فرقة أوركسترا دول مجموعة العشرين، الاهتمام الكبير الذي باتت تتلقّاه القطاعات الثقافية والفنيّة السعودية على عدة صُعُد في السنوات الأخيرة، ومنها التعليم والتأسيس الأكاديمي الذي قدّمت من أجله تسهيلات، مثل إنشاء هيئة الموسيقى الوليدة من وزارة الثقافة، وتدريس المناهج الموسيقيّة في التعليم العام، وتأسيس أقسام الموسيقى والفنون وابتعاث طلبة الجامعات إلى خارج البلاد ضمن برامج مدعومة بالكامل من الحكومة، ساهمت في جعل طالبة «نظم المعلومات الإدارية» تطوّر موهبتها وشغفها الفني، حتى مثّلت بلدها موسيقيّاً ضمن المجموعة التي تضم أهم 20 دولة في اقتصاديات العالم.



«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
TT

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)

يراهن مهرجان «الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة» في نسخته الأولى التي انطلقت، الاثنين، وتستمر حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي على الفنون المعاصرة والحضور الشبابي، مع تقديم عدد من العروض في جامعة الفيوم.

وشهد حفل انطلاق المهرجان تكريم الممثلة المصرية إلهام شاهين، والمنتجة التونسية درة بو شوشة، إضافة إلى الممثل المصري حمزة العيلي، مع حضور عدد من الفنانين لدعم المهرجان، الذي استقبل ضيوفه على «سجادة خضراء»، مع اهتمامه وتركيزه على قضايا البيئة.

وتحدثت إلهام شاهين عن تصويرها أكثر من 15 عملاً، بين فيلم ومسلسل، في الفيوم خلال مسيرتها الفنية، مشيدة خلال تصريحات على هامش الافتتاح بإقامة مهرجان سينمائي متخصص في أفلام البيئة بموقع سياحي من الأماكن المتميزة في مصر.

وأبدى محافظ الفيوم، أحمد الأنصاري، سعادته بإطلاق الدورة الأولى من المهرجان، بوصفه حدثاً ثقافياً غير مسبوق بالمحافظة، مؤكداً -في كلمته خلال الافتتاح- أن «إقامة المهرجان تأتي في إطار وضع المحافظة على خريطة الإنتاج الثقافي السينمائي التي تهتم بالبيئة والفنون المعاصرة».

جانب من الحضور خلال حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

وبدأ المهرجان فعالياته الثلاثاء بندوات حول «السينما والبيئة»، ومناقشة التحديات البيئية بين السينما والواقع، عبر استعراض نماذج مصرية وعربية، إضافة إلى فعاليات رسم الفنانين على بحيرة قارون، ضمن حملة التوعية، في حين تتضمن الفعاليات جلسات تفاعلية مع الشباب بجانب فعاليات للحرف اليدوية، ومعرض للفنون البصرية.

ويشهد المهرجان مشاركة 55 فيلماً من 16 دولة، من أصل أكثر من 150 فيلماً تقدمت للمشاركة في الدورة الأولى، في حين يُحتفى بفلسطين ضيف شرف للمهرجان، من خلال إقامة عدة أنشطة وعروض فنية وسينمائية فلسطينية، من بينها فيلم «من المسافة صفر».

وقالت المديرة الفنية للمهرجان، الناقدة ناهد صلاح: «إن اختيارات الأفلام تضمنت مراعاة الأعمال الفنية التي تتطرق لقضايا البيئة والتغيرات المناخية، إضافة إلى ارتباط القضايا البيئية بالجانب الاجتماعي»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» حرصهم في أن تراعي الاختيارات تيمة المهرجان، بجانب إقامة فعاليات مرتبطة بالفنون المعاصرة ضمن جدول المهرجان.

وأبدى عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة، الناقد السعودي خالد ربيع، حماسه للمشاركة في المهرجان بدورته الأولى، لتخصصه في القضايا البيئية واهتمامه بالفنون المعاصرة، وعَدّ «إدماجها في المهرجانات السينمائية أمراً جديراً بالتقدير، في ظل حرص القائمين على المهرجان على تحقيق أهداف ثقافية تنموية، وليس فقط مجرد عرض أفلام سينمائية».

إلهام شاهين تتوسط عدداً من الحضور في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «تركيز المهرجان على تنمية قدرات الشباب الجامعي، وتنظيم ورش متنوعة لتمكين الشباب سينمائياً أمر يعكس إدراك المهرجان للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، التي ستُساعد في دعم المواهب الشبابية في الفيوم»، لافتاً إلى أن «اختيارات لجنة المشاهدة للأفلام المتنافسة على جوائز المهرجان بمسابقاته الرسمية ستجعل هناك منافسة قوية، في ظل جودتها وتميز عناصرها».

يذكر أن 4 أفلام سعودية اختيرت للمنافسة في مسابقتي «الأفلام الطويلة» و«الأفلام القصيرة»؛ حيث يشارك فيلم «طريق الوادي» للمخرج السعودي خالد فهد في مسابقة «الأفلام الطويلة»، في حين تشارك أفلام «ترياق» للمخرج حسن سعيد، و«سليق» من إخراج أفنان باويان، و«حياة مشنية» للمخرج سعد طحيطح في مسابقة «الأفلام القصيرة».

وأكدت المديرة الفنية للمهرجان أن «اختيار الأفلام السعودية للمشاركة جاء لتميزها فنياً ومناسبتها لفكرة المهرجان»، لافتة إلى أن «كل عمل منها جرى اختياره لكونه يناقش قضية مختلفة، خصوصاً فيلم (طريق الوادي) الذي تميز بمستواه الفني المتقن في التنفيذ».