الإيطاليون يدخلون «عصر ميلوني»... وحنينه السياسي

أمام تداعيات الداخل وردات فعل أوروبا

ميلوني... بعد انتصارها (أ.ب)
ميلوني... بعد انتصارها (أ.ب)
TT

الإيطاليون يدخلون «عصر ميلوني»... وحنينه السياسي

ميلوني... بعد انتصارها (أ.ب)
ميلوني... بعد انتصارها (أ.ب)

منذ مطالع القرن الماضي وإيطاليا أشبه بمختبر سياسي لأوروبا، تنشأ فيها حركات وتعتمل تيارات وتجارب للمرة الأولى، ولا تلبث أن تنكفئ وتتلاشى حتى تظهر مجدداً في أماكن أخرى بحلة جديدة... وغالباً أكثر تطوراً ورسوخاً.. من الفاشية التي كانت مصدر الإلهام الأول للنازية، إلى الديمقراطية المسيحية التي انتشرت لاحقاً في عدد من الدول الأوروبية. ومن ثم، من الحركة الأورو - شيوعية التي أخرجها أنريكو برلينغوير من دائرة التبعية للاتحاد السوفياتي لتصبح الحزب الشيوعي الأقوى والأقرب للحكم في أوروبا الغربية، ولاحقاً، من اندثار الأحزاب التقليدية - وفي طليعتها اليسارية والديمقراطية المسيحية... حتى الوصول إلى الرائد الأول للشعبوية اليمينية الحديثة سيلفيو برلوسكوني والصعود السريع لحركات مناهضة النظام القائم والخروج عن الأعراف وقواعد اللعبة السياسية الكلاسيكية. وها هي اليوم تقدّم للاتحاد الأوروبي أولى تجارب وصول اليمين المتطرف إلى الحكم بعد الفوز الذي حققه الائتلاف الذي يقوده حزب الفاشيين الجدد «إخوان إيطاليا» بقيادة «المرأة الحديدية الجديدة» جيورجيا ميلوني التي ستصبح أول امرأة تتولّى رئاسة الحكومة في تاريخ إيطاليا، والمرآة التي تتهيّب أوروبا النظر فيها إلى مستقبلها السياسي.
بعدما تولّت مارغريت ثاتشر رئاسة الحكومة البريطانية وأنجيلا ميركل منصب المستشارة في ألمانيا، وكذلك تكرار التجربة مرات عدة في البلدان الإسكندينافية، ومع وجود أورسولا فون در لاين على رأس المفوضية الأوروبية، لم يعد وصول امرأة إلى قمة السلطة الإجرائية في أوروبا الغربية يشكّل حدثاً بارزاً في المشهد السياسي القاري. غير أن وصول جيورجيا ميلوني إلى رئاسة الحكومة الإيطالية بعد الفوز الساحق الذي حققه حزبها «إخوان إيطاليا» في انتخابات الأحد الفائت، كان من أبرز التحولات السياسية التي شهدتها أوروبا خلال السنوات الأخيرة. لقد كان نقطة تحوّل تستدعي التوقف عندها لاستشراف صورة المستقبل السياسي الذي قد يكون يعتمل في بلدان الاتحاد الأوروبي، وربما في الدول الغربية.
إذ إن الحزب الذي تتزعمه ميلوني هو وليد «ارتقاء» فلول الحركة الفاشية، التي كان قد حظرها الدستور الإيطالي بعد سقوط بنيتو موسوليني وولادة «الجمهورية الثانية»، والدليل القاطع على أن «الطوق الأخلاقي» الذي حاولت الأحزاب التقليدية في أوروبا الغربية فرضه حول اليمين المتطرف طوال عقود لم يمنع هذا اليمين من الانخراط في المسار السياسي والصعود إلى قمة هرم السلطة. ويضاف إلى ذلك، أن هذه الاستراتيجية التي تبنّتها أحزاب اليسار واليمين المعتدل لم تكن حائلاً دون الانهيار المطّرد لهذه الأحزاب واندثار معظمها.

عِبَر كثيرة
كثيرة هي العِبَر التي ينبغي استخلاصها من هذه القفزة الإيطالية الجديدة نحو المجهول، خاصة أنها تأتي بعد أيام من الفوز الذي حقّقه النازيّون الجدد في السويد ودخولهم الحكومة الجديدة لأول مرة منذ نهاية الحرب العالمية في واحدة من أكثر الدول الأوروبي اعتدالاً. ولا يغيب عن البال أن هذا التطور، الذي يحصل في دولة أوروبية وازنة اقتصادياً وسياسياً وديمغرافياً، يتزامن مع مرحلة دقيقة جداً من التاريخ الأوروبي الحديث تعتمل فيها أزمات عدة عميقة ومفتوحة على احتمالات يصعب التكهن بمآلها. فقد تبيّن هذه التجربة، أن «تركيز» الحملات الانتخابية على الإدانة الأخلاقية، والتحذير من العواقب الكارثية لوصول القوى المتطرفة إلى السلطة، يضع هذه القوى في موقع «البديل الفعلي» مهما كانت برامجها السياسية خاوية من الاقتراحات والحلول العملية لمعالجة الأزمات.
نعم، عكفاً على ما سبق، فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الإيطالية سبقه منذ أسابيع قليلة فوز كتلة المحافظين في السويد، حيث نال حزب النازيين الجدد ما يزيد على 20 في المائة من الأصوات. إلى جانب ذلك، يتضّح أن حكومات «الوحدة الوطنية» أو الائتلافية، التي غالباً ما يستهدف تشكيلها تهميش أو عزل القوى المتطرفة، تساهم في نهاية المطاف في توسيع دائرة التحرك أمام هذه القوى التي لا تعود مُحتاجة إلى طرح برامج سياسية بديلة، بل تكتفي بمعارضة السلطة الحاكمة العاجزة عن معالجة المشاكل اليومية الملحة للمواطنين.
الحقيقة، أنه تميّزت الأحزاب اليمينية المتطرفة خلال السنوات الأخيرة بنجاحها في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق صورة معتدلة لها، ومنزّهة عن العقم والفساد الذي كانت تقع فيه الأحزاب المشاركة في الحكم؛ الأمر الذي سمح لها باستقطاب نسبة كبيرة من التأييد الذي كانت تحظى به الأحزاب التقليدية، وبخاصة منها المحافظة. وتفيد الدراسات بأن القوى اليمينية المتطرفة تسخّر نسبة كبيرة من مواردها في حملات واسعة على وسائل التواصل، قبل الانتخابات وخلالها وبعدها، وتوكلها إلى أفضل الاختصاصيين في هذا المجال.
ومن العوامل الأخرى التي تفسّر هذا الصعود للقوى اليمينية المتطرفة، إلى جانب مهارتها في نقل الأفكار الهامشية إلى واجهة النقاش العام - والتي تجلّت بوضوح في التجربة الإيطالية - هي الروابط التي نسجتها مع القوى اليمينية المؤسّسية، التي أصبحت تشكّل خطراً وجودياً على الأحزاب والقوى المحافظة التقليدية. فالتحالف الذي بناه حزب أنطونيو تاجاني، الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي والمرشح لخلافة برلوسكوني، مع «إخوان إيطاليا»، كان له أكبر الأثر في التخفيف من حدة الصورة المتطرفة لحزب ميلوني، ما يحمل على التساؤل حول ما إذا كانت التجربة الإيطالية - مرة أخرى - نافذة تطل على المشهد السياسي المقبل في أوروبا.

الأبعاد الأوروبية المستقبلية
وإذا كان وصول اليمين المتطرف إلى الحكم في إيطاليا «مرآة» يستشرف الأوروبيون من خلالها ما قد ينتظرهم في السنوات المقبلة، فهو أيضاً يطرح علامات استفهام حول مستقبل المواجهة الأوروبية مع روسيا وموقع الاتحاد في المعادلة الدولية التي ستسفر عنها الحرب الدائرة في أوكرانيا. إذ من المعروف أن معظم الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا تقيم منذ سنوات علاقات وثيقة مع موسكو، وهي أعربت مراراً عن معارضتها للعقوبات المفروضة على روسيا بذريعة أنها تضرّ بالمصالح الأوروبية أكثر من المصالح الروسية؛ ولذا عارضت إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا.
وهنا، مع أن جيورجيا ميلوني حرصت منذ بداية الحرب في أوكرانيا على تأكيد موقف حزبها الداعم للمحور الأطلسي وللعقوبات على موسكو، فإن حليفيها اليمينيين البارزين سيلفيو برلوسكوني وماتّيو سالفيني لا يفوّتان فرصة للتمايز والابتعاد عن الموقف الأوروبي الموحّد من موسكو، لا، بل إلى محاولة تبرير الغزو الروسي لأوكرانيا... كما فعل برلوسكوني عشيّة الانتخابات الأخيرة.
للعلم، كان زعيم حزب «إخوان إيطاليا» قد أدلى بتصريحات قال فيها، إن العملية العسكرية الخاصة التي أطلقتها روسيا في أوكرانيا كانت تستهدف الوصول إلى كييف في غضون أسبوع واحد، وتعويض حكومة زيلينسكي بأخرى من «أشخاص صالحين»، والعودة بعد أسبوع إلى قواعدها. وأردف «لكن الضغوط التي تعرّض لها فلاديمير بوتين من وزرائه وحزبه، دفعته إلى الإقدام على هذه الخطوة... وما حصل هو أن القوات الروسية واجهت مقاومة غير متوقعة تعززت بفضل إمدادات بكل أنواع الأسلحة من الغرب».
من جهة ثانية، كان برلوسكوني، الذي التزم الصمت التام طوال شهرين قبل شجبه الغزو الروسي لأوكرانيا، قد صرّح منذ أسابيع بأن «على الدول الغربية أن تحاول إقناع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي بالإصغاء إلى مطالب بوتين». ويُذكر، أن برلوسكوني، زعيم حزب «فورتسا إيطاليا»، تربطه صداقة شخصية وطيدة بالرئيس الروسي الذي استضافه مرات عديدة في رحلات ترفيهية... اعتاد برلوسكوني على التباهي بسرد تفاصيلها في مجالسه الخاصة. وكان أيضاً أول زعيم أوروبي رافق بوتين في زيارة إلى شبه جزيرة القرم بعدما ضمتها موسكو عام 2014.
جدير بالذكر، أنه، منذ بداية الحرب في أوكرانيا دأب الاتحاد الأوروبي على تكرار التحذيرات الموجهة إلى حكومات الدول الأعضاء من محاولات موسكو التأثير على مواقفها وسياساتها الداخلية عن طريق المعلومات المزيفة والأنباء المضللة واستخدام حلفائها في هذه الدول. وكان من الطبيعي أن توجّه هذه التحذيرات بشكل خاص إلى إيطاليا، ولو من غير تسميتها، لسببين رئيسيين:
الأول، لأن موسكو نسجت منذ سنوات علاقات تجارية واقتصادية وثيقة مع روما، ومدّت جسوراً وطيدة مع بعض القوى السياسية الصاعدة مثل حزب الرابطة اليميني المتطرف. وفي الوقت نفسه، أخذت تترسّخ العلاقات الشخصية بين بوتين وبرلوسكوني الذي رغم أفول نجمه السياسي ما زال يتمتع بقدرة كبيرة على التأثير في الرأي العام بفضل إمبراطوريته الإعلامية الضخمة.
والآخر، لأن إيطاليا دولة وازنة في الاتحاد الأوروبي، إلا أنها تعاني من وضع اقتصادي حرج يجعلها تتردد كثيراً قبل الإقدام على خطوات من شـأنها أن تساهم في مفاقمة هذا الوضع.
بناءً عليه؛ لم يكن مستغرباً أن الانتخابات الإيطالية استأثرت باهتمام واسع في الأوساط الأوروبية والأميركية، نظراً للتداعيات المحتملة لنتائجها على «وحدة الصف الأطلسية» من المواجهة مع موسكو. ويجدر التذكير في هذا الصدد بأن أصابع الاتهام الأوروبية وجّهت إلى موسكو مطلع هذا الصيف عندما قرّر برلوسكوني وحليفه اليميني المتطرف سالفيني سخب الثقة من حكومة ماريو دراغي. وكان دراغي قد تحوّل، بفضل علاقاته الوثيقة بالإدارة الأميركية، إلى «رأس حربة» في الدعم الأوروبي لأوكرانيا. يضاف إلى ذلك، أن سالفيني، الذي يطالب منذ فترة بإنهاء العقوبات المفروضة على موسكو وبناء تحالف اقتصادي وسياسي بين أوروبا وروسيا، سبق له أن دخل البرلمان الأوروبي مرة وهو يرتدي قميصاً يحمل صورة لفلاديمير بوتين.
وحقاً، لم تنفع التطمينات المتكررة على لسان ميلوني وتأييدها للعقوبات والمساعدات العسكرية لأوكرانيا، في تهدئة خواطر الحلفاء الغربيين. والسبب أنها مضطرة إلى التحالف مع سالفيني وبرلوسكوني لتشكيل الحكومة الجديدة. وهذا، بينما يرتبط حزبها بتحالف وثيق مع رئيس الوزراء المجري اليميني المتطرف فيكتور أوربان الذي يقود حملة إنهاء العقوبات على روسيا داخل الاتحاد الأوروبي. وكانت ميلوني قد سعت أخيراً، عبر حلفائها في الحزب الجمهوري الأميركي، إلى «طمأنة» واشنطن حول موقفها من الحرب في أوكرانيا في حال وصولها إلى الحكومة. غير أن إدارة الرئيس بايدن ردّت بأنها ستبقي على حذرها في انتظار المواقف التي ستعلنها الحكومة الإيطالية الجديدة.

                                                                                      سالفيني
نحو إعادة تشكّل المشهد السياسي الإيطالي... في أعقاب «زلزال» الانتخابات الأخيرة
> على الصعيد الإيطالي الداخلي، أعادت الانتخابات الأخيرة خلط الأوراق مرة أخرى في المشهد السياسي، وفتحت الباب مجدداً أمام إعادة تشكيل التحالفات وظهور قوى سياسية جديدة أو اندثار بعضها. فالحزب الديمقراطي (يسار الوسط)، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق إنريكو ليتّا، والمفترض أن يكون حزب المعارضة الرئيس ضد حكومة ميلوني، يجد نفسه أمام أزمة وجودية جديدة بعد الهزيمة التي مني بها في الانتخابات.
وفعلاً، دفعت الهزيمة الأمين العام إلى الدعوة لعقد مؤتمر استثنائي بهدف تجديد قيادته، والإعلان عن أنه لن يترشّح للمنصب مرة أخرى. ويذكر، أن هذا الحزب قام من ركام الحزب الشيوعي الإيطالي - الذي كان أقوى الأحزاب الشيوعية في أوروبا الغربية قبل أن يندثر من المشهد السياسي – إلا أنه ما زال يعيد تشكيل ذاته تحت تسميات وشعارات مختلفة، ويبدّل تحالفاته مع قوى الوسط واليسار. ولقد شارك هذا الحزب في كل الحكومات التي تعاقبت على إيطاليا منذ سقوط حكومة برلوسكوني الرابعة والأخيرة في العام 2011. ومن ناحية أخرى، يعاني الحزب منذ سنوات من صراعات داخلية عميقة بين قياداته، أدت إلى انشقاق بعضهم نحو الوسط ونحو أقصى اليسار، في حين استقطبت «حركة النجوم الخمس» الشعبوية الناشئة نسبة كبيرة من شعبيته مكنتها من الفوز في الانتخابات الماضية عام 2018 حين حصلت على 33 في المائة من الأصوات.
غير أن «حركة النجوم الخمس» تعرّضت هي أيضاً للانقسام أخيراً عند سقوط حكومة ماريو دراغي، وانشقّ عنها زعيمها السابق ووزير الخارجية لويجي دي مايو... الذي خسر مقعده البرلماني في الانتخابات الأخيرة. ولكن رغم التوقعات التي كانت تشير إلى انهيار «الحركة»، فإنها تمكّنت من الصمود في وجه «إعصار ميلوني»، وحلّت في المرتبة الثالثة بعد «إخوان إيطاليا» والحزب الديمقراطي. وهذا واقع يفتح الباب أمام تشكّل التحالف الذي كان من المفترض أن يحصل مع الديمقراطيين، والذي كان السبيل الوحيد لانتزاع الانتصار من التحالف اليميني في الانتخابات.

                                                                                  برلوسكوني
وتشاء مفارقات المشهد السياسي الإيطالي، أن اللغز الأكبر يدور حول مصير تحالف الأحزاب اليمينية الذي حقق هذا الانتصار التاريخي في انتخابات الأحد الماضي. فالرابطة تشهد غلياناً في قواعدها المطالبة بتنحية سالفيني بعد تراجع شعبيتها والخسائر التي منيت بها في معظم معاقلها الشمالية على يد حلفائها في «إخوان إيطاليا»، في حين يتنامى التيار الذي يدعو للعودة إلى الجذور الإقليمية، حيث إن هذا الحزب كان قد تأسس كحركة انفصالية لأقاليم الشمال قبل أن يتسلّم سالفيني زمامه ويقرر توسيع امتداده على الصعيد الوطني، مستغلاً المشاعر المناهضة للهجرة التي سادت إيطاليا.
في هذه الأثناء، كان من المفاجآت التي حملتها الانتخابات الأخيرة أيضاً صمود حزب برلوسكوني الذي تنزف شعبيته منذ سنوات، والذي كان قد انشقّ عنه أخيراً عدد من قياداته البارزة بسبب مشاركته في مؤامرة إسقاط حكومة دراغي. وليس واضحاً بعد الموقع الذي سيحتله هذا الحزب في الحكومة الجديدة والخط الذي سينهجه برلوسكوني، الذي دأب على تسخير حزبه لتحقيق مآربه والدفاع عن مصالحه الشخصية.
وهكذا، يبقى حزب «إخوان إيطاليا» وزعيمته جيورجيا ميلوني المنكبّة على تهدئة خواطر الشركاء الأوروبيين، وعلى تشكيل الحكومة الجديدة التي من المفترض إلا يواجه عقبات كبيرة في ظل الغالبية البرلمانية التي حصل عليها الائتلاف اليميني. إلا أن السياسة الإيطالية سخيّة دائماً بالمكائد والمؤامرات التي جعلت من منصب رئيس الحكومة الأسرع زوالاً في أعصى البلدان الأوروبية على الحكم وأغناها بالمفاجآت.
وقبل أن ينقضي أسبوع واحد على الانتخابات التي بايعت ميلوني وحدها «ملكة غير متوجّة» على إيطاليا، ظهرت أمامها أولى العقبات من حليفها ماتّيو سالفيني، الذي أعلن أنه في حال عدم حصوله على حقيبة وزارة الداخلية ومنصب نائب الرئيس، لن يشارك في الحكومة، بل سيكتفي بتأييدها من الخارج، فاتحاً بذلك موسماً جديداً في «البازار السياسي» الإيطالي العريق.
ويبقى أيضاً، أن لغزاً كبيراً ما زال يحيط بمسار حزب «إخوان إيطاليا». إذ حرصت زعيمته ميلوني في الفترة الأخيرة على النأي عن تصريحاتها النارية والتأكيد على أنها ستحكم «بمسـؤولية ولكل الإيطاليين»، لكنها في المقابل، ذكّرت بأن الفوز الذي حققه هو نقطة البداية وليس نقطة الوصول. وتابعت أنها لن تخذل الذين انتخبوها «أولئك الذين بعد النصر، سيتمكنون من رفع رؤوسهم والجهر بما كانوا دائماً يفكرون ويـؤمنون به»، كما قالت في المهرجان الذي اختتمت به حملتها الانتخابية.


مقالات ذات صلة

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

أصبح برنامج «تشات جي بي تي» الشهير الذي طورته شركة الذكاء الاصطناعي «أوبن إيه آي» متاحا مجددا في إيطاليا بعد علاج المخاوف الخاصة بالخصوصية. وقالت هيئة حماية البيانات المعروفة باسم «جارانتي»، في بيان، إن شركة «أوبن إيه آي» أعادت تشغيل خدمتها في إيطاليا «بتحسين الشفافية وحقوق المستخدمين الأوروبيين». وأضافت: «(أوبن إيه آي) تمتثل الآن لعدد من الشروط التي طالبت بها الهيئة من أجل رفع الحظر الذي فرضته عليها في أواخر مارس (آذار) الماضي».

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

في الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) من كل عام تحتفل إيطاليا بـ«عيد التحرير» من النازية والفاشية عام 1945، أي عيد النصر الذي أحرزه الحلفاء على الجيش النازي المحتلّ، وانتصار المقاومة الوطنية على الحركة الفاشية، لتستحضر مسيرة استعادة النظام الديمقراطي والمؤسسات التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم. يقوم الدستور الإيطالي على المبادئ التي نشأت من الحاجة لمنع العودة إلى الأوضاع السياسية التي ساهمت في ظهور الحركة الفاشية، لكن هذا العيد الوطني لم يكن أبداً من مزاج اليمين الإيطالي، حتى أن سيلفيو برلوسكوني كان دائماً يتغيّب عن الاحتفالات الرسمية بمناسبته، ويتحاشى المشاركة فيها عندما كان رئيساً للحكومة.

شوقي الريّس (روما)
شمال افريقيا تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها تعزيز التعاون مع إيطاليا في مجال الاستثمار الزراعي؛ ما يساهم في «سد فجوة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي»، بحسب إفادة رسمية اليوم (الأربعاء). وقال السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء المصري، إن السفير الإيطالي في القاهرة ميكيلي كواروني أشار خلال لقائه والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، (الأربعاء) إلى أن «إحدى أكبر الشركات الإيطالية العاملة في المجال الزراعي لديها خطة للاستثمار في مصر؛ تتضمن المرحلة الأولى منها زراعة نحو 10 آلاف فدان من المحاصيل الاستراتيجية التي تحتاج إليها مصر، بما يسهم في سد فجوة الاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي». وأ

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ليبيا: الصراع على المصرف المركزي يعمّق الأزمة السياسية

مصفاة راس لانوف على الساحل الليبي (آ ف ب)
مصفاة راس لانوف على الساحل الليبي (آ ف ب)
TT

ليبيا: الصراع على المصرف المركزي يعمّق الأزمة السياسية

مصفاة راس لانوف على الساحل الليبي (آ ف ب)
مصفاة راس لانوف على الساحل الليبي (آ ف ب)

بات «قوت الشعب» الليبي ومقدراته ورقة ضغط سياسي في لعبة الصراع على السلطة والنفوذ والمال بين «حكومتي» شرق ليبيا وغربها، وسط معركة تدور رحاها ظاهرياً حول شخص الصدّيق الكبير، رئيس المصرف المركزي. إذ أطاح «المجلس الرئاسي» (الغرب) الكبير، فأغلقت حكومة أسامة حماد (الشرق) حقول النفط رداً على قرار «الرئاسي» الذي اتُخذ بمعزل عن «مجلس النواب»، وعلى غير رغبته. هكذا، أصبح «المركزي»، القابع في مبنى تاريخي إيطالي التصميم يقع على الواجهة البحرية للعاصمة طرابلس، وكان يُعرف بـ«قصر الحكم» إبّان الحقبة الاستعمارية الإيطالية، رمزاً لتفاقم الانقسام بين المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني الليبي» في الشرق، ومحمد المنفّي رئيس «المجلس الرئاسي» في الغرب، وهذه معركة قد تلعب «الأوزان النسبية» للطرفين دوراً في حسمها. ومعها يشتعل الصراع بين الساسة على التحكّم بمصادر التمويل التي يشكّل المصرف المركزي «قلبها النابض». ويرى مراقبون الآن أن النزاع الحالي «قد يصبّ في مصلحة أطراف دولية تلعب أدواراً حالية في البلاد»، أو ربما يدفع أطرافاً أخرى إلى التدخل ومحاولة حلحلة الأزمة السياسية المستمرة منذ سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، لا سيما بعدما مسّت الأزمة مصالح الدول الكبرى في النفط الليبي.

المنفي مع الدبيبة (المجلس الرئاسي)

اندلعت المعركة عقب إعلان «المجلس الرئاسي»، يوم 20 أغسطس (آب) الحالي، تعيين محمد الشكري محافظاً للمصرف المركزي، وهو قرار رفض الصدّيق الكبير تنفيذه. ومن ثم، تنحى الشكري عازفاً عن قبول المنصب، في خطوة عدّتها مجلة «فورين بوليسي» الأميركية «انعكاساً لرغبة الشكري في ألا يكون محور صراع دموي بين سلطات ليبيا المتنازعة».

بعدها، لم تتوقف محاولات «الرئاسي» إقالة الكبير رغم تذكير الأخير بأن «تعيين محافظ المصرف المركزي، وفقاً للاتفاق السياسي والقانون رقم (1) لسنة 2005، يتبع السلطة التشريعية»، الأمر الذي أكّده مجلسا «النواب» و«الدولة». لكن في تحدٍ لـ«النواب» أعلن «الرئاسي» تعيين محافظ ومجلس إدارة جديد لـ«المركزي» وتكليف عبد الفتاح عبد الغفار رئاسته، رداً على إنهاء برلمان الشرق ولاية «الرئاسي» و«حكومة الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة في الغرب. وبسرعة، سيطرت «لجنة تسليم واستلام الصلاحيات» المعيّنة من قِبل «الرئاسي» على مقرّ المصرف المركزي لتثبيت مجلس الإدارة الجديد برئاسة. ولقد ذكر عبد الغفار في أول تصريحاته الصحافية الأسبوع الماضي، أن «المصرف يعمل حالياً وفق المعايير الدولية، وعبر مجلس إدارة متكامل من ذوي الخبرات».

بالطبع، لم يلق هذا التصرف قبولاً لدى حكومة أسامة حماد (مقرها بنغازي) التي أعلنت حالة «القوة القاهرة» على جميع الحقول والموانئ النفطية، ووقف إنتاج النفط وتصديره حتى إشعار آخر. كذلك اشترط عقيلة صالح، رئيس «النواب»، عودة الكبير إلى عمله مقابل إعادة فتح حقول النفط واستئناف التصدير.

الدكتور يوسف الفارسي، أستاذ العلوم السياسية ورئيس حزب «ليبيا الكرامة»، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الأزمة الحالية كما يبدو «ترجع إلى سياسة التقشف التي فرضها الكبير تجاه (الرئاسي) وحكومة (الوحدة)، مع تقنين الصرف لمواجهة عجز الموازنة. هذا ضيق الخناق عليهما، ليصدر قرار الإقالة الذي لا يعدّ من صلاحيات (الرئاسي)... إنها أزمة متوقعة في ظل وضع صعب تعيشه ليبيا وصراع مستمر بين الكيانات المختلفة».

لكن الصراع الحالي غير محصور بالمصرف المركزي، بحسب الخبير الاقتصادي الليبي وحيد الجبو، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «يمتد أيضاً إلى المؤسسات الاقتصادية الكبرى كالمؤسسة الوطنية للنفط والمؤسسة الليبية للاستثمار... إنه صراع بين القوى السياسية المتنازعة على السلطة، لا سيما أن النفط والمال من أهم مراكز القوة، التي يحاول كل طرف أن ينتزعها لنفسه». وبينما يؤكد الجبر «بطلان» قرار الرئاسي بإقالة الكبير، فهو لا يمانع في تغيير محافظ المصرف؛ لأن «التغيير مطلوب، ولكن بموجب إجراء قانوني صحيح».

الحرب الروسية - الأوكرانية

استخدام سلاح النفط في الصراع ليس جديداً، فبعد شهرين من الحرب الروسية - الأوكرانية أُعلن عن حصار نفطي ليبي بسبب مطالبة الدبيبة بالاستقالة لصالح فتحي باشاغا، رئيس الوزراء المنافس في الشرق آنذاك. يومذاك، بدا أن الكبير والدبيبة حليفان، اتُهم رئيس حكومة «الوحدة» بـ«إساءة استخدام أموال الدولة بمساعدة المركزي»، وفق «فورين بوليسي» التي أشارت إلى «انتهاء الحصار في يوليو (تموز) 2022 من دون أن يحقق أي طرف هدفه».

وهو ما يوضحه عبد الهادي ربيع، الباحث المصري المتخصص في الشأن الليبي، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الأزمة ليست وليدة اليوم، بل تعود جذورها لفترات سابقة حاولت خلالها سلطات شرق ليبيا تغيير محافظ المصرف المركزي بوجه رفض حكومة الغرب، قبل أن تنعكس الصورة أخيراً ويغدو الشرق متمسكاً بالكبير المرفوض من الغرب». وأرجع ربيع الأزمة الأخيرة إلى «نزع مجلس النواب صفة القائد الأعلى للقوات المسلحة عن المجلس الرئاسي، بالتزامن مع صرف الكبير ميزانية ضخمة لحكومة حماد في الشرق؛ ما أغضب حكومة الدبيبة في الغرب وجعلها تنقلب عليه».

عقيلة صالح (الشرق الاوسط)

من «معسكر القذافي» إلى قلب «الثورة»

الكبير، الذي عُيّن محافظاً لـ«المركزي» عام 2011، صار بالفعل، محور صراع بين السلطتين التنفيذيتين في البلاد. وهو خريج جامعة هارتفورد الأميركية، وكان محسوباً على نظام معمّر القذافي، قبل أن يصبح من أوائل «الثوار» ضد حكمه. فقد انضم إلى المجلس الانتقالي الليبي إثر نشاطه على الأرض، ومنه إلى المصرف المركزي. وطوال 13 سنة لعب الكبير دوراً محورياً في الإدارة السياسية - النقدية في البلاد.

مراقبون يرون أن الكبير دائماً يراهن على «الحصان الرابح»، ويوصف بأنه «آخر من تبقى من الثوار» و«القذافي الجديد»، وهو اتهام بين اتهامات وانتقادات عدة وُجّهت إليه، وبلغت حد التشكيك في جنسيته من قِبل «ثوار الزاوية» عام 2013. أيضاً تعرّض الرجل لاتهامات عدة إبّان عهد القذافي، وتجدّدت مع تعيينه محافظاً، لكنه تخطى الأزمة بمهاراته المعتادة التي أتاحت له في وقت سابق الانتقال من معسكر المحسوبين على نظام القذافي إلى معسكر «الثوار».

واشنطن على خط الأزمة

من جهة ثانية، يُلقب البعض الكبير بأنه «حليف واشنطن»، وربما كان هذا سبب دخول واشنطن على خط الأزمة الحالية، حين أعلنت سفارتها في ليبيا، الأسبوع الماضي، عن لقاء جمع ، الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأميركية في أفريقيا، جيريمي بيرنت القائم بالأعمال، مع حفتر. ولقد حثّت واشنطن جميع الأطراف الليبية على «المشاركة بشكل بنَّاء في الحوار بدعم من بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا». كذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في اليوم نفسه، عزمها عقد اجتماع طارئ لحل أزمة المصرف المركزي؛ بهدف «التوصل إلى توافق يستند إلى الاتفاقيات السياسية والقوانين السارية، وعلى مبدأ استقلالية المصرف المركزي وضمان استمرارية الخدمة».

خليفة حفتر (روبترز)

تكمن أهمية المصرف المركزي الليبي في كونه يشرف على إدارة إيرادات النفط وميزانية الدولة

«سلاح المعركة»

تكمن أهمية المصرف المركزي في كونه يشرف على إدارة إيرادات النفط وميزانية الدولة، قبل إعادة توزيعها بين المناطق الليبية المختلفة، وكانت فترة الهدوء أخيراً ساهمت في رفع إنتاجه إلى نحو 1.2 مليون برميل يومياً. لكن إعلان المؤسسة الوطنية للنفط حالة «القوة القاهرة» في حقل الشرارة، أحد أكبر حقول النفط الليبية بطاقة إنتاجية تبلغ 300 ألف برميل يومياً، أثار مخاوف دولية بشأن خفض الإنتاج، وارتفاع أسعار الخام عالمياً.

وهكذا، بات النفط سلاحاً رئيسياً في معركة «فرض النفوذ» و«لي الذراع» بين شرق ليبيا وغربها، «يفرض استخدامه خسائر على الاقتصاد الليبي الذي يعاني عجزاً في الميزانية العامة وميزان المدفوعات»، بحسب الجبو، الذي قال إن «خزينة ليبيا ستواجه صعوبات في تسديد المتطلبات من مرتبات ودعم للوقود والكهرباء». أما الفارسي، فيرى أن استخدام سلاح النفط داخلياً قد يُثير «موجة غلاء مع تراجع سعر العملة المحلية مقابل الدولار، كما قد يضرّ بالاستثمارات، ويوثر على التعامل مع المصارف الأجنبية».

للعلم، تقع غالبية حقول النفط تحت سيطرة «الجيش الوطني الليبي»، الذي حذَّر قائده حفتر خلال الأسبوع الماضي، من «المساس بالمصرف المركزي»، بينما تُعدّ منطقة الواحات (بجنوب غربي ليبيا) من أبرز المناطق الغنية بالحقول النفطية في البلاد. ووفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، فالمصرف المركزي هو الجهاز الوحيد المسؤول عن عائدات النفط، التي تشكل 95 في المائة من ميزانية ليبيا، وبالتالي مَن يتحكّم بالعائدات يتحكّم بالاقتصاد الليبي.

«لعبة شطرنج»

على صعيد متصل، وخلف الكواليس، يُعد المصرف «جزءاً من لعبة شطرنج جيوسياسية روسية»، وفقاً لجايسون باك، مؤسس «ليبيا أناليسيس»، الذي يرى في حديثه لـ«فورين بوليسي» أن إغلاق حقول النفط لن يغير طريقة عمل المصرف، بل يسمح لروسيا بتعزيز مصالحها في ليبيا. وعدّ باك «الأزمة مصطنعة ولا علاقة لها بقضايا المصرف الرئيسية». كذلك، ورد في المجلة عينها تحذير من أنه «إذا تجاهلت الجهات الدولية الرئيسية الفاعلة هذه الأزمة، فهي تترك بذلك ليبيا تحت رحمة روسيا».من جانبه، يرجح الجبو أن «يأتي حل الأزمة عبر ضغط المجتمع الدولي لعودة الكبير إلى منصبه، ومن ثم إجراء اتصالات ومباحثات بين مجلسي النواب و(الدولة) لاختيار محافظ جديد». مذكّراً في هذا الصدد بأن بيان السفارة الأميركية «ندد بإبعاد المحافظ وطالب بإرجاعه». وأيضاً، يرى الفارسي أن «أي حل للأزمة لن يتحقق بمعزل عن جهود المجتمع الدولي وضغوطه، لا سيما مع وجود أطراف دولية فاعلة في الأزمة». وهو يتوقع «حلّ الأزمة سريعاً، مع تشكيل لجنة حوار جديدة تدفع نحو الاستقرار وإجراء الانتخابات، بعدما طال الأمر وتعقد، وبات يمسّ قوت الليبيين ومصالح القوى الدولية في النفط والاستثمارات».