تسرب أنابيب الغاز في عهدة «فريق الأزمات» الألماني

المخابرات الأميركية حذرت ألمانيا من استهداف روسي

صور التقطها حرس السواحل السويدي للبقعة الغازية المتسربة من أنبوب الغاز (أ.ف.ب)
صور التقطها حرس السواحل السويدي للبقعة الغازية المتسربة من أنبوب الغاز (أ.ف.ب)
TT

تسرب أنابيب الغاز في عهدة «فريق الأزمات» الألماني

صور التقطها حرس السواحل السويدي للبقعة الغازية المتسربة من أنبوب الغاز (أ.ف.ب)
صور التقطها حرس السواحل السويدي للبقعة الغازية المتسربة من أنبوب الغاز (أ.ف.ب)

باتت برلين تنظر لأزمة أنابيب الغاز على أنها دولية، وليست اقتصادية فقط، ونقلت صحيفة «تاغس شبيغل» البرلينية أن ملف متابعة ما حصل في خطوط أنابيب الغاز انتقل إلى فريق الأزمات في وزارة الخارجية. ونقلت الصحيفة أيضاً أن الولايات الألمانية المعنية، وتحديداً ولاية ماكلنبيرغ فوربومرن التي تستقبل مشروع «نورد ستريم» على شواطئها، ستزيد من الحماية الأمنية على سواحلها وفي المناطق البحرية التابعة لها في بحر البلطيق والبحر الشمالي.
ورغم ابتعاد الحكومة الألمانية عن توجيه الاتهامات مباشرة إلى روسيا في «عمليات التخريب» التي أصابت خطي غاز «نورد ستريم 1» و«نورد ستريم 2»، فإن نواباً، بعضهم من الائتلاف الحاكم، لم يترددوا في توجيه أصابع الاتهام إلى موسكو. وعبّرت رئيسة لجنة الدفاع النيابية، ماري - أغنيس شتراك - تزيمرمان، التي تنتمي للحزب الليبرالي المشارك للحكومة، عن اعتقادها بأن روسيا تقف خلف الحادث. وقالت لقناة «آر إن دي» إنه «كلما طال اعتداء روسيا على أوكرانيا واشتد في وحشيته، كلما زاد خطر الهجمات غير المقيدة». وأضافت أنه «لا يمكن استبعاد أن تكون هذه الاعتداءات موجهة من قبل روسيا بهدف هزّ الأسواق». وصدرت تصريحات مشابهة عن النائب رودريش كيسفيتر، المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي، الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل. وقال كيسفيتر، الخبير في السياسة الخارجية في حزبه، للقناة نفسها، إنه يعتقد أن العملية «تعد عملية تخريب محددة تديرها دولة»، مضيفاً أن هذه الدولة على الأرجح هي روسيا «التي تسعى إلى تأجيج عدم اليقين لدى الشعوب الأوروبية»، وتريد أيضاً «أن توجه الانتباه إلى تهديدات محتملة عبر الهجوم على البنى التحتية». لكن الحكومة الألمانية ابتعدت عن توجيه الاتهامات لروسيا، وبقي وزير الاقتصاد روبرت هابيك المنتمي إلى حزب الخضر حذراً في تعليقه على الحادث، ودعا إلى انتظار التحقيقات لتحديد الجهة المسؤولة. وطمأن هابيك إلى أن ما حصل «لن يؤثر على أمن التزود بالطاقة» في ألمانيا، كون أن الغاز متوقف أصلاً في الخطين.
وقال الكرملين، الأربعاء، إنه من «الغباء والسخف» استنتاج أن روسيا كانت وراء تسرب الغاز من خطوط أنابيب «نورد ستريم» الذي اعتبره الاتحاد الأوروبي «عملاً متعمداً». وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، بعد أن وصفت أوكرانيا حالات التسرب بأنها «هجوم إرهابي» دبّرته موسكو: «إنه أمر متوقع تماماً وغبي كما هو متوقع أيضاً أن تصدر روايات على هذه الشاكلة. غبي وسخيف كما يمكن أن يُتوقع». وأضاف أن حالات التسرب «تطرح مشكلة» بالنسبة لموسكو. وتابع: «الخطان كانا ممتلئين بالغاز الجاهز للضخ، وهذا الغاز ثمين جداً. والآن هذا الغاز يتبخر في الهواء». ودعا «الجميع للتفكير قبل الإدلاء بتصريحات، وانتظار نتائج التحقيق».
واعتبر أن «الوضع يتطلب حواراً وتفاعلاً عاجلاً من جميع الأطراف لمعرفة ما حدث. حتى الآن نرى غياباً تاماً لمثل هذا الحوار».
رصدت 3 حالات تسرب للغاز في خطي الأنابيب «نورد ستريم 1 و2» في بحر البلطيق، سبقها انفجاران. وشبكة الخطوط هي في صميم توترات جيوسياسية في الأشهر الأخيرة، في وقت أوقفت روسيا إمداداتها إلى أوروبا رداً على ما يبدو على عقوبات غربية فرضت عليها بعد تدخلها العسكري في أوكرانيا. ويمتد الخطان بشكل متوازٍ، وكان الهدف منهما مضاعفة إمدادات الغاز الروسي إلى ألمانيا مرتين. لكن برلين أوقفت خط «نورد ستريم 2» في الأيام القليلة التي سبقت إرسال موسكو جنودها إلى أوكرانيا.
وكان موقع مجلة «دير شبيغل» قد نقل قبل يوم أن المخابرات الأميركية حذرت برلين في الصيف من أن روسيا قد تستهدف أنابيب الغاز بعمليات تخريب كهذه.
ورغم أن خطي «نورد ستيرم 1» و«نورد ستريم 2» لا يعملان حالياً، فإن الانفجارات التي تسبب بها تضرر الأنابيب أدت إلى تسرب الغاز الذي كان محفوظاً بداخلها. وتوقف خط «نورد ستريم 1» عن العمل في مطلع سبتمبر (أيلول)، بعد أن تحججت «غاز بروم» الشركة الروسية المالكة للخط، بحصول تسريبات بحاجة لإصلاحات. أما خط «نورد ستريم 2» فهو لم يعمل مطلقاً، رغم أنه كان جاهزاً لبدء الضخ، وهو ما يفسر احتواءه على الغاز الذي تم ملؤه به لتجربته.
هذا الحادث الذي لم تعد برلين تعتبره «حادثاً»، بل باتت مقتنعة أنه «عملية مقصودة وخلفها دولة ترعاها»، بحسب ما نقلت تاغس شبيغل عن مصادر مخابراتية، تسبب بمخاوف إضافية في ألمانيا من إمكانية استهداف مواقع أخرى للغاز، قد تكون آثارها أكبر بكثير. ونقلت الصحيفة أن الحكومة قلقة من الحماية المؤمنة لمحطات الغاز المسال التي يجري بناؤها الآن، ومن المفترض أن ينتهي العمل بها نهاية العام، وأيضاً كابلات الاتصالات الممدودة تحت البحر.
وامتدت المخاوف في ألمانيا أيضاً إلى إمكانية استهداف خطوط غاز، خاصة تلك التي توصل الغاز من النرويج إلى ألمانيا، ما قد تكون له تبعات كارثية. واستعاضت ألمانيا عن الغاز الروسي بالغاز التي تستورده من النرويج التي باتت الآن تؤمن أكثر من 35 في المائة من حاجاتها من الغاز. وحتى الآن لدى ألمانيا مخزون كافٍ من الغاز للأشهر المقبلة، ولكنها بحاجة إلى أن تستمر بملئها، خاصة بعد أن يبدأ الاستخدام بالتزايد في فصل الشتاء. وعبّرت صحيفة «دي فيلت» عن هذه المخاوف، وكتبت تقول إن «التسريبات الحاصلة في خطي (نورد ستريم 1 و2) لا تؤثر على أمن الطاقة حالياً، كونها لا تضخ غازاً، إلا أن اعتداء مشابهاً على الخطوط التي تصل من النرويج إلى ألمانيا وبلجيكا وهولندا هذا الشتاء قد تكون فتاكة». وأضافت أن «واردات الغاز النرويجي تعتبر أساسية بالنسبة لألمانيا لكي تتمكن من اجتياز فصل الشتاء». ونقلت الصحيفة عن البروفسور ليون هيرث، المتخصص في أمن الطاقة، قوله: «مهما حدث وبغضّ النظر عمن هو المسؤول، إن هذا إنذار قوي بأنه علينا أن نتنبه للبنى التحتية الخاصة بالطاقة. تخيلوا أن التسريب المقبل يكون في أحد الأنابيب النرويجية».


مقالات ذات صلة

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.


روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».