تسمح تقنية جديدة بعمل مسح ضوئي لقزحية العين من مسافة 40 قدما. ويتساءل الخبراء: هل هذا سلاح جديد ضد الجريمة والإرهاب أم أنه أداة للحكومات لاقتحام خصوصياتنا وتتبع تحركاتنا؟
تخيل لوهلة صغيرة لو أن من الممكن أن يتعرف عليك شخص ما بدقة من تلك المسافة، باستخدام كاميرا خاصة، وأن نتيجة المسح الضوئي لقزحية عينك مدرجة ضمن قاعدة بيانات كومبيوترية.
* مسح عن بعد
توصل الباحثون بمركز «ساي لاب للقياسات الحيوية» في جامعة «كارنيغي ميلون» إلى اختراع جهاز يمكنه القيام بذلك، وبالقطع يجب أن يثير هذا قلق المجرمين، ولكن ربما علينا جميعا أن نشعر بالقلق.
والجانب المشرق في هذا التطوير وفقا لـ«إس. آر. آي. إنترناشيونال»، وهي إحدى فروع معهد ستانفورد للأبحاث، هو أن ماسحات قزحية العين تعد أكثر دقة بمقدار ألف مرة مقارنة بماسحات بصمة الإصبع. ويستخدم الكثيرون بالفعل ماسحات قزحية العين اليدوية في الأوضاع الأمنية. ولكن الجهاز الجديد الذي أنتجته جامعة كارنيغي ميلون سوف يعمل من مسافة 40 قدما (12 مترا) حتى ولو من خلال مرآة، ومن ثم، فعلى سبيل المثال يمكن لضابط شرطة يقوم بعمله في تنظيم المرور أن يتعرف بشكل آمن على شخص مشتبه به خطير محتمل، حتى قبل أن يغادر مركبته.
يعمل النظام ككل بعدد أقل من النتائج الإيجابية المزيفة مقارنة ببصمات الأصابع، وهو قوي بنفس المعدل العام مثل تقنية التعرف على الوجه.
أما الجانب السيئ فإنه يمكن من مسافة 40 قدما، للسلطات أن تدقق في حشود من الناس من أجل رصد «القزحيات مثار الاهتمام»، وأن تفحص شارعا بأكمله في مدينة من أجل الوصول إلى «الشخص الشرير». ولذا فإنه حتى الأشخاص الذي يمتلكون ذهنية «أمنية عالية» قد يشعرون بغرابة بشأن ذلك، خاصة عندما يفكرون بإمكانيات مسح القزحيات غيابيا.
وفي ما يتعلق بالوقت الراهن، لا يعد ذلك تهديدا كبيرا لأنه إذا كانت قزحيتك لم تخضع مطلقا للفحص، فإن أحدا لا يمكنه التعرف عليك. ويوجد لدى جهاز المباحث الفيدرالي «إف. بي. آي.» الأميركي قواعد بيانات تحتوي على ما لا يقل عن 104 ملايين بصمة إصبع.
* التعرف على الهوية
ماذا لو أنك فحصت أحد شوارع مدينة بشكل يومي؟ ربما لا تكون قادرا على التعرف على هويات أصحاب كل القزحيات، ولكن يمكنك القول إن، «نفس القزحية، التي سنسميها الآن القزحية 543 - X تسير هنا تقريبا في التوقيت نفسه يوميا». ويكون الافتراض عندئذ أن تلك القزحية 543 - X تخص شخصا يعيش أو يعمل في المنطقة. ومع مسح وتسجيل آلاف القزحيات، يمكن في النهاية تكوين قاعدة بيانات عملاقة لتعقب حركات كل قزحية تمشي أمام الكاميرا. وفي نهاية المطاف، يمكنك التعرف على القزحية 543 - X إذا كان من الممكن مطابقتها برمجيا للتعرف على الوجه أو غير ذلك من قواعد البيانات التشريحية. وقريبا جدا، ومع وجود عدد من الكاميرات في المكان الصحيح، يمكن بسهولة أن يتجاوز عدد القزحيات التي تم مسحها وتسجيلها، 140 مليون بصمة إصبع موجودة في قاعدة بيانات «إف. بي. آي.». يبدو الأمر مخيفا أكثر الآن، أليس كذلك؟
والآن، تخيل استخدام هذه التقنية بشكل مجزأ لتتبع المشترين لعرض «صفقات» عليهم، أو في التعليم، لتتبع الطلاب باسم الأمن. إن الفرص هنا لا نهاية لها، تماما مثلما هي فرص انتهاك الخصوصية والحريات المدنية لشخص ما.
إن هذا مثال كامل على نوع من التكنولوجيا يمكنه أن ينقذ أرواحا إذا تم استخدامه حسب الضرورة، وأن يكلف مزيدا من الحرية في حال الإفراط في استخدامه. من الذي سيتخذ القرار حول عدد مرات استخدامه؟
هل تكون ماسحات قزحية العين سلاحا عجيبا ضد الجريمة والإرهاب أم أداة للحكومات لاقتحام خصوصياتنا وتتبع جميع تحركاتنا؟