هل وصول بوهلي يمثل نهاية حقبة الأميركيين الهادئين في الدوري الإنجليزي؟

رد الفعل على أفكار مالك تشيلسي يُظهر أن كرة القدم في إنجلترا تفضل التزام الأجانب الصمت

تود بوهلي مالك تشيلسي (يمين) (غيتي)
تود بوهلي مالك تشيلسي (يمين) (غيتي)
TT

هل وصول بوهلي يمثل نهاية حقبة الأميركيين الهادئين في الدوري الإنجليزي؟

تود بوهلي مالك تشيلسي (يمين) (غيتي)
تود بوهلي مالك تشيلسي (يمين) (غيتي)

كان لدى المغني وكاتب الأغاني الأميركي الشهير بوب ديلان، نصيحة للفنانين الطموحين تقول «اكتب 10 أغانٍ في اليوم، ثم تجاهل 9 منها». بطريقة ما يبدو أن هذا هو النهج الذي يتبعه تود بوهلي لتحسين وتطوير كرة القدم الإنجليزية، حيث يتحدث عن الكثير من الأشياء، ويعرض الكثير من الأفكار، ويسعى لمعرفة أي منها سيلقى استحسان الجمهور. وليس من الضروري أن تكون هذه الأفكار جيدة أو علمية أو شائعة، أو أفكاراً تحمل ثقل التفكير المنطقي للحظة، لكنها قد تكون مجرد أفكار عادية، لكنه يتحدث عنها بشكل علني.
على هذا النحو، ليس من الضروري في هذه المرحلة التفاعل بشكل كبير مع ما قاله مالك تشيلسي على خشبة المسرح في مؤتمر الأعمال في كونيتيكت مؤخراً، نظراً لأن ما قاله لن يحدث في الواقع. إن التقييم الرصين لمزايا اقتراحه بخوض مباراة بين نجوم الشمال والجنوب، أو مباريات تحديد الفرق الهابطة، من شأنه أن يعطي هذه الأفكار اهتماماً أكبر من الاهتمام الذي يوليه بوهلي نفسه لها! لكن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام يتمثل في الازدراء الكبير للخطاب الذي ألقاه بوهلي: فلماذا أحدثت التصريحات التي أدلى بها بوهلي كل هذه الصدمة في كرة القدم الإنجليزية؟
يبدو أن السبب في ذلك يعود في جزء كبير منه إلى أن بوهلي أميركي، وبشكل أكثر تحديداً، نوع خاص جداً من الأميركيين. ويمكن القول إن بوهلي ليس بأي حال من الأحوال أول رجل أميركي يحاول تحقيق ثروة من كرة القدم الإنجليزية أو يحلم بتغييرها، لكنه ربما يكون أول أميركي يتحدث بشكل علني وبلا خجل وبصوت عالٍ عن ذلك. ومن خلال القيام بذلك، فإنه يتعامل مع مشكلة لم يتم حلها إلى حد كبير في لعبتنا: الصراع بين ثقافة اللعبة نفسها ونظرتها المستقبلية من جهة، وثقافة الأشخاص الذين يمارسون تأثيراً أكبر من أي دولة أجنبية أخرى من خلال ملكيتهم للأندية من جهة أخرى.
بالطبع، تجنب معظم أسلاف بوهلي هذا التوتر من خلال الابتعاد عن هذا الأمر برمته وعدم الحديث عنه بصراحة. فعلى سبيل المثال، حرص راندي ليرنر في أستون فيلا على التقليل من شأن كونه مواطناً أميركياً، وانغمس في تقاليد وتاريخ النادي وأعاد بناء مقهى هولت المتهالك عبر الطريق من ملعب «فيلا بارك». وسعى جون هنري في ليفربول جاهداً لتصوير نفسه على أنه وصي يسعى للقيام بأعمال جيدة وخيرة وليس شخصاً يسعى للاستفادة من حياته المهنية. وحرص ستان كرونك وأفراد عائلة غليزر، على غرار العديد من المالكين الأجانب الآخرين، على عدم التحدث كثيراً وعدم القيام بالكثير من الأشياء المثيرة للجدل. وهناك اتفاق غير معلن، وغالباً ما يكون مزدوجاً هنا، وهو عدم الرغبة في تغيير الأشياء الموجودة بالفعل منذ فترة طويلة في كرة القدم الإنجليزية، تجنباً لأي جدل قد يثار حول هؤلاء الأميركيين.
وعلى مدى عقدين من الزمان تقريباً، كان هذا هو السلوك المعتاد للأميركيين في كرة القدم الإنجليزية. وكانت القصة مماثلة على أرض الملعب أيضاً، فقد كان وجود الأميركيين يقتصر على حراس مرمى أقوياء، ومدافعين أقوياء، ومهاجمين محدودي الإمكانات من الناحية الفنية. وبصفة عامة، كانت كرة القدم الإنجليزية راضية عن الأميركيين طالما أنهم ينفقون الأموال بصمت أو يكتفون بالمشاركة في مركز حراسة المرمى! لكن بوهلي كان مختلفاً تماماً عن الآخرين، فهو لم يلتزم الصمت ولم يحاول الابتعاد عن الثوابت في كرة القدم الإنجليزية. وإذا كانت عائلة غليزر تسعى للحصول على أقصى أرباح مالية ممكنة من الكرة الإنجليزية، فإن بوهلي يسعى لضخ أكبر قدر من الاستثمارات، وكان ذلك واضحاً من خلال رغبته في التعاقد مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، وإقالة المدير الفني الألماني غريب الأطوار توماس توخيل.
وربما يفسر هذا السبب وراء الهجوم على بوهلي، ليس بسبب أفكاره في حد ذاتها، وإنما بسبب ما يعنيه حديثه بهذا الصوت العالي على خلاف ما اعتدنا عليه من الأميركيين في السابق. من نواحٍ عديدة، أيقظ هذا الخوف الأساسي لكرة القدم الإنجليزية، وهو ما يمكن للمرء أن يسميه «الوهم المركزي»، بمعنى أنه رغم أن كرة القدم الإنجليزية قد باعت قطعاً من نفسها، وأطلقت أشرعتها، واحتضنت الرياح التجارية للتمويل العالمي، وشكلت نفسها وفقاً لمتطلبات ومتغيرات السوق، فإنها تسعى في الوقت نفسه إلى الاحتفاظ بجوهرها الأساسي! ورغم جميع النجوم الأجانب والأموال الأجنبية، فإن الدوري الإنجليزي الممتاز يريد أن يُنظر إليه على أنه دوري إنجليزي خالص!
وهكذا، كلما يتحدث رجل أميركي مؤثر بصراحة، فإن ذلك يُقابل بمزيج من السخرية والدفاع عن التقاليد الإنجليزية. لقد رأينا ذلك مرة أخرى مؤخراً، حيث سخر الألماني يورغن كلوب مدرب ليفربول من اقتراح مالك تشيلسي الجديد بإقامة مباراة كل النجوم «أول ستار» في الدوري الإنجليزي لكرة القدم، على غرار ما يحدث في الرياضة الأميركية، متسائلاً ما إذا ستكون هناك مشاركة لفريق «هارلم غلوبتروترز» الشهير الاستعراضي في كرة السلة. وقال بوهلي، الذي يملك أيضاً حصصاً في فريقي لوس أنجليس دودجرز للبايسبول ولوس أنجليس ليكرز لكرة السلة في الولايات المتحدة، في مؤتمر في نيويورك إنه طرح الفكرة مع نظرائه في الدوري الإنجليزي. وتقام مباراة «أول ستار» في كل من دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين ودوري البيسبول، وتضم أفضل اللاعبين من مختلف الفرق.
رأى بوهلي أن الأموال التي يتم جمعها يمكن منحها لتمويل فرق الدرجات الدنيا «يتحدث الناس عن المزيد من الأموال، في مباراة كل النجوم في دوري البايسبول الأميركي هذا العام جمعنا 200 مليون دولار (173 مليون جنيه إسترليني) من يومي الاثنين والثلاثاء». وتابع: «لذا نفكر بإقامة مباراة أول ستار بين الشمال والجنوب في الدوري الإنجليزي الممتاز»، علماً بأن في دوري كرة السلة الأميركي تكون بين المنطقتين الشرقية والغربية، أو فريق نجم معين ضد آخر.
إلا أن كلوب سارع لانتقاد اقتراح بوهلي مشيراً إلى الجدول المزدحم أصلاً في الكرة الإنجليزية. وقال الألماني «عندما يجد تاريخاً للمباراة فليتصل بي». وتابع: «في الرياضات الأميركية، يحصل اللاعبون على أربعة أشهر من الراحة. هل يريد أن يُحضر هارلم غلوبتروترز أيضاً؟». كما زعم غاري نيفيل أن الاستثمار الأميركي يعد «خطراً واضحاً وقائماً» على اللعبة. لقد رأينا ذلك أيضاً في السخرية التي تلت تعيين جيسي مارش على رأس القيادة الفنية لليدز يونايتد، وهي النظرة التي يجب أن تتغير إذا كانت هناك رغبة حقيقية في تطوير كرة القدم الإنجليزية!


مقالات ذات صلة


لقب «فيفا للسلام» «يحرك» ترمب... ورقصته الشهيرة تعود بعد قرعة كأس العالم

الرئيس دونالد ترمب يرقص رقصته الشهيرة خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 في مركز كينيدي في واشنطن (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب يرقص رقصته الشهيرة خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 في مركز كينيدي في واشنطن (أ.ب)
TT

لقب «فيفا للسلام» «يحرك» ترمب... ورقصته الشهيرة تعود بعد قرعة كأس العالم

الرئيس دونالد ترمب يرقص رقصته الشهيرة خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 في مركز كينيدي في واشنطن (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب يرقص رقصته الشهيرة خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 في مركز كينيدي في واشنطن (أ.ب)

لفت الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأنظار بعد انتهاء مراسم قرعة كأس العالم 2026، بعدما ظهر وهو يؤدي رقصته الشهيرة احتفالاً أمام الحضور، في مشهد تناقلته وسائل الإعلام ومنصّات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع.

وجاءت رقصة ترمب تزامناً مع إعلان منحه لقب «فيفا للسلام»، الذي وصفه بأنه «أول تكريم من هذا النوع يحصل عليه»، معبّراً عن «سعادته الكبيرة» بهذا التقدير.

وقدّم رئيس الفيفا، جياني إنفانتينو، إلى ترمب ميدالية تمثل أول تكريم من هذا النوع، مع جائزة ذهبية تحمل شعار «كرة القدم توحّد العالم»، في خطوة وصفها الفيفا بأنها تكريم «لمن يوحّد الشعوب وينشر الأمل للأجيال المقبلة».

وقال إن الجائزة «تمثل بالنسبة إليه إشارة إيجابية إلى دور الرياضة في تخفيف التوترات وتعزيز التقارب بين الشعوب».

واستمر ترمب في تبادل التحيات مع الحاضرين قبل مغادرته القاعة.

اشتهر ترمب بأداء رقصة قصيرة على أنغام أغنية YMCA (أ.ب)

وليست هذه المرة الأولى التي يلفت فيها دونالد ترمب الأنظار بحركات راقصة في المناسبات العامة. فمنذ حملته الانتخابية عام 2016 ثم 2020، اشتهر ترمب بأداء رقصة قصيرة على أنغام أغنية YMCA خلال تجمعاته الانتخابية، حيث كان يهزّ كتفيه ويرفع قبضتيه بطريقة أصبحت مادة دائمة للتقليد، وأحياناً السخرية، على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتحوّلت رقصاته إلى ما يشبه «علامة مسجّلة» في مهرجاناته الجماهيرية، إذ كان يلجأ إليها لتحفيز الحشود أو لإضفاء طابع شخصي على الفعاليات السياسية. وتكررت المشاهد ذاتها في عدد كبير من الولايات الأميركية، وكان الجمهور ينتظرها في نهاية كل خطاب تقريباً.


ترمب يفوز بالنسخة الأولى لجائزة «فيفا للسلام»

TT

ترمب يفوز بالنسخة الأولى لجائزة «فيفا للسلام»

إنفانتينو يمنح جائزة السلام المقدمة من «فيفا» للرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل قرعة كأس العالم 2026 (رويترز)
إنفانتينو يمنح جائزة السلام المقدمة من «فيفا» للرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل قرعة كأس العالم 2026 (رويترز)

سلّم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب، «جائزة فيفا للسلام» قبل إجراء قرعة كأس العالم، اليوم (الجمعة).

ومنح ترمب أول جائزة سلام يمنحها الاتحاد الدولي لكرة القدم خلال حفل القرعة.

وقال إنفانتينو: «في عالم منقسم بشكل متزايد، يتعين علينا أن نعترف بأولئك الذين يعملون على توحيده».

وحصل ترمب على الجائزة اعترافاً بمجهوداته للسلام في مختلف أرجاء المعمورة.

من جهته، قال ترمب بعد حصوله على الجائزة: «إنه حقاً واحد من أعظم الشرف في حياتي. وبعيداً عن الجوائز، كنت أنا وجون نتحدث عن هذا. لقد أنقذنا ملايين وملايين الأرواح. الكونغو مثال على ذلك، حيث قُتل أكثر من 10 ملايين شخص، وكانت الأمور تتجه نحو 10 ملايين آخرين بسرعة كبيرة. وحقيقة استطعنا منع ذلك... والهند وباكستان، وكثير من الحروب المختلفة التي تمكّنا من إنهائها، وفي بعض الحالات قبل أن تبدأ بقليل، مباشرة قبل أن تبدأ. كان الأمر على وشك أن يفوت الأوان، لكننا تمكّنا من إنجازها، وهذا شرف كبير لي أن أكون مع جون».

وواصل ترمب قائلاً: «عرفت إنفانتينو منذ وقت طويل. لقد قام بعمل مذهل، ويجب أن أقول إنه حقق أرقاماً جديدة... أرقاماً قياسية في مبيعات التذاكر، ولست أثير هذا الموضوع الآن لأننا لا نريد التركيز على هذه الأمور في هذه اللحظة. لكنها لفتة جميلة لك وللعبة كرة القدم... أو كما نسميها نحن (سوكر). كرة القدم هي شيء مدهش. الأرقام تتجاوز أي شيء توقعه أي شخص، بل أكثر مما كان جون يعتقد أنه ممكن».

وشكر ترمب عائلته، وقال: «السيدة الأولى العظيمة ميلانيا، فأنتِ هنا، وشكراً لكِ جزيلاً».

وأضاف: «ستشهدون حدثاً ربما لم يرَ العالم مثله من قبل، استناداً إلى الحماس الذي رأيته. لم أرَ شيئاً كهذا من قبل. لدينا علاقة رائعة وعلاقة عمل قوية مع كندا. رئيس وزراء كندا هنا، ولدينا رئيسة المكسيك، وقد عملنا عن قرب مع البلدين. لقد كان التنسيق والصداقة والعلاقة بيننا ممتازة، وأودّ أن أشكركم أنتم وبلدانكم جداً. ولكن الأهم من ذلك، أريد أن أشكر الجميع. العالم أصبح مكاناً أكثر أماناً الآن. الولايات المتحدة قبل عام لم تكن في حال جيدة، والآن، يجب أن أقول، نحن الدولة الأكثر ازدهاراً في العالم، وسنحافظ على ذلك».


قرعة «كأس العالم 2026»: السعودية في مجموعة إسبانيا والمغرب مع البرازيل

مجموعات كأس العالم 2026 بعد إجراء القرعة (أ.ف.ب)
مجموعات كأس العالم 2026 بعد إجراء القرعة (أ.ف.ب)
TT

قرعة «كأس العالم 2026»: السعودية في مجموعة إسبانيا والمغرب مع البرازيل

مجموعات كأس العالم 2026 بعد إجراء القرعة (أ.ف.ب)
مجموعات كأس العالم 2026 بعد إجراء القرعة (أ.ف.ب)
  • شهد حفل سحب قرعة كأس العالم لكرة القدم، الجمعة، رقماً قياسياً بحضور 64 دولة، أي أكثر من 30 في المائة من أعضاء الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
  • قام «فيفا» بزيادة عدد المنتخبات المشارِكة في البطولة من 32 إلى 48 منتخباً، وحَجَزَ 42 منتخباً مقاعدهم قبل مراسم القرعة.
  • المنتخبات الـ22 الأخرى التي كانت في حفل سحب القرعة سوف تخوض مباريات الملحقَين الأوروبي والعالمي، في مارس (آذار) المقبل، لتحديد المنتخبات الـ6 التي ستتأهل للمونديال.
  • تُقام 104 مباريات بدلاً من 64 في بطولة كأس العالم التي ستقام بين يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) المقبلين، في 16 ملعباً بأميركا الشمالية (في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا).
  • حضر الرئيس الأميركي دونالد ترمب القرعة التي احتضنها «مركز كيندي» في العاصمة الأميركية واشنطن.