بعد الاختراق التاريخي الذي تحقق في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، ستبدأ إيران والقوى العظمى، بعد غد (الثلاثاء)، في العاصمة النمساوية، فيينا محادثات حساسة للتوصل إلى تسوية نهائية لنزاعهما حول البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل.
ويتقدم كل طرف بخطى حذرة جدا من هذه المفاوضات، التي قد تفضي إلى إنهاء معركة مستمرة منذ أكثر من عشر سنوات، بين إيران والمجتمع الدولي.
ويشتبه الغرب في أن إيران تسعى إلى اقتناء السلاح الذري تحت غطاء برنامجه النووي المدني، الأمر الذي تنفيه طهران بشكل قاطع.
ومن جانبه، صرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأنه يتوقع مفاوضات «صعبة»، بينما عدّ الرئيس الأميركي باراك أوباما أن فرص التوصل إلى اتفاق نهائي هي بنسبة 50 في المائة.
والاجتماع المقرر أن يستمر ثلاثة أيام سيكون الأول من سلسلة لقاءات لم يُحدد بعد جدول أعمالها وإطارها.
وسيواجه فيه ظريف دبلوماسيين رفيعي المستوى من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا) وألمانيا، أي مجموعة الدول الست المعروفة بمجموعة «5+1».
وستشارك في الاجتماع أيضا وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون.
ويذكر أنه في الآونة الأخيرة علقت طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، الذي يُعدّ مرحلة مهمة لبلوغ مستوى عسكري (90 في المائة).
وكل تعقيدات أي اتفاق «شامل» تكمن في التوصل إلى حلول تسمح لإيران بمواصلة بعض أنشطتها النووية - بما يشمل ربما تخصيبا لليورانيوم الذي ترفض طهران قطعيا التخلي عنه كليا - مع التأكد من أن هذه التقنية لن تستخدم لغايات عسكرية، بحسب بعض الدبلوماسيين.
وان كانت إيران تبغي التوصل إلى رفع جميع العقوبات الدولية المفروضة عليها، فسيتعين عليها على الأرجح إغلاق موقع التخصيب في فوردو، المطمور تحت جبل، وتخفيض عدد أجهزتها للطرد المركزي التي تستخدم لتخصيب اليورانيوم، وأيضا إلغاء مشروعها لبناء مفاعل بالمياه الثقيلة في «أراك» نهائيا، الذي يمكن أن ينتج مادة البلوتونيوم الممكن استخدامها في صنع قنبلة.
وقال دبلوماسي غربي في هذا الصدد: «نقول لهم: قدراتكم للتخصيب لا تنسجم مع تجهيزاتكم النووية المدنية المزودة أصلا (باليورانيوم)، فهي لا تنسجم مع تأكيداتكم على أنه ليس لديكم أي أهداف عسكرية».
وهذه التدابير مقترنة مع مزيد من عمليات التفتيش ستعوق إلى حد كبير قدرة إيران على تكوين ترسانة نووية.
وتبدو مهمة المفاوضين أكثر تعقيدا، لأنهم سيضطرون لمواجهة ضغوط المعارضين كليا لأي تسوية، أكان في واشنطن أو طهران، أو أيضا إسرائيل التي تعدّ القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط.
ورأى ريتشارد دالتون السفير البريطاني السابق في طهران الذي يعمل الآن في مركز الأبحاث «شاتام هاوس» أن «المشكلة هي أن على كل طرف أن يرضي المتشددين خارج قاعة المفاوضات».
وإن كان اتفاق جنيف (الذي أمكن التوصل إليه بفضل الحملة الدبلوماسية التي قام بها الرئيس الإيراني المعتدل حسن روحاني) سمح بالخروج من النفق الطويل، فإن الجراح لم تندمل كليا.
وقال ظريف أخيرا إن «الصعوبة الكبرى تأتي من غياب الثقة» إزاء الولايات المتحدة، بعد أن أضافت واشنطن على لائحتها السوداء كيانات وأفرادا تشتبه في التفافهم على العقوبات المفروضة على طهران.
وقد أسهم أيضا في تعكير الأجواء ما صرح به أخيرا وزير الخارجية الأميركي جون كيري، حول خيارات عسكرية «جاهزة ومعدة» إن لم تحترم طهران اتفاق جنيف.
وردّ حسن روحاني على ذلك بقوله: «إن خيار تحرك عسكري ضد إيران غير مطروح على أي طاولة في العالم».
إيران والقوى العظمى ستدخلان الثلاثاء في صلب الملف النووي
للتوصل إلى تسوية حول برنامجها «المثير للجدل»
إيران والقوى العظمى ستدخلان الثلاثاء في صلب الملف النووي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة