رشا شربتجي لـ «الشرق الأوسط»: القسوة الدرامية صدمة تُحرّك الوعي

تستعد لعرض مسلسلها السعودي الأول «بنات الثانوي»

المخرجة السورية رشا شربتجي
المخرجة السورية رشا شربتجي
TT

رشا شربتجي لـ «الشرق الأوسط»: القسوة الدرامية صدمة تُحرّك الوعي

المخرجة السورية رشا شربتجي
المخرجة السورية رشا شربتجي

تنهي المخرجة السورية رشا شربتجي إشرافها على عملية مونتاج مسلسلها المنتظر «بنات الثانوي» في مصر. هو تجربتها الأولى في الدراما السعودية، تقدم عليه بخفقان. ابنة هشام شربتجي، أحد المخرجين النهضويين الأوائل، تلدغ بـ«قسوة» كاميرتها لدى محاكاتها الواقعية المظلمة. في حوارها مع «الشرق الأوسط»، تعلل: «أريد التسبب بصدمة تحرك الوعي الجماعي». تترك لمستها خلال عكسها المآسي على الشاشة، وتصورها كمن يتقصد فقء الندوب لعله باندمالها يُشفى.
نستفسر عن جديدها، «بنات الثانوي»، وهو مسلسلها القصير الأول المُرتقب عرضه على «شاهد». ماذا ستحمل التجربة؟ وأي قضية تطرح؟ تصف اكتشاف المواهب السعودية الجديدة والعمل مع الطاقات الشابة بـ«الرائعة». الحماسة «ماكسيموم»، والجميع بذل أقصى الجهد لدفع المشروع نحو الولادة القريبة. تشيد بالانفتاح الثقافي بقيادة حكام المملكة وتُبدي إعجابها بحضور الشابات الجديدات، بعضهن يمثلن للمرة الأولى، وتطلق عليهن عبارة مكللة بالإطراء: «هنّ شعلة من النشاط والذكاء».
سبق أن قدمت هذا النوع الدرامي في «أشواك ناعمة»، و«بنات العيلة» وسواهما، حيث الكلمة الأولى والأخيرة للشباب والمراهقين. إلا أنّ «بنات الثانوي»، بوصفها، «معاصر جداً، يحاكي إشكالية السوشيال ميديا وقدرتها في أحيان على رفع البشر. إنه من الأعمال التي أحبّ خوضها». تدعو الله أن ينال توفيقاً بحجم التعب، وأن يقدم لدى عرضه «صورة واقعية عن الدراما السعودية كإحدى مرايا التطور والانفتاح».
يرتبط اسم رشا شربتجي بنبش الألم السوري وجعله ألماً إنسانياً يُعنى به جميع الخلق. نتوقف معها حول مدى الواقعية في الدراما السورية. أهي فعلاً دراما الحقيقة والإنسان، «تقرص» لدرجة شعور المتابع أنها لا تمثل ولا تتصنّع؟ كمخرجة أعمال من صميم مجتمعها الملتهب، آخرها «كسر عضم» الجدلي في رمضان الفائت، أيمكن الإشارة إلى كل الحقيقة، أم أنه لا مفر من تدوير بعض الزوايا ومداراة بعض «الحساسيات»؟
تجيب بأنّ الوجع العميق حين يسيطر على المشهد ويملأ عين المخرج، يمكن عندها انتقاء أحد الخيارين: «أن نكون قريبين من الناس، حد الالتصاق بآلامهم، أو أن نهوّن عليهم من خلال الكوميديا. على الدراما محاكاة مرارة الشعوب. يصعب في حالة مُشابهة إعطاؤهم مَشاهد من المدينة الفاضلة ولقطات من المنازل الحالمة حيث تقيم الطبقة المخملية. هذا يكثف الوجع ويقود إلى سؤال (أين نعيش نحن السوريين؟)».
لا تقف مع فريق يُشهر الرفض لهذا الصنف من الدراما، إنما «جراح الشارع تفرض إعلاء نبض مفاده أننا نشعر بها ونقف إلى جانبها». ينقضّ فجأة مشهد تفحّم الجثث في «كسر عضم» بعد عملية اغتيال بالمواد المتفجرة. كان قاسياً جداً! أتتعمّد مخرجة «الولادة من الخاصرة» القسوة؟ تتبع أسلوب الصدمة منذ بداياتها، وفي رأيها، «تجعل المُشاهد يتساءل (ماذا بعد؟). إن كان لا بدّ من الواقعية، فلتكن لدرجة الوجع، تحفر بصمتها وتُغيّر».
هل تقول كل الصراحة في مسلسلاتها؟ أيُسمح لها بذلك؟ وإلا، فكيف تتحايل على الرقابة؟ وماذا عن «ضريبة» التصوير في عمق المدن السورية، و«الضريبة» حين تظهر بين الشخصيات رجال المخابرات الفاسدين والبطش والظلم؟
«لا يُقال كل شيء»، تعترف. «هناك محرّمات ومحظورات تنبت أحياناً من رقابة ذاتية»، تُكمل. من وراء كاميرتها، تقول رشا شربتجي «الأقرب إلى ما نودّ قوله». المسألة بالنسبة إليها ليست تحايلاً على الرقابة بقدر كونها نقاشاً وعرض وجهات نظر: «في إمكان كلمة، ضحكة، ردّ فعل... أن توصل ما أريد تمريره. مُشاهد هذه الأيام شريك فعّال في ارتقاء العملية الدرامية، يقول أحياناً الأشياء بوضوحها عبر فسحات مواقع التواصل. ما نفعله هو الإشارة إلى الجراح ليفقأها الآخرون بلا رقابة».
يبدو أنّ لديها قلباً قوياً ولا تخشى ثمن المخاطرة وما تستتبعه من محاولات اعتقال أو تشويه سمعة أو أسهم تُصوَّب من هنا وهناك. أهذه رشا شربتجي خارج الكاميرا، ومن أين لها الجرأة؟ منذ بدايتها وهي تمتهن المشاكسة مع الفساد، اجتماعياً كان أم سياسياً وأمنياً. «الله يسترنا»، تُعقّب ضاحكة، وتحمده: «الأمور تمرّ على خير». وجّه «داعش» صوبها تهديداته بالقتل ولم ترتدع. أما مع طبقة الفساد السياسي، فتجد استفزازها من المسلسلات تأكيداً بأنّ شيئاً ما يمسّ المتورطين به، ولو لم تأتِ الدراما على ذكرهم بالاسم. يفضحون أنفسهم بردود فعلهم: «لا أتكلم على أشخاص معيّنين في أعمالي، بل عن بعض المؤسسات المُحتضنة بعض الفاسدين والمتستّرة عليهم. كل ما نطلبه هو عدم حمايتهم بعد اليوم».
تدلي بإجابة بالغة في الاختصار لدى سؤالها عمّا تحضّره لرمضان، خصوصاً بعد «كسر عضم» وضجيجه: «أحضّر عملاً مع محطة مهمة»، مُتحفّظة على التفاصيل، فالوقت لا يزال مبكراً.
يبقى السؤال عن إقامتها البيروتية، وماذا تعني لها هذه المدينة المتألمة؟ «قطعة من القلب. أحبُّ جنونها وفنونها». تتوجّه بغزل إلى مساءاتها، ويشمل الحب أيضاً وجعَها. تشعر أنها مدينتها، لا تقلّ غلاوة عن القاهرة مدينة والدتها، ودمشق مدينة والدها. تختزل الدفء: «يا لروعة هذا الحضن الذي يضمّ كل الناس!».


مقالات ذات صلة

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)
يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)
TT

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)
يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

أسباب كثرة التفكير ليلاً

قال الدكتور راماسوامي فيسواناثان، رئيس الجمعية الأميركية للطب النفسي، لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية، إن التوتر والقلق هما السببان الرئيسيان لكثرة التفكير في الليل.

وأضاف: «التوتر من شيء حدث بالفعل، والقلق بشأن اليوم المقبل، يمكن أن يسبِّبا هذه المشكلة. كما يمكن أن تؤدي مشكلات تتعلق بالصحة العقلية، مثل اضطرابات القلق والاضطراب ثنائي القطب إلى فرط التفكير وقت النوم».

وتابع: «تميل هذه الأفكار إلى أن تكون أكثر نشاطاً في الليل، عندما لا تكون هناك أنشطة أخرى تشغل العقل».

وقال فيسواناثان، وهو أيضاً أستاذ ورئيس مؤقت لقسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة داون ستيت للعلوم الصحية ببروكلين: «في الليل، عندما يكون هناك عدد أقل من عوامل التشتيت، يكون من الأسهل التفكير في اليوم الذي قضيناه للتو والقلق بشأن مشاكل العمل أو الأسرة، أو المخاوف المالية».

وأشار إلى أن تناول المنبهات، مثل الكافيين، أو تناول بعض الأدوية قبل وقت النوم، يمكن أن يتداخل أيضاً مع الاسترخاء، ويتسبب في النشاط العقلي المفرط.

كيف يؤثر الحرمان من النوم على صحتنا

قال فيسواناثان إن النوم غير الكافي أو رديء الجودة يمكن أن يكون له آثار سلبية خطيرة على العقل والجسم، بما في ذلك انخفاض وظائف المخ وصعوبة اتخاذ القرارات وحل المشكلات وتنظيم المشاعر.

وأوضح قائلاً: «إنه يسبب الصداع والتعب والتوتر، ويقلِّل من الانتباه والكفاءة الوظيفية. كما أنه يساهم في حوادث المرور وأخطاء العمل وضعف العلاقات».

كما حذر فيسواناثان من أن مشكلات النوم قد تؤثر على الصحة على المدى الطويل؛ حيث يمكن أن تثبط وظيفة المناعة، وتجعل المرء أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، وتدفع الشخص إلى تناول الأكل غير الصحي، وبالتالي تتسبب في زيادة الوزن.

وأضاف أنها يمكن أن تزيد أيضاً من خطر الإصابة بمشاكل صحية مزمنة، مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري والسكتة الدماغية، ويمكن أن تقصر العمر.

التوتر والقلق هما السببان الرئيسيان لكثرة التفكير في الليل (رويترز)

كيف يمكن التغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

1- وضع روتين لوقت النوم

يقول فيسواناثان إن الالتزام بروتين ليلي منتظم مع وقت ثابت للنوم والاستيقاظ «مهم للغاية»، وهو الأساس في خطة التغلب على كثرة التفكير وقت النوم.

2- احذر تناول بعض المشروبات والطعام في وقت متأخر

أوصى فيسواناثان بالامتناع عن المشروبات التي تحتوي على الكافيين أو الكحول أو الأطعمة الثقيلة قبل وقت النوم مباشرة.

3- امتنع عن استخدام الشاشات قبل النوم بساعة

اقترح فيسواناثان التوقُّف عن استخدام شاشات الهواتف الذكية وشاشات التلفزيون وأجهزة الكومبيوتر قبل النوم بساعة.

وقال: «الضوء الأزرق المنبعث من هذه الأجهزة يتداخل مع النوم وإيقاع الساعة البيولوجية»، التي تنظم فترات النعاس واليقظة خلال اليوم.

بدلاً من ذلك، اقترح فيسواناثان الاستماع إلى موسيقى خفيفة أو قراءة كتاب أو استخدام تقنيات الاسترخاء، مثل التنفس العميق والتأمل.

4- جرب الاستحمام بماء دافئ

قد يساعد الاستحمام بماء دافئ قبل النوم بـ3 ساعات على تهدئة العقل، لكن فيسواناثان حذر من القيام بهذا الأمر قبل النوم مباشرة، مشيراً إلى أنه قد يأتي بنتائج عكسية في هذه الحالة.

5- خلق بيئة مشجعة على النوم

للحصول على نوم مثالي، يجب أن تكون غرفة النوم هادئة ومظلمة وباردة، كما ينبغي أن يكون الفراش مريحاً، كما أوصى فيسواناثان.

6- حدد وقتًا للقلق

إذا لم تكن هذه التقنيات وحدها كافية لتقليل فرط التفكير خلال النوم، يقترح فيسواناثان تحديد «وقت للقلق»، ووضع نافذة زمنية محددة للتفكير في مخاوفك وتحديد مسار للحلول الممكنة.

وقال الطبيب: «هذا يطمئنك إلى أنك ستتعامل مع مخاوفك، لكنه يمنعها من الامتداد إلى وقت نومك».

7- دوِّن مخاوفك

يقترح فيسواناثان أن تحتفظ بدفتر ملاحظات بجوار سريرك حتى تتمكَّن من تدوين مخاوفك فور حدوثها، وأن تخبر نفسك بأنك ستتصرف حيالها في اليوم التالي.