المعارضة في ريف دمشق تستخدم سلاح «قطع المياه» عن العاصمة السورية لإجبار النظام على تنفيذ مطالبها

11 ألف برميل متفجر على أحياء المعارضة في 8 أشهر.. و3600 مدني ضحايا الغارات

المعارضة في ريف دمشق تستخدم سلاح «قطع المياه» عن العاصمة السورية لإجبار النظام على تنفيذ مطالبها
TT

المعارضة في ريف دمشق تستخدم سلاح «قطع المياه» عن العاصمة السورية لإجبار النظام على تنفيذ مطالبها

المعارضة في ريف دمشق تستخدم سلاح «قطع المياه» عن العاصمة السورية لإجبار النظام على تنفيذ مطالبها

استخدمت قوات المعارضة السورية، أمس، سلاح المياه للضغط على القوات النظامية لوقف القصف على وادي بردى، وإطلاق سراح المعتقلين، في أول استخدام لسلاح قطع مياه عن أحياء النظام في دمشق وريفها، منذ بدء الأزمة السورية.
يذكر أن فصائل المعارضة لجأت إلى ضغوط مشابهة في وقت سابق في حلب. وبموازاة ذلك، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» توثيق 11 ألف برميل متفجر أسقطتها مروحيات النظام على أحياء المعارضة في مختلف أنحاء سوريا، منذ 8 أشهر.
وأفاد ناشطون، أمس، أن قوات المعارضة قطعت مياه عين الفيجة عن العاصمة دمشق بشكل كلي، بهدف الضغط على نظام الرئيس السوري بشار الأسد لتنفيذ شروط الهدنة المبرمة بين الطرفين. وكانت قوات المعارضة قطعت مياه نبع الفيجة، وهي المصدر الرئيس للمياه الذي يروي دمشق، بشكل جزئي أول من أمس الجمعة، وذلك لإخلال النظام الأسد بشروط الهدنة المتفق عليها بخصوص إطلاق سراح ما تبقى من معتقلات قرى وبلدات وادي بردى بريف دمشق، حيث اعتقلت قوات الأسد عددًا من النساء من بلدة بسيمة في وادي بردى بشكل تعسفي منتصف شهر مايو (أيار) الماضي، واضطر النظام وقتها إلى إطلاق سراح بعضهن مقابل عودة المياه بشكل جزئي ريثما يخلي النظام سبيل من تبقى في سجونه ومعتقلاته. إلا أن نظام الأسد ماطل في الإفراج عن باقي المعتقلات، كما أقدمت قواته أمس على اعتقال امرأة ورجلين في المنطقة مما دفع الكتائب لإعادة قطع المياه لحين تنفيذ شروط الهدنة كاملة.
الكتائب العاملة في منطقة وادي بردى بريف دمشق أعلنت في بيان لها اليوم أن «قوات الأسد طلبت هدنة مع كتائب الثوار وإعادة ضخ مياه عين الفيجة إلى العاصمة». وأضاف البيان أن كتائب الثوار اشترطت لعودة المياه إلى العاصمة مرة أخرى تنفيذ عدة شروط؛ منها: وقف كامل للقصف والقنص على كافة قرى المنطقة وأراضيها الزراعية، والإفراج الفوري عن جميع معتقلي ومعتقلات وادي بردى الموجودين في سجون النظام دون أية شروط، والسماح بدخول المواد الغذائية والتموينية والصحية والمحروقات ومواد البناء للمنطقة وفك الحصار، وسحب كل دشم ومتاريس الجيش الجديدة فوق قرى المنطقة وانسحاب عناصر الشرطة وعناصر الدفاع الوطني من بناء الحناوي في قرية بسيمة، ومعاملة أهالي المنطقة معاملة حسنة على حواجز النظام المنتشرة من وادي بردى إلى دمشق».
وتزامنت هذه التطورات مع قصف استهدف طريق خان الشيح – زاكية في ريف دمشق الغربي، بينما قصفت قوات النظام مناطق في مدينة داريا بالغوطة الغربية. وبالتزامن، نفذ الطيران الحربي ست غارات على مناطق في أطراف مدينة دوما بالغوطة الشرقية، مما أدى لسقوط جرحى بينهم أطفال، في حين قصفت قوات النظام مناطق في مزارع تل كردي قرب مدينة دوما.
وفي شمال سوريا، أفاد ناشطون بسقوط صاروخ يعتقد أنه من نوع أرض – أرض أطلقته قوات النظام على منطقة بالقرب من مسجد في حي بستان القصر جنوب غربي مدينة حلب، مما أدى لإصابة 6 مواطنين بينهم طفلان على الأقل، في حين استهدفت الكتائب المقاتلة بصاروخ، مدفعًا لقوات النظام في أطراف حي حلب الجديدة بغرب المدينة، مما أدى لتدميره.
وتواصل استهداف الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام في حلب؛ إذ أفاد المرصد بمقتل 4 مواطنين وإصابة أكثر من 25 آخرين بجراح، جراء سقوط قذائف أطلقتها الكتائب المقاتلة على مناطق سيطرة قوات النظام في حي الميدان وقرب القصر البلدي بالمدينة، ليرتفع إلى ما لا يقل عن 69 بينهم 21 طفلاً على الأقل و10 مواطنات على الأقل، عدد الذين قضوا جراء سقوط مئات قذائف الهاون والقذائف الصاروخية والقذائف محلية الصنع من نوع «مدفع جهنم»، التي أطلقتها الكتائب المقاتلة والإسلامية على مناطق سيطرة قوات النظام بمدينة حلب منذ 15 يونيو (حزيران) الحالي، وأصيب أكثر من 350 مواطنًا آخرين بجراح مختلفة.
في غضون ذلك، وثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» تنفيذ طائرات النظام الحربية والمروحية، 21173 غارة جوية على الأقل، خلال الأشهر الثمانية الماضي، استهدفت مئات المدن والبلدات والقرى السورية؛ من دير الزور شرقا وصولاً إلى جبال اللاذقية في الغرب، ومن إدلب شمالاً وحتى درعا جنوبًا.
ووثق «المرصد» إلقاء الطائرات المروحية، 11324 برميلاً متفجرًا، استهدفت عدة مناطق في محافظات دمشق وريف دمشق وحماه ودرعا واللاذقية وحلب والحسكة والقنيطرة والسويداء ودير الزور وإدلب وحمص. في حين وثق «المرصد» تنفيذ طائرات النظام الحربية ما لا يقل عن 9849 غارة، على عدة مناطق في محافظات دمشق وريف دمشق والقنيطرة ودير الزور وحمص وحماه وحلب وإدلب والسويداء واللاذقية ودرعا والحسكة والرقة.
وأوضح «المرصد» أن تلك الغارات أسفرت عن مقتل 3602 من المدنيين، هم 831 طفلاً دون سن الـ18، و582 مواطنة فوق سن الـ18، و2819 رجلاً، إضافة إلى إصابة نحو 23 ألفا آخرين من المدنيين بجراح. وجدد «المرصد» مطالبته مجلس الأمن الدولي، العمل بشكل جاد من أجل وقف القتل والتشريد اليومي بحق أبناء الشعب السوري، ومساعدتهم للوصول إلى دولة الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة، الدولة التي تكفل دون تمييز، حقوق كافة مكونات الشعب السوري.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.