رئيس المكسيك يدعو الأمم المتحدة إلى تشكيل «لجنة للسلام» في أوكرانيا

رئيس المكسيك أندريس مانويل أوبرادور في ذكرى استقلال بلاده الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
رئيس المكسيك أندريس مانويل أوبرادور في ذكرى استقلال بلاده الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

رئيس المكسيك يدعو الأمم المتحدة إلى تشكيل «لجنة للسلام» في أوكرانيا

رئيس المكسيك أندريس مانويل أوبرادور في ذكرى استقلال بلاده الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
رئيس المكسيك أندريس مانويل أوبرادور في ذكرى استقلال بلاده الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

منذ نهاية الحرب الباردة لم تشهد منظمة الأمم المتحدة انقساماً حاداً كالذي تنطلق في أجوائه اليوم أعمال الجمعية العامة السابعة والسبعين، في الوقت الذي تتجه الدول نحو مزيد من التكتلات الإقليمية التي تجمع بين أنظمة سياسية متجانسة تربطها مصالح جيو - استراتيجية مشتركة أو تتكامل اقتصاداتها.
ولا يخفي كبار المسؤولين في المنظمة الدولية قلقهم من تنامي النزعة نحو تشكيل هذه التكتلات التي يرون فيها تهديداً متزايداً للنظام المتعدد الأطراف، ولقدرته على مواجهة التحديات العالمية الكبرى، مثل الأزمة الغذائية، والزيادة الأولى في المستوى العالمي للفقر المدقع منذ بداية هذا القرن، والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية والصحية لجائحة كوفيد، وتغير المناخ وتراجع الأنظمة الديمقراطية.
لكن الشرخ العميق الذي أحدثته الحرب في أوكرانيا على الساحة الدولية، والتهميش الفاضح لدور الأمم المتحدة في السعي لمعالجتها أو حتى لتهدئتها وتوفير إطار للتفاوض من أجل إنهائها، هو ما يثير أكبر قدر من القلق حالياً في أوساط المنظمة التي تبدو عاجزة عن ممارسة الدور الذي قامت أساساً من أجله، فيما تتعرض لمزيد من الانتقادات بسبب هذا الجمود الذي تعاني منه منذ سنوات في مواجهة التحديات والأزمات العالمية الكبرى.
آخر هذه الانتقادات جاء من المكسيك التي اقترح رئيسها أندريس مانويل أوبرادور أن تشكل الأمم المتحدة «فوراً» لجنة للحوار وإحلال السلام في أوكرانيا تضم رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي والبابا فرنسيس والأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش. وكان أوبرادور قد أعرب عن خيبته من تقاعس الأمم المتحدة عن القيام بدورها، وانتقد الدول الكبرى لعدم بذلها الجهود اللازمة لمنع نشوب هذه الحرب وانضمام أوكرانيا إلى الحلف الأطلسي.
ومن المقرر أن يقدم الرئيس المكسيكي هذا الاقتراح في الكلمة التي سيلقيها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، بعد أن كان كشف عنه في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة العيد الوطني في بلاده. ويقترح أوبرادور على المنظمة الدولية أن يعلن مجلس الأمن هدنة في هذه الحرب «لا تقل عن خمس سنوات» بضمانة دولية، والبدء بمحادثات مع الرئيسين الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والروسي فلاديمير بوتين.
وتفيد أوساط المسؤولين في المنظمة الدولية أن هذا الاقتراح يحظى بدعم من دول وازنة لم تتخذ موقفاً مؤيداً لأي من طرفي النزاع في الحرب الدائرة في أوكرانيا، مثل الهند والصين وجنوب أفريقيا. لكن ترجح هذه الأوساط أن حظوظ الموافقة على هذا الاقتراح، بصيغته الحالية، شبه معدومة، وتخشى أن يؤدي طرحه إلى المزيد من الانقسام والاستقطاب على الساحة الدولية.
وكان الرئيس المكسيكي قد انتقد (الأوساط الحكومية والاقتصادية التي دعت بالمسار السياسي إلى النزاع المسلح)، والأمم المتحدة التي اتهمها بأنها بقيت في الظل ولم تقم بواجبها، وبأن (العقم السياسي الذي وقعت فريسته حوّلها إلى منظمة لا يتجاوز دورها الإطار الشكلي).
وقال أوبرادور إن بلاده ترفض الغزو ولا تقبل بأي تدخل أجنبي (لأننا كنا ضحية الغزو خمس مرات: واحدة من إسبانيا، واثنتان من فرنسا، واثنتان من الولايات المتحدة، كلفتنا الكثير من الدماء واقتطعت مساحات من بلادنا). وتساءل: (لماذا يرفض الحلف الأطلسي طلب أوكرانيا الانضمام إليه ثم يمدها بالسلاح ويفرض عقوبات على روسيا لتأجيج النزاع؟ أليست مصالح الصناعات الحربية هي التي تقف وراء هذه الحرب؟).


مقالات ذات صلة

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».