دراسة تُظهر كيف تتسلق الجسيمات البلاستيكية السلسلة الغذائية بسهولة

دراسة تُظهر كيف تتسلق الجسيمات البلاستيكية السلسلة الغذائية بسهولة
TT
20

دراسة تُظهر كيف تتسلق الجسيمات البلاستيكية السلسلة الغذائية بسهولة

دراسة تُظهر كيف تتسلق الجسيمات البلاستيكية السلسلة الغذائية بسهولة

تمامًا كما هو الحال مع المعادن الثقيلة في المحيط، اتضح أن اللدائن النانوية (جزيئات البلاستيك التي يقل حجمها عن ميكرومتر واحد) يمكنها أيضًا الانتقال إلى أعلى السلسلة الغذائية. وان هذه الجسيمات هي في المقام الأول نتيجة القطع البلاستيكية الكبيرة التي تتعرض للعوامل الجوية بسبب العمليات الطبيعية؛ وفي بعض الأحيان عن طريق ابتلاع الحيوانات لها.
وقد أظهر باحثون من أوروبا، بقيادة عالم الأحياء فاضل مونيخ من جامعة شرق فنلندا، هذه العملية في المختبر عن طريق تغذية جزيئات صغيرة بحجم 250 نانومترا من البوليسترين والبولي فينيل كلوريد إلى الخس (Lactuca sativa). وبعد 14 يومًا، أطعم الباحثون هذا الخس ليرقات ذبابة الجندي الأسود (Hermetia illucens)، ثم أعطوا تلك اليرقات لأسماك الروش الجائعة (Rutilus rutilus) بعد 5 أيام أخرى. وبمجرد أن تتغذى الأسماك على الحشرات لمدة 5 أيام، قام الفريق بتشريح وتصوير الأنسجة من كل مستوى من مستويات السلسلة الغذائية، وذلك وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص نقلا عن Nano Today.
ونظرًا لصعوبة اكتشاف هذه الجسيمات ويمكن تغييرها أثناء رحلاتها الفسيولوجية، قام الباحثون بتغليف العنصر النادر الجادولينيوم داخل البلاستيك الصغير لتتبعها بسهولة أكبر. واستخدم الفريق المجهر الإلكتروني الماسح (SEM) للتأكد من أن البلاستيك يغطي المعدن بالكامل لتقليل تأثيره البيولوجي.
لكن الخبر السار هو أن التضخم الأحيائي لم يحدث على ما يبدو مع هذه الأنواع من البلاستيك النانوي في الأنواع المدروسة. إذ يحدث التضخم الأحيائي عندما تصبح المواد الكيميائية التي يتم تناولها في المستويات الغذائية الأدنى أكثر تركيزًا عند تجاوزها في السلسلة الغذائية؛ وهذه مشكلة شائعة تسببها ملوثات مثل الزئبق وثنائي الفينيل متعدد الكلور. لكن الصور كشفت عن لدائن نانوية في الخياشيم والكبد وأمعاء الأسماك وفي فم وأمعاء الحشرات وتراكمت في أوراق الخس.
وعلاوة على ذلك، فإن البلاستيكين يتصرفان بشكل مختلف أثناء رحلتهما عبر السلسلة الغذائية. فقد أخذ الخس كمية أقل قليلاً من البوليسترين، لذلك تم تمرير القليل من هذه النكهة البلاستيكية مقارنةً بالبولي فينيل كلورايد.
وأوضح الباحثون أن خصائص مثل الحجم والشكل وكيمياء السطح للجسيمات يمكن أن تؤثر جميعها بشكل مختلف على الحياة. على سبيل المثال، قد تكون بعض ديدان الأرض أكثر عرضة لتحطيم البولي إيثيلين في التربة قبل أن يأكلها النبات.
وفي تبيين أكثر لهذا الأمر، قال مونيخ «تظهر نتائجنا أن الخس يمكن أن يمتص البلاستيك النانوي من التربة وينقله إلى السلسلة الغذائية. ويشير هذا إلى أن وجود جزيئات بلاستيكية صغيرة في التربة يمكن أن يترافق مع مخاطر صحية محتملة للحيوانات العاشبة والبشر إذا وُجد أن هذه النتائج قابلة للتعميم على النباتات والمحاصيل الأخرى وفي الأماكن الميدانية».
وأصبحت اللدائن الدقيقة، بما في ذلك البلاستيك النانوي الأصغر، موجودة الآن في كل مكان بكل بيئة، من أعمق خنادق المحيطات الى أعلى الجبال وأدى الى عزل القارة القطبية الجنوبية النائية. إنها موجودة في الطعام الذي نأكله والماء الذي نشربه والهواء الذي نتنفسه.
وتمر اللدائن الدقيقة عبر أجسامنا كل يوم. لكن الباحثين يقولون إنه لا داعي للذعر، لأنه من الواضح أنه لا توجد تأثيرات فورية قصيرة المدى علينا؛ لكن لا يزال التعرض طويل المدى ومستويات التركيز العالية مصدر قلق.
والقلق بشكل خاص بشأن هذه الجسيمات الدقيقة هو أنها صغيرة بما يكفي لتمريرها عبر العديد من الحواجز الفسيولوجية، على عكس جسيمات المنشأ الأكبر حجمًا. وقد ثبت بالفعل أن بعضها يسبب سمية محتملة في النباتات واللافقاريات والفقاريات.
وفيما يؤكد مونيخ وزملاؤه أيضًا كيف يمكن لهذه المواد البلاستيكية جذب غلاف بروتيني على سطحها أثناء مرورها عبر أشكال الحياة المختلفة. يبينون ان كيفية تغيير تأثيرها أمر غير معروف تمامًا.
ويخلص مونيخ إلى أنه «لا تزال هناك حاجة ماسة إلى مزيد من البحث في هذا الموضوع».


مقالات ذات صلة

السمنة تهدد البشر بـ16 مرضاً

يوميات الشرق السمنة حالة صحية تتمثل في زيادة مفرطة بدهون الجسم (جامعة نوتنغهام)

السمنة تهدد البشر بـ16 مرضاً

حذّرت دراسة أميركية من أن السمنة، خصوصاً في درجاتها الشديدة، ترتبط بارتفاع خطر الإصابة بـ16 حالة صحية شائعة تؤثر على أجهزة متعددة بالجسم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك مشروب غازي (أ.ب)

إدمان المشروبات الغازية يقتلك ببطء... إليك التفاصيل المرعبة

تُعدّ المشروبات الغازية (الصودا) إدماناً خفياً يعيشه الملايين حول العالم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك خلصت الدراسة إلى أن تلوث التربة والماء يساهم في انتشار الأمراض غير المعدية بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية (رويترز)

كارثة صامتة تهدد الملايين... دراسة تكشف سبباً خفياً لانتشار أمراض القلب

كشفت دراسة جديدة عن وجود صلة بين تلوث التربة والماء وأزمة أمراض القلب، وقد تسببت الأمراض المرتبطة بالتلوث في وفاة ملايين الأشخاص سنوياً حول العالم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك يمكن أن تكون لتوقيت الوجبات اليومية آثار كبيرة على الصحة العامة (رويترز)

كم ساعة يجب أن تفصل بين وجبة وأخرى؟

يتناول كثير من الأشخاص وجباتهم خلال اليوم عند شعورهم بالجوع، دون التفكير في الفترة المثالية التي يجب أن تفصل بين الوجبات، تفادياً لأي مشكلات هضمية أو صحية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك موت الخلايا المبكر قد يحفز عمليات إصلاح أنسجة الجسم (رويترز)

الخلايا الميتة قد تلعب دوراً حيوياً في عمليات إصلاح أنسجة الجسم

كشفت دراسة جديدة عن أن عملية النخر، أو موت الخلايا المبكر، قد تحفِّز عمليات إصلاح أنسجة الجسم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

مصممة تتبع الخيط النيجيري لاكتشاف مجال أفريقي جديد

أول مصمِّمة أفريقية تحصل على الجائزة الأولى في فعالية «سالون ستالايت» («إنستغرام» المصمّمة)
أول مصمِّمة أفريقية تحصل على الجائزة الأولى في فعالية «سالون ستالايت» («إنستغرام» المصمّمة)
TT
20

مصممة تتبع الخيط النيجيري لاكتشاف مجال أفريقي جديد

أول مصمِّمة أفريقية تحصل على الجائزة الأولى في فعالية «سالون ستالايت» («إنستغرام» المصمّمة)
أول مصمِّمة أفريقية تحصل على الجائزة الأولى في فعالية «سالون ستالايت» («إنستغرام» المصمّمة)

تنتقل المصممة لاني أديوي، بين تدريس التصميم في جامعتها الأم، بكلية «بارسونز» للتصميم في مدينة نيويورك، وبين إدارة المشروعات في شركتها المعروفة باسم «ستوديو لاني»، في مسقط رأسها، بمدينة لاغوس النيجيرية.

خلال الأسبوع الحالي، ستكون السيدة أديوي، (35 عاماً)، في مكان ما بين هذا وذاك، بعد أن أشرفت على معرض «حرف غرب أفريقيا»، في فعالية «سالون ساتلايت»، أي المعرض السنوي للمصمِّمين الناشئين في معرض «سالون دل موبايل» في ميلانو، وموضوعه العام الحالي يدور حول «الحرفية الجديدة: عالم جديد».

المصممة النيجيرية لاني أديوي («إنستغرام» المصمّمة)
المصممة النيجيرية لاني أديوي («إنستغرام» المصمّمة)

تقول السيدة أديوي، عن الأشياء المصنوعة يدوياً: «أؤمن بشدَّة بهذا المجال الغني من التصميم، الذي لا يأخذ حقَّه من التقدير».

وتقول مارفا غريفين ويلشاير، المؤسسة والمشرفة على فعالية «سالون ساتلايت»، إنها حين استقرت على أفريقيا لتكون محوراً لنسخة عام 2025، طلبت من أديوي المشاركة فيها. وتابعت: «من خلال صِلاتها القوية في المنطقة، أردتُ أن تكون أديوي جزءاً من المشروع، وإجراء الأبحاث وتقديم الأفكار إلى المعرض».

وبدورها التزمت السيدة أديوي بقائمة من الحرفيين من السنغال، وغانا، وبوركينا فاسو، والكاميرون، ونيجيريا، الذين سيعرضون قطعاً معاصرة مصنوعة بأساليب تقليدية، بما في ذلك المقاعد والطاولات. فالمنتجات المقبلة من بوركينا فاسو، على سبيل المثال، هي برونزيات تُصنع من خلال صبِّ الشَّمع المهدور، وهي تقنية تعتمد على صبِّ المعدن المصهور في قالب، في حين أن القطع المقبلة من الكاميرون تُنحَت يدوياً من الخشب. وقد صمَّمت السيدة أديوي بنفسها، قطعاً مُغطاة بمادة منسوجة مصنوعة من سيقان نباتية مجففة ومصبوغة، وهي مادة تُستخدم عادة في نيجيريا لصناعة الحصائر.

مشَّاية حازت على جوائز صمَّمتها تحت اسم «ريم إكس» («إنستغرام» المصمّمة)
مشَّاية حازت على جوائز صمَّمتها تحت اسم «ريم إكس» («إنستغرام» المصمّمة)

وفي فبراير (شباط)، عادت السيدة أديوي إلى نيجيريا لتُكمل تحضيرات العرض. وأثناء وجودها هناك، زارت جدَّها، ريمي أودوبانغو، البالغ من العمر 88 عاماً، الذي ألهمها تصميم مشَّاية حازت على جوائز، صمَّمتها تحت اسم «ريم إكس»، نسبة إلى اسم جدها. وقالت عن ذلك: «إن جدي لم يكن يحبُّ المشَّايات التي اشتريناه له؛ فقد بدت أشبه بمشايات عيادات الأطباء، وكان يخفيها دائماً».

غلّفت لاني أديوي المعدن بقطعة من نسيج «آسو أوكي» النيجيري التقليدي المنسوج يدوياً، والمستخدم في الملابس الاحتفالية، وغطَّت الإطار بزهرة الياقوت المائية، التي تنمو بكثرة في نيجيريا وتُشبه نبتة الرافية، مع منحنياتها الحادة وألوانها القشِّية والأرجوانية، تبدو مشاية «ريم إكس» أكثر فخامة، وأشبه ما تكون بعصي المشي المزخرفة المتقنة التي يستخدمها الزعماء المحليون وكبار الشخصيات. وقد ساعدها ذلك على أن تُصبح أول مصمِّمة أفريقية تحصل على الجائزة الأولى في فعالية «سالون ستالايت» المقامة في عام 2022، وكانت حينها واحدة من بين 600 مشارك تناولوا موضوع «التصميم من أجل أنفسنا في المستقبل».

أول مصمِّمة أفريقية تحصل على الجائزة الأولى في فعالية «سالون ستالايت» («إنستغرام» المصمّمة)
أول مصمِّمة أفريقية تحصل على الجائزة الأولى في فعالية «سالون ستالايت» («إنستغرام» المصمّمة)

تتذكر باولا أنتونيلي، كبيرة أمناء الهندسة المعمارية والتصميم في «متحف الفن الحديث» بمدينة نيويورك، التي ترأست لجنة تحكيم الجوائز: «حينها تأثرت كثيراً بهذه المشاية التقليدية. لقد كانت متينة وعملية للغاية، وفي الوقت نفسه أنيقة وتسترعي الاهتمام». مضيفة: «لطالما أيقنت أنه لا يوجد سبب يمنع أن تكون الأشياء النفعية غاية في الأناقة بصورة مؤثرة أيضاً».

كثيرون يعتمدون من عمل السيدة أديوي على الممارسات العريقة والمواد الطبيعية. و«المقاعد الناطقة» التي تُقدمها أديوي في «حِرف غرب أفريقيا»، المغطاة بحصائر منسوجة بأيدي نساء من ولاية إيكيتي في جنوب غربي نيجيريا، تُردِّد صدى الطبلة الناطقة، وهي الآلة الموسيقية التي تُستخدم تقليدياً في الاحتفالات والتواصل عبر مسافات شاسعة.

لاني في الاستوديو الخاص بها («إنستغرام» المصمّمة)
لاني في الاستوديو الخاص بها («إنستغرام» المصمّمة)

ومن خلال تحويل هذه الحصائر إلى تنجيد للأثاث، تأمل أديوي في توسيع نطاق تطبيقاتها وأسواقها المحتملة. كما استمدَّت الإلهام أيضاً من «إيرون كيكو»، وهي تقنية ربط الخيط الأسود بإحكام حول أجزاء صغيرة من الشَّعر لإنتاج تسريحات شعر هيكلية وصلبة. وتتذكر قائلة: «لقد نشأت على حياكة شعر الناس وتصفيفه بهذه الطريقة، لأنني كنت الشخص الأكثر إبداعاً الذي يلجأ إليه أفراد عائلتي وأصدقائي». ومن ثمَّ تُتابع: «كانوا يقولون: اسألوا لاني، إنها ماهرة بيديها. ولكنني لم أفكر أبداً في هواياتي الحرفية على أنها مهارات حقيقية».

والآن، كثيراً ما تلف أغراضها بالقماش أو الألياف، في انعكاس حرفي لما تدعوه اليوم، الخيط الأحمر، الذي يربط مواهبها واهتماماتها. استغرق الأمر بعض الوقت. وبتشجيع من عائلتها على السَّعي وراء «مسار مهني مستقر»، درست إدارة الأعمال في جامعة ماكجيل في مونتريال، كندا. وبعد تخرُّجها، عملت في تورونتو محلِّلة استشارية في شركة «أكسنتشر»، وهي شركة للخدمات المهنية متعدِّدة الجنسيات. وتتذكر قائلة: «في أحد الأيام، حضرتُ معرضاً تجارياً للتصميم خلال استراحة الغداء، حيث رأيت كُرسياً يبدو وكأنه قطعة فنية عملية، وحتى تلك اللحظة، لم أكن أعرف حقاً أن الأثاث يمكن أن يكون أشياء متعددة». والتحقت السيدة أديوي ببرنامج دراسات التصميم الداخلي في كلية «بارسونز»، وحصلت على شهادة جامعية في العلوم التطبيقية في عام 2014. وبعد ذلك فتحت في عام 2015 «استوديو لاني»، وفي عام 2017 حصلت على الجائزة الأولى في معرضٍ رئيسي بمدينة نيويورك للمصممين الدوليين الناشئين يسمى «لانش پاد»، الذي تديره شركة «وانتد ديزاين».

بدورها، قالت كلير بيجولات، مؤسّسة شركة «وانتد ديزاين» رفقة أوديل هينو: «تتميز السيدة أديوي بأنها جعلت أسلوبها في متناول الجميع وملهماً للآخرين». وأضافت: «إن قدرتها على التعبير بوضوح عن رؤيتها، والقصة وراء عملها، تُضيف طبقة شخصية ومشوِّقة إلى تصميماتها، ومن المؤكد أنها تُحدث تأثيراً كبيراً».

وتعتقد السيدة أديوي أن القوة التحويلية للتصميم ترتبط بالحِرف اليدوية المستخدمة في إنتاجه، وتريد من المجتمع العالمي أن يُدرك أن الأفارقة وأعضاء الجالية الأفريقية في الشَّتات يساهمون أيضاً في هذه الرواية بصورة هادفة. وقالت إنها تشعر «بالإحباط الشديد إزاء الطريقة التي تُضخِّم بها وسائل الإعلام القصص السلبية أو قصص المعاناة والتي لا تضع الناس في موضع تسوده الكرامة. وهذا يؤثر في نهاية المطاف على الطريقة التي تُرى بها ثقافتهم». وهدفها من مبادرة «حرف غرب أفريقيا» هو إبراز التقاليد الغنيَّة في المنطقة وإمكاناتها. وختمت كلامها: «من خلال الفن والحِرفة والتصميم، يمكننا تقديم نظرة أكثر توازناً تتجاوز السَّرد الأحادي البُعد الذي اعتدنا على رؤيته».

*خدمة: نيويورك تايمز