دمشق تسلم تقريرا مبدئيا عن أسلحتها الكيماوية.. ومنظمة حظر الأسلحة تؤجل اجتماعها حول سوريا

لاجئون سوريون يقومون بالتسجيل في المفوضية العليا للاجئين في بيروت أمس (رويترز)
لاجئون سوريون يقومون بالتسجيل في المفوضية العليا للاجئين في بيروت أمس (رويترز)
TT

دمشق تسلم تقريرا مبدئيا عن أسلحتها الكيماوية.. ومنظمة حظر الأسلحة تؤجل اجتماعها حول سوريا

لاجئون سوريون يقومون بالتسجيل في المفوضية العليا للاجئين في بيروت أمس (رويترز)
لاجئون سوريون يقومون بالتسجيل في المفوضية العليا للاجئين في بيروت أمس (رويترز)

أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي، أمس الجمعة، أن سوريا قدمت لها تفاصيل عن أسلحتها الكيماوية. وسلمت الحكومة السورية خطابا يحمل تفاصيل ترسانتها من الأسلحة الكيماوية. وقال مايكل لوهان، المتحدث باسم المنظمة، إن «التقرير قيد المراجعة والتحقق من جانب خبرائنا»، مشيرا إلى أن المنظمة تتوقع من الحكومة السورية تقديم مزيد من المعلومات خلال يوم أو يومين. ورفضت المنظمة إعلان تفاصيل المعلومات التي تقدمت بها سوريا، لكن مسؤولين بالمنظمة أشاروا إلى أن هذه التفاصيل تعد جزءا فقط من المعلومات التي طلبتها المنظمة من الحكومة السورية.
في الوقت نفسه، أعلنت المنظمة تأجيل اجتماعها حول سوريا المقرر يوم الأحد إلى أجل غير مسمى. وأشارت إلى أن علمية تدمير الأسلحة الكيماوية السورية مهمة لم يسبق لها مثيل، وتتطلب إجراءات استثنائية، ويتطلب الأمر مزيدا من الوقت للتحضير. وقالت المنظمة في بيان لها إنها سوف تعلن عن الموعد الجديد في أقرب وقت.
وكان من المقرر أن تجتمع الدول الـ41 الأعضاء في المنظمة يوم الأحد لمناقشة موضوع انضمام سوريا إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية ومناقشة كيفية البدء في برنامج تدمير الترسانة الكيماوية السورية. وقالت مصادر دبلوماسية إن نص المشروع الذي كانت الدول ستناقشه في اجتماعها يوم الأحد لم تتم الموافقة عليه من قبل كل من الولايات المتحدة وروسيا.
ويعتقد أن سوريا تملك نحو ألف طن متري من المواد الكيماوية السامة، وقد وافقت على تدميرها بموجب اقتراح روسي أميركي.
وفي واشنطن، دعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى العمل الأسبوع المقبل لإصدار قرار حاسم في ضوء التقرير حول استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيماوية في ريف دمشق الشهر الماضي. وقال كيري للصحافيين مساء الخميس «أقول للمجتمع الدولي إن الوقت قصير، ودعونا لا ننفق الوقت في الجدل حول ما نعرفه بالفعل، وبدلا من ذلك علينا أن ندرك أن العالم يراقبنا ليرى ما إذا كان بإمكاننا تجنب العمل العسكري وإنجاز ما يجب من خلال الوسائل السلمية لتحقق أكثر مما تحققه الضربات العسكرية، أم لا».
وشدد كيري على أن إزالة كل أسلحة سوريا الكيماوية هي أمر يمكن تحقيقه من خلال وسائل سلمية. وأكد أن هذا الأمر سيتقرر بناء على قرار الأمم المتحدة لمتابعة تنفيذ الاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة الذي تم الاتفاق عليه في جنيف السبت الماضي. وطالب كيري مجلس الأمن بأن يكون مستعدا للعمل والتحدث بأشد العبارات الممكنة حول أهمية التنفيذ لتخليص العالم من الأسلحة الكيماوية في سوريا وجعل حمل سوريا على تدمير ترسانتها الكيماوية له معنى، وأنها تفعل ذلك (سوريا) بشفافية مع مساءلة.
من جانبها، تشعر المعارضة السورية بخذلان شديد من قرار واشنطن إبرام اتفاق مع موسكو لإزالة الأسلحة الكيماوية للرئيس السوري بشار الأسد. لكن دبلوماسيين يحذرون الائتلاف الوطني السوري المعارض من أنه يخاطر بفقدان الدعم الغربي إذا لم يتكيف مع الواقع الجديد.
ويقول دبلوماسيون ومصادر من المعارضة إن الخلاف الذي أدى إلى نفور المعارضة السورية من الولايات المتحدة يهدد بإخراج الجهود الدولية لإنهاء الحرب الأهلية السورية المندلعة منذ سنتين ونصف السنة عن مسارها. ويأتي الخلاف في حين تتحول الحرب إلى حالة من الجمود في ميدان المعركة. وكان مقاتلو المعارضة يتطلعون إلى الولايات المتحدة لإمالة الكفة لصالحهم بالتدخل عسكريا لمعاقبة الأسد على استخدام الأسلحة الكيماوية.
وتقول المصادر إن الخلاف الدائر في الكواليس والذي يبدو أن تركيا والسعودية تنحازان فيه إلى صف المعارضة تطور الأسبوع الماضي مع إبرام الولايات المتحدة وروسيا اتفاقهما لتدمير الترسانة الكيماوية للأسد بعد هجوم بغاز الأعصاب على مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في دمشق أدى إلى مقتل المئات.
وتأمل الولايات المتحدة أن يفتح الاتفاق الباب أمام التوصل لتسوية سياسية أوسع، لكنه قلص فرصة توجيه ضربة أميركية لقوات الأسد كانت المعارضة تأمل أن تضعفه عسكريا وترغمه على حضور مؤتمر جديد مقرر للسلام. وذكر أعضاء في الائتلاف أن المعارضة غاضبة من أن واشنطن غيرت مسارها فجأة ومن دون معرفتها بعد أسبوع من إبلاغ أعضاء الائتلاف الوطني السوري أن توجيه ضربة أمر وشيك.
ومن وجهة نظر المعارضة يتضمن الاتفاق مع روسيا إضفاء فعليا للشرعية على حكومة الأسد، مما يقوض هدف الانتفاضة السورية واحتمال أن تؤدي أي محادثات سلام إلى ترك الأسد للسلطة. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما هذا الأسبوع إن هدفه لا يزال عملية «انتقالية» تبعد الأسد عن السلطة. لكن التعامل مع أسلحته الكيماوية ستكون له الأولوية. وقال دبلوماسيون تابعوا اجتماعا كبيرا للمعارضة في اسطنبول إن افتقار الائتلاف للمرونة في التعامل مع الأولويات الدبلوماسية المتغيرة كما أوضحها أوباما يمكن أن يحرم المعارضة من الدعم الغربي.
ويحتاج الجيش السوري الحر المدعوم من دول غربية وعربية إلى أي أصدقاء يمكنه الحصول عليهم، في حين يكافح للتعامل مع الفوضى المتزايدة في مناطق المعارضة. كما أن الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي تعارض ظاهريا حكومة الأسد، تقاتل أيضا المعارضة السورية المسلحة الرئيسة، وهزمت وحدات من الجيش السوري الحر.
وأصبحت التوقعات المتدهورة للمعارضة وخلافها مع واشنطن أمرا واضحا في اجتماعها في اسطنبول حين تغيب الدبلوماسيون الأميركيون. وانتقد دبلوماسيون غربيون كانوا هناك رد الفعل السلبي من المعارضة على اتفاق الأسلحة الكيماوية الذي لقي دعما إلى حد كبير من المجتمع الدولي. وقال دبلوماسي «يجب على الائتلاف أن يحدث جلبة في الحدود المناسبة، وأن يدرك أنه توجد لعبة بين القوى الكبرى». وأضاف «لا يمكنهم تجاهل أن التخلص من الأسلحة الكيماوية للأسد أمر جيد، وأن الناس ربما يمكنهم أن يهنأوا بنوم أفضل الآن في الغوطة»، مشيرا إلى موقع الهجوم الكيماوي يوم 21 أغسطس (آب). وتابع «وإلا فلن تواصل مجالسنا البرلمانية منحنا التفويض لدعم المعارضة السورية للأبد. علينا بالفعل أن نقنع المشرعين بأنه ليس كل سوري عضوا في (القاعدة)».
واعترف مسؤول كبير في المعارضة بأن اجتماع الائتلاف الذي اختتم يوم الاثنين لم يتوصل إلى أي استراتيجية جديدة. وكانت المعارضة لا تزال تترنح من الاتفاق الأميركي الروسي الذي وصفه بأنه كان «صفعة على الوجه» للمعارضة. وقال المسؤول المعارض «لم يكلف الأميركيون أنفسهم حتى بإرسال دبلوماسي واحد لإبلاغنا بما كانوا يفعلونه مع الروس». وأضاف «لا يمكن لدول الخليج أن تقول ذلك صراحة، لكن يوجد ميل متزايد لتجاهل الأميركيين، وتوجد فجوة كبيرة الآن بين الأميركيين من جانب والسعوديين والأتراك والإماراتيين من جانب آخر. حتى قطر ليست سعيدة بالاتفاق. كما لو أن المشكلة كانت الأسلحة الكيماوية وليس نظام الأسد».



الحوثيون يجهّزون لمحاكمة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة

محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يجهّزون لمحاكمة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة

محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)

فيما تواصل الجماعة الحوثية تجاهل الدعوات الدولية المطالِبة بوقف ملاحقة موظفي المنظمات الدولية والإغاثية، كشفت مصادر قضائية عن استعداد الجماعة لإحالة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة والعاملين لدى منظمات إغاثية دولية ومحلية، إضافة إلى أفراد من بعثات دبلوماسية، إلى المحاكمة أمام محكمة متخصصة بقضايا «الإرهاب».

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان محامٍ يمني بارز، تولّى منذ سنوات الدفاع عن عشرات المعتقلين لدى الحوثيين، دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على استمرار اعتقاله ووضعه في زنزانة انفرادية منذ 3 أشهر، وفق ما أفاد به أفراد من أسرته.

وقالت المصادر القضائية لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة بدأت فعلياً بمحاكمة 3 دفعات من المعتقلين، أُصدرت بحقهم حتى الآن أحكام إعدام بحق 17 شخصاً، في قضايا تتعلق باتهامات «التجسس» والتعاون مع أطراف خارجية. وأوضحت أن التحضيرات جارية لإحالة دفعة رابعة، تضم موظفين أمميين وعاملين في المجال الإنساني، إلى المحاكمة خلال الفترة المقبلة.

العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية مهددون بأوامر الإعدام الحوثية (إعلام محلي)

وبحسب المصادر نفسها، فإن الحوثيين نقلوا العشرات من المعلمين والنشطاء في محافظة إب إلى العاصمة صنعاء، في خطوة وُصفت بأنها تمهيد لمحاكمتهم، بعد أشهر من اعتقالهم. وأكدت أن جهاز مخابرات الشرطة، الذي يقوده علي الحوثي نجل مؤسس الجماعة، بدأ بنقل أكثر من 100 معتقل من إب إلى صنعاء، عقب فترات تحقيق مطوّلة داخل سجن المخابرات في المحافظة.

وأشارت إلى أن المعتقلين حُرموا من توكيل محامين للدفاع عنهم، كما مُنعت أسرهم من زيارتهم أو التواصل معهم، رغم مرور أكثر من 6 أشهر على اعتقال بعضهم، في مخالفة صريحة لأبسط ضمانات العدالة والإجراءات القانونية.

دور أمني إيراني

وفق ما أفادت به المصادر في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، فإن خبراء أمن إيرانيين تولّوا الإشراف على حملات الاعتقال الواسعة، التي انطلقت بذريعة منع الاحتفال بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962، التي أطاحت بحكم أسلاف الحوثيين في شمال اليمن. وانتهت تلك الحملات باعتقال العشرات بتهم «التجسس» لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.

وأضافت أن إحكام القبضة الإيرانية على ملف المخابرات لدى الحوثيين، جاء في إطار احتواء الصراعات بين الأجهزة الأمنية المتعددة التابعة للجماعة، إلى جانب الإشراف على خطط تأمين قياداتها السياسية والعسكرية.

غير أن هذا الترتيب، بحسب المصادر، أدى إلى إغلاق معظم قنوات الوساطة القبلية التي كانت تُستخدم سابقاً للإفراج عن بعض المعتقلين، مقابل دفع فِدى مالية كبيرة وتقديم ضمانات اجتماعية بحسن السيرة.

إضراب محامي المعتقلين

في سياق هذه التطورات القمعية الحوثية، أعلن المحامي اليمني المعروف عبد المجيد صبرة، الذي تولّى الدفاع عن عشرات المعتقلين لدى الحوثيين، إضراباً عاماً عن الطعام، احتجاجاً على استمرار احتجازه منذ نهاية سبتمبر الماضي. ونقل شقيقه وليد صبرة، في نداء استغاثة، أنه تلقى اتصالاً مقتضباً من شقيقه أبلغه فيه ببدء الإضراب، وبأن إدارة سجن المخابرات أعادته إلى الزنزانة الانفرادية.

دفاع صبرة عن المعتقلين أغضب الحوثيين فاعتقلوه (إعلام محلي)

وأوضح وليد صبرة أن سبب اعتقال شقيقه يعود إلى منشور على مواقع التواصل الاجتماعي احتفى فيه بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر، مؤكداً أن الأسرة لا تعلم شيئاً عن وضعه الصحي، وأن طلباتهم المتكررة لزيارته قوبلت بالرفض. وتساءل عن مصير الفريق القانوني الذي كلفته نقابة المحامين بمتابعة القضية، وما إذا كان قد تمكّن من معرفة مكان احتجازه أو الجهة المسؤولة عنه.

وأثار إعلان الإضراب موجة تضامن واسعة، حيث عبّر عشرات الكتّاب والنشطاء عن دعمهم للمحامي صبرة، مطالبين بالإفراج الفوري عنه، وضمان حقه في الزيارة والرعاية الطبية.

كما ناشدوا نقابة المحامين، واتحاد المحامين اليمنيين والعرب، ومنظمات حقوق الإنسان، التدخل العاجل لحماية حياته، باعتباره أحد أبرز المدافعين عن الحريات والحقوق، وعن الصحافة والصحافيين، وعن المعتقلين والمختفين قسرياً، والمحكوم عليهم بالإعدام في مناطق سيطرة الحوثيين.


العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على أن الاستقرار السياسي يُعد شرطاً أساسياً لنجاح أي إصلاحات اقتصادية، في ظل تداعيات قرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، مشيداً في الوقت ذاته بجهود تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات لخفض التصعيد، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظات شرق البلاد.

جاءت تصريحات العليمي، الأحد، خلال اتصال أجراه بمحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، للاطلاع على المستجدات الاقتصادية والنقدية، والتداعيات المحتملة لقرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، على خلفية الإجراءات الأحادية التي شهدتها المحافظات الشرقية في الأيام الماضية.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن مصدر رئاسي أن العليمي استمع إلى إحاطة من محافظ البنك المركزي حول مستوى تنفيذ قرارات مجلس القيادة، وتوصياته الهادفة لمعالجة الاختلالات القائمة في عملية تحصيل الإيرادات العامة إلى حساب الحكومة في البنك المركزي، إضافة إلى عرض للمؤشرات المالية والنقدية، والجهود المطلوبة لاحتواء تداعيات القرار الدولي على استقرار سعر الصرف، وتدفق الوقود والسلع، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف المصدر أن الاتصال تطرق إلى تقييم شامل للأوضاع الاقتصادية الراهنة، وما يفرضه تعليق أنشطة صندوق النقد من تحديات تتطلب تنسيقاً حكومياً عاجلاً للحفاظ على الاستقرار سواء المالي أو النقدي، وضمان استمرار التزامات الدولة تجاه المواطنين.

وكانت مصادر يمنية رسمية ذكرت أن صندوق النقد الدولي قد أعلن تعليق أنشطته في اليمن، عقب التوتر الأمني في حضرموت والمهرة خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أثار مخاوف من انعكاسات اقتصادية محتملة، في وقت تعتمد فيه الحكومة اليمنية على الدعم الخارجي والمؤسسات الدولية في تنفيذ برامج الاستقرار المالي والإصلاحات الاقتصادية.

إشادة بمساعي التهدئة

أفاد المصدر الرئاسي اليمني - حسب ما نقلته وكالة «سبأ» بأن العليمي أشاد بالمساعي التي يبذلها تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات، لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة، مثمناً دعم الرياض للموازنة العامة، وتعزيز صمود مؤسسات الدولة، واستمرار الوفاء بالالتزامات الحتمية تجاه المواطنين.

جنود تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن يحرسون مدخل القصر الرئاسي (رويترز)

وأشار المصدر إلى أن العليمي عدّ إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن بمثابة «جرس إنذار»، يؤكد ارتباط الاستقرار الاقتصادي بالاستقرار السياسي، ويبرز أهمية توحيد الجهود لتفادي انعكاسات سلبية على الوضعين المالي والمعيشي.

كما جدّد رئيس مجلس القيادة التأكيد على أن الانسحاب الفوري للقوات الوافدة كافة من خارج محافظتي حضرموت والمهرة يُمثل الخيار الوحيد لإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، واستعادة مسار النمو والتعافي، وتعزيز الثقة مع مجتمع المانحين والمؤسسات الدولية.

توحيد الجهود

يأتي اتصال العليمي بمحافظ البنك المركزي عقب لقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُّبيدي (رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي) في العاصمة المؤقتة عدن بقيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، برئاسة اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي.

وكان اللقاء ناقش - حسب الإعلام الرسمي اليمني - سُبل توحيد الجهود في مواجهة المخاطر التي تهدد أمن المنطقة والإقليم، وتمس المصالح الدولية، وتهدد حرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، والتنسيق مع الشركاء الدوليين لوقف تهريب الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية.

اجتماع وفد عسكري سعودي إماراتي في عدن مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي (سبأ)

وأكد الزُّبيدي خلال اللقاء عمق ومتانة العلاقات الأخوية مع دول التحالف، مثمناً الدور الذي تقوم به في دعم القوات المسلحة، ومواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وعقب هذا اللقاء كانت القيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي عقدت اجتماعها الدوري برئاسة الزبيدي، واستعرضت نتائج اللقاء مع قيادة القوات المشتركة للتحالف، وما خرج به من تفاهمات لتعزيز الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب، وتأمين خطوط الملاحة وحماية الأمن البحري، إضافة إلى الأوضاع في وادي حضرموت والمهرة، والجهود المبذولة لتطبيع الأوضاع، وحفظ السكينة العامة.


«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.