سان جيوفاني.. الطعام في حضن البحر المتوسط

مطعم الشعراء وعشاق الرومانسية وشط الإسكندرية

أجمل إطلالة على البحر المتوسط
أجمل إطلالة على البحر المتوسط
TT

سان جيوفاني.. الطعام في حضن البحر المتوسط

أجمل إطلالة على البحر المتوسط
أجمل إطلالة على البحر المتوسط

«بين شطين وميه» هو ما ينطبق على موقع المطعم الكلاسيكي بفندق سان جيوفاني الذي يطل على بقعة ساحرة بين أحضان خليج ستانلي بالإسكندرية. يتيح المطعم بموقعه المتميز وأجوائه الأرستقراطية الراقية تجربة غداء أو عشاء متفردة، إذ يقدم لك المطعم غذاء الروح على أنغام البيانو ونسيم البحر العليل الفاتح للشهية.
تتميز أطباق المطعم بأنها تجمع بين أصناف متعددة من مطابخ البحر المتوسط، فهناك أطباق إيطالية وإسبانية ويونانية ومصرية وفرنسية تتيح لك اختيارات متعددة. ومن الأطباق المميزة التي يشتهر بها المطعم طبق المقبلات «ساخاناكي» على الطريقة اليونانية، ويتكون من قطع الجبن الرومي المقلية بصوص الزبدة والليمون، وأرز سان جيوفاني الشهير بقطع السمك الوقار والجمبري والمكسرات. وتتميز أطباق الأسماك بأنها طازجة المذاق، وننصح بطبق فيليه سمك بالمينيير، وهو قطع سمك وقار مقلي بالزبدة وصوص الليمون مع الجمبري والكابري وعيش الغراب، والاسكالوب زنجارا وهي عبارة عن لحم بتلو بصوص عيش الغراب واللسان المدخن، أو كبد الدجاج بصوص المادير وأصناف متعددة ترضي جميع الأذواق، ولعشاق اللحوم ننصح بتجربة «طبق ميزاليكيا» الذي يحتوي تشكيلة من الكلاوي والكبد والمخاصي بصوص المادير، والتي تقدم مع الأرز الأبيض. أما للتحلية فهناك اختيارات متنوعة بين أصناف الحلويات الفرنسية والشرقية.
ويضاف إلى المذاق الساحر للطعام تاريخ عريق يحمله المكان، حيث يقبع فندق سان جيوفاني منذ 75 عاما في موقعه الفريد، حين بناه الخواجة «بنايوتي» أحد أفراد الجالية اليونانية في الإسكندرية عام 1939، واشتراه مالكه المصري الحالي عام 1971.
وفيه استلهم شاعر الشباب الكبير أحمد رامي أبياتا من الشعر لا تزال معلقة على جدران الفندق، إذ كتب عام 1977 متغزلا في روعة الفندق: «قضينا ساعة في سان جيوفاني.. رأينا الحسن في أحلى التمنِّي.. طعام سائغ ونسيم بحر.. يهب بموجه حلو التغنِّي.. وقوم حولنا فيهم جمال.. يفوق من اللطافة كل حسنِ.. وشبان تطوف على جلوس.. تذيقُهُمُ حلاوة كل فنِّ.. رعى الله الذي أعطى فأغنى.. عن الأكل الشهي بكل ركنِ»، وذلك بعد أن تناول غداءه في مطعم «سان جيوفاني»، ومنذ ذلك الحين اشتهر الفندق بأنه منبع الرومانسية وملهم العشاق والشعراء.
متعة الطعام تكملها الصور الفوتوغرافية المذهلة لمشاهد سينمائية صورت بالإسكندرية، وصورا لعدد كبير من المشاهير الذين ارتادوا هذا المطعم على مدار تاريخه، فهي قائمة لا آخر لها تضم الملك الحسين عاهل الأردن الراحل وزوجته الملكة نور، والرئيس المصري الراحل أنور السادات وأسرته، والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، والفنان العالمي عمر الشريف، والمخرج الكبير الراحل يوسف شاهين، والعالم المصري الحائز على جائزة نوبل أحمد زويل، والأديب العالمي الحائز على نوبل أيضا نجيب محفوظ، والشاعر الراحل أحمد رامي، وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، والفنان الراحل صلاح ذو الفقار، والكاتب الشهير أنيس منصور، وطبيب القلب العالمي مجدي يعقوب.
وحافظت إدارة الفندق والمطعم على طابعه التاريخي، وحرصت على طبع القصيدة التي كتبها شاعر الشباب أحمد رامي، مؤلف كثير من أغاني سيدة الغناء العربي أم كلثوم، عقب زيارته للفندق عام 1977 على قوائم الطعام في الفندق.
وتزين الفندق من الخارج جدارية تمثل عالم قاع البحار، وتشكل مع إضاءتها الليلة منظرا يجذب انتباه كل من يمر عليه، بل ويحرص كثيرون من زوار الإسكندرية على التقاط الصور بجوار تلك الجدارية التي كتب عليها «وما قصر الأعمار طول السهر».



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.