الائتلاف المعارض ينطلق في مهمة تشكيل نواة الجيش السوري المستقبلي

إعادة الهيكلة تتجه إلى إنشاء ذراع عسكرية لهيئة الحكم الانتقالي

الائتلاف المعارض ينطلق في مهمة تشكيل نواة الجيش السوري المستقبلي
TT

الائتلاف المعارض ينطلق في مهمة تشكيل نواة الجيش السوري المستقبلي

الائتلاف المعارض ينطلق في مهمة تشكيل نواة الجيش السوري المستقبلي

ينكب الائتلاف السوري المعارض حاليا على مهمة تشكيل قيادة عسكرية عليا تطبيقا للقرار الذي اتخذته هيئته العامة أخيرا في اجتماعها في إسطنبول، في ختام الدورة الثانية والعشرين بعدما استعرضت مجموعة من الملفات، على رأسها المستجدات السياسية، وتجميد المجلس العسكري الأعلى للأركان. وتنصب الجهود على محاولة إنشاء قيادة تتمثل فيها معظم الفصائل العاملة على الأرض السورية كي تكون بمثابة ذراع عسكرية لهيئة الحكم الانتقالي ونواة للجيش السوري المستقبلي. ويشهد المجلس العسكري المجمّد خلافات بين أعضائه، في ظل إعلان عدد منهم رفض قرار الهيئة العامة للائتلاف وسير آخرين به وتأييدهم له.
وأصدر أمين سر مجلس القيادة العسكرية العليا العقيد عبد الرحمن صويص بيانا وقعه رئيس أركان الجيش الحر العميد عبد الكريم الأحمد، أعلنا فيه «رفض مجلس القيادة العسكرية العليا لقرار الائتلاف باعتبار أنّه لا يملك حق تجميد المجلس». كما رفض البيان «قرار رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة بإقالة العميد الأحمد كونه أمرا منوطا بمجلس القيادة العسكرية العليا بحسب النظام الداخلي للمجلس».
وقرر الموقعون على البيان فك الارتباط بين المجلس والائتلاف وسحب تمثيل المجلس فيه المتمثل بكتلة الحراك العسكري، مشترطين لإعادة الارتباط بالائتلاف بـ«التزامه بالنظام الأساسي له والنظام الداخلي للمجلس وبقراراته التي تلزمه بإجراء هيكلية شاملة له بما يلبي تطلعات الشعب السوري». وأضاف البيان: «في حال عجز الائتلاف عن ذلك فإننا ندعو جميع الشخصيات السياسية والعسكرية لتشكيل جسد سياسي جديد يقود المرحلة الحرجة ويكون على مستوى عال من الوعي والمسؤولية».
بالمقابل، أكد عضو المجلس العسكري المجمّد أبو أحمد العاصمي، تأييده وعدد آخر من الأعضاء لقرار الائتلاف «باعتبار أننا كنا نحن من طالبناه بإعادة الهيكلة كي يصبح المجلس أكثر فعالية كما أكثر تمثيلا»، لافتا إلى أن «المجلس الحالي المجمد يضم 30 فصيلا نصفهم تقريبا غير فاعل بسبب التغيرات التي شهدها الميدان السوري منذ 4 سنوات». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «مثلا هناك 6 أعضاء يمثلون الفصائل في المنطقة الشرقية وهي فصائل لم تعد فاعلة بعد سيطرة (داعش) على معظم المنطقة».
وأشار العاصمي إلى أن ما يتم العمل عليه هو أن يكون المجلس الجديد ممثلا لكل الفصائل العاملة في كل المناطق، وخصوصا بعد الإنجازات التي حققتها الكتائب العاملة في حلب وإدلب والقلمون، وأضاف: «نريد أن تكون كل الفصائل ممثلة تحت مظلة واحدة هي مظلة الائتلاف لأننا بتنا مقتنعين أن الحل بالسياسة وليس بالعسكرة».
وأوضح العاصمي أن القيادة العسكرية المزمع تشكيلها «ستكون بمثابة الذراع العسكرية لهيئة الحكم الانتقالي التي قد يفضي إليها مؤتمر الرياض أو مؤتمر جنيف3، كما ستكون نواة الجيش السوري المستقبلي باعتبار أن الجيش الحالي تحول إلى مجموعة ميليشيات لا تمت بصلة للجيش المركزي».
وكانت الهيئة العامة للائتلاف قررت باختتام اجتماعاتها في إسطنبول تشكيل قيادة عسكرية عليا بما يتفق مع المادة 31 من النظام الأساسي، ويضمن تمثيل الكتائب والفصائل الفاعلة على الأرض، كما قررت تشكيل لجنة للعمل على تشكيل القيادة الجديدة اعتمادًا على معايير تم التوافق عليها، بالإضافة إلى تجميد المجلس العسكري الأعلى للأركان والإبقاء على ممثلي كتلة الأركان داخل الهيئة العامة حتى تشكيل القيادة الجديدة.
وقد حددت الهيئة العامة مدة أقصاها شهر لإنهاء عمل اللجنة، التي تضم ممثلين من جميع كتل الائتلاف، تجري تسميتهم خلال أسبوع واحد من اتخاذ القرار.
وأوضح عضو الهيئة السياسية في الائتلاف أحمد رمضان أن قرار تجميد عمل المجلس العسكري ينطلق من «قناعة بوجوب تطوير صيغته المعتمدة، كما توسيع الدائرة التمثيلية للقوى العسكرية والثورية على حد سواء، بعدما تبين أن عددا كبيرا من القوى التي كانت موجودة وفاعلة قبل 4 سنوات لم تعد كذلك اليوم»، لافتا إلى أن «نجاح تجربة غرف العمليات العسكرية المشتركة والتي أثبتت فعاليتها في كل من إدلب وجسر الشغور ودرعا وأخيرا حلب، تمهد لتشكيل نواة لقوى عسكرية موحدة تكون جزءا أساسيا من الجيش الوطني السوري المستقبلي يضم كل القوى التي تلتزم المبادئ والأسس التي قام عليها الائتلاف».
وأشار رمضان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك تعويلاً على مسار سياسي انطلق أخيرا باتجاه «جنيف 3»، لافتا إلى أنّه بعد لقاء الهيئة السياسية للائتلاف بالمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ولقائه بالرئيس السوري بشار الأسد الذي قال إنّه سيلتزم بأسس الحل السياسي مما يعني بتطبيق القرارات الدولية، فذلك يعطي فرصة لهذا المسار.. أما وإذا استمر النظام بالمراوغة فعندها يكون لكل حادث حديث.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.