مصير مجهول يواجه الحوار الوطني في تشاد

«المجلس العسكري» يسعى لإقناع المعارضة بالعدول عن مقاطعته

جانب من اجتماعات تمهيدية للحوار السياسي في تشاد (أرشيفية)
جانب من اجتماعات تمهيدية للحوار السياسي في تشاد (أرشيفية)
TT

مصير مجهول يواجه الحوار الوطني في تشاد

جانب من اجتماعات تمهيدية للحوار السياسي في تشاد (أرشيفية)
جانب من اجتماعات تمهيدية للحوار السياسي في تشاد (أرشيفية)

بعد أن علق مرة جديدة، يواجه «الحوار الوطني الشامل» الذي أطلقه قبل أسبوعين المجلس العسكري الحاكم في تشاد، مصيراً مجهولاً، في ظل دعوات مضادة لمقاطعته، فيما يسعى القائمون عليه لإقناع المعارضة بالعدول عن موقفها.
وكان رئيس المجلس العسكري الانتقالي، محمد إدريس ديبي، والذي تولى السلطة في أبريل (نيسان) 2021 بعد وفاة والده إدريس ديبي، افتتح منتدى لـ«الحوار الوطني» في 20 أغسطس (آب) الماضي، بهدف تسليم السلطة إلى المدنيين خلال مهلة 18 شهراً قابلة للتجديد مرة واحدة. لكن الحوار ما زال بدأ «منقوصاً» بمقاطعة كبرى الحركات المسلحة وأعضاء في المجتمع المدني. كما أرجئت أعماله أكثر من مرة.
وكان من المفترض أن يبدأ الحوار السبت الماضي، غير أن غالي نغوتي غاتا رئيس المنتدى، الذي يجمع نحو 1400 شخصية يفترض أنها تمثل جميع أطراف المجتمع التشادي، أعلن تعليقه حتى الاثنين. ووفق غاتا فإن المسألة تتعلق بـ«منح مزيد من الوقت للجنة مسؤولة عن محاولة اجتذاب المقاطعين إلى الحوار».
ويرفض التجمع الرئيسي في المعارضة «واكيت تاما» إلى جانب إحدى المجموعتين الرئيسيتين من المتمردين المسلحين «جبهة التناوب والتوافق» (فاكت)، المشاركة في الحوار الوطني إلى حين تلبية مطالبها، ومن بينها إطلاق سراح سجناء تم أسرهم خلال القتال.
ويرى رامي زهدي، خبير الشؤون الأفريقية في مركز «إيچيبشن إنتربرايز» للدراسات الاستراتيجية، أن «نجاح الحوار منذ البداية ظل محل شك، بسبب عدم التوافق المبدئي بين المجلس الحاكم والمعارضة على المطالب الرئيسية»، مشيرا إلى «احتمالات كثيرة لمزيد من تعطيل الحوار أو قتله في مهده».
وقال زهدي لـ«الشرق الأوسط»، إن «رفض جبهة (فاكت) وفصائل متمردة أخرى رئيسية، يضعف من الحوار، رغم الجهود التي بذلها الوسطاء، وعلى رأسهم دولة قطر، حتى اللحظة الأخيرة لإقناعها».
فيما تشير خبيرة الشؤون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية، الدكتورة أماني الطويل، إلى أنه ومنذ انعقاد المنتدى، حتى الآن لم يسفر عن تقدم ملموس، حيث انسحبت منه 12 حركة مسلحة، إضافة للمنسحبين من حوار الدوحة. وهذا الموقف المأزوم دفع السنغال نحو محاولة التوسط، بخاصة أن ماكي سال رئيس السنغال هو رئيس الاتحاد الأفريقي حالياً، إذ نشرت «سنغال تايم» أن الرئيس قرر استقبال المنسحبين من الحوار لدفعهم نحو إيجاد جسور جديدة مع المجلس العسكري، وهي خطوة مرهونة بشرط أساسي لم تتنازل عنه المعارضة التشادية حتى الآن، وهو ضمان عدم ترشح محمد إدريس ديبي للانتخابات مقابل عدم مساءلته عن الانقلاب العسكري أو فتح ملفات فترة حكم والده، وذلك مع تكريمه تكريماً لائقاً يضمن له مكانة اجتماعية مرموقة، وذلك إلى جانب تغيير الجيش التشادي، وضمان تأسيس جيش قومي يكون تعبيراً صحيحاً عن الوزن النسبي لكل المكونات القبلية والاجتماعية التشادية من دون سيادة لقبيلة الزغاوة المتسيدة حالياً.
وشهدت البلاد الأيام الماضية مواجهات عنيفة بين السلطة ومعارضين، وفرقت الشرطة الخميس بقنابل غاز مسيل للدموع مجموعة من مناصري حزب «التغييريين» الذي كان يدعو سكان العاصمة إلى حضور تجمع يرأسه قائدهم سوكسيه مارسا السبت، ثم حاصرت مبنى الحزب واعتقلت 84 ناشطاً شاباً. وفرقت الجمعة أيضاً تجمعات الحزب. ويؤكد مارسا أن 164 من مناصريه مسجونون حالياً.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع السبت على عشرات من «التغييريين» كانوا يحاولون الوصول إلى مقر الحزب وأوقفت البعض منهم، حسبما قال صحافي من وكالة الصحافة الفرنسية في المكان.
ويسعى الحوار، الذي يجري في قصر «15 يناير (كانون الثاني)» في قلب العاصمة نجامينا، إلى مناقشة إصلاح المؤسسات ووضع دستور جديد يفترض أن يعرض للتصويت في استفتاء. وستناقش أيضاً قضايا السلام والحريات الأساسية.
ويأتي الحوار بعد أسابيع من توقيع اتفاق في الدوحة بين المجلس العسكري التشادي ونحو أربعين مجموعة متمردة.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.