صنعاء وإب تعيشان انفلاتاً أمنياً غير مسبوق

توسع أعمال الخطف والقتل والجباية غير المشروعة

صنعاء وإب تعيشان انفلاتاً أمنياً غير مسبوق
TT

صنعاء وإب تعيشان انفلاتاً أمنياً غير مسبوق

صنعاء وإب تعيشان انفلاتاً أمنياً غير مسبوق

تعيش العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظة إب الخاضعتان لسيطرة الميليشيات الحوثية انفلاتاً أمنياً غير مسبوق، حيث اختُطف قاضٍ في المحكمة العليا التابعة للميليشيات، ثم قُتِل على يد خاطفيه، جنوب العاصمة، كما لقي برلماني سابق وزعيم قبلي مصرعه في شمال المدينة، بالتزامن مع مقتل شيخ قبلي وثلاثة آخرين في محافظة إب، وقيام عصابة بإحراق منازل واعتراض طريق المسافرين في مديرية حبيش الواقعة في ضواحي عاصمة المحافظة.
وجهاء وشيوخ قبائل محافظة إب (190 كلم جنوب صنعاء) أعلنوا الاعتصام المفتوح في ميدان السبعين القريب من المجمع الرئاسي، احتجاجاً على مقتل القاضي محمد أحمد حمران، عضو المحكمة العليا، بعد يوم من اختطافه من أحد شوارع جنوب المدينة، أثناء ما كان متجهاً إلى منزله، على يد عصابة متخصصة بالبسط على الأراضي، وبعد تحريض مكثف من محطة تلفزيونية يمتلكها أحد القيادات الحوثية.
وقال المعتصمون إنهم مرابطون في ميدان السبعين حتى تحقيق مطالبهم، وهي إلقاء القبض على من تبقى من قتلة القاضي حمران، وإلقاء القبض على مَن قام بالتحريض والتوجيه، وإشراك فريق قانوني من سكان المنطقة للإشراف على التحقيق، وإحالة القضية بعد استكمال التحقيق إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، ومحاكمة الجناة بصورة مستعجلة، وتعهدوا بعدم مغادرة موقع الاعتصام «حتى تنفيذ حكم القصاص بالجناة والتعزير بهم».
نادي القضاة في اليمن كان أكد أنه لن يألو جهداً في سبيل الذود عن القضاء ومنتسبيه من كل معتدٍ يسعى إلى النيل منهم أو يعمل على عرقلة عملهم، وحذر من مغبة التهاون في مثل هذا الأمر، الذي قد ينعكس سلباً على القضاء وهيبته.
لكن محامين وقضاة آخرين اتهموا النادي بالتساهل في متابعة إصدار الأحكام وتنفيذ القصاص على المتهمين بقتل رئيس محكمة بني الحارث وابنه قبل سبع سنوات، وقالوا إنه لو لم يتخذ ذلك الموقف السلبي ما ارتكبت جريمة قتل القاضي حمران بتلك البشاعة.
وتوقع هؤلاء القضاة أن تتوالى حوادث استهداف أعضاء السلطة القضائية تباعاً، خاصة مع حملة التشهير التي يقودها محمد الحوثي الذي نصب نفسها رئيساً لما سماها المنظومة العدلية، واتهامه لعشرات القضاة بالفساد وتشكيل محاكم تفتيش إدارية لمراقبة أعمالهم واستجوابهم.
وبينما لم تصدر عن سلطة الميليشيات توضيحات لحادثة اختطاف ومن ثم مقتل قاضي المحكمة العليا، كان جسد عضو مجلس النواب السابق العميد عبد الله أحمد الكبسي يتلقى عدة رصاصات أمام منزله في حي الحصبة من قبل مسلحين غير معروفين، فأردوه قتيلاً على الفور.
- انتهاكات إب
قتل الشيخ القبلي البارزعلي عبد الله البعني في مديرية العدين التابعة لمحافظة إب، وقام مرافقوه بقتل ثلاثة من أسرة الشحمي، وهم القاتل وأخوه ووالده، في جريمة لم تشهدها المديرية من قبل، على حد وصف اثنين من سكانها.
وكان سكان في مديرية حبيش المجاورة لعاصمة المحافظة (إب) اشتكوا من عناصر في منطقة صائر اقتحموا منزلاً، ونهبوا الأشياء الثمينة من داخله، وبعدها قاموا بإحراقه، وقالوا إن العصابة ارتكبت عشرات الجرائم دون رادع، وتمثلت هذه الجرائم في ترهيب السكان والاعتداء على بعضهم وانتهاك حرمات المنازل وإطلاق الرصاص نحوها، مسجلين 41 واقعة خلال العام الحالي فقط، في ظل عدم قيام إدارة أمن المديرية بأي تحرك تجاه هذه العصابة.
وبحسب إفادة السكان، فإن أكثر أبناء المنطقة مغتربون في الخارج ولهذا يقوم أفراد العصابة باعتراض طريقهم أثناء العودة من الغربة، وأخذ مبالغ مالية منهم بقوة السلاح، بل تعدى الأمر إلى سلب مجوهرات النساء عند عبورهن الطريق.
- جبايات غير قانونية
ترافقت التطورات مع قرار لمكتب الصناعة والتجارة في المحافظة بفرض جبايات ورسوم على ناقلات البضائع المقبلة من مناطق سيطرة الحكومة، حيث يفرضون مبلغ 200 ألف ريال على كل ناقلة، وبجانبها 100 كيلوغرام من دقيق القمح، أو عبوتين من المعلبات الغذائية، ويلزمون التجار بإدخال بضائعهم إلى المخازن وعدم البيع منها إلا بعد وصول نتائج الفحص الذي ستجريه هيئة المواصفات والمقاييس في صنعاء، حيث إن هذه العملية تستغرق شهراً.
وقال اثنان من التجار في إب عبر الهاتف لـ«الشرق الأوسط» إن القصد من هذه الإجراءات هو الابتزاز، وليس الحرص على سلامة المستهلكين، لأن الدقيق تتم تعبئته يومياً من الصوامع في ميناء عدن، وهناك أوراق رسمية تؤكد ذلك، وكذلك المواد الغذائية تصنّع محلياً، وتشرف على ذلك هيئة المواصفات في كل محافظة.
ويؤكد المصدران أنه في حال أراد التاجر تجاوز هذه الإجراءات التعسفية الحوثية، فإن عليه أن يدفع رشوة معينة، ولن يحتاج لانتظار نتائج الفحص، وأوضحا أن التجار يلزمون من قبل عناصر الميليشيات بدفع نصف مليون ريال عن كل ناقلة تحمل شحنات دقيق القمح وغيره من المنتجات الغذائية.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.