العبادي يدعو دول الجوار إلى نسيان الماضي.. ومساندة العراق ضد «داعش»

يتوجه إلى طهران غدًا لبحث الحرب ضد الإرهاب

عناصر من ميليشيا «الحشد الشعبي» خلال زفاف جماعي نظمته لهم الحكومة في بغداد أمس كما زودتهم الحكومة بأثاث منزلي (أ.ف.ب)
عناصر من ميليشيا «الحشد الشعبي» خلال زفاف جماعي نظمته لهم الحكومة في بغداد أمس كما زودتهم الحكومة بأثاث منزلي (أ.ف.ب)
TT

العبادي يدعو دول الجوار إلى نسيان الماضي.. ومساندة العراق ضد «داعش»

عناصر من ميليشيا «الحشد الشعبي» خلال زفاف جماعي نظمته لهم الحكومة في بغداد أمس كما زودتهم الحكومة بأثاث منزلي (أ.ف.ب)
عناصر من ميليشيا «الحشد الشعبي» خلال زفاف جماعي نظمته لهم الحكومة في بغداد أمس كما زودتهم الحكومة بأثاث منزلي (أ.ف.ب)

كشف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن أكثر من 40 انتحاريًا يدخلون العراق شهريًا من دول الجوار. وقال في كلمة له خلال المؤتمر الدولي للحد من تجنيد تنظيم داعش للأطفال، الذي عقد في بغداد أمس إن «العراق يصد الشر عن دول الخليج ودول المنطقة والعالم ويقدم الكثير من التضحيات يوميًا دفاعًا عن الوطن والإنسانية»،
وأضاف العبادي أن «جيوش المنطقة لن تستطيع الصمود بوجه تنظيم (داعش) كونها منظمة إرهابية تسيطر على مساحات واسعة وليست جيشًا نظاميًا»، داعيا دول الجوار إلى «نسيان الماضي ومواجهة خطر التنظيم وفكره الذي دمر سوريا ومن ثم عبر إلى العراق»، مشددًا على أن «التنظيم يمثل خطرًا حقيقيًا على دول الجوار والمجتمع الإسلامي وليس الشيعة فقط». وأوضح العبادي أن تنظيم داعش «ليس مشكلة عراقية، وأن أعداد المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم تفوق بكثير أعداد العراقيين فيه رغم وجود الكثير من البعثيين في قيادات التنظيم»، مبينًا أن «تلك القيادات نشأت في سوريا وهناك أكثر من 40 انتحاريًا يدخلون العراق شهريًا من دول الجوار وغالبية عناصر (داعش) في بيجي هم من الأجانب».
وشدد العبادي، على ضرورة «مواجهة الأفكار المتطرفة لتنظيم داعش ومن يساندهم ويمكنهم من شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام والمنصات ويجند المقاتلين لهم».
وأشار العبادي إلى أن «العراق توجه نحو الإصلاح السياسي والاجتماعي وتم الاتفاق على المنهاج الحكومي ونجح في سياسة الوحدة الوطنية والتكاتف»، مطالبًا الآخرين «بإيقاف تدفق الإرهابيين إلى العراق».
وبينما شدد خبراء متخصصون في شؤون الأسرة والطفولة على وجود نقص كبير في مناهج التعليم وخطط الحكومة للحد من استغلال الأطفال، فإن سياسيين أكدوا أن الحديث عن تحقيق توافق وطني كامل في العراق لا يزال أمرا بعيد المنال بحيث ننتقد الآخرين ونحملهم مسؤولية ما نعانيه من قصور في هذه الميادين.
وفي هذا السياق أكدت هناء أدور رئيسة جمعية الأمل العراقية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «عملية تجنيد الأطفال من قبل التنظيمات والفصائل المسلحة ومنها تنظيم داعش الإرهابي أخذت سياقا رهيبا بحيث يتم قتل الروح الإنسانية عند الطفل مما ينمي روح التطرف لديه أكثر فأكثر وهو ما ينعكس في النهاية على سلوك المجتمع بكامله»، مشيرة إلى أن «هناك في الواقع قصورا خطيرا لدينا كمجتمع في مواجهة فكر التطرف بسبب النقص الفادح في الإمكانات والآليات بالإضافة إلى عدم التصدي بشكل حازم وموضوعي لمغذيات فكر العنف والتطرف بدءا من المناهج الدراسية وأساليب التعليم التي تعتمد في كثير من الأحيان على استخدام العصا والآلات الحادة مما يعني أن هناك مشكلة خطيرة لدى الكادر التربوي عندنا مما يتطلب في الواقع إعادة تأهيل له على كل المستويات».
ولفتت هناء أدور إلى «قضية الأطفال المعتقلين الذين يتم استغلالهم بمختلف الأساليب كما أنهم دون إعادة تأهيلهم سيكونون بذرة مثالية لنمو الأفكار المتطرفة»، مؤكدة «إننا بحاجة إلى عمل كبير وجاد قبل أن نلوم الآخرين». وتابعت قائلة إن «زج الأطفال دون سن الثامنة عشرة في الأعمال المسلحة بما في ذك فتوى الجهاد الكفائي أمر غير صحيح لأن هذا مخالف للقانون وحتى الشرع مما يتطلب إعادة النظر بذلك إذا أردنا الفصل بين مهمة الدفاع عن الوطن بوصفه واجبا مقدسا وبين تهيئة الأرضية لنمو التطرف لدى الأطفال في سن مبكرة بصرف النظر عن الدوافع التي تقف خلف ذلك حتى لو كانت من حيث المبدأ نبيلة». وحملت أدور الوزارات والمؤسسات المعنية بالطفولة مثل وزارات التربية والعمل والشؤون الاجتماعية ودور الدولة للأيتام وغيرها «مسؤولية القصور حيال الأطفال لا سيما على صعيد المناهج النفسية والتربية النفسية لذلك فإنه وفي سياق دراسة ميدانية قمنا بها ظهر لدينا الكثير من الانحرافات على صعيد الأطفال بسبب هذا القصور بسبب عدم وجود معالجات جادة».
وبالتزامن مع دعوة العبادي دول الجوار إلى نسيان الماضي أعلن مكتبه أنه سيتوجه إلى إيران غدا في زيارة هي الثانية له إلى هذا البلد منذ توليه منصبه شهر سبتمبر (أيلول) عام 2014. وقال المتحدث باسم المكتب، سعد الحديثي، في تصريح صحافي أمس إن رئيس الوزراء سيبحث في طهران «تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وتعزيز التعاون المشترك بينهما». وأضاف الحديثي أن «العبادي سيناقش أيضا الجهود الكفيلة بمكافحة الإرهاب ودور إيران في دعم العراق بمواجهة التحديات الأمنية».
وتأتي زيارة العبادي إلى طهران بعد أسابيع من زيارة مماثلة قام بها الرئيس العراقي فؤاد معصوم. وكان العبادي زار إيران خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014. وفي هذا السياق أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية فارس الفارس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأهم بالنسبة لنا هي تطبيق الاتفاقات التي تم التوافق عليها من قبل الكتل السياسية ومنها التزامات ملزمة للحكومة حيث تم إعطاؤها سقفا زمنيا لتنفيذها وهو ما لم يحصل حتى الآن». وأضاف الفارس أن «تطبيق ما اتفقنا عليه وفي المقدمة منها مشروع الحرس الوطني والعفو العام والمساءلة والعدالة هو الكفيل بتحقيق الاستقرار في البلاد ودون الحاجة إلى الآخرين مهما كان نوع علاقتنا بهم لأن للآخرين مصالحهم التي ينوون تحقيقها في العراق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».