المعارضة السودانية تدشن حملة شعبية لوقف الحرب وقصف المدنيين

مصرع مواطن وجرح آخرين في احتجاجات شعبية شرق الخرطوم

المعارضة السودانية تدشن حملة شعبية لوقف الحرب وقصف المدنيين
TT

المعارضة السودانية تدشن حملة شعبية لوقف الحرب وقصف المدنيين

المعارضة السودانية تدشن حملة شعبية لوقف الحرب وقصف المدنيين

تواصلت الاحتجاجات الشعبية شرق العاصمة السودانية الخرطوم لليوم الثاني على التوالي، بعد أن كانت المنطقة قد شهدت الجمعة مظاهرات عنيفة بسبب نزاعات بين المواطنين والحكومة على ملكية أراضٍ، استخدمت خلالها الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المحتجين، لقي خلالها أحد المواطنين مصرعه وجُرح آخرون إصابات بعضهم خطيرة. وفي غضون ذلك دشنت المعارضة السودانية المنضوية تحت لواء «قوى نداء السودان» حملة «ارحل الثانية» للمطالبة بوقف القصف الجوي ضد المدنيين ووقف الحرب في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق.
وقال شهود عيان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إن مواطني المنطقة واصلوا احتجاجاتهم، واعتصاماتهم المستمرة منذ يونيو (حزيران) العام الماضي، وفي الوقت الذي ما زالت فيه الشرطة تطوق ضاحية «الجريف شرق» بقوات كبيرة، فإن المئات من سكان المنطقة ما زالوا محتشدين في ميدان الاعتصام.
وشهدت المنطقة الجمعة تظاهرات عنيفة جراء نزاع حول ملكية أراض، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريقهم، وأسفرت المواجهات عن مصرع المواطن «أحمد العبيد» وجرح عدد من المواطنين حالة أربعة منهم لا تزال خطيرة. وقال شاهد للصحيفة إن سكان المنطقة سيواصلون الاحتجاج السلمي والاعتصام لحين انتزاع حقوقهم، وأضاف: «نحن مستعدون لتقديم الشهيد تلو الشهيد لحين تحقيق مطالبنا سلميًا».
وفي بيان ليلة الجمعة، ذكرت الشرطة أن قتيلاً لقي مصرعه، وأصيب عدد من المواطنين وبعض أفرادها خلال المظاهرات، ونُقل المصابون إلى المستشفيات.
وسد المواطنون الطرقات الرئيسة وأحرقوا إطارات السيارات القديمة، فيما شهدت طرقات الحي مطاردات بين رجال الشرطة والمتظاهرين، احتجاجًا على ملكية أراض يدعون أن السلطات انتزعتها منهم وأعادت تمليكها لمستثمرين دون تعويضهم، وأنهم ظلوا معتصمون في أحد الميادين لأكثر من أربعة أشهر، في الوقت الذي لم تتوقف فيه احتجاجاتهم منذ أكثر من عام.
ولا تعتبر احتجاجات أهالي شرق الخرطوم هي الأولى من نوعها، إذ إن نزاعات المواطنين وسلطات الأراضي ظلت تتجدد بين فينة وأخرى، وفي أكثر من منطقة في العاصمة الخرطوم، إذ ينفذ سكان ضاحية «الحلفايا» شمالي الخرطوم احتجاجات منتظمة آخرها كانت الجمعة الماضية للمطالبة بحقوق في أراض يدعون ملكيتها. وينظم أهالي منطقة «الشجرة» جنوب الخرطوم احتجاجات دورية للغرض ذاته، ولقيت مواطنة مصرعها متأثرة بجراحها في صدام بين الأهالي والشرطة منذ أشهر، فيما لقي مواطن آخر مصرعه في منطقة «أم دوم» شرق الخرطوم مصرعه قبل أكثر من عام في نزاع مماثل.
وفي الأثناء، دشنت قوى المعارضة المنضوية تحت لواء «قوى نداء السودان» المكون من أحزاب المعارضة المدنية والحركات المسلحة ومنظمات مجتمع مدني، ما أطلقت عليه حملة «ارحل الثانية»، وتطالب بوقف القصف الجوي على المدنيين، ووقف الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
وقال متحدثون باسم التحالف المعارض في مؤتمر صحافي عقد بالخرطوم أمس إن الحملة التي دشنت أمس، هي امتداد لحملتها السابقة بذات الاسم «ارحل الأولى»، وهدفت لحث المواطنين على مقاطعة الانتخابات التي جرت في أبريل (نيسان) الماضي، وأدت لمقاطعة شعبية للانتخابات غير معهودة في تاريخ البلاد.
وتهدف الحملة الجديدة حسب بيان تلي على الصحافيين في المؤتمر الصحافي إلى توسيع قاعدة التضامن ضد آثار الحرب والنزاعات ومترتباتها الاجتماعية والإنسانية والنفسية.
وأكد البيان أن القوى المؤتلفة تسعى إلى كشف ما أسماه «الانتهاكات البشعة التي يقوم بها نظام الحكم في أقاليم متعددة من البلاد، ولتوسيع الكتلة الجماهيرية الداعية لوقف الحرب والانتهاكات كأولوية وطنية ومدخل لحل قضايا السودان وتحقيق السلام والتحول الديمقراطي».
وتعهد المعارضون بتكثيف العمل المعارض السلمي، وعقد سلسلة من الندوات والأنشطة الجماهيرية، وخلق حالة من التكامل مع المبدعين والفنانين والرياضيين وقيادات المجتمع المدني والقيادات الدينية والطرق الصوفية والنازحين لممارسة ضغوط شعبية على نظام الحكم لوقف الحرب وقبول الحلول السلمية لمشكلات البلاد، وقالت القيادية في التحالف المعارض المتحدثة باسم حزب الأمة القومي سارة نقد الله للصحافيين إن التحالف سينتهج نهج المخاطبات الشعبية المباشرة في الحشود وداخل الصوالين لخلق رأي عام مساند وداعم لمطلب وقف الحرب، مؤكدة أن الحركات المسلحة سبق وأن أوقفت إطلاق النار لثلاثة أشهر استجابة لطلب حزبها، وأن قوى نداء السودان ستلزمها بوقف الحرب إذا أبدى نظام الحكم استجابة لتلك المطالب. فيما ذكر القيادي في حزب المؤتمر السوداني مستور أحمد إن الحركات المسلحة كانت طرفًا أساسيًا في حملة وقف الحرب.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.