تصعيد حوثي مع قرب مشاورات جنيف.. والمقاومة تكبد ميليشيا التمرد خسائر فادحة

تذمر في صفوف القادة العسكريين الموالين للمخلوع.. ووعود لهم بـ«الحصانة»

شاب يحمل أحد المصابين خلال المواجهات التي وقعت أمس بين حلفاء الحوثيين ومناوئين لهم جنوب غربي مدينة تعز (رويترز)
شاب يحمل أحد المصابين خلال المواجهات التي وقعت أمس بين حلفاء الحوثيين ومناوئين لهم جنوب غربي مدينة تعز (رويترز)
TT

تصعيد حوثي مع قرب مشاورات جنيف.. والمقاومة تكبد ميليشيا التمرد خسائر فادحة

شاب يحمل أحد المصابين خلال المواجهات التي وقعت أمس بين حلفاء الحوثيين ومناوئين لهم جنوب غربي مدينة تعز (رويترز)
شاب يحمل أحد المصابين خلال المواجهات التي وقعت أمس بين حلفاء الحوثيين ومناوئين لهم جنوب غربي مدينة تعز (رويترز)

يصعد المتمردون الحوثيون في اليمن من عملياتهم العسكرية وهجماتهم على الحدود السعودية، بالتزامن مع اقتراب موعد المشاورات الخاصة باليمنوالتي ترعاها الأمم المتحدة وتنطلق الأحد المقبل في جنيف بسويسرا، في الوقت الذي تلاقي فيه الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، مقاومة شرسة في كافة جبهات القتال في الداخل، ويعتقد مراقبون أن الحوثيين يسعون إلى تحقيق مكاسب على الأرض لتعزيز موقفهم التفاوضي في جنيف، وخلال الأيام الثلاثة الماضية، كثف الحوثيون من إعلاناتهم عن هجمات نفذوها ضد الأراضي السعودية من الداخل اليمني، وذلك بعد العملية الفاشلة التي قامت بها قوات نخبة يمنية موالية للمخلوع صالح وجرى دحرها بصورة وصفت، في الشارع اليمني، بالمهينة، وفي هذا السياق تحدث مواطنون قادمون من المناطق الحدودية بين اليمن والمملكة العربية السعودية لـ«الشرق الأوسط» عن انتهاكات واسعة النطاق تعرض ويتعرض لها سكان المناطق الحدودية اليمنية على أيدي الميليشيات المسلحة، وذلك من عمليات نهب وسلب للأموال والأملاك واحتلال للمنازل والمزارع، إضافة إلى التسبب في خراب ودمار هائلين في تلك المناطق الحدودية وغيرها من المناطق داخل العمق اليمني، بسبب استخدام المواقع المدنية والقرى الآهلة بالسكان لتنفيذ اعتداءاتهم على الأراضي السعودية.
وفي التطورات الميدانية داخل اليمن، لقي شقيق الشيخ حمود المخلافي، قائد المقاومة الشعبية في محافظة تعز، أمس، مصرعه في مواجهات بمدينة تعز مع الميليشيات الحوثية، وذلك بعد أيام على مقتل نجل حمود المخلافي في مواجهات مماثلة، في الوقت الذي تستمر المواجهات العنيفة داخل تعز، وحسب مصادر ميدانية، فإن الميليشيات الحوثية تلقى مواجهة شرسة من كافة أبناء محافظة تعز التي يصل تعداد سكانها إلى نحو 4 ملايين نسمة، غير أن ذات المصادر أكدت أن المقاومة في تعز تعاني من نقص حاد في السلاح والذخيرة، في ظل وجود طفرة في المقاتلين، وتشير المصادر إلى أن مدينة تعز باتت منكوبة بفعل المواجهات والقصف العشوائي الذي تقوم ميليشيات الحوثي على الأحياء السكنية، في محاولة لإجبار المقاومة على الاستسلام، وفي السياق ذاته، قالت الناشطة الحقوقية والإعلامية، فكرة محمود، لـ«الشرق الأوسط»، نقلا عن مصادر محلية إن المواطنين الذين أصيبوا، الشهر الماضي، في حريق صهريج نفط بمدينة تعز، يفارق الكثير منهم الحياة يوميا، جراء انعدام الخدمات الصحية وعدم القدرة على تقديم العلاج المناسب لمثل هذه الحالات، وقدر عدد المصابين جراء الحريق، حينها، بأكثر من 100 شخص.
إلى ذلك، قالت مصادر قبلية في محافظة الجوف، بشرقي اليمن، لـ«الشرق الأوسط» إن المحافظة شهدت خلال الساعات الـ24 الماضية، أعنف المواجهات بين القوات الموالية للشرعية، من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع صالح، من جهة أخرى، وأشارت المصادر إلى أن القوات الموالية للشرعية صدت هجوما كبيرا للحوثيين على أحد معسكرات التجنيد التي ينضم إليها المقاتلون في محافظة الجوف، استعدادا للتوجه البري نحو محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي، وإلى أن قتلى وجرحى سقطوا في صفوف الجانبين، قبل أن يتدخل طيران التحالف ويقصف موقع المعسكر الذي استولى عليه الحوثيون، وفي محافظة صعدة، نفذ طيران التحالف، أمس، سلسلة من الغارات التي استهدفت مواقع تجمعات الميليشيات الحوثية قرب المناطق الحدودية، كما استهدف القصف جمارك حرض الحدودية، والتي تحولت إلى ثكنة عسكرية كبيرة، وذكرت المصادر أن أعدادا كبيرة من عناصر الميليشيا الحوثية سقطوا قتلى وجرحى في ذلك القصف، وفي محافظة مأرب ما زالت المقاومة تكبد المتمردين خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات وأظهرت فشل الميليشيات وقوات صالح في تحقيق أي تقدم على الأرض، في حين يسعى المتمردون إلى التوسع جنوب شرقي البلاد، وذلك بعد قيامهم بتسليم السلطة في مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة المجاورة لمأرب، لمحافظ عينه الحوثيون، وهو ما فشلوا فيه في مأرب وتعز والجوف، وتشير المعلومات الميدانية إلى سعي الحوثيين إلى بسط سيطرتهم الكاملة على شبوة، لضمان السيطرة على منابع النفط والغاز هناك.
وفي نفس السياق، تواصل المقاومة الشعبية تكبيد الميليشيات الحوثية لخسائر كبيرة في الأرواح والمعدات في عدد من المحافظات، ولقي، أمس، عدد من المسلحين الحوثيين مصرعهم في هجوم نفذته المقاومة الشعبية في محافظة إب، بوسط البلاد، وذلك في سياق سلسلة العمليات العسكرية المتواصلة التي تنفذها المقاومة في إب التي وحدت صفوفها، مؤخرا، عبر تشكيل مجلس موحد للمقاومة.
على صعيد آخر، كشفت مصادر ميدانية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن عددا كبيرا من المنتمين للميليشيات الحوثية هم من القوات العسكرية الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، والمنتمين لقوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة التي كان يقودها، في السابق، نجل صالح، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، وقالت المصادر إن غالبية من قتلوا أو جرحوا أو اسروا في جبهات القتال، اتضح أنهم ينتمون للسلك العسكري، سواء قوات الجيش أو وحدات الأمن المركزي وشرطة النجدة وغيرها من فروع الجيش والأمن، وحذرت المصادر من إعادة استخدام هؤلاء المتمردين على الشرعية في سياق أي تسوية سياسية مقبلة، وأكدت على ضرورة إعادة بناء الجيش اليمني على أسس وطنية وعلمية جديدة، وذلك في ضوء ما بينته التطورات الراهنة في اليمن وقيام المخلوع صالح وأشقائه وأبنائه ببناء جيش عائلي وليس جيشا وطنيا، حسب تعبير المصادر التي تطرقت إلى انتشار حالة من الخوف والهلع في صفوف الكثير من القادة العسكريين الموالين للمخلوع صالح من أن يلقوا مصير المحاكمة والقتل أو السجن بتهم التمرد وقتل المدنيين وتدمير المدن، وتحدثت المصادر عن وعود يقطعها المخلوع لهؤلاء القادة بعدم التعرض للملاحقة ولضمان سلامتهم وحصولهم على الحصانة القانونية مستقبلا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».