قلق في السويداء بعد انسحاب النظام من مواقع في الجنوب وإفراغه معسكرات المدينة من الأسلحة

الرئاسة الروحية تدعو لحمل السلاح إلى جانب الجيش.. وجنبلاط يدعوها للمصالحة مع درعا

قلق في السويداء بعد انسحاب النظام من مواقع في الجنوب وإفراغه معسكرات المدينة من الأسلحة
TT

قلق في السويداء بعد انسحاب النظام من مواقع في الجنوب وإفراغه معسكرات المدينة من الأسلحة

قلق في السويداء بعد انسحاب النظام من مواقع في الجنوب وإفراغه معسكرات المدينة من الأسلحة

يعيش أهالي السويداء حالة من القلق في ظل تسارع الأحداث العسكرية في الجنوب والتي تقترب يوما بعد يوم من منطقتهم. وشكّل سقوط اللواء 52 يوم أول من أمس وسيطرة المعارضة على قريتَي رخم والمليحة الغربي، بحيث باتت مدن المحافظة على خطوط التماس مع الفصائل المعارضة في درعا، وما سبقه من إفراغ قوات النظام المدينة من الأسلحة الثقيلة والآليات والدبابات، أسبابا إضافية للتحرّك من قبل أهالي درعا والسويداء على حد سواء.
وفي حين سارعت الرئاسة الروحية الدرزية في السويداء إلى دعوة شباب المحافظة إلى حمل السلاح للدفاع عن المدينة، توّجه الزعيم الدرزي في لبنان، رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، إلى أهالي السويداء، مؤكدا أنّ المصالحة مع أهل درعا والجوار هي الحماية والضمانة، وتابع في تغريدات له على «تويتر» إن «أبطال درعا انتصروا وتضحيات المناضلين والمناضلات في جبل العرب الذين واجهوا النظام انتصرت».
وقالت الرئاسة الروحية في بيان لها: نطالب «جميع أبناء محافظة السويداء من المتخلفين عن الخدمة في الجيش النظامي، وجميع القادرين من أبناء المحافظة على حمل السلاح، للالتحاق بالجيش النظامي، على أن تكون خدمتهم في نطاق محافظة السويداء».
ودعت أبناء المحافظة بعدم التقاعس عن أداء واجبهم تجاه وطنهم، لضمان وجودهم وتاريخهم وأعراضهم، وذلك في ظل الخطر المحدق بهم، على حد تعبيرها.
ومن جانبه أبدى جنبلاط استعداده للتوسط للمصالحة بين دروز الجبل في السويداء وثوار درعا، وكتب في تغريدة على «تويتر»: «إنني عند الضرورة أضع نفسي ورفاقي بالتصرف من أجل المصالحة مع أهل حوران والجوار، بعيدًا عن أي هدف شخصي»، مؤكدًا أن المصالحة مع أهل درعا والجوار هو الحماية والضمانة.
وهاجم جنبلاط ما سماهم «الطفيليات العنترية» من الدروز في لبنان، داعيًا إلى إفساح الطريق أمام أهالي جبل العرب لتشكيل قيادتهم الوطنية التي ستنجز المصالحة مع أهالي حوران والجوار، بعيدًا عن الانتهازيين الذين راهنوا على النظام في لبنان وفي سوريا حسب تعبيره.
كما اعتبر النائب وليد جنبلاط أن نظام الأسد قد انتهى في سوريا قائلاً: «لقد انتهى النظام بعد سقوط اللواء 52 وسقوط مناطق شاسعة أخرى في شمال سوريا وغيرها من المناطق، اليوم ينتصر الشعب السوري، ويسقط النظام».
وأشارت مصادر في الحزب الاشتراكي إلى أن مواقف جنبلاط جديدة قديمة، وتهدف بشكل رئيسي إلى عدم توريط الدروز وجرّهم إلى مواجهة مع جيرانهم وتحقيق أهداف النظام. وكشفت لـ«الشرق الأوسط» أنّ اجتماعا جمع الأسبوع الماضي الأسد مع شيخي عقل السويداء، حمود الحناوي ويوسف جربوع، طالبا خلاله بدعم الدروز بالسلاح، فكاد ردّه «هناك 27 ألف شاب درزي متخلف عن الخدمة العسكرية، فليلتحقوا بالجيش وسأغيّر المعادلة». وأضافت «يبدو واضحا أنّ الدروز والسويداء كما كلّ الأقليات ليسوا في حساب الأسد الذي يستخدمهم كيس رمل لتأخير سقوط العاصمة»، آملة أن يتم التفاعل بشكل أكبر مع دعوات جنبلاط.
ويوم أمس عاد النائب مروان حمادة، وحض أهالي جبل العرب على طرد آخر جيوب المخابرات الأسدية التي خرقت النسيج الاجتماعي وألغت التمثيل السياسي وشوهت الانتماء العسكري وضحت بآلاف الشباب في أتون جيش الهزيمة، جيش الأسد وحزب الله، ودعاهم إلى التجاوب الفوري مع نداء الزعيم وليد جنبلاط بالمصالحة مع محيطهم الطبيعي والتاريخي والأخوي، ونبذ الفكر الأقلوي والتشبث بعروبة رافضة لمشاريع التقسيم والتفتيت.
وفي رسالة طمأنة باسم أهالي درعا نشرها الناشط الإعلامي وليد الرفاعي، أكدوا خلالها ألا نية لديهم في الاعتداء على أبناء السويداء لا مدنين ولا مسلحين.
وجاء في الرسالة «نحن اليوم نخوض حربنا مع العصابة الأسدية المجرمة على أراضيكم لأننا ذقنا الويلات من مواقعهم العسكرية، وكنا ننتظر دائمًا أن تأخذوا أنتم زمام المبادرة وتساعدونا في الخلاص من إجرامهم بحقنا نحن جيرانكم وأهلكم بدرعا».
وبعد المعلومات التي كانت قد أشارت إلى أن قوات النظام انسحبت من مدينة السويداء باتجاه الجهة الشرقية في بلدة الثعلة بعدما أخلت معظم المعسكرات المحيطة بمطار خلخلة العسكري جنوب سوريا ونقلت معها الأسلحة والآليات وما واجهتها من اعتراض من قبل أبناء المنطقة، علق أحد أبرز شيوخ الكرامة من دروز السويداء أبو فهد وحيد البلعوس، على صفحته قائلا: «إن ما حصل من اعتراض ناقلات الدبابات من نقل السلاح الثقيل خارج محافظة السويداء، جاء ضرورة لا بد منها، وتعبيرًا عن موقف مشايخ الكرامة الذي لا لبس فيه، الرافض السماح بإخراج الأسلحة من المحافظة، لأنها حق الشعب في الأمان، وأداتهم للدفاع عن أنفسهم ضد كل خطر، وأنه لم يأت دون مقدمات، بل جاء بعد إفراغ متحف المحافظة من آثاره الثمينة، دون أن يفعل المعنيون شيئًا، ثم أفرغ البنك المركزي في المحافظة من العملة الصعبة، ولم يتحرك مشايخ الكرامة حينها، في انتظار أن يفعل أصحاب الأمر شيئًا، لكنهم لم يفعلوا».
وتابع الشيخ البلعوس قائلاً: «نبهنا وما زلنا ننبه عندما وصل الأمر إلى إفراغ السويداء من القمح، لكن لا حياة لمن تنادي، لكن أن يتم العمل على تفريغ المحافظة من السلاح، الذي يعود للجيش كما هو للشعب، فلا، وألف لا، لن نقبل تحت أي ذريعةٍ كانت سحبَ معدات الجيش من مواقعها في محافظة السويداء، والجبل جزءٌ لا يتجزأ من الوطن».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.