ارتباك المشهد السياسي في تركيا ينذر بتبعات سيئة على اقتصاد البلاد

سوق المال والليرة في الواجهة مع تفاقم الخسائر

ارتباك المشهد السياسي في تركيا ينذر بتبعات سيئة على اقتصاد البلاد
TT

ارتباك المشهد السياسي في تركيا ينذر بتبعات سيئة على اقتصاد البلاد

ارتباك المشهد السياسي في تركيا ينذر بتبعات سيئة على اقتصاد البلاد

في خضم مشهد سياسي يسوده الارتباك، بعد الخسارة التي مني بها حزب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا، يبدو الاقتصاد التركي على أعتاب مرحلة جديدة مع حالة من المخاوف انتابت المستثمرين في سوق المال الذي يعد المرآة المستقبلية لاقتصاد البلاد.
وفي يوم واحد، الاثنين الماضي، فقد المؤشر الرئيسي لبورصة إسطنبول نحو 7 في المائة فيما هوت الليرة التركية مقابل الدولار نحو 3 في المائة لترفع خسائرها منذ مطلع العام الجاري إلى نحو 21 في المائة. فيما ارتفع العائد على سندات تركيا لأجل عشر سنوات نحو 1.5 في المائة بأعلى وتيرة صعود يومية منذ منتصف مايو (أيار) الماضي ليبلغ العائد عليها نحو 9.57 في المائة.
ويقول محللون لـ«الشرق الأوسط» إن النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات التركية ستنعكس على أداء مؤشرات الاقتصاد التركي على المدى القصير مع حالة الضبابية التي تكتنف المشهد السياسي برمته، وإعمالا بقاعدة اقتصادية هامة وهي «الاقتصاد لا يحب المشاهد المرتبكة.. فقط الاستقرار».
وبحسب النتائج الأولية التي نشرتها اللجنة العليا للانتخابات في تركيا على موقعها الرسمي الثلاثاء الماضي، فإن إردوغان لن يتمكن من تشكيل الحكومة بمفرده بعد فوز حزبه العدالة والتنمية بنسبة بلغت 40.87 في المائة من إجمالي المقاعد وهي نسبه لا تخوله لتشكيل الحكومة منفردا مع حصر الخيارات المتاحة أمامه في تشكيل حكومة ائتلافية أو الدعوة لانتخابات مبكرة.
ويعزز من حالة عدم اليقين ظهور الأكراد في ساحة العمل السياسي بقوة خلال تلك الانتخابات بعد حصول حزب الشعوب الديمقراطي الكردي على 13.12 في المائة من إجمالي أصوات الناخبين.
وعلى مدار نحو 13 عاما، نجح حزب إردوغان في تصدر المشهد السياسي التركي مع إجرائه لإصلاحات اقتصادية نجحت في انتشال اقتصاد البلاد من عثرته ووضعته في مقدمة أفضل الأسواق الناشئة أداء.
يقول فريد هاونغ محلل الاقتصادات الناشئة لدى دويتشه بنك «حالة الهلع التي انتابت المستثمرين بعد نتائج الانتخابات تجد ما يبررها على نطاق واسع، فالاقتصاد والسياسة في بلد كهذا ما هما إلا وجهان لعملة واحدة، أي فشل في تجاوز الخلافات سيلقي بظلاله السلبية لا محالة على الاقتصاد».
يتابع هاونغ لـ«الشرق الأوسط» أن «أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت الناخب التركي للتخلي عن حزب إردوغان هو الاقتصاد بحد ذاته، حيث كان لتدخله في سياسات البنك المركزي التركي أثر كبير على هبوط الليرة وارتفاع معدلات التضخم».
وفي أكثر من مناسبة تدخل الرئيس التركي في السياسات النقدية للبنك المركزي من خلال ضغطه على محافظ البنك لخفض أسعار الفائدة وهي الخطوة التي رفضها البنك بشدة على اعتبار أنها ستحدث ضررا كبيرا للاقتصاد التركي.
لكن البنك انصاع في نهاية الأمر لمطالب إردوغان، وفي أحدث خطوة لتخفيض أسعار الفائدة، قرر البنك يوم الاثنين الماضي خفض نسب الفائدة على الودائع القصيرة الأمد بالعملات الأجنبية لمدة أسبوع في محاولة لدعم الليرة.
يضيف هاونغ «الهزة التي يشهدها الاقتصاد التركي في الوقت الحالي كانت على ما أعتقد لسياسات خاطئة للسلطة الحاكمة هناك خسرت معها أنقرة عدد من الحلفاء الاقتصاديين خصوصا في منطقة الخليج».
وتشير بيانات مكتب الإحصاءات التركي تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى تركيا بالربع الأول من العام المالي الجاري بنحو الثلث مقارنة مع نفس الفترة المقابلة من العام الماضي.
فيما تشير بيانات منشورة على موقع البنك المركزي التركي إلى خروج نحو 2.24 مليار دولار من الأسهم والسندات التركية منذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية أبريل (نيسان) الماضي.
ومنذ تفجر ثورات الربيع العربي، توجهت حكومة أنقرة إلى دعم الأحزاب الإسلامية على نطاق واسع ما أفقدها الكثير من الشركاء التجاريين في المنطقة.
يقول ويليام جاكسون، محلل اقتصادات الأسواق الناشئة لدى كابيتال إيكونوميكس، لـ«الشرق الأوسط»: «أمر طبيعي أن يحدث كل هذا الارتباك، فالمستثمر يفضل وضوح الرؤية لضخ أمواله».
يتابع «قد يستمر الاضطراب على المدى القصير أو المتوسط على أسوأ الحال، ولكن على المدى الطويل فإن نجاح إردوغان في تشكيل حكومة ائتلافية سينعكس بصورة جيدة على الوضع الاقتصادي البلاد، أما الفشل فإنه سيزيد من اضطراب الأسواق في انتظار ما ستؤول إليه الأمور».
يضيف جاكسون «النمو الذي حققه الاقتصاد في الربع الأول من العام الجاري والذي جاء أفضل من التوقعات سيدعم بكل تأكيد من ثقة المستثمرين ولكنها تبقى مرهونة في نفس الوقت بالخطوة المقبلة».
ونما الاقتصاد التركي في الربع الأول من العام الجاري بنسبة بلغت 2.3 في المائة مخالفا توقعات بنمو نسبته تبلغ 1.7 في المائة فقط. لكن النمو القوي للاقتصاد البالغ حجمه نحو 800 مليار دولار كان مدفوعا بالطلب الاستهلاكي الذي نما بنسبة تبلغ نحو 4.5 في المائة في الثلاثة أشهر الأولى من العام.

* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»



«منتدى السعودية الخضراء» يجمع المئات من صنّاع السياسات حول العالم

جانب من حضور مؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من حضور مؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

«منتدى السعودية الخضراء» يجمع المئات من صنّاع السياسات حول العالم

جانب من حضور مؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من حضور مؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

تحتضن الرياض النسخة الرابعة من «منتدى مبادرة السعودية الخضراء» يومي 3 و4 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تحت شعار «بطبيعتنا نبادر»، خلال «مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16)»، المقام حالياً في الرياض، في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون وتسريع الجهود لبناء مستقبل مستدام، حيث يجمع المئات من صنّاع السياسات وقادة قطاع الأعمال والخبراء من جميع أنحاء العالم.

وكان الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، قد أطلق في عام 2021 «مبادرة السعودية الخضراء»، التي نجحت في إحداث تأثير إيجابي ملموس؛ إذ رُفعت السعة الإجمالية لمصادر الطاقة المتجددة المستخدمة إلى أكثر من 4 غيغاواط، وزُرع أكثر من 95 مليون شجرة، وأعيد توطين أكثر من 1660 حيواناً مهدداً بالانقراض في مختلف أنحاء المملكة.

و«السعودية الخضراء» مبادرة وطنية طَموح تهدف إلى التصدي لتداعيات تغير المناخ، وتحسين جودة الحياة، وحماية البيئة، بما يعود بالفائدة على الأجيال المقبلة.

وتدعم هذه المبادرة طموح المملكة المتمثل في تحقيق «الحياد الصفري» من الانبعاثات بحلول 2060، عبر تبني نموذج «الاقتصاد الدائري للكربون»، كما تعمل على تسريع رحلة انتقال المملكة نحو الاقتصاد الأخضر.

وتسعى إلى تحقيق 3 أهداف تتمثل في: تقليل الانبعاثات الكربونية، وتشجير المملكة، وحماية المناطق البرية والبحرية.

ومن المقرر أن يجمع المنتدى السنوي هذا العام المئات من صنّاع السياسات وقادة قطاع الأعمال والخبراء من جميع أنحاء العالم في الجناح المُخصص لـ«مبادرة السعودية الخضراء» بـ«المنطقة الخضراء» في مؤتمر «كوب 16».

وتسعى نسخة هذا العام من «منتدى مبادرة السعودية الخضراء» إلى عقد نقاشات موسعة وتقديم حلول ملموسة لمجموعة من القضايا المحورية، بما في ذلك إعادة تأهيل الأراضي، وتسخير أحدث الابتكارات لخفض الانبعاثات الكربونية، وتمويل رحلة الانتقال الأخضر لدعم سبل العيش المستدامة، ودور الحلول الطبيعية في تمكين المجتمعات من التكيف مع تغير المناخ، وضرورة تعزيز جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي الغني في المملكة.

وطوال فترة انعقاد مؤتمر «كوب 16»، يفتح معرض «مبادرة السعودية الخضراء»، الذي يمتد على مساحة 4 آلاف متر مربع، أبوابه ليتيح للزوار فرصة الاطلاع على جهود المملكة في مجال خفض الانبعاثات، والتشجير، وحماية البيئة، عبر تجارب تفاعلية مبتكرة.

ويقدم المعرض معلومات قيّمة حول المبادرات النوعية الجارية في المملكة، والتي تهدف إلى تحقيق 3 أهداف رئيسية، هي خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، وتشجير المملكة عبر زراعة 10 مليارات شجرة، وحماية 30 في المائة من إجمالي مساحة المناطق البرية والبحرية بالمملكة.

كما يستضيف سلسلة «حوارات مبادرة السعودية الخضراء»، التي أُطلقت لأول مرة في عام 2023، وتعود هذا العام بمشاركة نخبة من الخبراء العالميين لمناقشة أحدث الاتجاهات والابتكارات في مجالات المناخ والاستدامة، مما يفتح آفاقاً جديدة نحو مستقبل أكثر استدامة.

ويوفر المعرض تجارب تفاعلية تُسلّط الضوء على نهج المملكة القائم على تفعيل مشاركة مختلف فئات المجتمع السعودي في جهود العمل المناخي والبيئي.

وسيشهد المعرض تقديم عروض متنوعة، بمشاركة مجموعة واسعة من الخبراء، بهدف تزويد الضيوف بمعلومات قيّمة حول أكثر من 80 مبادرة أُطلقت تحت مظلّة «مبادرة السعودية الخضراء».

يذكر أنه منذ الإعلان عن «مبادرة السعودية الخضراء»، أُطلق 77 برنامجاً مختلفاً لدعم هذه الأهداف ودفع عجلة النمو المستدام، باستثمارات تتجاوز قيمتها 700 مليار ريال (187 مليار دولار).

وحوّلت المملكة التزاماتها إلى إجراءات ملموسة عبر توحيد جهود القطاعين الحكومي والخاص، ودعم فرص التعاون والابتكار، كما تمضي بخطى ثابتة نحو تحقيق طموحاتها المناخية الوطنية، ودعم الأهداف العالمية في هذا الإطار.