إثيوبيا تعلن اكتمال الملء الثالث لـ«سد النهضة»

وسط تأكيدات مصرية - سودانية على ضرورة التفاوض للتوصل لاتفاق

سد النهضة الإثيوبي (وزارة المياه والطاقة الإثيوبية)
سد النهضة الإثيوبي (وزارة المياه والطاقة الإثيوبية)
TT

إثيوبيا تعلن اكتمال الملء الثالث لـ«سد النهضة»

سد النهضة الإثيوبي (وزارة المياه والطاقة الإثيوبية)
سد النهضة الإثيوبي (وزارة المياه والطاقة الإثيوبية)

أعلنت الحكومة الإثيوبية اليوم (الجمعة) اكتمال الملء الثالث لـ(سد النهضة)، الذي تبنيه أديس أبابا منذ 2011 على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير توترات متنامية مع دولتي المصب «مصر والسودان». وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، أن «إثيوبيا نجحت في اكتمال المرحلة الثالثة من عملية ملء (سد النهضة)». ووفق ما أوردته وكالة الأنباء الإثيوبية (الرسمية)، (الجمعة) فإن «مياه نهر آباي بدأت تتدفق فوق قمة (سد النهضة) الإثيوبي للمرة الثالثة، وبلغ منسوب ارتفاع (السد) في الجانب الأيسر والأيمن 611 متراً، وبلغ ارتفاع منسوب جزء الممر من (السد) 600 متر فوق سطح البحر». 
يأتي هذا وسط تأكيدات مصرية- سودانية بضرورة «إبرام اتفاق (قانوني مُلزم) ينظم عمليتي ملء وتشغيل (السد)، وعدم شروع إثيوبيا في اتخاذ أي (إجراءات أحادية)، من دون التنسيق مع دولتي المصب، تحسباً لأي اضرار محتملة». وأكد خبير الموارد المائية، مستشار وزير الري المصري الأسبق، الدكتور ضياء الدين القوصي لـ«الشرق الأوسط»، أن «مصر والسودان دائماً يؤكدان على المسار التفاوضي لحل أزمة (السد) الممتدة منذ 10 سنوات»، لافتاً إلى «استمرار مصر في طلبها ضرورة التوصل لاتفاق (قانوني)».
الإعلان الإثيوبي عن اكتمال الملء الثالث، جاء بعد ساعات من دعوة رئيس الوزراء الإثيوبي، لمصر والسودان لـ«الدخول في مفاوضات لتسوية القضايا ذات الاهتمام المشترك عبر الحوار، هو الطريق الأمثل بالنسبة للبلدان مع استمرار بناء (سد النهضة)». وقال أحمد خلال كلمته (الخميس) بمناسبة تشغيل التوربين الثاني لإنتاج الكهرباء من «السد» إن «بلاده أوضحت أكثر من مرة لدولتي المصب عدم النية لإلحاق ضرر بهما»، مشيراً إلى أنه «تم تشغيل التوربين الثاني بعد تخزين 22 مليار متر مكعب من المياه في عملية الملء الثالث، ومع ذلك لم يحدث أي انخفاض للمياه تجاه دول المصب». 
من جهته، قال القوصي إن «إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي تخزين 22 مليار متر مكعب من المياه في عملية الملء الثالث (أظنه كلاماً غير دقيق)، لأن إثيوبيا خزنت خلال العامين الماضيين 7 مليارات، وهذا العام تأمل في تخزين 10 مليارات، وهو الرقم الذي أظن أنهم لم يصلوا إليه، لأن هطول المطر مستمر، وهذا الهطول منعهم من إكمال رفع منسوب الممر الأوسط»، لافتاً إلى أنه «لو افترضنا أنه تم حجز الـ10 مليارات، فيكون المجموع 17 مليارا وليس 22 مليارا»، موضحاً أن «المتابع لما تعلنه إثيوبيا خاصة الأرقام يكتشف أن هناك تناقضاً".
ونهاية الشهر الماضي، اتهمت مصر إثيوبيا بـ«إفشال كافة الجهود والمساعي التي بذلت من أجل حل أزمة (سد النهضة)»، مؤكدة تسجيلها اعتراضاً رسمياً لرئيس مجلس الأمن بسبب استمرار أديس أبابا في ملء «السد» بشكل أحادي. وتصف القاهرة القضية بـ«الوجودية» لشعبها. ومطلع الأسبوع الجاري قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن بلاده تتحرك في موضوع «سد النهضة» بـ«بهدوء وتفاوض». وتعهد بحماية حصة بلاده قائلاً إن «مياه مصر أمانة في رقبتنا كلنا وفي رقبتي ولن أسمح لأحد بالمساس بها».
في السياق، أكد القوصي أن «رئيس الوزراء الإثيوبي دائماً ما يوجه خطابين، الأول للداخل للمواطن الإثيوبي، والخطاب الثاني لمصر والسودان بشأن التفاوض، رغم أن المفاوضات مستمرة من 10 سنوات ولم يحدث فيها أي جديد»، موضحاً أن «مصر والسودان خلال السنوات الثلاث الماضية حصلا على حصتهما من المياه، لأن الفيضانات كانت كبيرة ولم يحدث أي شيء».
من جهته، قال رئيس اللجنة الفنية للتفاوض في ملف «سد النهضة» بوزارة الري السودانية، مصطفى حسين، إن «بلاده تراقب عن كثب نتائج خطوة إثيوبيا التي أعلنتها ببدء التوربين الثاني في توليد الكهرباء من (السد)». وأضاف في تصريحات صحافية أن بلاده «ستتخذ الإجراء اللازم بشأن ملء (سد النهضة) حال تهديد الخطوة لسلامة خزان الروصيرص أو التأثير على الري في المشروعات الزراعية والتوليد الكهرومائي أو الاستخدامات الأخرى»، مؤكداً «تمسك بلاده بمواصلة التفاوض بآلية تمكن من الوصول إلى اتفاق ملزم بين الأطراف الثلاثة السودان ومصر وإثيوبيا تحت رعاية الاتحاد الأفريقي».


مقالات ذات صلة

كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

العالم العربي كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

جددت الاشتباكات بين قوات الجيش السوداني، وقوات «الدعم السريع»، المخاوف من دخول السودان في موجة جديدة من الاضطرابات، يمكن أن تؤثر على ملف «سد النهضة»، في وقت تستعد فيه إثيوبيا للملء الرابع لبحيرة السد، الذي يثير خلافات بشأنه مع دولتي المصب (السودان ومصر). وأكد مراقبون وخبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن للاضطرابات الأخيرة في السودان «تأثيراً مباشراً» على أكثر من ملف إقليمي، من بينها أزمة «سد النهضة»، لافتين إلى أن «الارتباك السياسي» سيضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع المنتظر أن يبدأ صيف هذا العام، الأمر الذي «يلقي بمزيد من الأعباء على الجانب المصري، وتحركاته الدولية والأممية في الملف». و

العالم العربي كيف يؤثر النزاع في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

كيف يؤثر النزاع في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟

جددت الاشتباكات بين قوات الجيش السوداني، وقوات «الدعم السريع»، المخاوف من دخول السودان في موجة جديدة من الاضطرابات، يمكن أن تؤثر على ملف «سد النهضة»، في وقت تستعد فيه إثيوبيا للملء الرابع لبحيرة السد، الذي يثير خلافات بشأنه مع دولتي المصب (السودان ومصر). وأكد مراقبون وخبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن للاضطرابات الأخيرة في السودان «تأثيراً مباشراً» على أكثر من ملف إقليمي، من بينها أزمة «سد النهضة»، لافتين إلى أن «الارتباك السياسي» سيضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع المنتظر أن يبدأ صيف هذا العام، الأمر الذي «يلقي بمزيد من الأعباء على الجانب المصري، وتحركاته الدولية والأممية في الملف». و

العالم العربي «سد النهضة»: «الملء الرابع» يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

«سد النهضة»: «الملء الرابع» يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

مع اقتراب عملية الملء الرابع لخزان «سد النهضة» الإثيوبي على نهر النيل، تأججت الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا، وسط تصعيد متوقع خلال الفترة القادمة في ظل جمود المفاوضات. وفيما اتهمت إثيوبيا مصر بـ«تسييس القضية»، رافضة الحصول على «إذن مسبق» من أجل الشروع في عملية الملء، قالت الخارجية المصرية إن إثيوبيا «تتنصل من المسؤولية القانونية». وتبني إثيوبيا «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل، منذ عام 2011، ووفق الهيئة الحكومية المسؤولة عن المشروع، فقد اكتمل 90 في المائة من عمليات البناء.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم العربي «سد النهضة»: الملء الرابع يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

«سد النهضة»: الملء الرابع يؤجج الخلافات بين مصر وإثيوبيا

مع اقتراب عملية الملء الرابع لخزان «سد النهضة» الإثيوبي على نهر النيل، تأججت الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا، وسط تصعيد متوقع في ظل جمود المفاوضات. وفيما اتهمت إثيوبيا مصر بـ«تسييس القضية»، رافضة الحصول على «إذن مسبق» من أجل الشروع في عملية الملء، قالت الخارجية المصرية إن إثيوبيا «تتنصل من المسؤولية القانونية». وتبني إثيوبيا «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل، منذ عام 2011، ووفق الهيئة الحكومية المسؤولة عن المشروع، فقد اكتمل 90 في المائة من عمليات البناء.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم العربي «معركة علمية» بين القاهرة وأديس أبابا لحسم النزاع المائي

«معركة علمية» بين القاهرة وأديس أبابا لحسم النزاع المائي

تسعى إثيوبيا إلى «انتفاضة بحثية علمية» تخدم موقفها في نزاعها المائي مع مصر، التي نجحت في فرض حضور دولي مبني على «نشر معلومات مغايرة للحقيقة»، بحسب وزير المياه والطاقة الإثيوبي هبتامو إيتافا. وتتنازع إثيوبيا مع كل من مصر والسودان، بسبب «سد النهضة»، الذي تبنيه على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير توترات مع دولتي المصب. وتقول القاهرة إن السد، الذي يقام منذ 2011، وقارب على الانتهاء بنحو 90 في المائة، يهدد «حقوقها» في مياه النهر الدولي، مطالبةً بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم ينظم قواعد ملء وتشغيل «سد النهضة».

محمد عبده حسنين (القاهرة)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.