دبلوماسيون: الحوثيون يريدون استغلال منصة جنيف لانتزاع اعتراف دولي بهم

الأمم المتحدة تؤكد مشاركة 14 شخصية يمنية في المشاورات.. بحضور أطراف إقليمية

دبلوماسيون: الحوثيون يريدون استغلال منصة جنيف لانتزاع اعتراف دولي بهم
TT

دبلوماسيون: الحوثيون يريدون استغلال منصة جنيف لانتزاع اعتراف دولي بهم

دبلوماسيون: الحوثيون يريدون استغلال منصة جنيف لانتزاع اعتراف دولي بهم

أكدت الأمم المتحدة أمس أن مشاورات جنيف بخصوص اليمن التي ستنطلق الأحد المقبل ستعرف مشاركة سبعة ممثلين عن الحكومة اليمنية والأحزاب المعترفة بشرعيتها من جهة، وسبعة آخرين ممثلين لجماعة الحوثيين وأحزاب صغيرة أخرى، وهو ما كانت نشرته «الشرق الأوسط» سابقًا. وجاء هذا فيما حذر دبلوماسيون من أن جماعة الحوثي تريد استغلال منصة جنيف لانتزاع اعتراف دولي بها.
وأوضح المتحدث باسم المنظمة الدولية أن المحادثات ستكون يمنية - يمنية، لكن بحضور أطراف إقليمية لا تشارك بشكل مباشر في المشاورات. وذكر المتحدث ستيفان دوغريك خلال مؤتمر صحافي يومي في نيويورك أمس أن المحادثات «ستعقد بين جانبين رئيسيين من الأطراف اليمنية وما زلنا نعمل على التفاصيل». ورفض دوغريك تحت إلحاح أسئلة الصحافيين الإفصاح عن فحوى التفاصيل والمشاورات التي تجريها الأمم المتحدة مع الحكومة اليمنية والحوثيين والقضايا التي ستطرح في المشاورات التي يفترض أن تستمر ثلاثة أيام.
ووفقا لتصريحات سابقة للسفير اليمني لدى الأمم المتحدة خالد اليماني لـ«الشرق الأوسط» فإن الحكومة اليمنية ستشارك بسبعة ممثلين منهم ممثلون عن الأحزاب المساندة للشرعية، فيما يتم تمثيل الأطراف اليمنية الأخرى بسبعة ممثلين؛ اثنان من «المؤتمر الشعبي»، واثنان من جماعة الحوثي، وثلاثة من الأحزاب اليمنية الصغيرة.
ومن المقرر أن يلقي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خطابا خلال الجلسة الرئيسية للمشاورات التي ستكون جلسة مفتوحة. وتشارك الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية في تلك الجلسة الافتتاحية، ثم يتم عقد جلسات مغلقة بين الأطراف اليمنية يرأسها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وشدد اليماني في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» على أن المرجعيات الأساسية لمشاورات جنيف التي تؤكد عليها كل القوى الدولية هي تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبصفة خاصة القرار 2216 والمبادرة الخليجية وآليات تنفيذها ومخرجات الحوار الوطني.
وكشفت مصادر دبلوماسية عن جهود تجريها الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد لوضع الترتيبات اللازمة لعقد المشاورات بين الأطراف اليمنية بحسن نية ودون شروط مسبقة، مشيرا إلى أن حسن النيات لا يزال غير متوفر بين الأطراف اليمنية. وأشار المسؤول الدبلوماسي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك محاولات من الحوثيين لتعزيز مكاسبهم العسكرية على الأرض قبل المشاركة في مشاورات جنيف، في الوقت الذي تسعى فيه أطراف دولية وإقليمية وأممية إلى إقناع الأطراف بوقف العمليات العسكرية وإرساء هدنة إنسانية خلال شهر رمضان الذي يبدأ الأسبوع المقبل. وأضاف أن المبعوث الأممي «يريد الحفاظ على حالة من الهدوء حول ترتيبات المشاورات وخلال الفترة التي تشهدها المشاورات».
وتشير تسريبات إلى خلافات حول أجندة المشاورات ورفض الحوثيين الاعتراف بشرعية الحكومة اليمنية برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وخلافات أخرى حول كيفية تنفيذ الانسحاب من المدن وتسليم أسلحة الحوثيين والضمانات التي تضمن التزام جماعة الحوثي بما يصدر عن مشاورات جنيف من اتفاقات، حيث يثار قدر كبير من الشكوك في امتثال جماعة الحوثي للاتفاقات، حيث لم تلتزم في السابق بأي قرارات ومعاهدات وافقت عليها.
ويتخوف المحللون من اقتراب موعد انعقاد المشاورات دون رؤية واضحة للمداولات وبرنامج سياسي يوضح القضايا المطروحة والمخرجات المرجوة من المشاورات، ودون مؤشرات على رغبة حقيقية من جماعة الحوثي لتحقيق اتفاق سلام. ويتخوف المحللون من قيام الحوثيين بتضييع الوقت خلال مشاورات جنيف كفرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب صفوفهم لتقوية سيطرتهم، وأنهم يراوغون في تلبية دعوة الأمم المتحدة للمشاركة في جنيف بينما ليس في نيتهم التخلي عن السلطة والمدن التي يسيطرون عليها منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويشير المحللون إلى أن جماعة الحوثي تسعى لاستغلال منصة جنيف لانتزاع اعتراف دولي بوجودها كطرف سياسي قوي ومؤثر، وتسعى لفرض شروطها بناء على المكاسب العسكرية التي تحققها على أرض المعركة، سواء بتمدد نفوذها على المدن اليمنية أو بالاستفزازات المتكررة لشن هجمات عند الحدود السعودية من الجهة الجنوبية، في الوقت الذي تواجه فيه قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية تلك الهجمات وتكبد معسكرات الحوثيين وأنصار صالح خسائر كبيرة وتمنعهم من تحقيق انتصار يسعون لتحقيقه واستثماره على مائدة المشاورات في جنيف.
وأيدت كل من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والصين في بيانات منفصلة جهود الأمم المتحدة لعقد مشاورات جنيف في الرابع عشر من الشهر الحالي، وأكدت مساندتها للمرجعيات الخاصة بالمشاورات، وهي مبادرة مجلس التعاون الخليجي، ونتائج المؤتمر الوطني، وقرارات مجلس الأمن، وطالبت القوى الدولية الأطراف اليمنية بحضور المشاورات من أجل استئناف سريع لعملية الانتقال السياسي في اليمن.
وأشار مسؤولون أميركيون لـ«الشرق الأوسط» إلى قنوات اتصال مفتوحة بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثيين تستخدمها الحكومة الأميركية لتوضيح موقفها لممثلي الحوثي من أجل تسهيل تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي وحث الأطراف على وقف إطلاق النار وتنفيذ هدنة إنسانية تسهل مهام تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثة لشعب اليمن.
وأكدت عدة منظمات دولية تابعة للأمم المتحدة معاناة ما يقرب من 20 مليون يمني في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية بما يمثل 80 في المائة من السكان، وقالت منظمة الصحة العالمية مساء الثلاثاء إن أكثر من 15 مليون يمني لا يحصلون على الرعاية الصحية الأساسية. وأشارت إلى وجود أكثر من 250 ألف طن من الحبوب في المخازن في عدن والحديدة، لكن لا يمكن نقلها بسبب نقص الوقود وانعدام الأمن، فيما أشارت منظمة اليونيسيف إلى أن 87 في المائة من المدارس في الأجزاء الجنوبية من اليمن مغلقة.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.