مصر تعيد تفعيل قناة الاتصال الأمنية مع حماس.. والحركة تتطلع إلى تقارب أكبر

المخابرات المصرية طلبت منها ضبط الحدود والبحث عن مصريين في غزة وعدم التدخل

مصر تعيد تفعيل قناة الاتصال الأمنية مع حماس.. والحركة تتطلع إلى تقارب أكبر
TT

مصر تعيد تفعيل قناة الاتصال الأمنية مع حماس.. والحركة تتطلع إلى تقارب أكبر

مصر تعيد تفعيل قناة الاتصال الأمنية مع حماس.. والحركة تتطلع إلى تقارب أكبر

أكدت مصادر فلسطينية مطلعة أن عودة العلاقات بين مصر وحماس ستكون رهنا بتغيير الحركة في قطاع غزة نهجها الحالي، وأدائها أدوارا جديدة من شأنها تضييق الخناق على العناصر الخارجة على القانون في سيناء.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إن ما يروج له عن عودة العلاقات بين القاهرة وحماس فيه كثير من المبالغة، إذ إن الأمر لم يتعد حتى الآن تفعيل قناة اتصال أمنية بين مصر وحماس بعلم وموافقة السلطة الفلسطينية».
وأوضحت المصادر أن مسؤولين في المخابرات المصرية التقوا عددا من مسؤولي حماس في الخارج، وأخبروهم بأن على الحركة في قطاع غزة إنهاء أي وجود في القطاع لعناصر «إرهابية» من سيناء، وضبط الحدود بشكل أكبر ومنع تهريب مقاتلين وأسلحة من وإلى سيناء. كما طالبتهم بوقف أي تدخل مباشر أو غير مباشر في الشأن المصري بما في ذلك التحريض عبر وسائل الإعلام.
واعترفت حماس سابقا بعقد لقاء مع مسؤولين مصريين لكن من دون أن تعطي أي تفاصيل.
وقال مسؤول العلاقات الخارجية في حماس أسامة حمدان، إن وفدا من حركته اجتمع مع مسؤول مصري رفيع المستوى في وقت غير محدد من الأسابيع الأخيرة، مؤكدا أن حركته تلقت إشارات إيجابية من القاهرة لتحسين علاقاتهما الثنائية.
وتلا اللقاء المصري الحمساوي قرارا من محكمة الأمور المستعجلة في القاهرة بإلغاء حكم قضائي سابق يعتبر الحركة منظمة إرهابية، وهو الأمر الذي قال عنه الناطق باسم حماس سامي أبو زهري إنه ستكون له تداعياته وآثاره الإيجابية على العلاقة بين حماس والقاهرة.
وكان لافتا أن الحكومة المصرية هي التي استأنفت على قرار اعتبار حماس منظمة إرهابية.
وقالت المصادر إنه بعد موافقة حماس على طلبات مصر، طلبت الحركة من مصر فتح معبر رفح ورفعها وكتائب القسام التابعة لها عن قائمة المنظمات الإرهابية، وإعادة فتح قنوات الاتصال والسماح بحرية حركة قياداتها عبر مصر.
وأكدت المصادر أن المخابرات المصرية وعدت بدراسة كل هذه الطلبات، لكنها تنتظر تصرفات حماس على الأرض أولا.
وأرادت مصر، كما يبدو، بعث رسائل إيجابية لحماس، فرفعتها عن قائمة المنظمات الإرهابية، وقررت فتح معبر رفح أيام السبت والأحد والاثنين من الأسبوع المقبل.
وقال ماهر أبو صبحة مدير المعابر في غزة إن معبر رفح سيفتح بالاتجاهين. لكن مصادر في حماس قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الانفتاح المصري على حماس حذر ومتدرج. وأضافت: «لا ننسى أن كتائب القسام ما زالت على قائمة المنظمات الإرهابية، ويجري الحديث عن فتح معبر رفح لمرة واحدة، وليس بشكل دائم أو حتى لأيام محددة كل أسبوع».
وأكدت المصادر أن حماس معنية بالعلاقة مع مصر وبدور مصر، لكنها نفت أن تكون تعهدت أو تنوي تقديم أي مساعدة للسلطات المصرية في سيناء نفسها، مضيفة: «لم ولن نتدخل في أرض عربية».
وأضافت المصادر: «نتعامل مع مسألة الحدود ومنع أي تدخل في سيناء من منطلق المصلحة الفلسطينية، وهذا قائم وليس جديدا».
وفيما يفتح هذا التقارب البطيء بين مصر وحماس باب الأمل لمئات آلاف الغزيين المحاصرين في القطاع، فإنه يبدو مثل لعنة بالنسبة لتيار «السلفية الجهادية» في القطاع.
ويعاني مناصرو ما يعرف في غزة بالتيار السلفي الجهادي من هجمة قوية من قبل حماس منذ أسابيع، تسببت في قتل أحد نشطائهم واعتقال قياديين وعشرات من عناصرهم ما زالوا رهن الاعتقال.
وقال مصدر في تيار «السلفية الجهادية» لـ«الشرق الأوسط»، إنه لم يتضح حتى الآن إلى أي حد ثمة علاقة بين التقارب المصري الحمساوي والهجمة على السلفيين في غزة.
لكنه أضاف أن بعض التحقيقات مع عناصرهم تطرقت إلى العلاقات مع تنظيمات في سيناء. وأضاف: «تبحث حماس الآن عن عناصر من سيناء دخلت إلى غزة». وأوضح المصدر: «مصر سلمت حماس أسماء مصريين قالت إنهم أصيبوا ودخلوا غزة للعلاج، وحماس تتحقق من ذلك عبر استجواب عناصرنا».
وهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها تعاون بين حماس والمخابرات المصرية، إذ سبق أن بلغ التعاون ذروته في حقبة (الرئيس الأسبق محمد) مرسي عندما سمحت حماس لعناصر من المخابرات المصرية بالتحقيق مع عناصر سلفية. بهدف البحث عن أشخاص كانوا متهمين بالمسؤولية عن هجمات في مصر.
وقال المصدر السلفي: «الذي يجري الآن أنه جرى تفعيل هذا التعاون من جديد». وتابع: «حماس تريد عودة العلاقات مع مصر بأي ثمن». ولم يخف مسؤولو حماس أنهم يسعون إلى ذلك بكل الطرق. وقال موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحماس، بأن حركته تسعى إلى علاقات جديدة مع مصر، داعيا إياها إلى استئناف دورها المعهود فلسطينيا، خاصة في ملفي المصالحة والمفاوضات غير المباشرة التي بدأت أثناء الحرب (على قطاع غزة في الصيف الماضي)، وتوقفت عند انتهائها.
وكانت العلاقة بين حماس ومصر تدهورت بشكل غير مسبوق بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في يوليو (تموز) 2013، إذ يتهم المصريون حماس بالتدخل في شؤون مصر ومناصرة الإخوان المسلمين، وهو الأمر الذي نفته حماس على الدوام.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».