«الجهاد الإسلامي» تشمر عن ساعديها أمام إسرائيل في الضفة

الحركة تستهدف ضم شبان وترتدي عباءة المقاومة

مسلحون فلسطينيون يشاركون في تشييع جنازة حسين طه الذي قُتل في غارة إسرائيلية في نابلس بعد يومين على هدنة غزة (أ.ف.ب)
مسلحون فلسطينيون يشاركون في تشييع جنازة حسين طه الذي قُتل في غارة إسرائيلية في نابلس بعد يومين على هدنة غزة (أ.ف.ب)
TT

«الجهاد الإسلامي» تشمر عن ساعديها أمام إسرائيل في الضفة

مسلحون فلسطينيون يشاركون في تشييع جنازة حسين طه الذي قُتل في غارة إسرائيلية في نابلس بعد يومين على هدنة غزة (أ.ف.ب)
مسلحون فلسطينيون يشاركون في تشييع جنازة حسين طه الذي قُتل في غارة إسرائيلية في نابلس بعد يومين على هدنة غزة (أ.ف.ب)

لم تحمل الضربة التي وجهتها إسرائيل لحركة «الجهاد الإسلامي» في غزة، الجمعة، مفاجأة تذكر بالنسبة للمسلحين الملثمين في مخيم جنين للاجئين، خصوصاً أنها جاءت بعد اشتباكات على مدى أشهر عززت بشكل مطرد صورة الحركة المدعومة من إيران.
وخلال تجمع حاشد أواخر الشهر الماضي لإحياء أربعينية مقتل ثلاثة شبان، أطلق مسلحون النار في الهواء قبل أن يخرج صوت من الحشد محذراً «احتفظوا بالرصاص لأيام سوداء قادمة»، حسب تقرير «رويترز». كان قصف الطائرات الإسرائيلية لقطاع غزة وإطلاق مئات الصواريخ باتجاه إسرائيل من غزة قبل أيام، أكبر مواجهة عبر الحدود منذ أكثر من عام. وركزت إسرائيل عمليتها على حركة «الجهاد الإسلامي»، التي تصفها بأنها «وكيل لإيران»، مع تجنب المواجهة المباشرة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الأكبر والأقوى، التي تحكم قطاع غزة.
لكن الصراع جاء بعد اشتباكات من حين لآخر في مدن بالضفة الغربية المحتلة، اندلعت باعتقال بسام السعدي القيادي البارز بالحركة في مدينة جنين. حركة «الجهاد الإسلامي» أسسها رسمياً فتحي الشقاقي، وهو طبيب، إلى جانب مسلحين آخرين عام 1981 في المخيمات المنتشرة بغزة والضفة الغربية، التي تؤوي لاجئين فلسطينيين.
وعلى مر السنين، نفذت الحركة سلسلة تفجيرات انتحارية وهجمات بأسلحة نارية على إسرائيليين، فضلاً عن إطلاق الصواريخ. وتكبدت الجماعة، التي أدرجها الغرب في قائمة المنظمات الإرهابية، خسارة فادحة جراء قصف غزة، إذ قُتل اثنان من كبار قادتها، بينما اكتفت «حماس» بدعم لفظي محدود.
كانت حركة «الجهاد الإسلامي» قد رفضت أي تسوية مع إسرائيل أو المشاركة في انتخابات السلطة الفلسطينية. لكن القتال أتاح لها تعزيز ما تردده من أنها في طليعة المعركة مع إسرائيل، بعد ثماني سنوات من انهيار محادثات سلام توسطت فيها الولايات المتحدة. وبينما يرى كثيرون في المخيمات أن السلطة الفلسطينية باتت بمعزل عن الشعب وعاجزة عن اتخاذ مواقف حاسمة بسبب علاقتها بإسرائيل، تقدم الحركة لشبانها رؤية متشددة للمقاومة، غير مقيدة بالحاجة إلى الحكم.
وهذا يجعلها بمنأى حتى عن «حماس»، عدو إسرائيل اللدود، التي تفرض عليها مسؤوليتها عن الحياة اليومية لنحو 2.3 مليون نسمة شخص في غزة، أن تزن بعناية مخاطر نشوب حرب أخرى. بينما تركزت اشتباكات مطلع الأسبوع على غزة، سلط اعتقال قادة من «الجهاد الإسلامي» في الضفة الغربية الضوء على قوة الحركة في مدن مثل جنين ونابلس، مما يشير إلى احتمال استمرار القتال في المستقبل. ومنذ بداية العام الحالي، اعتقلت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 400 من جنين وقتلت 30، وفقاً لأرقام نادي الأسير الفلسطيني، بما في ذلك بعض من كانوا ينفذون هجمات في إسرائيل.
وقال مايكل ميلشتاين، المسؤول السابق في وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي السلطة العسكرية الإسرائيلية التي تشرف على الضفة الغربية، «لا يمكنك العثور في أي مكان آخر على مجموعة من الخلايا المسلحة مثل تلك الموجودة في جنين». وأضاف أن ذلك يمثل مشكلة لكل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
ولفتت جنين انتباه العالم في مايو (أيار) عندما قُتلت صحافية قناة «الجزيرة» شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها مداهمة عسكرية في مخيم جنين المكتظ باللاجئين. لكن المدينة الشمالية لها باع طويل من المقاومة يعود إلى أيام الانتداب البريطاني قبل الحرب قبل إنشاء إسرائيل. وخاضت القوات الإسرائيلية معارك ضارية في شوارعها الخلفية خلال الانتفاضة الثانية، ودمرت معظم المخيم. وتكررت الاشتباكات في الأشهر الأخيرة، لكن التقديرات الدقيقة لقوة الحركة نادرة.
وجاء في دليل وكالة المخابرات المركزية الأميركية، أن تقديرات العام الماضي لعدد أعضاء الحركة بين ألف وعدة آلاف. وذكر متحدث عسكري إسرائيلي أن إسرائيل قدرت العدد الإجمالي لنشطاء «الجهاد الإسلامي» بنحو عشرة آلاف. ويقول مسؤولون إسرائيليون، إن الغارات الجوية على غزة كبدت الحركة خسائر فادحة في القدرات الصاروخية والقدرات المضادة للدبابات، وقوضت هياكل القيادة والتحكم.
لكن المتحدث باسم «الجهاد الإسلامي» مصعب البريم، قال إنه يمكن استيعاب أمر فقد كوادر بالحركة، وإنها تسيطر على العنصر البشري، مضيفاً أن الإعجاز البشري يمكن أن يعوض ما فُقد من قدرات.
ولوح المسلحون في التجمع الذين انعقد في ساحة قبالة الشارع الرئيسي في جنين، بمجموعة من الأسلحة النارية، منها بنادق «إم - 16» وأسلحة آلية حديثة تستخدمها القوات الإسرائيلية، وأحياناً كانوا يطلقونها في سماء الليل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».