فوائد متعددة لبذور المانجو «المُهمَلة»

تستخدم كمضاد للسموم ويمكن أن تكون بديلة للشوكولاتة

فوائد متعددة لبذور المانجو «المُهمَلة»
TT

فوائد متعددة لبذور المانجو «المُهمَلة»

فوائد متعددة لبذور المانجو «المُهمَلة»

بالوصول إلى البذرة تكون مغامرة عاشقي المانجو قد انتهت، بعد التهام كافة محتويات الثمرة. ولكن هذه البذرة التي ينتهي بها الحال في حاويات القمامة، لها قيمة غذائية ودوائية، فضلاً عن قيمتها في إنتاج الوقود الحيوي، وهو ما أثبتته عدة دراسات نفذتها مؤخراً فرق بحثية حول العالم.
وتحتل مصر المرتبة الأولى عربياً والثامنة عالمياً من حيث إنتاج فاكهة المانجو، أو كما يسميها المصريون «معشوقة الأطفال»، وذلك بإنتاج سنوي يبلغ 1.2 مليون طن، يتركز في محافظتي الإسماعيلية والشرقية، وفق إحصائيات وزارة الزراعة المصرية.
ومنذ بدأ تاريخ المانجو في مصر بعهد محمد علي سنة 1825، كان مصير بذور المانجو هو حاويات القمامة التي تمتلئ صيفاً بهذا الكنز الذي بدأت تلتفت له الفرق البحثية حول العالم، من خلال دراسات نشرت مؤخراً.
إحدى هذه الدراسات، كانت من نيجيريا التي تنتج 917 ألف طن من المانجو سنوياً؛ حيث وصف فريق بحثي من قسم الأحياء الدقيقة بكلية العلوم البيولوجية بجامعة نيجيريا، طريقة لإنتاج الوقود الحيوي من هذا المصدر المهمل.
وخلال الدراسة المنشورة في عدد يونيو (حزيران) الماضي بدورية «هيليون»، أثبت الباحثون أنه يمكن استخدام نشا نواة بذور المانجو كمادة وسيطة لإنتاج الإيثانول الحيوي.
ووفق ما جاء في الدراسة، فإنه يتم تجفيف وطحن البذور لإنتاج النشا، ثم تتم معالجتها بالشبة، ثم يجرى تحليل مائي بواسطة حامض الكبريتيك وهيدروكسيد الصوديوم لمدة ساعتين، لينتج السكر والإيثانول.
ومن الوقود إلى الغذاء والدواء متمثلاً في بديل «زبدة الكاكاو» من بذور المانجو، والذي تم إنتاجه عبر فريق بحثي من مركز المعالجة الحيوية المبتكرة والتطبيقية بوزارة العلوم والتكنولوجيا الهندية، وتم الإعلان عن هذا الإنجاز في مارس (آذار) الماضي بدورية «فود كمستري».
وزبدة الكاكاو هي دهون نباتية تستخرج من حبوب الكاكاو، وهي ذات لون أصفر باهت، وتُستخدم لصنع الشوكولاتة، بالإضافة إلى أنها تدخل في تحضير بعض المراهم ومواد التجميل والمستحضرات الصيدلانية.
وأثبت الفريق البحثي أن الدهون المشتقة من نواة بذور المانجو هي بديل جيد لزبدة الكاكاو، بعد فحص نسيج الدهون وخصائصها الحسية.
ووجد الباحثون أن خصائص الدهون المشتقة من هذه البذور كانت مماثلة لزبدة الكاكاو، فيما يتعلق بالأحماض البالميتية، والأوليك، والأستريك، وكانت لديها القدرة على استبدال 80 في المائة من مستحضر الشوكولاتة الداكنة، بما يعني أنه يمكن استخدامها في منتجات بديلة للشوكولاتة.
ومن هذا التطبيق إلى تطبيق ثالث أكثر غرابة خرج من مصر؛ حيث أثبت فريق بحثي من قسم البيولوجيا الجزيئية بالمركز القومي للبحوث، أن مضادات الأكسدة الفينولية المستخرجة من بذور المانجو، لها تأثير علاجي ضد سموم الأفعى.
وخلال الدراسة المنشورة في المجلة البرازيلية للعقاقير في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2018، أثبت الفريق البحثي أن مستخلص بذور المانجو يحتوي على كمية كبيرة من الفينولات والفلافونويد (17400 و3325 ملليغراماً/ 100 غرام بذور على التوالي)، وهذه المركبات ذات نشاط مضاد للأكسدة، وبالتالي يمكن اعتبارها وسيلة جديدة في علاج لدغات الأفعى.
ورغم إثبات هذه الفوائد فإن محمد الميداني، الأستاذ المساعد في كلية الهندسة وعلوم المواد في الجامعة الألمانية بالقاهرة، يقول إن تحويل هذه الأفكار إلى مشروع صناعي يحتاج إلى دراسات تثبت أن لها قيمة مضافة.
ويقول في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن «القيمة المضافة تعتمد على حجم المخلَّف، فإذا كان كبيراً يمكن القبول بمشروعات ذات قيمة مضافة صغيرة أو متوسطة، ولكن إذا كان قليلاً، فيجب أن تكون القيمة المضافة عالية».
ويضيف أنه وفقاً لحجم هذا المخلَّف، فقد تكون الأدوية ومستحضرات التجميل هي الشكل الأمثل للتطبيق.
ويشير في هذا الإطار إلى نموذج من هولندا؛ حيث قامت إحدى الشركات بإنتاج جلود من قشر المانجو، وتم استخدامها في إنتاج الحقائب، وهذا نموذج لتعظيم القيمة المضافة لمخلف قد لا يكون كبيراً عندهم.
وحول فرص مثل هذه المنتجات، مقارنة بالمنتجات المصنعة من المصادر التقليدية، أوضح الميداني أن «الاقتصاد الحيوي الدائري» الذي يعتمد على تثمين المخلفات الطبيعية والاستفادة منها، سيكون هو التوجه العالمي بالصناعة في القريب العاجل؛ حيث بدأ كثير من دول الاتحاد الأوروبي العمل على هذا التوجه، ولا بد أن نكون في المنطقة العربية جاهزين أيضاً بأفكار.



الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
TT

الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)
لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)

اختار «مهرجان برلين السينمائي» الفيلم المصري «شرق 12» للمخرجة هالة القوصي، ليكون فيلم افتتاح برنامج «أسبوع النقاد» خلال دورته الـ75 المقررة في الفترة من 13 إلى 22 فبراير (شباط) 2025.

وكان الفيلم الذي يُعدّ إنتاجاً مشتركاً بين هولندا، ومصر، وقطر، قد عُرض للمرة الأولى عالمياً في مهرجان «كان السينمائي» ضمن برنامج «نصف شهر المخرجين»، خلال دورته الـ77، كما انفرد مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» بعرضه الأول في الشرق الأوسط ضمن برنامج «رؤى جديدة»، وحاز الفيلم على تنويه خاص من لجنة التحكيم في مهرجان «كيرالا السينمائي الدولي» بالهند، للتناغم بين عناصر الديكور والصوت والتصوير، كما جاء في حيثيات لجنة التحكيم. ويشارك الفيلم في مهرجان «روتردام السينمائي» ضمن قسم «أفضل الأفلام العالمية» في دورته التي تنطلق في 30 يناير (كانون الثاني) المقبل.

الفيلم من بطولة منحة البطراوي، وأحمد كمال، وعمر رزيق، وفايزة شمة، وينتمي لفئة «الكوميديا السوداء»، حيث تدور أحداثه في إطار الفانتازيا الساخرة من خلال الموسيقي الطموح «عبده» العالق في مستعمرة صحراوية معزولة ويقضي وقته بين حفر القبور وتأليف الموسيقى باستخدام آلات موسيقية اخترعها من أدوات منزلية، ويخطّط عبده للهروب من المستعمرة رفقة حبيبته للتخلص من هيمنة «شوقي بيه»، بينما الحكاءة «جلالة» تروي للناس قصصاً خيالية عن البحر، والفيلم من تأليف وإخراج هالة القوصي في ثاني أفلامها الطويلة بعد «زهرة الصبار».

وأبدت المخرجة المصرية الهولندية سعادتها باختيار الفيلم في «برلين»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تفاجأت باختياره لأن موزعته هي من تقدمت به، وأضافت: «لم أكن أعرف أن مهرجان (برلين) يقيم أسبوعاً للنقاد، على غرار مهرجاني (كان) و(فينيسيا)، عَلِمتُ بذلك حين اختاروا فيلمنا بوصفه فيلم افتتاح، هذا في حد ذاته شرف كبير، وقد قال لي الناقد طارق الشناوي إنها ربما المرة الوحيدة التي يتم فيها اختيار فيلم مصري لافتتاح هذا القسم».

المخرجة هالة القوصي في مهرجان «البحر الأحمر» (الشرق الأوسط)

وتلفت هالة إلى أن «أسبوع النقاد يُعد جهة مستقلة في جميع المهرجانات الكبرى عن إدارة المهرجان نفسه، ويقام تحت إدارة نقاد، وهو في مهرجان (برلين) لديه طبيعة نقدية وله بعد مفاهيمي من خلال عقد مناقشات بين الأفلام».

وترى هالة أن «أول عرض للفيلم يحدّد جزءاً من مسيرته، وأن التلقي الأول للفيلم في مهرجان (كان) الذي يُعد أكبر تظاهرة سينمائية في العالم، ويحضره عدد من نقاد العالم والمنتجين ومبرمجين من مختلف المهرجانات يتيح للفيلم تسويقاً أكبر وحضوراً أوسع بمختلف المهرجانات».

وعُرض فيلم «شرق 12» في كلٍ من السعودية والبرازيل وأستراليا والهند، حيث شاهده جمهور واسع، وهو ما تراه هالة القوصي غاية السينما؛ كونها تملك هذه القدرة لتسافر وتتفاعل مع مختلف الثقافات، في حين يرى الناس في بلاد مختلفة صدى لتجربتها الشخصية بالفيلم، موضحة: «لذلك نصنع السينما، لأنه كلما شاهد الفيلم جمهور مختلف وتفاعل معه، هذا يجعلنا أكثر حماساً لصناعة الأفلام».

بوستر اختيار الفيلم في مهرجان «برلين» (الشرق الأوسط)

وعن صدى عرض الفيلم في مهرجان «البحر الأحمر» مؤخراً، تقول المخرجة المصرية: «كان من المهم بالنسبة لي عرضه في مهرجان (البحر الأحمر) لأتعرف على ردود فعل عربية على الفيلم، وقد سعدت بها كثيراً، وقد سألني كثيرون، كيف سيستقبل الجمهور العربي الفيلم؟ فقلت، إن أفق الجمهور أوسع مما نتخيل، ولديه قدرة على تذوّق أشكالٍ مختلفة من الفنون، وهذا هو رهاني دائماً، إذ إنني لا أؤمن بمقولة (الجمهور عايز كده)، التي يردّدها بعض صناع الأفلام، لأن هذا الجمهور سيزهد بعد فترة فيها، وفي النهاية فإن العمل الصادق سيلاقي حتماً جمهوره».

لا تستعين هالة بنجوم في أفلامها، وتبرر ذلك قائلة: «لأن وجود أي نجم بأفلامي سيفوق أجره ميزانية الفيلم كلّه، فنحن نعمل بميزانية قليلة مع طموحٍ فني كبيرٍ، ونقتصد في كل النفقات التي لا تضيف قيمة للفيلم، نعمل في ظروف صعبة ليس لدينا كرافانات ولا مساعدين للنجوم، ونحرص على تكثيف فترات العمل وضغط النفقات في كل شيء، وهو ما لا يناسب النجوم».

ووفق الناقد خالد محمود، فإن «مهرجان (برلين) دائماً ما يمنح فرصاً للتجارب السينمائية الجريئة والمختلفة من المنطقة العربية والشرق الأوسط، والأفلام خارج سياق السينما التجارية، التي تجد متنفساً لها في مهرجان (برلين)».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «فيلم (شرق 12) يُعدّ أحد الأفلام المستقلة التي تهتم بها المهرجانات الكبرى وتُسلط عليها الضوء في برامجها، وقد حقّق حضوراً لافتاً في مهرجانات كبرى بدءاً من عرضه الأول في (كان)، ومن ثمّ في (البحر الأحمر)، ولا شك أن اختياره في أسبوع النقاد بـ(برلين) يمثل إضافة مهمة له».