فيولا ديفيس مع أوبرا: أحلام تهزم الخوف

أوبرا تحمل كتاب فيولا المُلهم في لقطة معها
أوبرا تحمل كتاب فيولا المُلهم في لقطة معها
TT

فيولا ديفيس مع أوبرا: أحلام تهزم الخوف

أوبرا تحمل كتاب فيولا المُلهم في لقطة معها
أوبرا تحمل كتاب فيولا المُلهم في لقطة معها

تسأل أوبرا وينفري ضيفتها على شرفتها في جزيرة ماوي، فيولا ديفيس «كيف تشعرين؟»، وتتلقّى الجواب بصدق «متوتّرة». تشكرها لحضورها في «مكاننا السعيد»، وتبدآن حواراً لـ«نتفليكس» حول كتابها الملهم «أجدُني» (Finding me)، حيث تسرد فصولاً من حياتها. يعرفان بعضهما منذ سنوات وهذا ليس لقاءهما الأول. لكنّ الإعلامية الأميركية الشهيرة حين قرأت السيرة، تأثّرت وذُهلت «كم هو مدهش! يا لها من حياة استثنائية عشتِها واستخدمتِ قوة لا أعرف من أين أتيتِ بها»، تتغزّل بإعجاب في ضيفة تدمع لإحساس بروعة الاحتواء.
طوال اللقاء (48 دقيقة)، وأوبرا في دهشة. تترك نظراتها تنطق بما يبتلعه الصمت لفرط الرهبة. وأمام حياة مليئة بانتصارات متتالية على الألم، تجد نفسها معنيّة بلفت أنظار العالم إلى أهمية قراءة الكتاب وتشارُك التجارب. تفتتح الحوار بسؤال يُطلق تنهيدة فيولا ديفيس «ما ميّز تلك المرحلة لدرجة استعدادكِ لكشف هذا الكم من الحقيقة عن ذاتك؟». ترتبك «هذا أكثر سؤال أخشاه. أيمكنني قول ذلك يا أوبرا؟».
كانت تمرّ بأزمة وجودية سيئة، وعزّزت الجائحة شعورها بالحاجة إلى الإجابة عن أسئلة مُعذّبة «ما معنى وجودي؟ كيف أتواصل مع العالم في ظل إحساس بالعزلة والتفكك؟». خانها ظنٌ بأنّ الشهرة تحمل المرء إلى إدراك معنى حياته وتبلغ به توقه إلى المكانة القوية. لا! لم تكن مثل «سندريلا» السعيدة بأميرها الوسيم وحياة السلام والفرح. ما حصل كان حماساً في البداية، ثم حلّ شعور بالإنهاك ونفاق الصداقات والعلاقات وبكمّ الناس الذين يتخطّون حدودهم ويُشعرونها بأنها سلعة. تهزّ أوبرا رأسها تقديراً لنبل البوح.
كل ما عرفته هو أنها تشاء قدراً آخر. كان السؤال «ماذا تريدين يا فيولا؟». الشيء الوحيد الذي خطر لها هو العودة إلى جذور القصّة. فالمرء حين يسرد قصّته مرة تلو الأخرى، يسمع تفاصيلها بوضوح ويعيد التفكير في مصيره. بداية الحكاية حملتها إلى فيولا ببساطة شخصيتها وصفائها. أوبرا مذهولة «واو»!
فوزٌ واحد وأربعة ترشيحات، جعلتها أكثر ممثلة سمراء البشرة تنال تقديراً في تاريخ الـ«أوسكار». في حفل توزيع جوائزه العام 2017، أطلّت بفستان أحمر يختزل العناد، لتقول بتأثر أمام العيون والكاميرات «أشكر الله أنني أصبحتُ فنانة. هذه المهنة الوحيدة التي تحتفل بمعنى الحياة».
المسرح حبها الأول، عبره تكون شخصيات لا يمكنها دائماً أن تكونها. كما مُنحت جائزة «إيمي»، نالت كذلك جائزتَي «توني» عن مسرحيتَيْن للكاتب المسرحي الأسطوري أوغست ويلسون. تحدّث عن ظروفها وهي تتسلّم إحداهما العام 2010، بإطلالة صارمة بالأصفر «وُلدت في ظروف منعتني من رؤية الفرص بعيني ومن لمسها بيدَي. لذا؛ كان عليّ أن أؤمن بقلبي».
أوبرا مستمعة رائعة، وإنسانة. تتقاسم المعاناة مع مَن يجرجرون خلفهم عذاباتهم، كأنها بالإصغاء تُهوّن. تحمل الكتاب ككنز بين يديها، ومن عمقه تتناول أسئلتها المصوَّبة نحو صميم ضيفتها. تعيدها إلى تلك الفتاة بسنّ الثامنة في الصف الثالث. كانت تنتظر بجانب الباب الخلفي في وقت مغادرة التلامذة، لتنطلق في الركض فور رنّ الجرس. أرادت سباق الجميع للوصول إلى منزلها هرباً من فتيان نعتوها بـ«السوداء البشعة والزنجية». تلك الذكرى شكّلت شخصيتها.

 أوبرا وينفري تدعو العالم إلى قراءة كتاب فيولا ديفيس

لا تزال تلك الفتاة الصغيرة المتأذية التي صدّقت أنها بشعة. ترى الحياة «عبارة عن موت للذات»، وتؤمن بطائر الفينيق القادر على النهوض من الرماد «هذا جزء من رحلة المرء لإيجاد نفسه»، تقول مَن عبرت دهاليز الصدمات والسخرية، حتى قابلت ذاتاً قديمة لم تعد تريدها، فوجدت نفسها أمام خيارين «البقاء حيث نحن لتبتلعنا، أو المضي قدماً. لم أردها أن تبتلعني، وصممتُ أن أكون مختلفة».
تُقلّب أوبرا صفحاتها، بعضها معقّد. كعلاقتها بوالديها، ثم رحلة الغفران لبلوغ الشفاء. كان الأب عنيفاً، لكنه الرجل الأول الذي أحبّها. وتصف الأم بـ«الوفية والمقاتلة، ضحّت بنفسها». تستعيد في مصارحة شفّافة صراع العائلة من أجل البقاء رغم الظرف القاهر «حرمان، فقر مدقع، حيث الجصّ يتساقط عن الجدران ونشعر بجوع دائم. وحيث الجرذان تلتهم وجه دميتي بأسنانها». على سبيل الإعجاب بهالة نجمة شقّت بإصرار طريقها، يرتفع صوت أوبرا «تحية للفقر المدقع!»، شاكرة معاناة تصنع الكبار.
تختار مقطعاً صادماً من الكتاب تتحدّث فيها صاحبة شخصية «أناليس كيتنغ» في مسلسل «كيف تفلت بجريمة قتل» (How to get away with murder)، عن العنف في منزلها. كان والدها يضرب والدتها وهي بينهما تحاول ردعه، حتى أنه سدّد كوباً زجاجياً نحو وجهها. بـ«شجاعة لا تذبل»، بوصف أوبرا، تبلغ مرحلة الصفح. تسامح أولاً من أجلها.
في صغرها، ظنّت أنها ملعونة وبأن أحداً لن يراها جميلة. لكنها أحبّت وتزوّجت وتبنّت طفلة تُشعرها بامتدادها الإنساني نحو الخير. فيولا ديفيس أهم من ظروف حياتها؛ أحلامها تهزم مخاوفها. ترى حاجتها إلى الحلم كحاجتها إلى الطعام والشراب «فالحلم لم يكن مجرد هدف لي، بل طريقي إلى النجاة». تكتب لتتقبّل قصتها ورفضاً لتجاهل تاريخها. العيش للسلام والسعادة خلاصة الجدوى الإنساني.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.