فيروس «كورونا» يثير مخاوف كوريا الجنوبية بعد وفاة سادس مريض وإصابة 87

فرض الحجر الصحي على قرية بأكملها وتعقب من يخالف الأوامر

عائلة تستخدم كمامات خوفا من العدوى بعد أنباء انتشار كورونا في سيول أمس (أ.ب)
عائلة تستخدم كمامات خوفا من العدوى بعد أنباء انتشار كورونا في سيول أمس (أ.ب)
TT

فيروس «كورونا» يثير مخاوف كوريا الجنوبية بعد وفاة سادس مريض وإصابة 87

عائلة تستخدم كمامات خوفا من العدوى بعد أنباء انتشار كورونا في سيول أمس (أ.ب)
عائلة تستخدم كمامات خوفا من العدوى بعد أنباء انتشار كورونا في سيول أمس (أ.ب)

تزداد المخاوف في سيول من انتشار متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (فيروس كورونا) بعد الإعلان عن سادس حالة وفاة وتشخيص إصابة 87 بالمرض في كوريا الجنوبية. وشددت رئيسة البلاد بارك جون هاي على أهمية التصدي لتطور الفيروس الذي ينتشر في كوريا الجنوبية منذ الشهر الماضي. جاءت تصريحاته بعد يوم من بدء السلطات استخدام أجهزة الهواتف الجوالة لتعقب من يخالفون الحجر الصحي.
وأعلنت وزارة الصحة في كوريا الجنوبية أمس عن 23 إصابة جديدة ليصل المجموع إلى 87. وأصبح لدى كوريا الجنوبية الآن ثاني أكبر عدد من المصابين في العالم بعد المملكة العربية السعودية وفقا للبيانات الصادرة عن المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها. ودفعت المخاوف من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية - التي يسببها فيروس كورونا - الناس لشراء أقنعة الوجه لحماية أنفسهم، وأدى ذلك إلى نقص الأقنعة في الأسواق.
وقال صيدلي كوري جنوبي يدعى لي جونغ مين إن «خبر ظهور متلازمة الشرق الأوسط التنفسية مفاجئ للغاية. الشركة أو المورد المحلي للأقنعة وحتى المستوردون مثل (إم 3) ليس لديهم ما يكفي من المنتجات. لا يمكننا بيع سوى نحو 600 قناع يوميا على الرغم من أن الطلب يبلغ ألفا. هذا يعني أن الطلب أكبر بكثير من العرض».
وزادت مبيعات لوتي مارت وهو واحد من أكبر الأسواق في كوريا الجنوبية من أول يونيو (حزيران) حتى أول من أمس من نفس الشهر بنحو 3000 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
وأصبح رجل يبلغ من العمر 80 عاما سادس حالة وفاة في كوريا الجنوبية بسبب المرض الذي ظهر للمرة الأولى في الشرق الأوسط عام 2012. وينتمي الفيروس إلى نفس الفيروسات التاجية التي ينتمي إليها فيروس متلازمة الجهاز التنفسي الحاد «سارز». ولم توص منظمة الصحة العالمية بفرض قيود على السفر، إذ عبرت مديرتها العامة مارغريت تشان عن اعتقادها بأن كوريا الجنوبية ستكون قادرة على احتواء التفشي.
لكن منظمة السياحة الكورية قالت إن القلق يتزايد وإن نحو 25 ألف شخص ألغوا رحلات إلى كوريا الجنوبية بين الخامس والسابع من يونيو الحالي.
وأفادت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية «يونهاب» بأن تصريحات بارك جاءت أثناء زيارتها لمركز الدعم المكافح لمرض (ميرس)، في المجمع الحكومي بعد ظهر أمس بالتوقيت المحلي، حيث أكدت أن «الحكومة تبذل كل طاقتها لتأسيس نظام تقاسم المعلومات حول المشتبه في إصابتهم بالمرض». وأوضحت أن «الحكومة ستشكل فريق مواجهة للاستجابة السريعة للمرض بمشاركة خبراء، وذلك لمعرفة طرق عدوى المرض، وكسر حلقة الوصل لتفشيه والحد من الاتصال بين المرضى والمواطنين».
وأدى الخوف من فيروس «كورونا» في كوريا الجنوبية إلى إحجام الجمهور عن حضور مباريات البيسبول واعتماد المترددين على الكنائس الانحناء تحية لبعضهم البعض بدلا من المصافحة وكذلك وضع قرية بأكملها رهن الحجر الصحي. وقال أحد سكان قرية جانجدوك المعزولة عبر الهاتف لوكالة «رويترز»: «كل شيء حدث فجأة.. لا أستطيع المغادرة. لا أستطيع التحرك. إذا خرجت من هنا ستقبض علي الشرطة أو تتعقبني عبر الهاتف الجوال». وهناك نحو 2500 كوري جنوبي يحتمل مخالطتهم لمصابين بفيروس كورونا يخضعون للحجر الصحي بعضهم في المستشفيات لكن أغلبهم في المنزل. وتتعقب الحكومة الهواتف الجوالة لمنع الناس من انتهاك الأمر.
وقال مسؤول إن امرأة كانت في الحجر الصحي تم تعقبها حتى ملعب غولف حيث اختفى أثرها هناك وطلب منها العودة للمنزل.
وقال مسؤول في مركز صحة «جانجنام» إن المرأة - وهي من سكان منطقة جانجنام في سيول - امتنعت عن الإجابة على هاتفها وذهب مسؤولو الصحة إلى منزلها لمعرفة أين ذهبت. وعندما لم تفتح الباب استدعوا الشرطة التي بدورها تعقبتها عبر الهاتف الجوال وصولا إلى ملعب غولف يبعد مئات الكيلومترات.
وشخصت حالة 87 شخصا في البلاد بأنها إصابة بفيروس كورونا توفي منهم ستة في أكبر تفش للفيروس خارج السعودية. وحدثت جميع حالات الإصابة داخل منشآت علاجية بعد عودة رجل من رحلة عمل في الشرق الأوسط مطلع الشهر الماضي. وقالت منظمة الصحة العالمية إنه لا يوجد دليل على انتقال مستمر للفيروس من شخص لآخر بشكل مباشر.
ويقوم رجال يرتدون ملابس بيضاء واقية بحراسة الطرق المؤدية لقرية جانجدوك الواقعة على بعد 280 كيلومترا جنوب سيول في إقليم نورث جيولا وهي منطقة تشتهر بمعجون الفلفل الأحمر الحار.
وقال أحد سكان جانجدوك الذي رفض نشر اسمه: «لسنا في وسط حرب.. ولم يتم إخطارنا مسبقا» بالإجراءات. والاتصال الوحيد لسكان القرية مع العالم الخارجي يتمثل في زيارتين يوميا لمسؤولي الصحة الذين يفحصون درجات حرارتهم. وقالت وزارة السلامة العامة والأمن أمس إنها ستوفر الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى لسكان القرية.
وفرض الحجر الصحي على القرية في وقت متأخر الخميس الماضي بعد أن تم تشخيص حالة إحدى السكان (عمرها 72 عاما) بأنها إصابة بفيروس كورونا. ومرضت المرأة بعد أن عادت من وجودها لفترة في مستشفى بمدينة بيونجتيك الواقعة في بؤرة التفشي.
وقال طبيب من كوريا الجنوبية يدعى تشو مو - جين وهو رئيس الجمعية الطبية الكورية إن ارتداء قناع يمكن أن يمنع انتقال الفيروس. وأوضح لـ«رويترز»: «يمكن أن يسد القناع الطريق أمام رذاذ الجسيمات الصغيرة لذلك يمنع انتقال متلازمة الشرق الأوسط التنفسية. يجب على الناس ارتداء القناع في المناطق المزدحمة أو المستشفيات. إنه يساعد في منع إصابتهم».
وبدورها، رفعت هونغ كونغ من مستوى الرد على تفشي فيروس كورونا في كوريا الجنوبية إلى «خطير» بعد ارتفاع حالات الإصابة وتنامي مخاوف من التداعيات الاقتصادية للمرض. وقال مركز حماية الصحة في هونغ كونغ: «تنصح وزارة الصحة الجمهور بتفادي السفر إلى كوريا دونما ضرورة ولا سيما من يعانون من أمراض مزمنة».



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».