زيارة قصر باكنغهام في لندن تعد من الثوابت في قائمة أي سائح يزور العاصمة البريطانية للمرة الأولى، فالقصر ببنائه المميز وبالتاريخ العريق الذي يحمله بين جنباته جذاب على أكثر من مستوى. وقد يكتفي البعض بالتقاط الصور أمام القصر لتودع الصور في خزانة ذكريات الهاتف، لكن لمن يعرف روزنامة الفعاليات في لندن فهناك فرصة لدخول القصر المهيب والتجول في جنباته ومعاينة الغرف التي تمر فيها الملكة إليزابيث وعائلتها.
وحسب العادة السنوية (التي توقفت لعامين بسبب الجائحة) يفتح القصر أبوابه للزوار هذا الصيف؛ بدءاً من اليوم 22 يوليو (تموز)، ويضيف لمتعة زيارة الغرف الرسمية معرض نماذج لمجموعة من مجوهرات الملكة إليزابيث، بجانب أولى الصور الفوتوغرافية التي التقطت لها.
صورة التقطتها دوروثي وايلدينغ للملكة وهي ترتدي تاجاً ماسياً هدية من جدتها الملكة ماري (رويال كوليكشن)
الرحلة لداخل القصر تبدأ من مدخل السفراء وعبره نمر برواق طويل يحمل على جانبيه مجموعة من اللوحات الزيتية للملكة، وسرعان ما نجد أنفسنا أمام السلم الرئيسي الذي يأخذنا للغرف الرسمية.
المرور عبر الغرف الرسمية يأخذ بالأنفاس في كل مرة، الأثاث الرفيع والثريات والمعمار المميز للغرف لا يخفق كل هذا في إبهارنا. ولا يقل إبهاراً التجول في «بيكتشر غاليري» أو صالة الصور التي تعرض مجموعة من أهم اللوحات العالمية من مقتنيات الملكة، فهنا نرى أعمال لرمبرانت وفيرمير وكاناليتو وغيرهم من الفنانين العالميين.
ماس وزمرد وصور
تأخذنا الجولة لمعرض مجوهرات الملكة إليزابيث، إذ نظم القصر سابقاً معرضاً لأهم القطع في خزانة الملكة، ولكن هذا العام وبمناسبة الاحتفال باليوبيل الماسي يخصص المعرض لمرحلة زمنية محددة تتبع رحلة الملكة إلى العرش، فنرى صوراً فوتوغرافية للملكة في مراحل مختلفة من عمرها ترافقها المجوهرات التي تحلت بها في تلك الصورة.
المعرض يحمل عنوان «اليوبيل البلاتيني: اعتلاء الملكة العرش»، ويحتفل ببداية حكم الملكة ويتركز على 24 صورة رسمية التقطتها المصورة دوروثي وايلدينغ، وللمرة الأولى تعرض النسخ الأصلية للصور وإلى جانب كل صورة قطع المجوهرات التي ارتدتها الملكة وقتها.
الملكة ترتدي تاج فلاديمير وقلادة دوربار (ويليام وجورجينا هاسلر - رويال كوليكشن)
المصورة وايلدينغ أصبحت أول مصورة خاصة بأفراد العائلة الملكية في عام 1937 عندما كلفت بالتقاط صور رسمية لتتويج الملك جورج السادس والملكة إليزابيث، وقد التقطت وايلدينغ خلال المناسبة صورة للأميرة إليزابيث الطفلة (11 عاماً) وشقيقتها الأميرة مارغريت، وهنا يقدم المعرض الفستان الذي ارتدته الطفلة إليزابيث في تلك الصورة، وهو فستان من اللون العاجي مع عباءة باللون الأرجواني وتاج ذهبي.
نرى أيضاً الصور التي التقطتها وايلدينغ لخطوبة الملكة إليزابيث والأمير فيليب ثم الصور الأشهر للملكة وهي الصورة الرسمية التي وضعت على الطوابع البريدية والعملات المعدنية.
التاج الذي ارتدته الملكة يوم تتويجها وهو مرصع بـ1300 ماسة (رويال كوليكشن)
وتأخذنا جولة المجوهرات لقطع أثيرة لدى الملكة منها إسوار من كارتييه مرصع بالماس والزفير هدية من والدها الملك جورج السادس في عيد ميلادها الـ18، هدية عيد ميلاد أخرى هنا وإن كانت رسمية الطابع، وهي قلادة من الماس هدية من حكومة جنوب أفريقيا بمناسبة عيد ميلاد الأميرة إليزابيث الـ21، نعرف أن القلادة الأصلية تكونت من 21 قطعة من الماس وتم تقصيرها في عام 1952 وصُنعت إسواره مرافقة ضمت ستة من أحجار الماس.
من القطع المألوفة في المعرض يظهر التاج الماسي الخاص بجدة الملكة إليزابيث الملكة ماري في عام 1893، الذي أهدته لحفيدتها الملكة إليزابيث في عام 1947 مع زوج من الأساور الماسية ودبوس للصدر مرصع بالماس.
قلادة من الماس هدية من حكومة جنوب أفريقيا بمناسبة عيد ميلاد الأميرة إليزابيث الـ21 (رويال كوليكشن)
من الهدايا التي تلقتها الملكة بمناسبة زفافها قلادة ترصعها 300 ماسة من حاكم حيدر آباد الذي طلب من الصائغ كارتييه في لندن تنفيذ قطعة تختارها الملكة إليزابيث بنفسها. وقد ارتدتها الملكة أثناء جلسة تصوير مع دوروثي وايلدينغ في عام 1952 وهي الصورة التي اعتمدت على طوابع البريد والعملات المعدنية حتى عام 1971.
من القطع الأخرى، هناك التاج الشهير الذي ارتدته الملكة يوم تتويجها، وهو مرصع بـ1300 ماسة وصنع في الأصل لتتويج جورج الرابع في عام 1821.
في الصورة التي التقطتها وايلدينغ للملكة في عام 1956، وهي جلسة التصوير الأخيرة لها، ارتدت الملكة تاج «فلاديمير» الذي صُنع لدوقة روسيا الكبرى فلاديمير نحو عام 1874 وباعته ابنتها للملكة ماري في عام 1921 وورثته الملكة إليزابيث في عام 1953، ويتميز التاج بأنه يمكن ارتداؤه بأكثر من طريقة؛ حيث يمكن إزالة الزمرد المعلق أو استبدال اللآلئ به. ارتدت الملكة خلال التصوير عقداً مذهلاً آخر يعرف باسم عقد دلهي دوربار، ويضم تسعة أحجار زمرد تتدلى منها قطعة من الألماس عيار 8.8 قيراط مقتطعة من ماسة كولينان، أكبر ماسة تم العثور عليها على الإطلاق.
عقد دلهي دوربار يضم تسعة أحجار زمرد تتدلى منها قطعة من الماس عيار 8.8 قيراط (رويال كوليكشن)
بروش ماسي هدية من الملكة ماري لحفيدتها الملكة إليزابيث (المجموعة الملكية)
مأدبة غداء من قماش اللباد لليوبيل الماسي
في نهاية الجولة، لا بد من الحديث عن عرض فني بديع للفنانة لوسي سبارو يمثل مأدبة طعام بطول ستة أمتار متخمة بالأطباق الإنجليزية الشهيرة، من الشطائر إلى كرات اللحم بالبيض «سكوتش إيغ» إلى الكيك والفواكه المختلفة مثل الفراولة، وفناجين الشاي.
العرض ممتع بصرياً على كل المستويات غير أن كل قطعة فيه مصنوعة من قماش اللباد. وقد سبق عرض المأدبة القماشية في احتفالات اليوبيل الماسي في شهر يونيو (حزيران) الماضي.
* الافتتاح الصيفي لقصر باكنغهام يستمر حتى 2 أكتوبر (تشرين الأول).