الموت يغيّب أحمد مرسي «رائد» الأدب الشعبي المصري

قاد فريق تسجيل «الأراجوز» في اليونيسكو

صورة للراحل (أرشيفية)
صورة للراحل (أرشيفية)
TT

الموت يغيّب أحمد مرسي «رائد» الأدب الشعبي المصري

صورة للراحل (أرشيفية)
صورة للراحل (أرشيفية)

غيّب الموت الدكتور أحمد مرسي، أحد رواد الأدب والفلكلور الشعبي المصري، عن عمر يناهز 78 عاماً، وشُيّعت جنازة الراحل، عقب صلاة ظهر الأربعاء، من مسجد الشرطة بالشيخ زايد، قبل أن يوارى جثمانه الثرى بمقابر الأسرة بطريق الواحات بمدينة السادس من أكتوبر (تشرين الأول).
ونعت وزارة الثقافة المصرية مرسي، عضو المجلس الأعلى للثقافة، والذي شغل في فترة سابقة منصب رئيس دار الكتب والوثائق القومية، وقالت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، إن «الراحل من أبرز الخبرات الأكاديمية في مجال التراث والفلكلور الشعبي، وقدم إسهامات تمثل علامات فارقة في الثقافة المصرية، وساهم في توثيق العديد من الملفات المصرية لدى اليونيسكو»، كما نعى الكتّاب والمثقفون الراحل في صفحاتهم عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيدين بدوره في الحفاظ على التراث المصري.
على مدار السنوات الماضية انشغل مرسي بجمع الأمثال والمقولات الشعبية، وكان يحرص يومياً على الترويج لها في منشورات صباحية عبر حسابه الشخصي على «فيسبوك»، تبدأ بالمثل الشعبي «يصبحكم ويربحكم وبين العباد ما يفضحكم»، كان أصدقاؤه ينتظروها يومياً.
وُلد مرسي، في يناير (كانون الثاني) عام 1944 بمحافظة كفر الشيخ، والتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة، حيث تخرج فيها عام 1963، وواصل مسيرته العلمية بحصوله على درجتي الماجستير والدكتوراه من الكلية ذاتها.
تدرج مرسي في الوظائف الجامعية، حيث ترأس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة، ثم شغل منصب عميد كلية الآداب بجامعة بني سويف، وعميد المعهد العالي للفنون الشعبية بأكاديمية الفنون، وعمل أستاذاً زائراً في العديد من الجامعات العربية والأجنبية.
ونعى الشاعر والصحافي محمد بغدادي، مرسي، واصفاً إياه بـ«الصديق والوالد والأستاذ»، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «الراحل له إنجازات متعددة في مجال التراث الشعبي؛ فهو أول من أسس قسماً للتراث الثقافي والمأثورات الشعبية داخل كلية الآداب، وأول من وضع تصوراً وبروتوكولاً لإنشاء معهد الفنون الشعبية، وكان أول عميد للمعهد، وهو من وضع المناهج الدراسية لهذا المعهد، كما كان أحد مؤسسي مجلة الفنون الشعبية الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب، وهو باحث متميز يجيد اللغتين الإسبانية والإنجليزية».
عمل مرسي مستشاراً ثقافياً لدى سفارة بلاده في روما ومدريد، وتولى العديد من المناصب الإدارية بوزارة الثقافة المصرية، من بينها رئيس دار الكتب، ومدير مركز الفنون الشعبية، ومستشاراً لوزير الثقافة لشؤون التراث الشعبي، كما كان عضواً في الكثير من اللجان العلمية والمتخصصة في مجال التراث الشعبي والفلكلور في مصر والعالم، وله الكثير من المؤلفات المهمة والأبحاث المنشورة في مجال التراث والفلكلور، كما حصل على عدد من الجوائز.
وينسب لمرسي قيادته الفريق المصري الذي استطاع عام 2018 إدراج ملف الدمى اليدوية التقليدية «الأراجوز» على قائمة الصون العاجل للتراث غير المادي بمنظمة اليونيسكو.
وقال بغدادي، إن «مرسي هو أول من أسس أرشيفاً كاملاً للمأثورات الشعبية يضم 160 ألف عنصر من عناصر التراث الشعبي، من غناء، ومأثورات، وحكايات، وغيرها، كما أنه ألّف أطلس الفلكلور الشعبي»، مشيراً إلى أن «مرسي كان ممثل الدول العربية في لجنة اليونيسكو الدولية لتقييم عناصر التراث غير المادي، واستطاع عام 1971 وضع قانون داخل اليونيسكو لصون وحماية التراث الإنساني».
وأضاف، أن «مرسي ظل ممثلاً للدول العربية في اليونيسكو حتى العام الماضي عندما تولت الدكتور نهلة إمام هذه المهمة»، مشيراً إلى أن «الفضل يعود لمرسي في تسجيل السيرة الهلالية والتحطيب والأراجوز في قوائم اليونيسكو».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».