لجنة التشريع العام في البرلمان التونسي تبدأ مناقشة قانون الانتخابات

دعوات جديدة لمنع رموز النظام السابق من الترشح

البرلمان التونسي
البرلمان التونسي
TT

لجنة التشريع العام في البرلمان التونسي تبدأ مناقشة قانون الانتخابات

البرلمان التونسي
البرلمان التونسي

بدأت لجنة التشريع العام في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) التونسي، أمس، مناقشة مشروع القانون الانتخابي، وهو القانون الذي سينظم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتوقع إجراؤها قبل نهاية السنة الحالية. ومن المتوقع أن تنهي اللجنة النظر في هذا المشروع ما بين أسبوعين إلى شهر من الآن.
وهذه هي الخطوة الأخيرة في سلسلة استكمال المسارات الثلاثة (الحكومي والتأسيسي والانتخابي) لتتهيأ البلاد بعد ذلك لإجراء ثاني انتخابات بعد الثورة.
وعادت فكرة منع قيادات النظام السابق من الترشح إلى واجهة النقاشات مثلما حصل قبيل انتخابات سنة 2011. ولئن حسم الخلاف بمنع رموز النظام السابق من الترشح في أول انتخابات بعد الثورة، فإن الموضوع سيكون مختلفا الآن بعد فشل تمرير قانون تحصين الثورة.
وتقدم بمشروع القانون الانتخابي، الذي وقع عليه الاختيار، مجموعة من الخبراء في القانون الدستوري وبعض الجمعيات الناشطة في مجال الحقوق والحريات. وفي حال إنهاء مناقشتها للقانون الانتخابي، ستعرض اللجنة تقريرها في جلسة عامة ليتولى أعضاء البرلمان التصويت عليه.
وتتطلب عملية التصديق على القانون الانتخابي توفر أغلبية الأصوات داخل المجلس التأسيسي أي موافقة 109 أعضاء من إجمالي 217 نائبا.
وتوقع أكثر من طرف سياسي أن يكون القانون الانتخابي الذي سيعرض لاحقا للتصديق عليه «آخر معارك المجلس التأسيسي». ولوح أكثر من قيادي سياسي بمعارضة القانون الانتخابي في الصيغة التي عرض عليها في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2011، وألح على ضرورة مناقشة مجموعة من النقاط الخلافية التي لا تزال تقف حجر عثرة أمام التوافق حول القانون الانتخابي المعتمد في المحطة الانتخابية المقبلة.
وبشأن هذا الجدل الدائر حول هذا القانون، قالت كلثوم بدر الدين، رئيسة لجنة التشريع في المجلس التأسيسي لـ«الشرق الأوسط»، إن تحديد مدة مناقشة القانون المعروض على اللجنة في أسبوعين «أجل لا يمكن الالتزام به»، وتوقعت من ناحيتها أن تدوم النقاشات قرابة الشهر على أقل تقدير. وبررت هذه المدة بوجود مجموعة من النقاط الخلافية المهمة من بينها خاصة طريقة تسجيل الناخبين وهل ستكون إرادية أم بصفة آلية، وتحديد أوراق الاقتراع، وتوزيع اللوائح والأشخاص، بالإضافة إلى التمويل العمومي للحملات الانتخابية والتصويت في صفوف الأميين لتنتهي تلك النقاط الخلافية بموضوع تجريم تزوير الانتخابات والعقوبات القانونية في حال ثبوت مخالفات انتخابية.
ونبهت بدر الدين إلى ضرورة توسيع دائرة التوافق حول القانون الانتخابي وألا يعمد أعضاء المجلس في فترة لاحقة إلى إغراق القانون الانتخابي بمقترحات تعديلية كثيرة لأن ذلك سيكون، وفق تعبيرها، على حساب العملية الانتخابية وتحديد موعد ثابت للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة وفي غضون ذلك، عاد موضوع «العزل السياسي» إلى الواجهة، وبدأت التساؤلات حول تضمين قانون تحصين الثورة في ثنايا القانون الانتخابي. وكانت مجموعة مهمة من نواب المجلس التأسيسي (البرلمان) قد تمسكت بمنع ترشح وجوه ورموز سياسية من العهد السابق. وكان الفصل 15 من مرسوم انتخابات 2011 قد استثنى من تحملوا مسؤولية في هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل ومنعهم من الترشح للانتخابات، وكل من ناشد الرئيس السابق الترشح لفترة رئاسية جديدة لسنة 2014.
وفي هذا السياق، دعم بلقاسم حسن رئيس حزب الثقافة والعمل (تأسس بعد الثورة) في حديثه مع «الشرق الأوسط» مبدأ منع قيادات النظام السابق من الترشح لفترة زمنية معينة وعده «أمرا ضروريا» لأن الساحة السياسية تضررت من ممارسات سابقة على غرار تزوير الانتخابات وعدم معارضة النظام السابق والتكتم عن أخطائه، على حد تعبيره
وتختلف نظرة الأحزاب التونسية ومواقفها بشأن القانون الانتخابي الجديد، وتتمسك الأحزاب الصغرى بمبدأ الاقتراع على الأشخاص، في حين تميل الأحزاب الكبرى إلى الاقتراع على القوائم الانتخابية سيكون في صالحها. ولا يتفق الفرقاء السياسيون كذلك على إمكانية الجمع بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتنادي بعض القيادات السياسية بالفصل بين المحطتين الانتخابيتين بواقع شهرين على الأقل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».