«مون بلان» تستوحي مجموعتها «سفوماتو» من ليوناردو دافينشي وتطورها لرجل عصري

جيروم لامبرت رئيسها التنفيذي لـ«الشرق الأوسط»: بدون متعة في العمل لا يتحقق النجاح

TT

«مون بلان» تستوحي مجموعتها «سفوماتو» من ليوناردو دافينشي وتطورها لرجل عصري

منذ تأسيس دار «مون بلان» في عام 1906، وهي تكتب فصولا من مسيرتها ومن التاريخ، بقلم حبر يشهد له الكل بالجمال والدقة. ففي عام 1963 استعمله المستشار الألماني كونراد أديناور لتوقيع كتاب كولونيا الذهبي، والطريف أن القلم لم يكن له، بل للرئيس الأميركي جون كينيدي، الذي كان يرافقه حينها وأنقذه من الحرج عندما اكتشف المستشار في آخر لحظة أنه لا يحمل معه أي قلم. وينستون تشرشل أيضا وقع بقلم من صنع «مون بلان» الكثير من الوثائق والمعاهدات التي غيرت وجه التاريخ، فضلا عن آخرين وقعوا أسرى لقوته وجاذبيته مثل إرنست هيمنغواي ونيلسون مانديلا وغيرهم كُثر. لكن من الخطأ التركيز على «مون بلان» كشركة صناعة أقلام فحسب، لأنها دار تخاطب الزبون العارف بمنتجات متعددة من الإكسسوارات الجلدية الراقية إلى الساعات الفاخرة والعطور والجواهر. ورغم أن إيقاعها ظل ينبض دائما بقوة، فإنها وصلت إلى مرحلة الغليان منذ أن التحق بها جيروم لامبرت، كرئيس تنفيذي منذ عامين تقريبا. الكل لاحظ منذ ذلك الوقت أنها اكتسبت ديناميكية جديدة تمزج الكلاسيكي، المتمثل في إرثها العريق، بالعصري الذي تفرضه أحوال السوق.
مؤخرا، قدمت الدار مجموعة من الإكسسوارات الجلدية أطلقت عليها اسم «سفوماتو» بحضور كل من جيروم لامبرت، ووجه «مون بلان» النجم هيو جاكمان، الذي كان يسأل الحرفيين الآتين من فلورنسا عن تفاصيل كل قطعة بتلقائية وفضول ممزوج بالانبهار، وكأنه طفل صغير في محل شوكولاته. يعلق جيروم لامبرت في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» على هامش المناسبة، أن تلقائية النجم الأسترالي الأصل هي التي جعلت الكل في الدار يُرشحونه سفيرا لهم. ليس لأنه يجسد ديناميكية «مون بلان» وحدها، بل أيضا قدرتها على التواصل والتفاعل مع الآخر من دون قيود أو بروتوكول. يشرح جيروم: «عندما بدأنا البحث عن وجه يمثل (مون بلان) لك أن تتصوري كم كانت لدينا من خيارات وأسماء، لكن هيو جاكمان تميز عنهم جميعا. فإلى جانب أنه إنسان رائع وقريب من القلب، اكتشفنا أن الكتابة جزء مهم من حياته وروتينه اليومي. لقد كشف لي أنه كل مساء وقبل أن يخلد للنوم يكتب بالتفصيل كل ما قام به في ذلك اليوم، على شكل رسائل أو خواطر يوجهها لأطفاله، لكنه لا يرسلها إليهم، بل يحتفظ بها لنفسه على أن يقدمها لهم عندما يكبرون».
في البداية اعتقد بعضهم أنه يُبالغ من باب المزح والدعابة، لكنه أكد لهم أنه فعلا يقوم بهذا الأمر بشكل يومي منذ سنوات كثيرة. غني عن القول إن القرار بعد ذلك أصبح واضحا وسهلا، وكانت القصة كافية لكي يتفق الجميع أنه وجههم المثالي. كان لامبرت يحكي هذه القصة بانبهار، أو كأنه لا يزال في حالة الاستغراب التي غمرته عندما سمعها لأول مرة. عندما تحول الحديث إلى «مون بلان» وإرثها الغني الذي قد يراه البعض مجرد قلم حبر، أصبح في عداد التحف كما يدل اسمه «ماسترتورك» باللغة الألمانية، يستجمع أفكاره بسرعة ويقول: «إنها أكثر من ذلك بكثير، فهي أسلوب حياة».
يؤكد جيروم لامبرت أنه يرفض الاستكانة لأمجاد الدار، ويحرص أن يضع بصمته عليها، وهو ما أنجزه بالفعل منذ التحاقه بها منذ 18 شهرا تحديدا. ما ساعده على تحقيق المراد أنه يتمتع بالكاريزما وبخبرة طويلة في مجال الساعات الفاخرة، إذ سبق له العمل مع كل من «جيجير لوكولتر»، و«أ. لانغة أند صونة».
صحيح أن 18 شهرا ليست بالفترة الطويلة التي تسمح بتقييم أي رئيس تنفيذي بشكل نهائي، لكنه يعترف بأنه يشعر كما لو أنه ينتمي إلى الدار منذ أكثر من عشر سنوات. فهو يعيش فيها من الصباح إلى المساء، يتنفس روائح جلودها وهو يتحدث مع الحرفيين في فلورنسا ويسألهم عن استراتيجيتهم وآخر التصاميم، وينصت لنبض كل ساعة وهو يزيد قوة في «مينرفا»، معامل الدار بفيليريه.
لا يخفي لامبرت أن ارتباط الدار بأقلام «مايسترستوك»، وما تتمتع به هذه الأيقونة من مكانة عالمية، شكل تحديا أقرب إلى الاختبار بالنسبة له. فقد كانت ابتكارا ثوريا عندما طُرحت لأول مرة ولا تزال، وبالتالي لم يكن نجاحه ممكنا لو لم يتسلح بالجرأة ودخول مجالات لم يكتشفها الغير ليرسخ مكانته. بيد أنه لم يتجاهل «مايسترستوك» فهي تدخل في صلب جينات الدار وأحد أقوى دعائمها، وما قام به أنه درس مكامن قوتها من كل الجوانب لكي يستفيد منها ويبنى عليها.. «لو لم أفعل ذلك لفشلت في مهمتي. فقد كان مهما أن أركز على إرث الدار وفي الوقت ذاته أن أضخه بجرعة متوازنة من الحداثة والعصرية».
كان واضحا من كلامه أن ديناميكية الدار أصابته بالعدوى وهو يقول: «كلما غُصت فيها وفي إرثها أكثر، اكتشفت عمقا أكبر وشعلة ملتهبة من الحماس والإبداع». لكنه كان حريصا أن يشير أن أقوى عنصر تسلح به عندما دخل «مون بلان» حبه وشغفه للعمل.. «أعتقد أن أي شخص لا يشعر تجاه عمله بالشغف، عليه أن يغيره ويبحث عن آخر يتيح له المتعة، لأنه من دونها ومن دون شغف، لا يمكن التألق أو التميز في أي مجال». يلتقط أنفاسه ثم يخفف من حدة كلامه معترفا، بابتسامة خفيفة، أنه يُدرك أنه أكثر حظا من غيره، لأنه من السهل الوقوع في حب مجال المنتجات المترفة، لما تتيحه من فرص للمسها ومتابعة كيف تولد من فكرة بسيطة تتبلور إلى قطعة فاخرة وأنيقة تؤجج الحلم والرغبة فيها. يردد والسعادة بادية على ملامحه: «أنا أعيش الحلم بشكل يومي».
خلال الحفل الذي قدمت فيه الدار مجموعتها الأخيرة «سفوماتو» استعرضت أيضا أجود أنواع الجلود التي تستعملها، وبراعة حرفييها الفلورنسيين الذي كانوا يشرحون للحضور خطوات صناعة كل حقيبة وكل محفظة، من الألف إلى الياء. شرحوا أيضا أن تقنية «سفوماتو» وتعني بالإيطالية «المدخن»، هي أسلوب مميز للرسومات الفنية تم ابتكاره وتطويره في عصر النهضة على يد فنانين كبار من أمثال ليوناردو دا فينشي، واستخدمته «مون بلان» في مشغلها «بيلاتيريا» بفلورنسا لمعالجة الجلود وإبراز جمالها الطبيعي، باللعب على تحوّلات غير محسوسة بين الدرجات اللونية. تتلقف كل كلمة ينطق بها الحرفيون، بلكنتهم الإيطالية القوية التي تتميز بتمديد الحروف إلى أقصى حد، فتشعر أنهم مثل رئيسهم التنفيذي يشعرون بالفخر، أو بالأحرى، بأنهم محظوظون، إذ يرددون، وكأنهم حفظوا نفس الدرس، بأنهم يتطلعون دائما إلى العالي. عندما يرون نظرات الحضور الإنجليزي غير المتعودة على هذا النوع من المبالغة، يعقبون بأن «مون بلان» هو اسم الجبل الأبيض، أعلى الجبال الواقعة في أوروبا الغربية، وبالتالي فإن الدار التي يعملون بها راسخة وعالية تشرئب إلى السماء مثل الجبل.
يوافقني لامبرت الرأي عندما أشير إلى هذه النقطة ومدى الانتماء الذي يشعر به هؤلاء الحرفيون تجاه الدار قائلا: «بالفعل، في شركة (جيجير لوكولتر) مثلا، عليك أن تأخذ بالك من ذلك الحب في العمل الذي ذكرت سابقا حتى تبقى الشعلة مشتعلة، بينما هذه الشعلة متأججة هنا تنبع من الأساس وتتدفق على شكل طاقة نحو الأفق البعيد».
يعيد الفضل في هذا إلى كونها «لا تعتمد على شخص واحد، بل على فريق يشمل مصممين فنيين ومهندسين وحرفيين وباحثين، يتشاركون الأفكار والطموحات والأهداف. ففي شركة متخصصة في مجال معين، مثل الساعات، ينصب كل الاهتمام على المنتج بعد تصوره وتصميمه، بينما في (مون بلان) تلمسين تفاعلا دائما بين الفريق، حيث يتبادلون الأفكار ووجهات النظر حتى النهاية، وطوال هذه النقاشات، تخضع التفاصيل للتغيير لتعزيز المنتج وتجميله أكثر». وهنا على ما يبدو يكمن دور جيروم لامبرت، الذي يتمثل في قيادة هذا الفريق وتحفيزه على المزيد من العطاء.. «الأمر بمثابة عود الخشب الذي نضعه في الماء المالح. في البداية يكون مجرد عود عادي وغير جذاب، لكن ما إن تسحبه من الماء بعد أن يلتصق بالملح المتبلور، تختفي صورة ذلك العود العادي ويحل محله شكل مختلف تماما، عبارة عن قطعة مضيئة مفعمة بالروعة والجمال.. مهمتي تتلخص في وضع هذا العود الصغير والعادي بداخل الماء المالح، فيما تتركز مهمة الفريق على توفير باقي الوسائل لإخراجه بشكل أجمل».
كلما توغل الحديث في التصميم وأناقة الدار، تتبخر من الذهن تلك الصورة القديمة عن الرؤساء التنفيذيين، بأنهم يهتمون بالاستراتيجيات والإنتاج أكثر مما يهتمون بالجماليات والتفاصيل الجانبية. فلامبرت مختلف، ربما لأنه فرنسي يتذوق الجمال ويفهم الأناقة والموضة بشكل فطري، رغم أنه لا يذكر كلمة موضة على الإطلاق طوال حديثه، ويكرر في المقابل، أن منتجات الدار أنيقة يحرص فيها أن تنفذ بطريقة تبقى مع الزبون طويلا.. «إنها ليست استهلاكية» على الإطلاق. كيف يحقق هذه المعادلة بين الأنيق والعملي؟ الجواب بكل بساطة أنه يضع نفسه مكان الزبون، ويسأل نفسه عما يروق له وما يطمح إليه. هذا الاحترام الدفين للزبون هو الذي يجعله يتدخل في العمل لفهم كل تفاصيله من التصميم إلى الإنجاز، رغم أنه لا يدعي أنه مصمم.. «فلو طلبت مني الآن أن أرسم أي شيء، وإن كان خربشة بسيطة، ستتأكدين أني لست مصمما، ولا حتى مشروع مصمم».
يكرر جيروم عنصر المفاجأة والجرأة عدة مرات، وتشعر بأنها تعني له الكثير، فهو يطبقهما منذ التحاقه بها. في معرض جنيف الأخير، مثلا فاجأتنا «مون بلان» بساعة يد رفيعة تتضمن تعقيدات كثيرة، لكن بسعر يخاطب متوسطي الدخل. لم تكن الفكرة منها استراتيجية لاستقطاب زبائن جدد، ولا حتى دمقرطة سوق الساعات الفاخرة، كل ما في الأمر أن «الزبون يستحقها»، حسب قوله. ويعقب مبتسما: «يذكرني هذا القول بالإعلان الشهير لشركة (لوريال) الذي تظهر في عارضات وهن يملن برؤوسهن يمنة ويسرة في دلال ويرددن: (أنا أستحق ذلك). من المنطلق نفسه، رأيت أن زبوننا يستحق هذه الساعة، وكل ما في الأمر أننا تسلحنا بالجرأة لخض السوق».
بالفعل حققت الدار الهدف وجعلت كل من في المعرض يتحدث عنها. فعندما تضاف وظيفة مبتكرة أو تعقيد جديد في الساعة، فإن هذا يعني أنها ستكون بسعر عال، وليس لزبون عادي لا يهتم بالتقنيات العالية والتعقيدات أو لا يقدرها. «مون بلان» سبحت ضد التيار وقدمت ساعة بمقاييس عالية وأسعار معقولة، فقط لأنها تحترم زبونها، ولا تستهين بخبرته وذوقه. طبعا هناك سبب مهم آخر وهو أنه بإمكانها ذلك بحكم أنها تصنع كل الحركات في معاملها الخاصة. الساعة التي نقصدها هي ساعة كرونوغراف ميكانيكية مجهزة بمقياس النبض «بولسوميتر» وتدريجاته، على طول محيط مينا الساعة، وقد تمت معايرة هذا المقياس اللوغاريتمي على 30 نبضة مع تقسيمات فرعية كل عشرة وكل خمسة مع مسار بنمط سكة القطار. تحيط تدريجة «بولسوغراف» بشكل مركز بمقياس الكرونوغراف للثواني المنقضية والمقسم بخطوات كل واحدة منها خُمس الثانية بما يتوافق مع تردد عنصر التوازن وهو 2.5 هرتز.
يشرح لي لامبرت أن الفكرة ليست تخفيض السعر لجذب الزبون، بقدر ما هي تقديم شيء مختلف تشعر من خلاله «مون بلان» أنها لا تزال سباقة ورائدة في المجالات التي تخوضها، سواء كان ذلك ساعة أو حقيبة يد. صحيح أن الجزء الخارجي، مثل التصميم واللون، أول ما يلفت النظر في حقيبة يد أو ساعة، إلا أن الابتكار الحقيقي يكون في غالب الأحيان بالداخل، في كل غرزة وكل خيط أو حركة أو وظيفة.
بإمكان أي شركة أن تقدم منتجا أرخصا، لكن المهم أن يكون بجودة عالية «فالمسألة ليست مسألة سعر، بل منح الزبون الإحساس بالمفاجأة والسعادة عندما يحصل على منتج فخم وبسعر معقول». هذا تحديدا سر احتفاظ «مون بلان» بشبابها وشعلتها المتأججة رغم أنها تعدت القرن بسنوات.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.