متحور سريع من «كورونا» يضرب أوروبا

صورة من هامبورغ اواخر الشهر الماضي لمواطنين ينتظرون فحص «كورونا» (د.ب.أ)
صورة من هامبورغ اواخر الشهر الماضي لمواطنين ينتظرون فحص «كورونا» (د.ب.أ)
TT

متحور سريع من «كورونا» يضرب أوروبا

صورة من هامبورغ اواخر الشهر الماضي لمواطنين ينتظرون فحص «كورونا» (د.ب.أ)
صورة من هامبورغ اواخر الشهر الماضي لمواطنين ينتظرون فحص «كورونا» (د.ب.أ)

بعد تسارع وتيرة الإصابات الجديدة بـ«كورونا» التي عادت تسجل أرقاماً تذكر بفترات الذروة التي بلغتها الموجات السابقة في أوروبا، ومع اتجاه بعض البلدان إلى التلويح بالعودة إلى تدابير الوقاية والإقفال الجزئي التي كانت تخلت عنها، عاد الجدل يحتدم في الأوساط العلمية حول أساليب مواجهة هذه الموجة الوبائية الجديدة التي تنذر بخريف صعب على معظم المنظومات الصحية التي كانت بدأت تستعيد مسارها الطبيعي بعد عامين من حصر الجهود في التصدي للفيروس والاضطرار لتهميش علاج العديد من الأمراض الأخرى.
ويقول خبراء المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض السارية ومكافحتها «إن الوقت ليس مناسباً لترك الفيروس ينتشر بسهولة في هذه المرحلة حيث تكثر التجمعات الحاشدة، لأنه ما يزال يتسبب في وقوع ضحايا بين المسنين والذين يعانون من أمراض مزمنة أو ضعف في جهاز المناعة، فضلاً عن أن متحور أوميكرون5 يتفشى بسرعة بين أفراد الطواقم الصحية ويضع المستشفيات تحت ضغط متزايد يجعلها تقترب من بلوغ أقصى قدراتها الاستيعابية».
وتفيد بيانات المركز أن «Ba5» هي الأسرع انتشاراً بين الطفرات الفرعية التي تولدت حتى الآن عن متحور »أوميكرون». وهي السائدة في جميع البلدان الأوروبية حالياً. وليس مستبعداً أن تتولد طفرات جديدة أسرع وأشد خطورة إذا ما استمرت وتيرة انتشار الفيروس على معدلاتها الراهنة.
وينصح الخبراء الذين يعتبرون أن العودة إلى فرض قيود متشددة للوقاية والعزل لن تؤدي إلى وقف انتشار الفيروس، بتركه يسري بين الشباب وتركيز العناية على الفئات الضعيفة والأكثر تعرضاً، لأنه بقدر ما يتفشى الوباء، يرتفع منسوب المناعة الجماعية والحماية من الأعراض الخطرة، سيما وأن «تصفير» الإصابات هو ضرب من المحال، كما يقول خبير العلوم الفيروسية ماتيو باسيتي. ويرى هذا الفريق من العلماء أن الوقت مناسب لإفساح المجال أمام الفيروس لينتشر على نطاق واسع نظراً لضعف المتحور الجديد مقارنة بالطفرات السابقة، وأن تدابير الحجر الصحي للمصابين لم تعد مجدية في هذه المرحلة.
ويستند هؤلاء في موقفهم إلى أن الوسائل المتاحة اليوم لرصد انتشار الوباء وما يطرأ عليه من تحور وراثي، مضافة إلى اللقاحات الفاعلة والعلاجات، من شأنها المساعدة على التحكم بمسار سريانه والتدخل بسرعة إذا اقتضت تطورات المشهد الوبائي العودة إلى فرض تدابير الوقاية والإقفال. لكنهم يشددون على أن المسؤولية المواطنية تبقى أساسية، وأن استخدام الكمامات الواقية والتباعد في الأماكن المزدحمة يساعدان على خفض الإصابات، مع إيلاء الاهتمام بشكل خاص للفئات الضعيفة.
وتفيد البيانات الأخيرة للمركز الأوروبي للوقاية من الأمراض السارية ومكافحتها أن من الخصائص التي يتميز بها المتحور الجديد، قدرته على إصابة المعافين من المرض، مرتين أو ثلاثا، وأن نسبة تعرض المصابين غير الملقحين للوفاة تضاعفت سبع مرات قياسا إلى نسبة التعرض عند الملقحين الذين تناولوا الجرعة المنشطة. ويعود ذلك في رأي الخبراء إلى أن المتحور الجديد قادر على الإفلات من الحماية المناعية بنسبة 50 في المائة، ما يزيد من عدد الإصابات المتكررة التي بلغت 11 في المائة من مجموع الإصابات في أوروبا خلال الأسبوع الفائت، وهو ما يثير القلق من حيث تأثيره المحتمل على أفراد الطواقم الصحية. كما يستفاد من البيانات الأوروبية أن الشريحة العمرية التي تتراوح بين 30 و40 عاماً هي التي تسجل أعلى نسبة من الإصابات بالمتحور الجديد.
لكن في المقابل ثمة أوساط علمية تحذر من أن إطلاق العنان للفيروس كي ينتشر بسرعة ومن غير قيود هو «ضرب من الجنون»، لأن ذلك سرعان ما سيؤدي إلى ارتفاع عدد الحالات الخطرة التي تستدعي العلاج في المستشفى، كما أنه سيتسبب في وقوع المزيد من الضحايا. ويستشهد هؤلاء بما حصل في المملكة المتحدة عند تطبيق هذه السياسة التي أسفرت عن أضرار كثيرة.
إلى جانب ذلك دعا المركز الأوروبي إلى متابعة المتحور الجديد الذي ظهر مؤخراً في الهند وما زالت مواصفاته الوراثية مجهولة حتى الآن، وحض حكومات الدول الأعضاء على تجهيز المنظومات الصحية لفصل الخريف المقبل وتأمين الكميات الكافية من اللقاحات. وأوضح المركز في تقريره الأخير أن التوصية باستخدام الكمامات من نوع «Ffp2» وليس تلك المستخدمة عادة في أقسام الجراحة، سببها أن هذه الأخيرة تقي فقط من نقل الفيروس إلى شخص آخر، بينما الأولى تقي من نقله ومن انتقاله إلى الشخص الذي يرتديها.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.