البرلمان السوداني ينتخب الإسلامي المخضرم إبراهيم أحمد عمر رئيسًا

تمهيدًا لأداء البشير لليمين الدستورية أمامه

عمر البشير
عمر البشير
TT

البرلمان السوداني ينتخب الإسلامي المخضرم إبراهيم أحمد عمر رئيسًا

عمر البشير
عمر البشير

انتخب البرلمان السوداني في أولى جلساته القيادي الإسلامي المخضرم إبراهيم أحمد عمر، رئيسًا له، بينما انتخب عمر سليمان آدم رئيسًا لمجلس الولايات.
ويتكون البرلمان السوداني من غرفتين «المجلس الوطني ومجلس الولايات»، توطئة لتأدية الرئيس عمر البشير لليمين الدستورية أمامه اليوم، إكمالاً لمرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت أبريل (نيسان) الماضي، واكتسحها حزب المؤتمر الوطني بعد أن قاطعتها أحزاب وقوى المعارضة الرئيسية في البلاد.
وحصل عمر البالغ 80 عامًا على 354 صوتًا مقابل 19 حصل عليها منافسه النائب المستقل مبارك عباس، بينما امتنع 15 نائبًا وغاب 21 آخرون، ويعد من مؤسسي الحركة الإسلامية - الاسم السوداني للإخوان المسلمين - المرجعية للحزب الحاكم. ودعا عمر في الكلمة الأولى التي أعقبت انتخابه رئيسًا للبرلمان للحوار بين نظام الحكم ومعارضيه بقوله: «الحوار الوطني خيار استراتيجي لنا، ولا سبيل للتقدم والرخاء إلا بإجماع الكلمة»، وذلك إشارة للحوار المتعثر الذي دعا إليه الرئيس عمر البشير في يناير (كانون الثاني) 2014 وقاطعته المعارضة الرئيسية بسبب رفض شروطها؛ مما يعد خطوة تصالحيه مع المعارضة.
وشارك جلسة البرلمان رئيس البرلمان العربي ورؤساء ونواب من برلمانات: إندونيسيا، وقطر، وعمان، والإمارات العربية، وأفريقيا الوسطى. ومن المنتظر أن يؤدي الرئيس البشير الذي اكتسح الانتخابات الرئاسية بأكثر من 94 في المائة من أصوات الناخبين، اليمين الدستورية بحضور رؤساء ورؤساء حكومات ووفود وزارية من أكثر من 20 دولة عربية وأفريقية وآسيوية، فضلاً عن قادة مؤسسات إقليمية على رأسها الجامعة العربية، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي. ومن المتوقع أن ينظم الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) مهرجان تنصيب غير مسبوق طوال تاريخ حكم الرئيس البشير منذ استلامه للسلطة بانقلاب 30 يونيو (حزيران) 1989 الذي دبره الإسلاميون السودانيون بقيادة حسن الترابي.
وقال وزير الخارجية السوداني علي كرتي إن رؤساء 7 دول أكدوا مشاركتهم في حفل التنصيب، وأبرزهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتشادي إدريس ديبي، ورئيس الوزراء الإثيوبي، هايلي ماريام ديسالين، والأمين العام لجامعة الدول العربية، إضافة لرؤساء: زيمبابوي، وكينيا، والصومال، وأفريقيا الوسطى. ووصل البلاد، أمس، الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، وبرفقته نائب رئيس جمهورية جزر القمر نورديني بورهاني، ورئيس البرلمان المغربي راشيد الطالبي العلمي، ورئيس البرلمان العربي أحمد بن محمد الجروان ووفده المكون من أبو صلاح عبد السلام، وأبو صلاح شلبي، ود. شيخة عيسى العري، وطاهر حاج جيلة فارح.
وأبلغ وزير الدولة بالإعلام، ياسر يوسف، الصحافيين الأسبوع الماضي، أن مهرجان التنصيب سيتضمن حفل أداء اليمين الدستورية بالبرلمان، ويلقي خلاله الرئيس البشير كلمة موجزة عن سياساته في المرحلة المقبلة، ويشارك فيه عدد رؤساء دول الإقليم وأصدقاء السودان، كما سيتضمن الاحتفال فقرة ترحيب العاملين في القصر الرئاسي بالرئيس واستضافة ضيوف البلاد من رؤساء ووفود، لينتهي الحفل بتنصيب شعبي بـ«الساحة الخضراء» يقدم خلاله الرئيس البشير خطاب الدورة الرئاسية الجديدة التي تستمر حتى 2020 وتبلغ فترة حكم البشير للسودان بنهايتها 31 عامًا، كأحد أقدم رؤساء القارة والعالم.
وزيّن الحزب الحاكم شارع النيل بالخرطوم - أحد أشهر شوارع البلاد ويقع عليه القصر الرئاسي - بأعداد كبيرة من لافتات الترحيب بالزوار، ولافتات الاحتفاء بتنصيب رئيسه البشير رئيسًا للبلاد مجددًا. وتثير عملية التنصيب غير المألوفة وغير المسبوقة في تاريخ البلاد السياسي، كثيرًا من الجدل والتساؤلات بين المواطنين والمعارضين على وجه الخصوص، لا سيما وأنها أتت نتيجة لانتخابات شهدت أكبر عزوف للناخبين في تاريخ البلاد، حسب كثير من المراقبين.وأعلنت أحزاب المعارضة عن مقاطعتها لهذه الانتخابات ودعت المواطنين لمقاطعتها ضمن ما أسمته حملة «ارحل»، وعزت العزوف عن الاقتراع إلى دعوتها المواطنين بالمقاطعة، وقالت مفوضية الانتخابات إن نسبة من شاركوا في الاقتراع بلغت 46.4 في المائة من جملة الناخبين المسجلين البالغة 13.1 مليون تقريبًا، بينما قال مراقبو الاتحاد الأفريقي إن النسبة تتراوح بين 30 - 35 في المائة، بينما تقول قوى المعارضة إن نسبة المشاركة الفعلية لا تزيد عن 15 في المائة، واعتبرته استفتاء برفض استمرار حكم الرئيس البشير.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.