خطة دفاعية بين الأكراد وحكومة دمشق

مقاتلون سوريون موالون لتركيا خلال عرض عسكري في ريف حلب الشمالي (أ.ف.ب)
مقاتلون سوريون موالون لتركيا خلال عرض عسكري في ريف حلب الشمالي (أ.ف.ب)
TT

خطة دفاعية بين الأكراد وحكومة دمشق

مقاتلون سوريون موالون لتركيا خلال عرض عسكري في ريف حلب الشمالي (أ.ف.ب)
مقاتلون سوريون موالون لتركيا خلال عرض عسكري في ريف حلب الشمالي (أ.ف.ب)

شهدت العلاقة المتوترة أصلاً بين حكومة الرئيس بشار الأسد في دمشق والأكراد في شمال شرقي سوريا، تطوراً لافتاً في الساعات الماضية بعد معلومات كردية عن التوصل إلى خطة دفاعية مشتركة بين الطرفين، في ضوء التهديدات التركية بشن عملية عسكرية في شمال سوريا.
وقال نوري محمود، المتحدث باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، إنهم يعملون «بالتنسيق مع المسؤولين السوريين لتطوير صيغة عمل مشترك ورسم خطة دفاعية في مواجهة أي عدوان تركي، وهناك تطور إيجابي في هذا المجال». أما فرهاد شامي المدير الإعلامي لقوات «قسد»، فأكد عقد الاتفاق مع حكومة دمشق، وقال: «لم يكن اتفاقاً حديثاً بل هو تفاهم عسكري لصد أي غزو تركي محتمل». وكشف أن 550 جندياً من قوات النظام وصلوا إلى مناطق «قسد» بعد تفاهم أولي دخل حيز التنفيذ ليلة أول من أمس (الاثنين).
وسيفضي الاتفاق بين القيادة العامة لـ«قسد» والقوات الحكومية السورية، بوساطة ورعاية روسيتين، إلى تشكيل غرفة عمليات مشتركة وتبادل الإحداثيات الميدانية على الأرض والسماح بنشر مزيد من القوات النظامية لتعزيز مواقعها العسكرية والقتالية.
على صعيد آخر، تسلمت الخارجية الفرنسية من سلطات «الإدارة الذاتية» شرق الفرات 35 طفلاً و16 امرأة من عائلات مسلحي تنظيم «داعش» كانوا قد جاءوا إلى سوريا منتصف عام 2015. وكان الأطفال وأمهاتهم (51 شخصاً) يعيشون في مخيم «روج» الواقع في أقصى شمال شرقي سوريا، في أكبر عملية من نوعها تنفذها باريس منذ عام 2019.

...المزيد



الهند تطلب ضمانات من بكين بعدم استهداف مواطنيها عند سفرهم عبر الصين

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جينبينغ خلال حضورهما قمة مجموعة «البريكس» في الهند (أ.ب)
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جينبينغ خلال حضورهما قمة مجموعة «البريكس» في الهند (أ.ب)
TT

الهند تطلب ضمانات من بكين بعدم استهداف مواطنيها عند سفرهم عبر الصين

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جينبينغ خلال حضورهما قمة مجموعة «البريكس» في الهند (أ.ب)
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جينبينغ خلال حضورهما قمة مجموعة «البريكس» في الهند (أ.ب)

قالت الهند، اليوم (الاثنين)، إنها تتوقع من الصين تقديم ضمانات تخص المواطنين الهنود الذين يمرون عبر المطارات الصينية بأنهم لن يتعرضوا «لاستهداف انتقائي أو احتجاز تعسفي أو مضايقة»، بعد احتجاز مواطنة هندية في مطار شنغهاي في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن السلطات الصينية أوقفت امرأة تحمل الجنسية الهندية وتقيم ببريطانيا في أثناء انتظارها بمطار شنغهاي في 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأبلغتها بأن جواز سفرها الهندي مُلغى؛ لأنها وُلدت في ولاية أروناتشال براديش في شرق البلاد.

وتقول بكين إن ولاية أروناتشال براديش التي تطلق عليها اسم زانجنان، جزء من أراضيها، وهو ادعاء دائماً ما رفضته نيودلهي.

ونقلت وسائل إعلام هندية عن المرأة الهندية بريما وانجوم ثونجدوك، القول إنها مُنعت من الصعود إلى رحلتها المتجهة إلى اليابان قبل احتجازها لمدة 18 ساعة.

وتحاول الدولتان الآسيويتان العملاقتان توطيد العلاقات على نحو حذر من خلال تنظيم مجموعة من الزيارات الثنائية رفيعة المستوى، وذلك بعد خلافات استمرت أربعة أعوام على خلفية السياسة الخارجية غير المتوقعة للرئيس الأميركي دونالد ترمب.


السوداني: غير مقبول المجيء بـ«موظف» لرئاسة وزراء العراق

محمد شياع السوداني (أ.ب)
محمد شياع السوداني (أ.ب)
TT

السوداني: غير مقبول المجيء بـ«موظف» لرئاسة وزراء العراق

محمد شياع السوداني (أ.ب)
محمد شياع السوداني (أ.ب)

فتح رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية، محمد شيّاع السوداني، النار على منتقديه من قوى «الإطار التنسيقي»، على خلفية ما تعرض له من انتقادات شديدة بعد الكشف عن ترشيحه الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لنيل «جائزة نوبل للسلام»، وما ظهر من إدراج حكومته «حزبَ الله» اللبناني والجماعةَ الحوثية على لائحة الإرهاب التي نشرتها صحيفة «الوقائع» العراقية الرسمية. وأكدّ أنه «من غير المقبول أن نأتي بموظف لرئاسة الوزراء».

وقال، في مقابلة تلفزيونية مساء الأحد، إن «هناك حملة منظمة ومقصودة ضد الحكومة، وهي حملة واضحة لا تخلو من تدخل خارجي».

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (أرشيفية - إعلام حكومي)

وتأتي الانتقادات المتبادلة بين الطرفين في سياق التنافس المحموم على منصب رئاسة الوزراء داخل القوى «الإطارية»؛ اذ يتمسك السوداني بحقه في الفوز بولاية ثانية؛ لحصول ائتلافه «الإعمار والتنمية» على أكبر عدد من مقاعد البرلمان على المستوى الوطني وعلى مستوى قوى «الإطار» برصيد 46 مقعداً، في مقابل تمسك رئيس ائتلاف «دولة القانون»، نوري المالكي، بالمنافسة على المنصب التنفيذي الأول.

وفضلاً عن ترشيح السوداني والمالكي، يتردد داخل كواليس القوى «الإطارية» كلام عن تقدم أكثر من 9 أشخاص لمنصب رئاسة الوزراء، لم يخض معظمهم الانتخابات البرلمانية التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وقال السوداني، في مقابلة تلفزيونية، إن «من غير المقبول أن نأتي بموظف لرئاسة الحكومة؛ لأن ذلك يعني حكومة ضعيفة لا تصمد أمام التحديات».

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يدلي بصوته داخل مركز اقتراع بالمنطقة الخضراء في بغداد يوم 11 نوفمبر 2025 (رويترز)

ورغم انتقاداته الكثيرة والمبطنة لأطراف كثيرة داخل «الإطار التنسيقي»، فإنه نفى أن يكون قد «تمرد يوماً» على «الإطار»، وقال إنه رئيس الوزراء الوحيد الملتزم التواصل مع «تحالف إدارة الدولة»، وأكد أن «جميع القرارات الاقتصادية والخارجية تُتخذ بمعرفة وموافقة (الإطار)»، وأنه لم ينفرد بالقرارات، «فيما تبقى بقية التفاصيل ضمن صلاحيات رئيس الوزراء».

وكشف السوداني عن أن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، طلب منه خلال اتصال هاتفي، دعم العراق ترشيحه لنيل «جائزة نوبل للسلام»، في معرض رده على حملة الانتقادات «الإطارية» التي ارتبطت بهذه المسألة.

وكانت منصات وشخصيات إطارية كثيرة شنت هجمات إعلامية لاذعة على ترشيح الرئيس الأميركي لـ«جائزة نوبل»؛ لمسؤوليته المباشرة عن اغتيال قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس «هيئة الحشد» أبو مهدي المهندس مطلع يناير (كانون الثاني) 2020.

كما نفى السوداني صدور أي قرار حكومي ضد «حزب الله» اللبناني أو جماعة «أنصار الله» الحوثية اليمنية، مؤكداً أن البعض يحاول التضليل، وأن «العراق لا يملك أي موقف سياسي ضد هذه الأطراف، ولا توجد لها حسابات مالية في العراق لتُفرض عقوبات عليها».

وأضاف أنه «حتى لو وُجدت حسابات لهذه الجماعات، فإن العراق لا يستطيع إجراء تحويل مالي لها. إننا نستورد الغاز من إيران، ونسدد أمواله في حساب خاص بـ(مصرف التجارة). إيران لا تستطيع تحريك دولار واحد من هذا الحساب، ونحن كذلك، وأي تحريك سيعرض (البنك المركزي العراقي) لعقوبات أميركية».

ورأى السوداني أن ورود «حزب الله» و«الحوثيين» ضمن لائحة الجماعات الإرهابية والنشر في جريدة «الوقائع»، كان «استغلالاً سياسياً لخطأ إداري، في استهداف واضح للحكومة ولي».

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال لقائه توماس برّاك المبعوث الخاص للرئيس الأميركي في نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

كانت أطراف «إطارية» تحدثت عن «حالة من الغضب الشديد» اجتاحتها ضد السوداني بعد إدراج الجماعتين على لوائح الإرهاب، وتحدث بعض الأطراف عن قيام «الإطاريين» بـ«إزالة» عضوية السوداني من مجموعات «واتساب» الخاصة، فيما يرى بعض الاتجاهات القريبة من قوى «الإطار» أن عملية النشر كانت «مصممة لإلحاق ضرر كبير بسمعة السوداني داخل الأوساط الشيعية، وتالياً ضرب حظوظه السياسية في الفوز بولاية ثانية لرئاسة الوزراء».

تقرير التنمية البشرية

من جهة أخرى، أكد السوداني، الاثنين، خلال كلمة في حفل إطلاق «تقرير التنمية البشرية في العراق لسنة 2025»، المضي قدماً في تنفيذ خطة شاملة لتحويل العراق إلى مصاف الدول عالية التصنيف في «مستوى التنمية البشرية».

وقال، طبقاً لبيان صادر عن رئاسة الوزراء، إن «نتائج التقرير أكدت تخطي العراق عتبة التنمية البشرية المتوسطة، وتحوله إلى مجموعة الدول ذات التنمية البشرية العالية لأوّل مرة في تاريخه».

وأشار إلى أن «هذه النتيجة ينبغي أن تكون حافزاً على تحقيق تقدم أفضل، عبر خطة شاملة تحول العراق إلى مصاف الدول العالية جداً في مستوى تنميتها البشرية».

صورة جوية لجانب من بغداد (متداولة)

وأضاف أن «(تقرير التنمية البشرية الوطني لسنة 2025) اتسم بالجرأة والواقعية والحيادية والموضوعية، وهو فرصة مهمة لتجديد مضامين المواطنة، وتقارير التنمية البشرية لها أهمية كبيرة، ودول العالم تتابع الإصدار العالمي السنوي لما تعكسه ثمار التنمية على أوضاع الشعوب».

وتحدث عن أن «العراق، وبعد تحقيقه النصر على الإرهاب، استعاد قدرته على الانطلاق في ردم الهوة، وتأكيد جدارته بين الأمم في بناء الخطط التنموية الرصينة، وما أورده (التقرير) سيُمكن مخططي السياسات وصناع القرار من تشخيص مكامن التقدم أو التراجع فيها».

وأشار إلى أن بلاده «تشهد اليوم طفرة اقتصادية ونهضة بشرية، يؤطرها عالم إلكتروني مترابط؛ لفتح الباب أمام شبابنا للعمل في مجالات عدة لم تكن متاحة قبل سنوات».


معالم نهضة سينمائية سعودية تتسارع في «مهرجان البحر الأحمر»

فيلم شهد أمين «هجرة»
فيلم شهد أمين «هجرة»
TT

معالم نهضة سينمائية سعودية تتسارع في «مهرجان البحر الأحمر»

فيلم شهد أمين «هجرة»
فيلم شهد أمين «هجرة»

ما تقوم به المؤسسات السعودية، الحكومية منها والخاصة، في سبيل توفير نهضة ثقافية وفنية شاملة يحدو بالمتابع إلى الوقوف على ما هو أكثر من مجرد تقدير الإنجازات وحدها، فهي لم تكن لتتحقق لولا ذلك الإيمان الكبير بجدوى هذه النقلة التاريخية وأهميتها في كلا المجالين.

مهرجان البحر الأحمر السينمائي وما أنجزه هذا العام من نشاط وتنظيم (ولو أن هناك مجالات تحسين أخرى في هذا الإطار) يجعل الدورة أفضل دورات هذا الحدث الكبير. لكن هذا الإنجاز لا يقف وحيداً؛ فهناك كل تلك المناسبات والمؤسسات الداعمة للسينما السعودية وتلك الأجنبية التي تختار السعودية شريكاً لها.

على سبيل المثال، هناك «هيئة الفيلم السعودي» تحت إدارة عبد الله آل عياف، الذي يقوم بجهد كبير في شتى الاهتمامات الموكلة إليه من توجيه ومؤتمرات وإصدارات وفعاليات. وهناك «جمعية الفيلم» التي يقودها أحمد الملا، والتي توسع حالياً دائرة نشاطاتها لتشمل شتى نواحي العمل السينمائي بعدما كانت، في السنوات الماضية، معنية بإدارة مهرجان الفيلم السعودي وحده (حدث سنوي يقع في الشهر الرابع من كل سنة).

مستقبل أكثر من واعد

يمكن إضافة هذا إلى العدد المتزايد من الإنتاجات السعودية على شقّيها: تلك التي تسعى لإيصال الفيلم بنجاح إلى المهرجانات الدولية، والأخرى المعنية بالنجاح في السوق المحلية.

هنا يكاد كل شق يناقض الآخر ويكمّله معاً؛ الأول فني، والآخر تسويقي. واحد يرمي لإثبات جدارة صانعي الأفلام التي يُتاح لها التوجه إلى العروض العالمية في المهرجانات والمناسبات السنوية، والآخر يريد الوصول إلى أكبر حجم ممكن من المشاهدين، حيث الموضوع وطرحه للجمهور السائد يحتلان الحيز الأول من الاهتمام.

لكن إذ تتوالى العروض من يوم لآخر وتزدحم سوق الفيلم بمئات الوافدين إليه مسجلةً نموّاً كبيراً لم يسبقه إليه أي مهرجان عربي آخر، يتأكد أن مستقبل السينما السعودية كامن في هاتين الناحيتين، وأن الشركات العاملة مثل «العُلا» و«إثراء» و«إنجاز» و«شاف» تواكب النهضة المنشودة بعزم أكيد. بذلك، يوفّر المهرجان للسينما السعودية أساساً هذه الفرصة الكبيرة لطرح الجديد والتخطيط لسواه.

طبعاً هناك، وسيبقى، تفاوت في النتائج. بعض الأفلام يعبر المسافة بين الغاية منه والتطبيق بنجاح، وأفلام أخرى تبدأ واعدة، لكنها تحيد عن كيفية معالجة المشروع الذي تتبنّاه.

مقارنة

قدّمت المخرجة شهد أمين خلال العام الحالي فيلمها الروائي الثاني «هجرة»، بعد 6 سنوات من فيلمها الأول «سيدة البحر». ومن يشاهد العملين يلمس بوضوح القفزة الفنية الكبيرة التي حققتها المخرجة خلال هذه الفترة.

يحكي الفيلم رحلة بحث على الطريق عن فتاة مفقودة، هي حفيدة امرأة متجهة لأداء الحج في مكة، وشقيقة الفتاة المرافقة لجدتها في هذه المهمة. ويمنح الاهتمام بالشخصيات وتفاعلاتها دراما واضحة التعبير، تجمع بين السلاسة والعمق الاجتماعي والفردي.

في هذا العام أيضاً أنجزت هيفاء المنصور فيلماً سعودياً جديداً بعنوان «مجهولة»، يتناول حكاية جريمة ضحيتها امرأة مجهولة، تحاول امرأة أخرى تعمل في أرشيف مركز الشرطة في الرياض كشف اللثام عن مرتكبها.

بينما توجّه «هجرة» إلى مهرجان «ڤينيسيا» لعرضه العالمي الأول (ويمثّل حالياً السعودية في المرحلة الأولى من ترشيحات الأوسكار)، حيث وجد ترحيباً نقدياً واسعاً، توجّه «مجهولة» إلى «تورونتو»، وحظي بأقل مما حظي به فيلما المنصور السابقان «وجدة» و«المرشّحة المثالية».

نبرة تلفزيونية

من حق أي مخرج اختيار الموضوع الذي يود طرحه. «وجدة» و«المرشّحة المثالية» كانا أكثر التزاماً بالرغبة في تقديم رؤية سعودية لوضعين اجتماعيين محليين. في «مجهولة» تتجه المخرجة لفيلم بوليسي يسرد قصة يمكن لها - في الأساس - أن تقع في أي مكان آخر. يقترب «مجهولة» من طرح موضوع المرأة كما فعلت في فيلميها السابقين، لكن بينما طرح الفيلمان السابقان قضية المرأة في إطار محلي خالص، يبدو فيلمها الجديد كما لو كان استنساخاً لفيلم تحريات عام، ولو أنه ما زال يضع المرأة في البطولة.

«مجهولة» لهيفاء المنصور

ليس العيب في اختيار النوع، بل في حقيقة أن تنفيذ الفيلم يجعله يبدو واحداً من تلك الأفلام التلفزيونية الأميركية (إنتاجاً ومعالجة) التي سادت منذ السبعينات على أيدي مخرجين مثل كريغ باكسلي، ووليام غراهام وبَز كوليك وغيرهم. وبعض أفلام هيفاء المنصور الأخيرة أُنتجت لحساب محطات تلفزيون أميركية، من بينها A City on Fire، وكانت من النوع البوليسي أيضاً.

بالفعل، يحمل «مجهولة» صفات أفلام التحريات البوليسية المنفذة تلفزيونياً. الجيد منها مشوّق، لكنها جميعاً سهلة السرد والتنفيذ كونها متوجهة إلى المشاهدين في منازلهم.

يدور «مجهولة» حول نوال (ميلا الزهراني، جيدة)، الفتاة المطلّقة باكراً، التي تُصاحب رجال الشرطة في الرياض إلى طريق صحراوي بعد اكتشاف جثّة امرأة مجهولة. تعمل نوال في قسم الوثائق والأرشيف وهي ليست شرطية. هذا لا يثنيها عن القيام بالتحقيق لمعرفة من هي هذه المرأة ولماذا قُتلت ومن ارتكب الجريمة. الإجابة مناطة بمفاجأة يصعب الحديث عنها دون حرق الفيلم. يتناول معظم الفيلم عناد نوال في التحقيق ومعارضة ضباط الشرطة لها لأن هذا «ليس شغلك»، كما قيل لها مراراً.

عنصر الصدمة

الجانب النقدي ليس موارباً، لكنه ليس مقصداً أساسياً أيضاً، ويتوزع بين خلفية الفتاة الشخصية (كونها أُجبرت على زواج مبكر ثم تطلّقت) وبين موقف رجال الشرطة الرافضين الأخذ بما تكشف عنه من دلالات، وبين ملاحظات عامة حول وضع المرأة عموماً.

لكن الفيلم نُفِّذ بأسلوب لا يتوقف عن توظيف المشاهد لخدمة سرد بلا نتوءات. على سبيل المثال، هناك مشهد تواجه فيه نوال بوابة مدرسة للبنات التي تطلب منها الانصراف. ما إن تسير مبتعدة خطوات قليلة حتى تطل أستاذة من باب آخر لتتمنى لها التوفيق. الأفضل كان ظهور الأستاذة في لقطة سابقة، بمفردها، تترقب ما يدور أو تستمع إليه، ما كان سيمنح الفيلم ترتيباً أجدى للقطات لتأكيد فكرة أو حضور.

وهذا يقودنا إلى توليف اعتمد مبدأ السهولة في التنفيذ. هناك مواقع يتم فيها استخدام عنصر المفاجأة البصرية (استيقاظ نوال من كابوس فجأة). تحقق تلك اللحظات الصدمة المرجوة. ما عدا ذلك، كل شيء يتم وفق ما ورد في سيناريو شاركت المنصور كتابته مع براد نايمان (شاركها كتابة «المرشّحة المثالية»، وكان في غالبه أكثر تحديداً وتركيزاً).

النهاية تحمل صدمة أخرى، لكنها من النوع الذي يُلغي المفادات السابقة تحت عنوان «وهنا المفاجأة الكبرى». هي مفاجأة بلا شك، لكنها لا تخدم الفيلم، بل تبدو دخيلة عليه.

ليس هناك من شخصيات أخرى غير نوال مكتوبة بهدف الإفصاح عمّا تتكوّن منه نفسياً أو درامياً. وهناك نوعان من الشخصيات: إناث يتعاونَّ مع نوال، وأخريات يرفضن التعاون أو يطلبن منها العودة لاحقاً لإتمامه. أما الرجال فجميعهم سلبيون؛ ليس بينهم من يهتم بمعلومات قد تُفيد القضية. يبدو أن المنصور رغبت في وضع بطلتها محاربة وحيدة، والرجال في ركن مواجه. ولو وُجد رجل إيجابي لانتزع من الرسالة التي تتبناها المخرجة شيئاً من جدواها. لكن هذا يبقى أفضل من أن تكون الشخصيات كلها (ذكوراً وإناثاً) سطحية. ولم يكن هناك خوف من انتقاص البعد المتعلق بوضع المرأة في مجتمع حذر ورافض معاً.

عدم رغبة المخرجة في «تعقيد» المواقف انعكس على معالجة الفيلم كما لو أنه خرج من عند الكوّاء: نظيف المنظر، وقرارات متخذة في الكتابة تبعاً للرغبة لا لما قد يحدث في الواقع، وتصوير مجرد يضمن وجوداً للكاميرا وتأطيراً بأبعاد وزوايا مختلفة، لكن بلا ابتكار مؤثر أو فاعلية استثنائية.