تضارب حول سيطرة موسكو على لوغانسك... و6 قتلى بقصف على مدينة في دونباس

أستراليا تعلن عن دعم إضافي لأوكرانيا وحظر الذهب الروسي... ومؤتمر لمناقشة إعادة الإعمار اليوم

الرئيس الأوكراني ورئيس الوزراء الأسترالي خلال مؤتمر صحافي مشترك في كييف أمس (رويترز)
الرئيس الأوكراني ورئيس الوزراء الأسترالي خلال مؤتمر صحافي مشترك في كييف أمس (رويترز)
TT

تضارب حول سيطرة موسكو على لوغانسك... و6 قتلى بقصف على مدينة في دونباس

الرئيس الأوكراني ورئيس الوزراء الأسترالي خلال مؤتمر صحافي مشترك في كييف أمس (رويترز)
الرئيس الأوكراني ورئيس الوزراء الأسترالي خلال مؤتمر صحافي مشترك في كييف أمس (رويترز)

تضاربت الأنباء أمس الأحد حول سيطرة روسيا على مدينة ليسيتشانسك، وبالتالي على إقليم لوغانسك بأكمله في الشرق الأوكراني، وذلك تزامناً مع إعلان سلطات بلدية سلوفيانسك التي تبعد 75 كيلومتراً إلى الغرب من ليسيتشانسك، مقتل 6 أشخاص في قصف خلال تقدم القوات الروسية. وجاء ذلك بينما أعلنت بيلاروسيا اعتراض صواريخ أطلقتها كييف، واتهمت روسيا أوكرانيا بإطلاق 3 صواريخ عنقودية على بيلغورود في هجوم أسفر عن سقوط 4 قتلى.
وكانت ليسيتشانسك آخر مدينة كبيرة تخضع لسيطرة الأوكرانيين في لوغانسك في حوض دونباس بشرق أوكرانيا. وتشكل السيطرة عليها مؤشراً إلى تقدم روسي كبير في دونباس، وهو أمر تركز عليه موسكو منذ انسحبت من كييف.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان نقلته وكالات الأنباء المحلية، إن «سيرغي شويغو القائد الأعلى للقوات المسلحة، أبلغ فلاديمير بوتين بتحرير جمهورية لوغانسك الشعبية». وقبل دقائق من صدور الإعلان، قال ناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، إن المعارك جارية في ليسيتشانسك؛ حيث أصبحت القوات الأوكرانية محاصرة «بالكامل».
لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أعلن في وقت لاحق أمس، أنه من المستحيل القول إن ليسيتشانسك تحت السيطرة الروسية، مؤكداً استمرار القتال في ضواحي المدينة. وأوضح زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي: «لا يمكننا القول إن ليسيتشانسك تحت السيطرة الروسية»، مضيفاً: «هناك قتال في ضواحي هذه المدينة المحاصرة منذ أسابيع». وتابع زيلينسكي: «هناك خطر احتلال كامل لمنطقة لوغانسك. هناك خطر ونحن نفهم ذلك»، معتبراً أن ليسيتشانسك تشكل «الوضع الأكثر صعوبة والأكثر خطورة» بالنسبة إلى أوكرانيا. وقال أيضاً إن «الأفضلية ليست لنا هناك، هذا صحيح. إنها نقطة ضعفنا لكننا نتقدم في نقاط أخرى».
وفي سيفيرسك التي تبعد 30 كيلومتراً غرب ليسيتشانسك، سُجل قصف ليل السبت الأحد، كما ذكر سكان ومسؤول لوكالة «الصحافة الفرنسية». وقالت امرأة تحتمي في قبو: «كان القصف كثيفاً، وإطلاق النار يجري من جميع الجهات»
وجاء الإعلان الروسي بينما أفادت موسكو بأن دفاعاتها المضادة للطائرات أسقطت 3 صواريخ عنقودية من طراز «توشكا- يو» أطلقها «قوميون أوكرانيون» على بيلغورود، المدينة الروسية القريبة من الحدود الأوكرانية. وذكر حاكم بيلغورود، فياشيسلاف غلادكوف، أن الهجوم أحدث أضراراً في 11 مبنى سكنياً و39 منزلاً. واتهمت موسكو كييف في السابق بشن ضربات على الأراضي الروسية، تحديداً في منطقة بيلغورود.
ومن جهته، اتهم الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، كييف، بـ«استفزاز» بلاده. وقال إن جيشه اعترض صواريخ أطلقتها قوات أوكرانية على بيلاروسيا «قبل نحو 3 أيام».
وبيلاروسيا من أبرز حلفاء روسيا منذ فترة طويلة، ودعمت الغزو الذي بدأ في 24 فبراير (شباط) بينما اتهمتها كييف بشن هجمات على الأراضي الأوكرانية. لكن لوكاشينكو نفى أي دور لبلاده في حادثة عبر الحدود. وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية (بلتا) السبت: «أكرر لكم، كما قلت قبل أكثر من عام، لا نية لدينا للقتال في أوكرانيا».
في هذه الأثناء، تواصل القصف الروسي الذي يسفر عن مقتل العشرات في جميع أنحاء أوكرانيا والمعارك العنيفة، حسب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقالت السلطات المحلية في دونيتسك إن شخصين قتلا، وجرح 3 بينهم طفلان، في ضربة استهدفت بلدة دوبروبيليا. وصرح مسؤول أوكراني أمس الأحد بأن قوات بلاده نجحت في «وقف عمل» قاعدة عسكرية روسية في ميليتوبول، بينما أعلن الجيش الأوكراني أن القوات الجوية دمرت نحو 20 وحدة روسية ومستودعين للذخيرة. وقال إيفان فيدوروف رئيس بلدية ميليتوبول إن «الدخان يلف البلدة». ومن جانبه، قال الرئيس الأوكراني: «لم تنتهِ الحرب بعد (...) وقسوتها تشتد في بعض الأماكن ولا يمكن أن ننساها».
في الأثناء، تعهد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، أمس الأحد، بزيادة الدعم العسكري لأوكرانيا بما في ذلك تسليمها مركبات مدرعة جديدة، وذلك خلال أول زيارة لرئيس حكومة أسترالي إلى كييف. وقال خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف: «ستعلن أستراليا اليوم دعماً عسكرياً إضافياً بقيمة 100 مليون دولار، مما يرفع دعمنا الإجمالي إلى ما يقارب 390 مليون دولار». ولم يؤكد ما إذا كان المبلغ 100 مليون دولار أسترالي (65 مليون يورو) أو 100 مليون دولار أميركي، (أي 95 مليون يورو). وأضاف ألبانيز إن كانبيرا ستوفر «14 ناقلة جنود مدرعة إضافية و20 مدرعة أخرى (بوشماستر)»، بالإضافة إلى طائرات مُسيَّرة ومساعدة لحرس الحدود الأوكرانيين. وأوضح أن كانبيرا تعتزم فرض عقوبات اقتصادية جديدة تستهدف روسيا، وكذلك «حظر إقامة يطول 16 وزيراً وثرياً إضافياً، ليصل العدد إلى 843 فرداً، و62 كياناً مستهدفاً من قبل أستراليا». وقال: «سنحظر استيراد الذهب الروسي لتقليل قدرة روسيا على تمويل حربها»، مشيراً إلى أنه «فخور جداً بكونه أول رئيس وزراء أسترالي يزور أوكرانيا».
من جانبه، رحب زيلينسكي بـ«المساعدة الكبيرة لا سيما في مجال الدفاع» التي تقدمها أستراليا. وقبل المؤتمر الصحافي، زار أنتوني ألبانيز بوتشا وإيربين وغوستوميل في ضواحي كييف، والتي أصبحت رموزاً لفظائع الحرب. وقال: «من الواضح أن القوات الروسية استهدفت مناطق مدنية في هذه الحرب غير الأخلاقية وغير الشرعية».
من جهة أخرى، يرتقب أن يلتئم في مدينة لوغانو السويسرية، اليوم الاثنين، اجتماع يشارك فيه قادة عشرات الدول والمنظمات الدولية، بهدف وضع خريطة طريق لتعافي البلد الذي تمزقه الحرب. وقال زيلينسكي في خطاب السبت، إن إعادة إعمار أوكرانيا «تحتاج إلى استثمارات ضخمة، مليارات وتكنولوجيا جديدة ومؤسسات جديدة، وبالطبع إصلاحات». وأشار إلى أن الحرب أثرت على عشر مناطق في أوكرانيا، بينما باتت تتعين «إعادة بناء» عديد من البلدات والقرى «من الصفر».
ويتوقع أن تحدد خريطة الطريق احتياجات إعادة الإعمار، بما في ذلك البنى التحتية المدمرة والمتضررة، واقتصاد أوكرانيا المنهار، إلى جانب الاحتياجات البيئية والاجتماعية. وتقدر التكلفة بمئات مليارات الدولارات. كما ستواجه أوكرانيا مطالبات بإصلاحات واسعة؛ خصوصاً فيما يتعلق بمكافحة الفساد.
وشددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على الحاجة إلى الإصلاحات، وقالت إن عضوية الاتحاد الأوروبي المنشودة «في متناول» أوكرانيا؛ لكنها حضت كييف على العمل على إجراءات لمكافحة الفساد.
وقبل الحرب، كانت أوكرانيا مصدراً رئيسياً للمنتجات الزراعية؛ لكن الغزو الروسي أحدث أضراراً في الأراضي الزراعية، وسيطرت موسكو خلاله على موانٍ أوكرانية أو جرفتها أو حاصرتها، ما أثار مخاوف حيال النقص في الغذاء، وخصوصاً في الدول الفقيرة.
وحذر المزارع سيرغي ليوبارسكي الذي يملك حقولاً قريبة من خط المواجهة، من أن الوقت ينفد لحصاد محصول العام الحالي. وقال: «يمكننا الانتظار حتى العاشر من أغسطس (آب) على أبعد حد؛ لكن بعد ذلك ستجف الحبوب وتسقط أرضاً». واتهمت القوى الغربية بوتين باستخدام المحاصيل العالقة سلاحاً لزيادة الضغط على المجتمع الدولي، بينما اتُّهمت روسيا بسرقة الحبوب.


مقالات ذات صلة

ترمب «مستاء للغاية» من مواقف كييف وموسكو حيال خطة السلام

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (د.ب.أ) play-circle

ترمب «مستاء للغاية» من مواقف كييف وموسكو حيال خطة السلام

قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب «مستاء للغاية» من أوكرانيا وروسيا، مشدّدة على أنه يريد راهناً «أفعالاً» لوضع حد للحرب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا تُرفرف أعلام الاتحاد الأوروبي خارج مقر المفوضية في بروكسل (رويترز)

تقرير: الاتحاد الأوروبي يوافق مبدئياً على مقترح يمهد لاستخدام الأصول الروسية

أفادت وكالة بلومبرغ للأنباء، اليوم الخميس، بأن الاتحاد الأوروبي وافق من حيث المبدأ على مقترح يمهد الطريق أمام استخدام الأصول الروسية في تقديم قروض إلى أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا مبنى سكني متضرر بشدة في أعقاب غارة جوية روسية بمدينة تيرنوبل بأوكرانيا 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

​مكالمات واجتماعات في تسارع دبلوماسي محموم بين واشنطن وأوروبا وأوكرانيا

خطط ترمب تتضمن استثمارات أميركية ضخمة في روسيا وإعادة تدفق النفط لأوروبا

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن (إ.ب.أ) play-circle

زيلينسكي: واشنطن اقترحت إنشاء «منطقة اقتصادية حرة» منزوعة السلاح في أوكرانيا

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الولايات المتحدة تضغط لإنشاء «منطقة اقتصادية حرة» خالية من السلاح بين القوات الروسية والأوكرانية في شرق أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» مارك روته يتحدث خلال مؤتمر صحافي قبل اجتماع وزراء خارجيته بمقره في بروكسل الخميس (أ.ف.ب)

الأمين العام لـ«ناتو» من برلين: نحن الهدف التالي لروسيا

توقع الأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، مارك روته، ألا يكتفي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالحرب على أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

أستراليا تحظر وصول منصات التواصل الاجتماعي للأطفال

جانب من لقاء ألبانيزي أهالي متضررين من استخدام أطفالهم وسائل التواصل الاجتماعي في سيدني يوم 10 ديسمبر (أ.ف.ب)
جانب من لقاء ألبانيزي أهالي متضررين من استخدام أطفالهم وسائل التواصل الاجتماعي في سيدني يوم 10 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تحظر وصول منصات التواصل الاجتماعي للأطفال

جانب من لقاء ألبانيزي أهالي متضررين من استخدام أطفالهم وسائل التواصل الاجتماعي في سيدني يوم 10 ديسمبر (أ.ف.ب)
جانب من لقاء ألبانيزي أهالي متضررين من استخدام أطفالهم وسائل التواصل الاجتماعي في سيدني يوم 10 ديسمبر (أ.ف.ب)

أقرّت أستراليا، أمس، قراراً يحظر وصول وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً، في سابقة عالمية.

ويمنع القرار منصات كـ«فيسبوك» و«إنستغرام» و«يوتيوب» و«تيك توك» و«سناب تشات» و«إكس» من فتح حسابات لمستخدمين دون السادسة عشرة، ويُلزمها إغلاق الحسابات المفتوحة حالياً. وتواجه المنصات المعنية بالقرار، في حال عدم اتخاذها تدابير «معقولة» لضمان تطبيقه، غرامات تصل إلى 32.9 مليون دولار أميركي.


قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا يبحثون مع ترمب جهود السلام في أوكرانيا

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ب)
TT

قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا يبحثون مع ترمب جهود السلام في أوكرانيا

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ب)

قال مكتب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اليوم الأربعاء، إن قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا ناقشوا مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ملف محادثات السلام الجارية بقيادة الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا، ورحبوا بالجهود المبذولة للوصول إلى تسوية عادلة ودائمة للوضع هناك.

وقال متحدث باسم مكتب ستارمر: «ناقش الزعماء آخر المستجدات بشأن محادثات السلام الجارية بقيادة الولايات المتحدة، ورحبوا بالمساعي الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم لأوكرانيا وإنهاء إزهاق الأرواح».

واتفق الزعماء على أن هذه لحظة حاسمة بالنسبة لأوكرانيا، وقالوا إن العمل المكثف على خطة السلام سيستمر في الأيام المقبلة.

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه أجرى اتصالاً هاتفياً في وقت سابق من اليوم مع نظيره الأميركي لمناقشة الوضع في أوكرانيا. وأضاف: «كنت في قاعة بلدية سان مالو لإجراء مكالمة هاتفية مع بعض الزملاء والرئيس ترمب بشأن قضية أوكرانيا». وتابع: «أجرينا نقاشاً استمر نحو 40 دقيقة لإحراز تقدّم في موضوع يهمّنا جميعاً».


في سابقة عالمية... أستراليا تحظر وصول القُصّر إلى وسائل التواصل الاجتماعي

رفع شعار «دَعُوهم يبقوا أطفالاً» ضمن حملة تقييد استخدام التواصل الاجتماعي للقُصّر على جسر ميناء سيدني في أستراليا يوم 10 ديسمبر (إ.ب.أ)
رفع شعار «دَعُوهم يبقوا أطفالاً» ضمن حملة تقييد استخدام التواصل الاجتماعي للقُصّر على جسر ميناء سيدني في أستراليا يوم 10 ديسمبر (إ.ب.أ)
TT

في سابقة عالمية... أستراليا تحظر وصول القُصّر إلى وسائل التواصل الاجتماعي

رفع شعار «دَعُوهم يبقوا أطفالاً» ضمن حملة تقييد استخدام التواصل الاجتماعي للقُصّر على جسر ميناء سيدني في أستراليا يوم 10 ديسمبر (إ.ب.أ)
رفع شعار «دَعُوهم يبقوا أطفالاً» ضمن حملة تقييد استخدام التواصل الاجتماعي للقُصّر على جسر ميناء سيدني في أستراليا يوم 10 ديسمبر (إ.ب.أ)

رحّب رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي بحظر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً، في خطوة رائدة عالمياً تهدف إلى «حمايتهم من الإدمان» على منصات «إنستغرام» و«تيك توك» و«سناب تشات».

ويطول هذا القرار مئات الآلاف من المراهقين الذين كانوا يقضون يومياً ساعات طويلة على هذه المنصات، كما يختبر قدرة الدول على فرض قيود شديدة الصرامة على شركات التكنولوجيا العملاقة، كالأميركيتين «ميتا» و«غوغل». ويمنع القرار منصات كـ«فيسبوك» و«إنستغرام» و«يوتيوب» و«تيك توك» و«سناب تشات» و«ريديت» و«إكس» من فتح حسابات لمستخدمين دون السادسة عشرة، ويُلزمها إغلاق الحسابات المفتوحة حالياً. ويشمل أيضاً منصتي البث التدفقي «كيك» و«تويتش». وتواجه المنصات المعنية بالقرار، في حال عدم اتخاذها تدابير «معقولة» لضمان تطبيقه، غرامات تصل إلى 49.5 مليون دولار أسترالي (32.9 مليون دولار أميركي).

«سلاح للمتحرّشين والمحتالين»

وعشية بدء تطبيق القرار، شرح رئيس الوزراء العمالي أنتوني ألبانيزي، أسباب اتخاذه القرار، وقال إن «وسائل التواصل الاجتماعي يستعملها المتحرشون سلاحاً (...)، وهي أيضاً مصدر للقلق، وأداة للمحتالين، والأسوأ من ذلك أنها أداة للمتحرشين (جنسياً) عبر الإنترنت».

تفرض منصات التواصل الاجتماعي في أستراليا قيوداً على المستخدمين القُصّر ممن تقل أعمارهم عن 16 عاماً (أ.ف.ب)

وقال ألبانيزي لهيئة الإذاعة الأسترالية: «هذا هو اليوم الذي تستعيد فيه العائلات الأسترالية القوة من شركات التكنولوجيا الكبرى، وتؤكد حق الأطفال في أن يكونوا أطفالاً، وحقّ الآباء في مزيد من راحة البال». وأضاف ألبانيزي في اجتماع لأسر تضررت من وسائل التواصل الاجتماعي: «هذا الإصلاح سيغيّر الحياة للأطفال الأستراليين... سيسمح لهم بعيش طفولتهم. وسيمنح الآباء الأستراليين راحة بال أكبر. وأيضاً للمجتمع العالمي الذي ينظر إلى أستراليا ويقول: حسناً، إذا استطاعت أستراليا فعل ذلك، فلماذا لا نستطيع نحن كذلك؟».

وأعرب كثير من أولياء الأمور عن ارتياحهم لهذا الإجراء، آملين أن يسهم في الحد من إدمان الشاشات ومخاطر التحرش على الإنترنت والتعرض للعنف أو المحتويات الجنسية.

في المقابل، نشر العديد من الأطفال «رسائل وداع» على حساباتهم قبل دخول القرار حيّز التنفيذ. فيما عمد آخرون إلى «خداع» تقنية تقدير العمر لدى المنصات برسم شعر على الوجه. ومن المتوقع أيضاً أن يساعد بعض الآباء والأشقاء الأكبر سناً بعض الأطفال على الالتفاف على القيود الجديدة.

مراقبة الامتثال

وأقرّ ألبانيزي بصعوبة التنفيذ وقال إنه «لن يكون مثالياً»، موضّحاً أن هذا الإجراء يتعلق «بمواجهة شركات التكنولوجيا الكبرى»، وبتحميل منصات التواصل الاجتماعي «مسؤولية اجتماعية».

جانب من لقاء ألبانيزي أهالي متضررين من استخدام أطفالهم وسائل التواصل الاجتماعي في سيدني يوم 10 ديسمبر (أ.ف.ب)

وستتولى مفوضة السلامة الإلكترونية في أستراليا، جولي إنمان غرانت، تنفيذ الحظر. وقالت إن المنصات لديها بالفعل التكنولوجيا والبيانات الشخصية حول مستخدميها لفرض قيود العمر بدقة. وقالت إنها سترسل الخميس، إشعارات إلى المنصات العشر المستهدفة تطلب فيها معلومات حول كيفية تنفيذ قيود العمر، وعدد الحسابات التي أُغلقت.

وقالت إنمان غرانت: «سنقدم معلومات للجمهور قبل عيد الميلاد حول كيفية تنفيذ هذه القيود، وما إذا كنا نرى مبدئياً أنها تعمل». وأضافت: «ستشكّل الردود على هذه الإشعارات خط الأساس الذي سنقيس عليه الامتثال».

بدورها، قالت وزيرة الاتصالات أنيكا ويلز، إن المنصات الخاضعة لقيود العمر «قد لا توافق على القانون، وهذا حقها. نحن لا نتوقع دعماً عالمياً بنسبة 100 في المائة»، لكنها أوضحت أن جميعها تعهّدت بالامتثال للقانون الأسترالي. وقالت إن أكثر من 200 ألف حساب على «تيك توك» في أستراليا قد تم إلغاؤه بالفعل بحلول الأربعاء.

وحذّرت ويلز أيضاً الأطفال الصغار الذين أفلتوا من الرصد حتى الآن من أنهم سيُكتشفون في النهاية، كما نقلت عنها وكالة «أسوشييتد برس». وضربت مثالاً بطفل يستخدم «شبكة افتراضية خاصة ليبدو كأنه في النرويج»، قائلةً إنه «سيُكشَف إذا كان ينشر صوراً لشواطئ أستراليا بانتظام». وتابعت: «مجرد أنهم ربما تجنبوا الرصد اليوم لا يعني أنهم سيتمكنون من تجنبه بعد أسبوع أو شهر، لأن المنصات يجب أن تعود وتتحقق بشكل روتيني من حسابات من هم دون 16 عاماً».

أما عن الأطفال الذي يعتمدون على مساعدة أقاربهم الأكبر سناً لتجاوز الحظر عبر «مسحات الوجه»، فقالت الوزيرة: «قد (...) يمنحك ذلك بعض الوقت الإضافي، إلا أن ذلك لا يعني أن هذه الحسابات لن تراك تتحدث مع أطفال آخرين في عمر 14 عاماً عن بطولة كرة القدم للناشئين في عطلة نهاية الأسبوع، أو عن عطلتك المدرسية المقبلة، أو عن معلم الصف العاشر العام القادم».

آراء متباينة

واين هولدسوورث، الذي تحوَّل إلى مدافع عن فرض قيود على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن انتحر ابنه ماك إثر تعرضه لابتزاز جنسي عبر الإنترنت، قال إن القانون الجديد مجرد بداية، وإنه يجب تثقيف الأطفال بشأن مخاطر الإنترنت قبل سن 16 عاماً. وقال خلال لقاء مع رئيس الوزراء الأسترالي وأهالي متضررين من هذه المنصات: «أطفالنا الذين فقدناهم لم يذهبوا هدراً، لأنهم اليوم ينظرون بفخر إلى ما قمنا به».

أثار القرار الأسترالي ردود فعل متباينة بين المستخدمين (أ.ف.ب)

من جهتها، قالت فلاوسي برودريب، البالغة 12 عاماً، للحضور إنها تأمل أن تحذو دول أخرى حذو أستراليا، وهو ما لمّحت إليه بالفعل نيوزيلندا وماليزيا. وأضافت: «هذا الحظر جريء وشجاع، وأعتقد أنه سيساعد أطفالاً مثلي على أن ينشأوا أكثر صحة وأماناً ولطفاً وارتباطاً بالعالم الحقيقي».

ولا يلقى هذا الحظر نفس الدعم لدى سيمون كليمنتس، التي قالت إنه سيشكل خسارة مالية لتوأميها البالغين 15 عاماً، كارلي وهايدن كليمنتس. فكارلي ممثلة وعارضة وراقصة ومغنية ومؤثرة، وشقيقها ممثل وعارض أزياء. وأوضحت: «أعلم أن وضعنا فريد، لأن أطفالنا يعملون في مجال الترفيه، ووسائل التواصل الاجتماعي مرتبطة تماماً بهذه الصناعة. لقد استخدمنا وسائل التواصل بطريقة إيجابية جداً، وهي منصة لعرض أعمالهم... كما أنها مصدر دخل لهما». وفي هذا الصدد، تقدّمت مجموعة تدافع عن الحق في استعمال الإنترنت أمام المحكمة العليا في أستراليا بطعن في القرار.

وانتقدت شركات التكنولوجيا العملاقة كـ«ميتا» و«يوتيوب» هذا القانون الذي سيحرمها أعداداً كبيرة من المستعملين. لكنّ معظمها وافقت مع ذلك على احترامه، مثل «ميتا» التي أفادت بأنها ستبدأ إغلاق حسابات مشتركيها البالغين أقل من 16 عاماً.