قانون الحرس الوطني يدخل دهاليز الخلافات السياسية مع نهاية الفصل التشريعي للبرلمان

التحالف الشيعي يصر على ربطه بالقائد العام.. والكتلة السنية تعد ذلك إفراغًا لمحتواه

قانون الحرس الوطني يدخل دهاليز الخلافات السياسية مع نهاية الفصل التشريعي للبرلمان
TT

قانون الحرس الوطني يدخل دهاليز الخلافات السياسية مع نهاية الفصل التشريعي للبرلمان

قانون الحرس الوطني يدخل دهاليز الخلافات السياسية مع نهاية الفصل التشريعي للبرلمان

طالب رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، خلال جلسة البرلمان، أمس، الكتل السياسية بتقديم ملاحظاتها النهائية بخصوص مشروع قانون الحرس الوطني لغرض تشريعه في وقت لم يتبقَ سوى يوم واحد لنهاية الفصل التشريعي الأول للبرلمان.
وفيما يتهم تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان) شريكه التحالف الوطني (الكتلة الشيعية في البرلمان) بالسعي لإفراغ الحرس الوطني من محتواه، فإن التحالف الوطني دعا إلى التنسيق مع مختلف الكتل السياسية لإقرار قانون الحرس الوطني والقوانين المهمة.
وكانت كتلة التحالف الوطني عقدت اجتماعًا لهذا الغرض برئاسة النائب الأول لرئيس البرلمان همام حمودي. وقال بيان صدر عن الاجتماع إنه «بحث القراءة الثانية لمشروع قانون الحرس الوطني وتوحيد المواقف تجاهه». وأضاف البيان: «جرى خلال الاجتماع مناقشة ملاحظات رئيس مجلس الوزراء على القانون بما يسهم في تسريع إقراره بالسرعة الممكنة»، موضحًا أنه «تم التأكيد على ضرورة التنسيق مع مختلف الكتل السياسية بغية إقرار القوانين المهمة، لا سيما الحرس الوطني».
وكانت الهيئة القيادية للتحالف الوطني أكدت في 12 مايو (أيار) الحالي على ضرورة الإسراع بإقرار قانوني المحكمة الاتحادية والحرس الوطني، داعية في الوقت نفسه القوى السياسية إلى مواصلة الحوار لمعالجة النقاط الخلافية بالأساليب الإيجابيّة البناءة.
بدوره، اتهم أحمد المساري، رئيس كتلة تحالف القوى العراقية، التحالف الوطني، بإفراغ قانون الحرس الوطني من محتواه. وقال المساري في بيان إن «الهدف من إصدار قانون الحرس الوطني هو لمعالجة الخلل في التوازن بالمؤسسة العسكرية، وفسح المجال أمام أبناء المحافظات الخاضعة لسيطرة (داعش) للمشاركة في شرف تحريرها من دنس الإرهاب». وطالب المساري الشركاء في التحالف الوطني بـ«الحرص على تشريع القوانين وفق مضمون الاتفاق السياسي، بوصفها المدخل الحقيقي والسليم لتحقيق مصالحة وطنية تحفظ للعراق وحدته وأمنه واستقلاله»، مؤكدًا «رفض محاولات إفراغ قانون الحرس الوطني من محتواه». وأشار إلى أنه «عندما جاء رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى البرلمان، أكد أن الحكومة ملتزمة بتشكيل الحرس الوطني، لكن هناك بعض الجهات السياسية لا تريد للحرس الوطني أن يتشكل، لأنها ترغب أن يبقى الوضع على ما هو عليه».
من جهته، أكد رعد الدهلكي، عضو البرلمان عن تحالف القوى العراقية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك إرادة سياسية تهدف إلى الاستمرار في تعطيل القوانين المهمة، لأنها لا تريد الاستقرار، فضلاً عن تحقيق التوازن الذي تم الاتفاق عليه طبقًا لوثيقة الاتفاق السياسي التي لا يراد الالتزام بها»، مشيرًا إلى أنه «لو كانت هناك إرادة لتنفيذ ما تضمنته وثيقة الاتفاق السياسي، لا سيما في الجزء المتعلق بالحرس الوطني، لكان قد تم تخصيص أموال في الموازنة لتمويل الحرس الوطني».
ووصف الدهلكي الأجواء التي تمت خلالها صياغة قانون الحرس الوطني بأنها «غير سليمة وضبابية، وهذا قد يكون نذير سوء خلال الفترة المقبلة في ظل تدهور الوضع الأمني في المحافظات الواقعة تحت سيطرة (داعش)»، معتبرًا أن «ربط هذه القوات بالمحافظات لا يخل بإشراف وزارة الدفاع عليها وإيجاد تنسيق مع الجيش الذي سيكون مستقرًا في معسكراته لغرض التدريب، لا سيما وأن الجيش سيكون في الوقت ذاته على أهبة الاستعداد للتدخل عند الحاجة في معالجة أي طارئ لا يستطيع الحرس الوطني معالجته».
في المقابل، يرى التحالف الوطني أن «قانون الحرس الوطني سيمضي في النهاية، لأنه جزء أساسي من المنظومة الأمنية، لكنه قد لا يمضي بإجماع وطني كامل بسبب استمرار الخلافات حول كثير من بنوده، لكنه سيمضي بالحد الأدنى من الإجماع». وقال القيادي في التحالف الوطني فادي الشمري في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوى التحالف الوطني كلها صوتت خلال اجتماع عُقد أخيرًا على أهمية تشريع هذا القانون بوصفه القوة الثالثة في الأجهزة الأمنية، مع التأكيد على أهمية ربطه بالقائد العام للقوات المسلحة، ويُدار من قِبله، مع الأخذ بالاعتبار احتساب نسبة المحافظات».
وردًا على سؤال بشأن إصرار التحالف الوطني على ربط الحرس الوطني بالقائد العام، قال الشمري إن «السبب في ذلك يعود إلى حرصنا على عدم استغلاله سياسيًا من قِبل بعض الجهات في المحافظات بما في ذلك إسقاط الخصوم السياسيين، بالإضافة إلى ربطه بالقرار الأمني المركزي». وأكد الشمري إن «هذا القانون سيمضي في النهاية إذ هناك توافق بهذا الشأن مع التحالف الكردستاني والكتلة الوطنية (يتزعمها إياد علاوي) وأطراف من تحالف القوى العراقية، ومع قناعتنا بأن القانون يمكن أن يمضي بالتصويت ويحصل على الأغلبية، لكننا حريصون على أن يستمر التوافق السياسي في هذه المرحلة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.