ضغوط أممية على الأطراف اليمنية لعقد المشاورات «في أقرب وقت»

ولد الشيخ يبحث في صنعاء موعد مؤتمر جنيف

إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الأممي لليمن لدى وصوله إلى مطار صنعاء الدولي أمس (رويترز)
إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الأممي لليمن لدى وصوله إلى مطار صنعاء الدولي أمس (رويترز)
TT

ضغوط أممية على الأطراف اليمنية لعقد المشاورات «في أقرب وقت»

إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الأممي لليمن لدى وصوله إلى مطار صنعاء الدولي أمس (رويترز)
إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الأممي لليمن لدى وصوله إلى مطار صنعاء الدولي أمس (رويترز)

أكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، أن الأمم المتحدة لا تزال مصممة أن الحل في اليمن لا بد أن يكون سلميًا، وأن على جميع الأطراف اليمنية العودة إلى طاولة الحوار.
جاء ذلك في تصريح للمبعوث الأممي لوكالة الأنباء اليمنية «سبأ» لدى وصوله إلى مطار صنعاء الدولي اليوم، مشيرًا إلى أنه سيجري خلال الزيارة عددا من المشاورات مع كل الأطراف للتحضير لمؤتمر جنيف الذي لا تزال الأمم المتحدة مصممة على أن يعقد في أقرب وقت.
وكان في استقبال ولد الشيخ، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية الدكتور حميد العواضي، ورئيس دائرة المراسم في الوزارة عبد الملك الإرياني.
وذكرت مصادر سياسية، أن المبعوث الأممي إلى اليمن ولد الشيخ تأخر يومين عن موعده المحدد للوصول إلى صنعاء، وأنه الزيارة بهدف إجراء مباحثات للدفع إلى عقد مؤتمر جنيف.
وأكد ستيفان دوغريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن الأمم المتحدة توصل الضغط على المسار السياسي لجلب الأطراف اليمنية المتنازعة إلى مائدة الحوار في جنيف في أقرب وقت دون شروط مسبقة، مشيرا إلى قيام المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد محادثات مكثفة في صنعاء وبعدها في الرياض ثم أوروبا. وشدد على أن الحل الوحيد في أزمة اليمن يجب أن يكون سلميا وأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة.
وأوضح مسؤولو الأمم المتحدة أن زيارة ولد الشيخ أحمد إلى صنعاء تهدف إلى بحث مستجدات الأزمة اليمنية والالتقاء بالأطراف السياسية لجلبهم إلى مائدة الحوار بهدف التوصل إلى حل سياسي للأزمة.
وتعد زيارة إسماعيل ولد الشيخ أحمد لصنعاء هي الثانية منذ توليه منصبه كمبعوث خاص للأمين العام إلى اليمن، حيث قام بزيارة صنعاء للمرة الأولى في 12 مايو (أيار) الحالي والتقى عددا كبيرا من الأطراف اليمنية على مدى يومين دون أن تحرز مفاوضات عن نتائج واضحة وخطوات فعالة في مجال المضي في التوصل لحل سياسي.
وأشار مسؤول دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأمم المتحدة تحاول التوصل إلى قواعد أساسية يقبلها الأطراف المتنازعة في اليمن للمشاركة في مشاورات جنيف رغم تشدد مواقف كل طرف في فرض شروطه للتفاوض. فيما تستضيف سلطنة عمان عدة وفود غربية وأميركية لإجراء محادثات مع الأطراف اليمنية والحوثيين لإيجاد مخرج سياسي للأزمة.
وأشار المسؤول الدبلوماسي بالأمم المتحدة إلى أنه لا يوجد حتى الآن مبادرة واضحة المعالم، وإنما يجري مشاورات لتسهيل الحوارات بين كل الأطراف اليمنية، واستطلاع لمواقف كل الأطراف.
وأوضح أن تلك المشاورات الحالية في سلطنة عمان تهدف إلى التوصل إلى تفاهمات لوقف إطلاق النار والضربات الجوية من قبل التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية وإلزام الحوثيين بعدم مهاجمة الأراضي السعودية.
وتكمن الخلافات، وفق المسؤول الدبلوماسي، حول إصرار الحكومة اليمنية الاشتراك في المحادثات واستئناف العملية السياسية بناء على قرارات المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل والقرارات الدولية ذات الصلة ومنها قرار مجلس الأمن رقم 2216 تحت الفصل السابع الذي يطالب الحوثيين بالانسحاب عن الأراضي التي احتلوها وتسليم أسلحتهم. وتصر الحكومة اليمنية على أنه لا تفاوض مع الحوثيين إلا إذا تراجعوا عن انقلابهم وانسحبوا من العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى، وفي الجانب الآخر يرفض الحوثيون الانسحاب من المحافظات اليمنية.
وتواجه المشاورات الأممية مع الأطراف اليمنية صعوبات تتعلق بالضمانات التي يطالب بها كل طرف في حال التوصل إلى قاعدة مشتركة لبدء الحوار السياسي والتوصل إلى اتفاق خلال مشاورات جنيف وضمانات امتثال كل طرف لبنود مثل هذا الاتفاق.
وأوضح المسؤول الدبلوماسي أن مفاوضات المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد مع الحوثيين خلال الأيام الماضية استهدفت تقريب وجهات النظر بينهم وبين وجهة نظر الحكومة اليمنية من أجل التوصل إلى اتفاق من شأنه التمهيد لإعلان هدنة إنسانية أخرى ووقف القتال والغارات الجوية التي تشنها طائرات التحالف على اليمن منذ أكثر من شهرين.
من جانبه، تشكك أشيد كوتشيكان الباحث بقسم الدراسات الدولية بجامعة بنتلي في قدرة الولايات المتحدة بذل مزيد من الضغوط لإنهاء الأزمة اليمنية في الوقت الذي تجري فيه مفاوضاتها بشأن البرنامج النووي الإيراني مع مجموعة القوى الدولية، حيث لا يزال نفوذ طهران داخل اليمن واضحا، مما يثير استياء دول التعاون الخليجي، مشيرا إلى أن هناك الكثير من القراءات القاتمة للوضع الحالي في اليمن.
يذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد اتصل هاتفيا بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي معربا عن قلقه من تصاعد القتال في اليمن وشدد خلال حديثه مع الرئيس اليمني أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة.
وقال بيان للأمم المتحدة إن الأمين العام بان كي مون أعرب عن قلقه إزاء تصاعد القتال في اليمن، ودعا في اتصال هاتفي مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مساء الأربعاء، إلى تكثيف الجهود لتسهيل الحوار بين أطراف المصلحة الوطنية والإقليمية.
وأشار البيان إلى أن الأمين العام بحث خلال المكالمة التليفونية مع الرئيس هادي المستجدات والتطورات المتعلقة بالأزمة اليمنية والجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لحل واستعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن. وأعرب الأمين العام عن قلقه إزاء تصاعد القتال وتزايد الضربات الجوية منذ انتهاء الوقفة الإنسانية وشدد على أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة في اليمن. وأوضح الأمين العام أنه طلب من مبعوثه الخاص لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد مضاعفة الجهود للتشاور مع الحكومة اليمنية والأطراف السياسية ودول المنطقة بهدف عقد المشاورات حول اليمن في جنيف في أقرب وقت ممكن.
وأكد في اتصاله لهادي، أنه بإيمانه الراسخ لا يوجد حل عسكري للصراع في اليمن، وأن الحل في الحوار السلمي المنظم. وأشار الأمين العام أنه قد طلب من مبعوثه الخاص لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مضاعفة جهوده للتشاور مع الحكومة اليمنية، والتجمعات والدول السياسية في اليمن والمنطقة بهدف عقد المشاورات اليمنية في جنيف في أقرب فرصة ممكنة.
وأعرب عن تقديره تأكيد هادي التزامه بمفاوضات توسطت فيها الأمم المتحدة والدعم الكامل لمشاركة حكومته في مشاورات جنيف.كما أعرب الأمين بان، عن أمله بأن المشاورات قد تستأنف في أقرب وقت ممكن.
من جانبه، شدد الرئيس هادي على أهمية استئناف العملية السياسية السلمية، وضرورة الاستناد على أسس وبنود المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وتنفيذ قرارات مجلس الأمن وبصفة خاصة القرار رقم 2216.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.