«ممر آمن» اليوم في سيفيرودونيتسك تمهيداً لإحكام السيطرة عليها

موسكو تعد لزج قوات إضافية في دونباس بعد تعرض دونيتسك لـ«هجوم بربري»

TT

«ممر آمن» اليوم في سيفيرودونيتسك تمهيداً لإحكام السيطرة عليها

تواصل التركيز على التطورات الميدانية في مناطق جنوب شرقي أوكرانيا، بعد مرور يوم ساخن شهد مواجهات ضارية على كل محاور القتال. ومع دخول معركة السيطرة على سيفيرودونيتسك مراحلها الأخيرة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن فتح ممر إنساني اليوم الأربعاء لخروج المدنيين المحاصرين في مصنع آزوت وهو آخر معاقل المقاومة الأوكرانية في لوغانسك. وفي دونيتسك التي شهدت هجوما أوكرانيا مدفعيا وصاروخيا عنيفا خلال اليوم الأخير، بدا أن موسكو تستعد لزج وحدات إضافية من الجيش، في مواجهة المقاومة العنيفة والهجمات المرتدة من جانب الأوكرانيين. وحمل إعلان رئيس مركز مراقبة الدفاع الوطني الروسي ميخائيل ميزينتسيف عن فتح ممر آمن روسي لخروج الأوكرانيين من سيفيرودونيتسك إشارة تحذيرية لمن تبقى في المنطقة بعزم موسكو تكثيف الضغط الناري عليهم وتسريع وتيرة معركة السيطرة على المدينة وقال المسؤول العسكري إن «هدف فتح الممر هو الإجلاء الآمن لجميع المدنيين من دون استثناء وضمان نقلهم ضمن القوافل الإنسانية إلى مراكز الإيواء المؤقتة». وزاد أنه «انطلاقا من المبادئ الإنسانية، فإن القوات المسلحة الروسية والتشكيلات العسكرية في جمهورية لوغانسك الشعبية على استعداد لتنفيذ عملية إنسانية لإجلاء المدنيين. للقيام بذلك، سيتم فتح ممر إنساني في الاتجاه الشمالي من الساعة 08.00 (بتوقيت موسكو) إلى الساعة 20.00 (بتوقيت موسكو) الأربعاء 15 يونيو (حزيران)».
ودعا المسؤول الروسي «المقاتلين والمرتزقة الأجانب الموجودين في مصنع آزوت، بوقف أي أعمال عدائية وإطلاق سراح المدنيين المحتجزين عبر هذا الممر الإنساني وإيقاف المقاومة التي لا معنى لها وإلقاء السلاح». وكانت موسكو قالت إنها تواجه مئات المسلحين الذين تحصنوا داخل مجمع صناعي للآزوت في تكرار لسيناريو مجمع «آزوفستال» الصناعي في ماريوبول. وطالبت كييف في وقت سابق، بفتح ممر إنساني إلى بلدة ليسيتشانسك، الخاضعة لسيطرة القوات الأوكرانية، لكن وزارة الدفاع الروسية رأت في العرض «محاولة لسحب المسلحين المحاصرين في مصنع آزوت تحت ستار عمل إنساني حسب سيناريو ماريوبول»، وقال ميزينتسيف: «نظرا لحالة اليأس التي تنتابهم جراء وضع المسلحين المحاصرين، فإننا نعتبر نداء الجانب الأوكراني لإنقاذ المدنيين المزعوم (إلى ليسيتشانك) محاولة لسحب الوحدات المسلحة المتبقية من الحصار. وبالتالي، هناك كل الدلائل على تكرار سيناريو ماريوبول».
في غضون ذلك، أعلنت القوات الانفصالية في لوغانسك، أن نحو 2500 جندي ما زالوا يوجدون في منطقة مصنع «آزوت» الكيماوي في مدينة سيفيرودونيتسك، وزادت أن نحو ربعهم من «المرتزقة الأجانب».

وقال فيتالي كيسيليوف المسؤول في وزارة الداخلية في الإقليم الانفصالي إنه «وفقا للحسابات الأولية، فإن ما يقرب من 2.5 ألف جندي يوجدون هناك بينهم 500 إلى 600 مقاتل أجنبي، وهذا العدد هو نفس عدد المقاتلين الذين كانوا يوجدون في منطقة آزوفستال في ماريوبول».
إلى ذلك، تعرض إقليم دونيتسك المجاور الذي تسيطر القوات الروسية والانفصاليون على نحو 65 في المائة من مساحته لهجوم صاروخي ومدفعي مكثف أول من أمس، في ارتفاع ملموس بمستوى ونوعية الهجمات المرتدة التي تنفذها القوات الأوكرانية. وقالت مصادر روسية إن القوات الأوكرانية أطلقت أكثر من 100 صاروخ وعشرات القذائف المدفعية على دونيتسك عاصمة الإقليم، في أعنف هجوم منذ بداية القتال في 24 فبراير (شباط) الماضي. وأفادت السلطات الانفصالية الموالية لروسيا في دونيتسك بأن القصف أسفر عن مقتل 5 مدنيين وإصابة 22 آخرين بجروح.
وصف المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، القصف الأوكراني بـ«البربري» وقال إنه استهدف منشآت مدنية. وقال بيسكوف، ردا على سؤال حول كيفية تقييم الكرملين للمعطيات الميدانية الواردة من دونيتسك: «أريد أن أذكر أمرا وهو ما تحدث عنه الرئيس فلاديمير بوتين، بأن المهمة الرئيسية للعملية العسكرية الخاصة هي ضمان أمن وحماية الناس في لوغانسك ودونيتسك، ولهذا نعم، يظهر المزيد، كما نرى، من القصف الهمجي تماما لأهداف مدنية، وفي الأيام الأخيرة شهدنا مثل هذه الهجمات». وفي وقت سابق، قال رئيس دونيتسك دينيس بوشلين، إنه طلب من روسيا «قوات تحالف إضافية» بسبب زيادة حالات قصف القوات الأوكرانية. وأعلن الكرملين لاحقا أنه وجه الطلب الخاص بإرسال وحدات إضافية إلى دونيتسك إلى الجيش الروسي كونه الجهة صاحبة الاختصاص.
في موضوع آخر، قال بيسكوف، إن بريطانيا لم تتوجه إلى روسيا بشأن مواطنيها المحكوم عليهما بالإعدام في دونيتسك. وقال بيسكوف إنه «يجب اللجوء بالطبع إلى سلطات الدولة (دونيتسك) التي أصدرت محكمتها الحكم. وهذه ليست روسيا، لكن بالطبع، كل شيء سيعتمد على طلب لندن، وأنا متأكد من أن الجانب الروسي سيكون مستعدا للاستماع إليه». وكانت سلطات دونيتسك حكمت، الأسبوع الماضي، على ثلاثة أجانب تم أسرهم في مدينة ماريوبول بالإعدام، هم البريطانيان، شون بينر وأيدن أسلين، والمغربي، سعدون إبراهيم. وصرح الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، في وقت سابق، بأن المرتزقة الذين وصلوا إلى أوكرانيا ليسوا مقاتلين و«أفضل ما ينتظرهم هو السجن لمدة طويلة».
بدورها، قالت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن البريطانيين الاثنين، المحكوم عليهما بالإعدام «ليسا أسيري حرب».
ميدانيا، أفادت وزارة الدفاع في إيجاز يومي، بأن القوات الروسية قصفت مستودع أسلحة مدفعية بصواريخ «كروز» من طراز «كاليبر» في منطقة تشيرنيغيف الأوكرانية. وقالت إن قوات الدفاع الجوي الروسية أسقطت خلال الساعات الـ24 الماضية طائرة مقاتلة أوكرانية من طراز «ميغ – 29» وطائرة هليكوبتر من طراز «مي – 24». ووفقا لبيان الناطق العسكري فقد أسفرت العمليات العسكرية في أوكرانيا خلال اليوم الماضي عن «مقتل أكثر من 350 من النازيين وتدمير مراكز قيادة». وزاد أن الجيش الروسي تمكن من تدمير ترسانة لسلاح المدفعية الأوكرانية وذخائر، من خلال استهدافها بصواريخ «كاليبر» بعيدة المدى.
وأضاف أن الطيران العملياتي استهدف 101 نقطة ترتكز فيها القوات الأوكرانية والمعدات العسكرية، كما تم تدمير 3 مراكز قيادة و13 دبابة وعربات قتال مصفحة أخرى، و6 قاذفات صواريخ «غراد» و14 مدفعية ميدانية و22 مركبة خاصة.


مقالات ذات صلة

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.