{فتح} تفكر في استحداث منصب نائب الرئيس.. ومشكلات قانونية تقف عائقا

العالول لـ («الشرق الأوسط»): التحديات والأفق السياسي المغلق يجددان الفكرة

{فتح} تفكر في استحداث منصب نائب الرئيس.. ومشكلات قانونية تقف عائقا
TT

{فتح} تفكر في استحداث منصب نائب الرئيس.. ومشكلات قانونية تقف عائقا

{فتح} تفكر في استحداث منصب نائب الرئيس.. ومشكلات قانونية تقف عائقا

تواصل لجنة قانونية شكَّلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، ويرأسها رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، بحث إمكانية استحداث منصب نائب الرئيس خلال الأشهر القليلة المقبلة، في خطوة أثارت الكثير من الأسئلة حول التوقيت والأسباب.
وجاء قرار أبو مازن في ذروة القلق المتصاعد من مساعديه على حياته لأسباب كثيرة ومختلفة.
ويجاهر مساعدو الرئيس بأن أبو مازن يعيش تحت التهديد المباشر من إسرائيل التي وصفته بأنه «عقبة في طريق السلام» وأنه «زعيم اللاسامية والتحريض»، لكن مساعديه وآخرين في حركة فتح يتحدثون من «تحت الطاولة» عن تهديدات أخرى قد يكون مردها حركة حماس أو القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان.
ورغم خطوات المصالحة مع حماس فإن أبو مازن لا يأمن جانبها، خصوصا أنه اتهم قياداتها سابقا بمحاولة اغتياله في غزة، وهو الأمر الذي نفته الحركة. كما لا يأمن الرجل جانب دحلان، القيادي السابق في اللجنة المركزية في فتح، الذي يتهمه مسؤولون في الحركة بـ«السعي للانقلاب إذا استطاع» وهي تهمة ينفيها دحلان. واعتقلت الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية كثيرا من المحسوبين على دحلان وأخضعتهم لتحقيقات بشأن المال والسلاح، حالهم حال رجال حماس، كما وجه مسؤولو الحركة تحذيرات لمناصريه في غزة من العبث بمصير الحركة.
وبسبب كل هذه التهديدات يحظى عباس بحراسة أمنية مشددة قل نظيرها، من قبل حرس الرئاسة الخاص الذي دُرِّب بشكل عال واختيرت عناصره بعناية فائقة.
ومن غير المعروف بعد ما إذا كانت حركة فتح تميل إلى تعيين نائب للرئيس بسبب معلومات دقيقة وصلتهم أو بسبب مخاوف عامة، لكنها المرة الأولى التي تأخذ فيها الحركة خطوة نحو الأمام تجاه تعيين نائب للرئيس، وهو الطلب الذي أثير عدة مرات في السابق، ولكنه كان يذهب أدراج الرياح.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن فتح أرادت تحصين الموقع. وأضافت: «ليست كل الأسباب دنيوية وحسب»، في إشارة إلى تقدم الرئيس في السن.
لكن محمود العالول، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وأحد كبار مساعدي عباس، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «كمَّ التحديات أصبح أكبر بكثير وعلى درجة عالية من الصعوبة، وبحاجة إلى ترتيب البيت الداخلي بشكل أفضل لمواجهة هذه التحديات، إضافة إلى أن الرئيس يحمل أعباء كبيرة ولا بد من أحد يساعده». وأوضح: «في الحقيقة الموضوع مطروح من فترة طويلة، لكن عندما طرحت الفكرة الآن ارتأينا باختصار شديد التأكد أولا إذا كانت ممكنة أو غير ممكنة».
وردا على سؤال حول طبيعة التحديات، قال العالول إن «التهديدات الإسرائيلية جزء منها وليست كلها». وأشار إلى أن «حالة الانغلاق في الأفق السياسي وعدم وجود أمل سيفرضان تحديات جديدة».
ويرى العالول أن «وسائل الإعلام هولت من الخطوة وأسبابها وحولتها إلى بازار للتفسيرات». وأكد أن حركة فتح لم تناقش أسماء أو مواصفات الشخص الذي يمكن أن يتسلم منصب نائب الرئيس.
ويعرف العالول على أي حال أن الأمر قد يواجه عقبات قانونية كبيرة؛ إذ يحتاج استحداث منصب نائب الرئيس إلى تغيير القانون الأساسي الفلسطيني الذي يعد حاليا بمثابة الدستور. وعمليا لا يمكن تعديل القانون الأساسي إلا من خلال المجلس التشريعي الفلسطيني الذي تسيطر حماس على أغلبيته.
وحذر متخصصون في القانون من الإقدام على تعديل القانون الأساسي الفلسطيني بمعزل عن المجلس التشريعي، وقالوا إن ذلك من شأنه المس بالنظام النيابي وتحويله إلى رئاسي مطلق.
وعقب العالول بالقول: «نحن نريد أن نعرف أولا كيف يمكن تكييف القانون مع المسـألة؟ من يمكن أن يقر ذلك؟ هل عبر المجلس المركزي أو الوطني أو اللجنة التنفيذية؟ ولذلك ننتظر أولا الرأي القانوني».
ومن شأن قرار من هذا القبيل، من دون مشاركة المجلس التشريعي، إثارة المزيد من الخلافات السياسية والقانونية على الساحة الفلسطينية.
وعد المحلل السياسي طلال عوكل استحداث المنصب بمثابة «استحقاق قديم جديد تفرضه أوضاع الساحة الفلسطينية».
وقال عوكل لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تهديدات لا تخفى على أحد، وعملية سلام يمكن أن تنجح أو تفشل، وربما يفكر الرئيس أنه لا يريد الوصول إلى انتخابات مقبلة». وأضاف: «التهديدات الإسرائيلية والاستحقاقات الداخلية هي التي أجبرت فتح على التفكير بالأمر».
وعمليا انتهت ولاية الرئيس الفلسطيني الذي انتخب عام 2005، في يناير (كانون الثاني) 2009، كما انتهت ولاية المجلس التشريعي الفلسطيني في يناير 2010، لكن أي انتخابات لم تجر لتجديد الشرعيات بسبب الانقسام بين حركتي فتح وحماس. وكان المجلس المركزي لمنظمة التحرير قرر في 2009 تمديد ولاية أبو مازن والتشريعي لموعد لاحق، وسط آمال في المصالحة بين فتح وحماس تجري بعدها الانتخابات العامة. وتساءل عوكل: «ربما يحل رئيس المجلس التشريعي مشكلة رئيس السلطة، لكن ماذا عن منصب رئيس منظمة التحرير؟ ماذا عن رئيس الدولة؟ ماذا عن رئيس حركة فتح؟ توجد حاجة موضوعية للإجابة عن هذه الأسئلة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».