أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن نيته إرسال أنظمة صواريخ متقدمة تسمح للقوات الأوكرانية «بضرب أهداف روسية بدقة فائقة على الأراضي الأوكرانية». وكشف بايدن عن الدفعة الحادية عشرة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا بقيمة 700 مليون دولار، قائلا إن بلاده «ستزود الأوكرانيين بأنظمة صاروخية أكثر تطورا وذخائر، مما يتيح لهم أن يصيبوا أهدافا أساسية في ميدان المعركة في أوكرانيا بدقة أكثر».
وأكد بايدن، في مقالة بصحيفة «نيويورك تايمز»، أن الولايات المتحدة «لا تسعى لحرب بين الناتو وروسيا»، مشددا على أنه «ما دام لم تتعرض الولايات المتحدة أو حلفاؤنا للهجوم فلن نشارك بشكل مباشر في هذا النزاع». وأوضح بايدن «لا نشجع أوكرانيا أو نمكنها من نقل المعارك خارج حدودها»، مشيرا إلى أن «هدفنا رؤية أوكرانيا دولة مستقلة ومزدهرة وذات سيادة قادرة على الدفاع عن نفسها وردع أي عدوان إضافي ضدها». وشدد بايدن على أن الولايات المتحدة «لا تسعى لتنحية (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين عن السلطة رغم خلافاتنا معه بسبب أعماله المروعة في أوكرانيا».
وفيما لم يوضح الرئيس الأميركي نوع الأنظمة الصاروخية التي سيزود كييف بها، إلا أن مسؤولاً كبيراً في البيت الأبيض قال إن الأمر يتعلق براجمات صواريخ من طراز «هيمارس». وصرح المسؤول لصحافيين طالباً منهم عدم نشر اسمه أن الجيش الأوكراني سيحصل على راجمات هيمارس وصواريخ يصل مداها إلى 80 كيلومترا، واضعاً بذلك حداً لأيام عدة من التكهنات بشأن طبيعة الأسلحة النوعية الإضافية التي قررت واشنطن تزويد كييف بها. و«هيمارس» هي راجمات صواريخ تركب على مدرعات خفيفة وتُطلق صواريخ موجهة ودقيقة الإصابة. وأوضح المسؤول أن الصواريخ التي سترسلها الولايات المتحدة إلى كييف يصل مداها إلى 80 كيلومترا فقط، رغم أن الجيش الأميركي لديه صواريخ من النوعية نفسها يصل مداها إلى مئات الكيلومترات.
وحرصت واشنطن على تزويد كييف هذه الصواريخ القصيرة المدى لأنها تريد أن تضمن أنها ستطال أهدافاً داخل أوكرانيا، وليس على الأراضي الروسية. وقال المسؤول الكبير في البيت الأبيض إن «الأوكرانيين قدموا ضمانات بأنهم لن يستخدموا هذه الأنظمة ضد الأراضي الروسية».
إلى ذلك، أكد الرئيس الأميركي في مقاله أنه لن يمارس «ضغوطا على الحكومة الأوكرانية للتنازل» عن مناطق، في وقت تواجه فيه هجوما روسيا مكثفا في شرق البلاد. وأتى هذا التوضيح بعد سلسلة من الدعوات الصادرة عن دبلوماسيين سابقين لمباشرة مفاوضات سلام بشكل سريع، فيما يرى بعضهم على غرار وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر أن ذلك يمر عبر تخلي كييف عن بعض المناطق في الشرق. وأكد بايدن أن التماسك بين الدول الغربية لا يزال كاملا، وقال: «إن كان الرئيس الروسي يتوقع أن نتردد أو ننقسم في الأشهر المقبلة، فهو مخطئ».
- حرب طويلة الأمد
من جانبه، رأى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، أن الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا، والتي ستدخل يومها المائة الجمعة، ستستمر «أشهرا عدة». وقال بلينكن خلال مؤتمر صحافي عقده مع الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ في واشنطن، إن الحرب «قد تنتهي غدا إذا أوقفت روسيا عدوانها»، لكن «لا نرى أي مؤشر في هذا الاتجاه في المرحلة الراهنة».
إلى ذلك، أكد بلينكن أن تزويد أوكرانيا بالسلاح «يهدف لتقوية موقفها في أي مفاوضات مستقبلية» مع روسيا، موضحا أن كييف وعدت الولايات المتحدة بأنها لن تستخدم الأسلحة الجديدة بعيدة المدى ضد أهداف داخل روسيا. وقال: «قدم الأوكرانيون تأكيدات لنا بأنهم لن يستخدموا هذه الأنظمة ضد أهداف في الأراضي الروسية»، مضيفا «هناك علاقة ثقة قوية بين أوكرانيا والولايات المتحدة وكذلك مع حلفائنا وشركائنا». ونفى بلينكن الادعاءات بأن الولايات المتحدة تخاطر بالتصعيد مع روسيا، وقال إن «روسيا هي التي تهاجم أوكرانيا وليس العكس... أفضل طريقة لتجنب التصعيد هي أن توقف روسيا العدوان والحرب التي بدأتها، ولديها القدرة المطلقة على القيام بذلك».
ورداً على أسئلة الصحافيين حول اعتراضات أنقرة على عضوية فنلندا والسويد في التحالف الدفاعي المؤلف من 30 دولة حالياً، شدد بلينكن مجدداً على دعم واشنطن لذلك.
بدوره، قال ستولتنبرغ إنه سيعقد اجتماعاً في بروكسل في الأيام المقبلة مع كبار المسؤولين من السويد وفنلندا وتركيا لمناقشة معارضة أنقرة لانضمام السويد وفنلندا إلى التحالف. وأضاف «أنا على اتصال وثيق بالرئيس التركي إردوغان وبقادة فنلندا والسويد». وأكد أن الولايات المتحدة تلعب دوراً مهماً في مواجهة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مشيراً في ذات الوقت إلى ضرورة منع تمدد الصراع القائم. وشدد على أن «وجود قوات الناتو في شرق أوروبا هدفه التعامل مع أي تهديد روسي للمنطقة». وأوضح أن دول الحلف زادت إنفاقها على الدفاع بواقع 2 في المائة.
- تورط أميركي أم دفاع عن أوروبا؟
يتصاعد الجدل داخل الولايات المتحدة، بين داعمي السياسة الأميركية في أوكرانيا، ومن يحذرون من تسببها في تصعيد الصراع وتوسيعه. وعكست صحيفة «نيويورك تايمز» هذا الجدل من خلال مقالتي رأي، لكل من توماس فريدمان وكريستوفر كالدويل.
وكتب فريدمان بأنه «كان مخطئا عندما اعتقد أن الرئيس بوتين يريد الاكتفاء بغزو أوكرانيا»، وقال إنه كان بحاجة لـ«زيارة القارة (الأوروبية) والاجتماع بالسياسيين والدبلوماسيين ورجال الأعمال لكي يفهم تماما ما حدث». وأضاف فريدمان «لقد فهمت هذا تماما فقط، عندما وصلت إلى هذا الجانب من المحيط الأطلسي. كان من السهل من بعيد أن نفترض، وربما كان من السهل على بوتين أن يفترض، أن أوروبا ستتصالح في النهاية مع الغزو الشامل الذي شنه بوتين على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط)، بالطريقة التي تصالحت بها أوروبا مع احتلاله عام 2014 شبه جزيرة القرم الأوكرانية، لأنه واجه مقاومة قليلة وأطلق موجات صدمة محدودة. لقد كان هذا خطأ». وأضاف «هذا الغزو، مع قيام الجنود الروس بقصف عشوائي للمباني السكنية والمستشفيات الأوكرانية، وقتل المدنيين، ونهب المنازل، واغتصاب النساء، وخلق أكبر أزمة لاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، يُنظر إليه بشكل متزايد على أنه إعادة لهجوم هتلر في القرن الحادي والعشرين على بولندا». وأضاف أن «تهديد بوتين الظاهر باستخدام الأسلحة النووية، وتحذيره من أن أي دولة تدخلت في حربه غير المبررة ستواجه (عواقب لم ترها من قبل)، يفسر كل شيء».
في المقابل يقول كالدويل إن «دورنا كأميركيين ليس سلبيا أو عرضيا»، فالولايات المتحدة أظهرت «ليس فقط مسؤوليتها عن التصعيد، ولكن أيضا ميولها إليه». ويشير كالدويل إلى أن «آلاف الأوكرانيين ماتوا وكانوا على الأرجح سينجون لو بقيت الولايات المتحدة على الهامش». ويضيف أن ممثلي الإدارة الأميركية يبررون توريد الأسلحة بحقيقة أنهم، بسبب قوتهم المزعومة، يجب أن يلعبوا «دورا رادعا». «لكن إذا فشلت الأسلحة الثقيلة في منع الصراع، فإنها ستؤدي إلى حروب أكبر». وبحسب قوله، فإن توريد الأسلحة الأميركية أعطى الصراع في أوكرانيا «شكلا متنقلا ومتفجرا ودمويا». ويشير كالدويل إلى أن «الولايات المتحدة لا تقدم تنازلات وإلا فإنها ستفقد ماء الوجه»، مضيفا أن «الإدارة تقطع فرص المفاوضات وتعمل على تصعيد الحرب». «وبمرور الوقت، كميات كبيرة من عمليات نقل الأسلحة الفتاكة، بما في ذلك تلك التي سيتم تضمينها في حزمة المساعدات الجديدة البالغة 40 مليار دولار، يمكن أن تنقل الحرب إلى مستوى آخر».
- تحذير من «مأسسة» السيطرة الروسية
حذرت واشنطن من محاولات روسيا «إضفاء الطابع المؤسسي» على سيطرتها على «الأراضي الأوكرانية ذات السيادة»، ولا سيما في منطقة خيرسون. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، إن روسيا «قد تعلن عن منطقة مستقلة في المنطقة في محاولة لضمها في نهاية المطاف». وقال برايس: «إنه جزء يمكن التنبؤ به من قواعد اللعبة الروسية، ولهذا السبب نستمر في دق ناقوس الخطر الآن، خاصة بعد المرسوم الأحادي الذي أصدره الرئيس الروسي بوتين والذي من شأنه الإسراع بإصدار جوازات السفر الروسية للمواطنين الأوكرانيين».
واشنطن تدعم كييف بأنظمة صواريخ متقدمة... وتنفي السعي لتنحية بوتين
بلينكن: أوكرانيا أكدت أنها لن تستهدف الأراضي الروسية بالأسلحة الأميركية الجديدة
واشنطن تدعم كييف بأنظمة صواريخ متقدمة... وتنفي السعي لتنحية بوتين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة