تياغو نموذج رائع وهادئ للاعب خط الوسط بغضّ النظر عن أسلوبه

تمكن النجم الإسباني بفضل دقة تمريراته وقوة تسديداته من إحداث الفارق مع ليفربول هذا الموسم

بأسلوبه التقليدي فرض تياغو نفسه أساسياً في صفوف ليفربول (رويترز)
بأسلوبه التقليدي فرض تياغو نفسه أساسياً في صفوف ليفربول (رويترز)
TT

تياغو نموذج رائع وهادئ للاعب خط الوسط بغضّ النظر عن أسلوبه

بأسلوبه التقليدي فرض تياغو نفسه أساسياً في صفوف ليفربول (رويترز)
بأسلوبه التقليدي فرض تياغو نفسه أساسياً في صفوف ليفربول (رويترز)

كانت هناك لحظة جيدة للمدير الفني الألماني يورغن كلوب، خلال المباراة التي فاز فيها ليفربول على ساوثهامبتون بهدفين مقابل هدف وحيد مساء الثلاثاء الماضي، فعندما افتتح ناثان ريدموند التسجيل لساوثهامبتون جاء الهدف بعد اصطدام بأحد لاعبي ليفربول، وهو ما تسبب في موجة احتجاج من على مقاعد بدلاء الريدز. إننا دائماً ما نرى كلوب يتصرف بطريقة معينة وهو يقف بجوار خط التماس، فهو دائماً ما يصرخ غاضباً ويدور بشكل مفاجئ، ويوجه اللكمات في الهواء كأنه رجل يصارع أحد النشالين في وقت متأخر من الليل!
لكنه هذه المرة فعل شيئاً جديداً ومثيراً للإعجاب، حيث وقف صامتاً بجوار خط التماس وأشار ببساطة إلى الحكم بإصبعه معترضاً على صحة الهدف. لقد بدا الأمر عادلاً بما فيه الكفاية، حيث لا توجد لوائح محددة للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم تمنع النظرات الحزينة والمزعجة! بالإضافة إلى أن ما حدث ربما لم تكن له أهمية كبيرة، نظراً لأنه كان يبدو دائماً أن ليفربول سيحقق الفوز على ساوثهامبتون على ملعب «سانت ماري» في نهاية المطاف، وهو ما جعل صراع المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز يستمر حتى الجولة الأخيرة.
دعونا نواجه الأمر ونقول إن هناك منافسة شرسة للغاية بين مديرين فنيين عملاقين هما المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا، والمدير الفني لليفربول يورغن كلوب. لقد زعم كل منهما أنه الطرف المستضعف والأقل حظوظاً خلال الأسابيع الأخيرة، حيث صرح غوارديولا بأن الجميع في إنجلترا يدعمون ليفربول، في حين أشار كلوب إلى أن فريقه يلعب الكثثر من المباريات المتتالية في بطولات مختلفة، لكنه رغم ذلك مطالَب بتحقيق الفوز.
ومن الناحية التكتيكية، لا يزال يُنظر إلى ليفربول على أنه فريق «مثير» يلعب بحماس شديد، في حين يُنظر إلى مانشستر سيتي على أنه فريق «هادئ» يتناقل الكرات القصيرة والسريعة من أجل إرهاق منافسيه.
فهل هذا هو ما يحدث حقاً؟ لقد كان مانشستر سيتي هو من خسر في الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا بنتيجة سبعة أهداف مقابل ستة في مجموع مباراتي الذهاب والعودة أمام ريال مدريد، وهو الفريق الذي سجل أهدافاً أكثر من أي فريق آخر هذا الموسم. بينما كان ليفربول يفوز بشكل مريح ويتحكم في وتيرة المباريات، مستنداً في ذلك إلى الضغط الخانق الذي يمارسه خط دفاعه على المنافسين بشكل ذكي للغاية ومتوافق مع تقنية حكم الفيديو المساعد (الفار).
لكن كان هناك عنصر آخر حاسم بالنسبة لليفربول خلال الأسابيع القليلة الماضية، وهو التألق اللافت للاعب الإسباني تياغو ألكانتارا في خط وسط الفريق. لكن الغريب في الأمر أن أبرز لاعب في خط وسط ليفربول الآن هو أكثر لاعب مناسب للطريقة التي يلعب بها غوارديولا، نظراً لأن تياغو مهووس بالتمرير الدقيق وإظهار قدراته وفنياته الهائلة داخل المستطيل الأخضر، وهو ما يمثل مفارقة تاريخية في حقيقة الأمر.

                                          تياغو كانت له بصمة على إنجازات فريقه هذا الموسم (رويترز)
ومن المحتمل أن يلعب تياغو أمام ريال مدريد في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا في باريس. لقد غاب عن عدد كبير من المباريات خلال الموسم الجاري بسبب الإصابة، لكنه استعاد عافيته ومستواه مرة أخرى أمام برايتون في منتصف مارس (آذار) الماضي، وكان إحدى الركائز الأساسية لليفربول في 15 مباراة لم يعرف فيها الفريق طعم الخسارة، بدايةً من مباراة آرسنال خارج ملعبه وصولاً إلى المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي في نهاية الأسبوع الماضي.
صحيح أن لويس دياز وساديو ماني كانا من أبرز نجوم الفريق في تلك الفترة، لكن تياغو كان يقدم أيضاً مستويات استثنائية في خط الوسط ناحية اليسار، وكان يمتع الجميع بمهاراته الفذة وإمكانياته الهائلة ويربط بين خطوط الفريق المختلفة ببراعة. والأهم من ذلك، أنه يلعب بهدوء منقطع النظير، فطريقة لعبه تعتمد بالكامل على فكرة أن هناك دائماً زماناً ومكاناً للقيام بكل شيء، للدرجة التي تجعلك تشعر كأن هناك علاقة خاصة بينه وبين الكرة.
هذا لا يعني أن تياغو هو أفضل لاعب خط وسط في العالم، أو أنه يقوم بنفس الدور الذي يلعبه لوكا مودريتش أو كيفين دي بروين، أو أن وجوده يعني أن ليفربول سيفوز برباعية تاريخية، لكنه لاعب يجعلك تشعر بالسعادة والمتعة وأنت تشاهده يتحرك داخل المستطيل الأخضر. ورغم أنه ضعيف البنية الجسدية ويلعب مع مجموعة من اللاعبين الذين يمتلكون قوة بدنية هائلة، فإنه يمتلك قدرة غير عادية على تسلم الكرة بكل سهولة وبراعة من أي زاوية، وامتصاصها مثل قطرة مطر تسقط في بركة من الماء.
إنه يقوم بأشياء صغيرة غريبة للغاية، فتراه ينظر بعيداً بينما تأتي إليه الكرة، ويمسح أرجاء الملعب المختلفة بعينيه كأنه طائر يحلّق من مكان مرتفع، ثم يمرر قدميه من فوق الكرة وهو يتلاعب بها لمجرد أنه يريد أن يشعر بالمتعة. إنه يلعب بأريحية منقطعة النظير، ويجعلك تشعر كأنه يتنفس بسهولة عندما يكون الأكسجين في أشد حالاته ندرة! إنه يسيطر على الكرة بشكل غريب كأنه يقول للاعبي الفرق المنافسة: اقتربوا مني كيفما تريدون، لكنني سأحتفظ بالكرة ولن يتمكن أحد من استخلاصها!
في الحقيقة، لم يكن من الغريب أن ينجح تياغو في حجز مكان له في التشكيلة الأساسية لليفربول بهذه الطريقة الرائعة أو أن يلعب هذا الدور المهم مع الفريق، نظراً لأنه يمتلك قدرات استثنائية وخبرات هائلة، حيث حصل على لقب الدوري تسع مرات مع أندية مختلفة، كما حصل على لقب دوري أبطال أوروبا مرتين. لكن كان هناك الكثير من الحديث في البداية عن أنه لن يكون مناسباً لطريقة ليفربول، التي تعتمد على الضغط المتواصل على حامل الكرة. لقد بدا تياغو منزعجاً في بعض الأحيان بسبب تعرضه للكثير من الإصابات والانتكاسات خلال الشتاء الماضي، لكن خلال الأشهر الـ14 الماضية لم يخسر ليفربول سوى مباراة واحدة فقط عندما شارك تياغو في التشكيلة الأساسية. وتجب الإشارة إلى بعض الأمور التي أسهمت في أن تسير الأمور على ما يرام بالنسبة لتياغو مع ليفربول.
أولاً: إنه إلى حد ما لاعب من الطراز التقليدي القديم، أو ما يمكن وصفه بأنه «زائر من الماضي القريب»، إن جاز التعبير. إنه اللاعب الوحيد الموجود حالياً الذي لا يزال يجسد تماماً كرة القدم التي يريد غوارديولا أن يلعبها، والتي تعتمد على التمرير الدقيق، والتي تألق فيها في السابق النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي مع برشلونة، لتبدو كأنها الطريقة الجديدة التي ستهيمن على كرة القدم العالمية.
لقد تألق تياغو مع نادي برشلونة ومنتخب إسبانيا بشكل كبير، كما قدم مستويات جيدة مع بايرن ميونيخ، لكن أفضل مستوياته على الإطلاق قدمها في دوري أبطال أوروبا. والآن، عاد تياغو للتألق من جديد مع ليفربول في أكثر اللحظات الحاسمة خلال الموسم.


مقالات ذات صلة

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

رياضة عالمية صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري

ديفيد سيغال (لندن)
رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ف.ب)

غوارديولا بعد تجديد عقده: لم يحن وقت الرحيل

قال المدرب الإسباني بيب غوارديولا الخميس عقب تمديد عقده مع مانشستر سيتي بطل إنجلترا لعامين اضافيين حتى العام 2027 إنّه «لم يستطع الرحيل الآن».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد عقده لعامين مقبلين (أ.ف.ب)

ماذا يعني بقاء بيب غوارديولا لمانشستر سيتي؟

في وقت تسود فيه حالة كبيرة من عدم اليقين حول مانشستر سيتي والدوري الإنجليزي الممتاز، فإن العقد الجديد لبيب غوارديولا يمثل دفعة كبيرة للنادي.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد تعاقده مع سيتي معلنا التحدي بإعادة الفريق للقمة سريعا (رويترز)

غوارديولا أكد قدرته على التحدي بقرار تمديد عقده مع مانشستر سيتي

يُظهر توقيع جوسيب غوارديولا على عقد جديد لمدة عام واحد مع مانشستر سيتي أن المدير الفني الإسباني لديه رغبة كبيرة في التغلب على التحديات الكثيرة التي تواجه فريقه

جيمي جاكسون (لندن)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.