خامنئي قال إن طهران لن تسمح بتفتيش مواقع عسكرية وإجراء مقابلات مع علماء

روحاني: إيران سترد بحزم وقوة على أي عدوان ضدها

الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال إلقائه كلمته في تبريز أمس (فارس)
الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال إلقائه كلمته في تبريز أمس (فارس)
TT

خامنئي قال إن طهران لن تسمح بتفتيش مواقع عسكرية وإجراء مقابلات مع علماء

الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال إلقائه كلمته في تبريز أمس (فارس)
الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال إلقائه كلمته في تبريز أمس (فارس)

شدد كل من المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، الذي يعد أعلى سلطة دينية وسياسية في إيران، والرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، على أن «الرد الإيراني سيكون قاسيًا جدًا على أي تحرك معاد ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية».
وقال الرئيس الإيراني إن «طهران لا تعتزم مهاجمة أحد؛ إذ إن النزعة السلمية سائدة لدى القيادة والشعب، إلا أنها لو تعرضت لعدوان خارجي وواجهت أطماعا فإنها سترد بحزم وقوة»، مشيرا إلى «أننا نريد إحراز التقدم في كل المجالات»، حسبما نقلت وكالة فارس الإيرانية للأنباء.
وقال خامنئي أمس: «إن طهران لن تسمح بتفتيش مواقع عسكرية وإجراء مقابلات مع علماء في إطار اتفاق حول الملف النووي الإيراني». وأضاف: «لقد قلنا في السابق إننا لن نسمح بأي تفتيش لمواقع عسكرية من قبل أجانب، يقولون أيضا إنه يجب السماح بإجراء مقابلات مع العلماء النوويين. هذا يعتبر استجوابا».
واعتبر خامنئي أن «أحد أمثلة المطالب المبالغ بها التي يطرحها الطرف الآخر في المفاوضات النووية هو طلب تفتيش المراكز العسكرية والتحدث إلى العلماء والباحثين الإيرانيين». وأضاف أنه «مثلما قيل سابقا لن يسمح أبدا بأي تفتيش للمراكز العسكرية، وكذلك التحدث إلى العلماء النوويين وعلماء سائر الفروع الحساسة والإساءة إلى مكانتهم». وأكد قائلا: «إنني لا أسمح بان يأتي الأجانب ويتحدثوا إلى العلماء والأبناء الأعزاء والبارزين لهذا الشعب واستجوابهم».
وأضاف خامنئي خلال مراسم تخرج طلاب عسكريين: «لن أسمح بان يأتي أجانب للحديث مع علماء أحرزوا تقدما بهذا العلم إلى هذا المستوى». واعتبر أحد هذه التحديات «هو ممارسات الغطرسة والمطالب المبالغ بها التي يطرحها الطرف الآخر في المفاوضات النووية». وأضاف أن «الأعداء يتحدثون بمنطق الغطرسة لأنهم ما زالوا لم يعرفوا لغاية الآن الشعب الإيراني والمسؤولين جيدا، إذ إن هذا الشعب والحكومة النابعة منه لن يستسلما لمنطق الغطرسة».
وأكد خامنئي أن «أي تراجع أمام مطالب الطرف الآخر المبالغ بها يؤدي إلى تقدم ذلك الطرف بالقدر نفسه». وأضاف أنه «ينبغي بناء جدار رصين من العزم والتوكل والاقتدار الوطني أمام هذه المطالب المبالغ بها».
من جهته قال الرئيس الإيراني: «إن الحكومة عازمة على الاستمرار في طريق الازدهار وتحقيق الانتصار في المفاوضات (النووية) بشرط أن لا يحمل الجانب الآخر أي أطماع».
وفي كلمة ألقاها أمام حشد كبير من أهالي تبريز أمس ونقلتها وكالة فارس، قال روحاني: «إنه لا يتصور أن أحدا يشعر بالقلق إزاء انتصار الشعب الإيراني في المفاوضات النووية»، مشددا على أنه لا يحق لأحد أن يرفع الشعارات بالنيابة عن الشعب ويثير التطرف والنزعة الشعارية في المجتمع ويثير الشعور بالقلق حيال أمن البلاد ومستقبلها.
ووصف المرحلة الحالية بالحساسة للغاية؛ إذ إن الكثير من بلدان المنطقة كاليمن والعراق وسوريا وفلسطين وأفغانستان وباكستان تحترق بنيران الحروب والنزاعات، إلا أن إيران تعيش الاستقرار والهدوء في ظل التلاحم والوحدة الوطنية.
واعتبر روحاني أن الحكومة تبذل قصارى جهودها لصون الأمن والاستقرار لدى الشعب في ظل كل الظروف و«إننا بلغنا مرحلة مهمة للغاية على الصعيد الدولي»، مؤكدا: «إننا نجتاز اليوم مرحلة تحطيم فكرة إثارة الخوف من إيران على الصعيد العالمي بصورة نهائية؛ إذ إن الشعب والحكومة والقيادة يبذلون مساعيهم بصورة مكثفة لعكس صورة حقيقية عن الشعب الإيراني».
وأشاد بالفريق الإيراني النووي المفاوض وقال: «إنهم صنعوا المفخرة والشموخ للشعب الإيراني وإن الشعب يدعم المفاوضين».
وأكد على بذل الجهود لإيجاد نشاط اقتصادي صحيح في البلاد إلى جانب النشاطات النووية السلمية حيث «نريد خلق فرص عمل للشباب ومجتمع يتمتع بالحرية والاستقرار والهدوء إلى جانب الفعالية والنشاط».
وأبرمت إيران والقوى الست الكبرى (الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا) في الثاني من أبريل (نيسان) اتفاق إطار. وتسعى إلى تسوية التفاصيل التقنية لاتفاق نهائي من المقرر أن يضمن الطبيعة المدنية المحضة للأنشطة النووية الإيرانية في مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران منذ 2006.
ويخوض الخبراء السياسيون والتقنيون من الجانبين منذ أسابيع مفاوضات لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق نهائي.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»