«بزيبز» يضيق بالنازحين.. ومجلس الأنبار يطالب الحكومة بفتحه

أصغرهم ولد عند الجسر العائم على الفرات وسماه والده باسمه

الطفل «بزيبز» بانتظار وضعه على عربة دفع بدائية أمام أنظار أمه وأبيه («الشرق الأوسط»)
الطفل «بزيبز» بانتظار وضعه على عربة دفع بدائية أمام أنظار أمه وأبيه («الشرق الأوسط»)
TT

«بزيبز» يضيق بالنازحين.. ومجلس الأنبار يطالب الحكومة بفتحه

الطفل «بزيبز» بانتظار وضعه على عربة دفع بدائية أمام أنظار أمه وأبيه («الشرق الأوسط»)
الطفل «بزيبز» بانتظار وضعه على عربة دفع بدائية أمام أنظار أمه وأبيه («الشرق الأوسط»)

تفاقمت معاناة الآلاف من النازحين من مدينة الرمادي الذين يحتشدون عند جسر بزيبز أملا في السماح لهم بعبوره ومواصلة رحلتهم المضنية شرقا إلى بغداد التي تبعد عنه 27 كيلومترا.
و«بزيبز» جسر بدائي عائم على نهر الفرات وأغلقته السلطات لأسباب عدتها أمنية. وجدد مجلس محافظة الأنبار مطالبته الحكومة المركزية بفتح الجسر أمام الأسر النازحة التي تنتظر منذ الجمعة الماضي عبوره.
وقال عضو المجلس عذال الفهداوي لـ«الشرق الأوسط»: «نطالب رئيس الوزراء حيدر العبادي بفتح جسر بزيبز وإنهاء معاناة النازحين، خصوصًا بعد حدوث وفيات بينهم». وأضاف الفهداوي: «كما طالب وزارة الصحة بإرسال فرق طبية لمعالجة النازحين المرضى ونطالب وزارة الهجرة والمهجرين بتوفير مياه الشرب والمواد الغذائية والمساعدات الإنسانية للأسر النازحة والإسراع بتوفير المخيمات لهم».
من جهته، قال رئيس مجلس شيوخ الأنبار المتصدية للإرهاب، الشيخ نعيم الكعود، لـ«الشرق الأوسط» إن «أغلب النازحين بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، فضلاً عن عدم وجود المأوى»، داعيًا وزراء ونواب الأنبار إلى «تحمل مسؤولياتهم وإنقاذ النازحين من الكارثة التي سببوها لأهالي الأنبار بأخطائهم الكارثية».
وعند جسر بزيبز رصدت «الشرق الأوسط» حجم المعاناة التي يتعرض لها النازحون. وقال طالب غازي محمود، 45 سنة، الذي نزح مع زوجته الحامل وأطفاله الثلاثة: «منذ أربعة أيام وأنا أتوسل بالأجهزة الأمنية لكي يسمحوا لنا بالدخول من أجل الذهاب بزوجتي الحامل إلى المستشفى لغرض الولادة.. أربعة أيام وهي تكابد الألم ونوبات الطلق ولا من مجيب لتوسلاتي». وأضاف محمود: «انهارت زوجتي أمام عيني ولم نجد غير فرق الإسعاف، التي تأتي بين الحين والآخر للمكان، من منجد، فاستعنت بهم وفي خيمة وبطريقة ولادة بدائية وضعت زوجتي طفلها وسط المعاناة ونقلناه عبر عربة حديد بدائية لنقل الحاجات المنزلية». وتابع: «قررت أن أطلق على المولود الجديد اسم (بزيبز) لكي أتذكر هذه المعاناة والمأساة التي مررنا بها أنا ومئات الآلاف من أهلنا في العراق دون مساعدة تذكر من قبل الحكومة التي لم تكترث أصلاً لحجم المعاناة التي نواجهها، بل أعلنت تخليها الصريح والواضح عنا بعد القرار الظالم بمنع دخول نازحي الأنبار إلى العاصمة وكأننا غرباء على هذا البلد أو أعداؤه».
من جهته، قال النازح مشتاق طالب: «كلما طلبنا من السلطات الموجودة السماح لنا بالدخول قالوا لنا: أنتم إرهابيون دواعش». وأضاف: «قلت لهم إذا كنا دواعش لماذا إذن نحن هنا نفترش الأرض ولا من مجيب؟». وتابع طالب: «الأجهزة الأمنية وعبر مكبرات الصوت دعتنا إلى العبور فتراكض الناس إلى الجسر ضنًا منهم بصدور قرار بالسماح للنازحين بالعبور وعند منتصف الجسر أوقفونا بعد حضور كاميرات تصوير نقلت عملية العبور المزيفة وبعد انتهاء التصوير طلبوا منا العودة مجددًا إلى أماكننا، لكي يقولوا للرأي العام الذي بدأت تتصاعد مطالبه بإغاثة النازحين بأن جسر بزيبز مفتوح أمام النازحين».
في غضون ذلك، عقدت اللّجنة العليا لإغاثة وإيواء النازحين اجتماعًا طارئًا ترأسه وزير الهجرة والمهجرين الدكتور جاسم محمد ونائب رئيس اللّجنة وبحضور معاون محافظ الأنبار لمناقشة المشكلات التي تواجه العوائل النازحة من المحافظة وإيجاد المأوى المناسب لهم وإيصال الإغاثة العاجلة إليهم وتوفير الخدمات الأخرى. وخرج المجتمعون بعدة توصيات مهمة سيتم عرضها على مجلس الوزراء العراقي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.