الحكومة الإسرائيلية منقسمة بين مؤيد لاغتيال السنوار ومطالب بالحوار معه

TT

الحكومة الإسرائيلية منقسمة بين مؤيد لاغتيال السنوار ومطالب بالحوار معه

في وقت حذر فيه مسؤولون أمنيون ومحللون عسكريون في تل أبيب، من عواقب الدعوات التي تعالت في إسرائيل، بعد عملية إلعاد، لاغتيال زعيم حركة «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، انقسم الوزراء في الحكومة ما بين مؤيد لهذا الاغتيال وبين مطالبين بالحوار معه. وقد حسم النقاش في الموضوع لدى قيادة الجيش والمخابرات التي حرصت على تسريب نبأ مفاده أنها لا ترى جدوى حالياً في مثل هذا الاغتيال.
وقد طولب وزير الدفاع، بيني غانتس، بإعطاء رأيه في الموضوع، فقال: «يجب اتخاذ القرارات بشأن العمليات العسكرية فقط في غرف مغلقة، ومن خلال اعتبارات أمنية. فهذا ليس موضوعاً سياسياً، وينبغي أن يبقى التداول بشأنه في الأماكن الصحيحة».
وقد ألمحت مصادر سياسية إلى أن رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، يؤيد التخلص من السنوار «إذا رأى قادة الأجهزة الأمنية ذلك»؛ بينما قال النائب موسي راز، من حزب «ميرتس» الشريك في الائتلاف، بأنه لا يرى غضاضة في الدخول في حوار مع السنوار، إذا كانت في ذلك مصلحة وطنية.
وكانت الصحافة الإسرائيلية قد خرجت بعناوين صارخة في الموضوع، أبرزت فيها تسريبات الجيش والمخابرات القائلة بأن «أجهزة الأمن لا توصي باغتيال السنوار». وكتب محرر الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، أن «لاغتيال السنوار يوجد معنى فوري واحد: مواجهة مسلحة. وقد تكون هذه مواجهة مسلحة كبيرة أو صغيرة، والجيش الإسرائيلي قد يدخل أو لا يدخل إلى غزة، وستنتقل أو لا تنتقل المواجهة المسلحة إلى الضفة، وقد تنتهي المواجهة خلال أيام بالعودة إلى المربع الأول، وقد تكون أيضاً مكعب الدومينو الذي سيتدهور إلى مواجهة شاملة في عدة جبهات. إن الاغتيال العلني لزعيم (حماس) كان ولا يزال إنجازاً مطلوباً في حالة الحرب، ولكن لا يمكن تجاهل حقيقة أن السنوار هو رجل براغماتي».
ونشرت الصحيفة رسماً كاريكاتيرياً، يبين بنيت ووزراءه وهم يتجاهلون حقيقة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني القائم منذ سنة 1860، ومن دون حله لا توجد حلول.
ونشر المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، مقالاً كتب فيه أن «الجيش الإسرائيلي استغرب دعوات سياسيين وصحافيين إسرائيليين لاغتيال السنوار بعد عملية إلعاد. فقال: أولاً؛ لأن لـ(حماس) علاقة غير مباشرة مع هذه العملية، فوالد أحد منفذيها معروف كناشط (في الحركة)، وسارعت (حماس) إلى تبني مسؤوليتها عنها. ثانياً، اغتيال السنوار لم يكن مطروحاً أبداً قبل العملية، وعلى الأقل في الأماكن التي يتخذ فيها القرار. وثالثاً، ليس مؤكداً أبداً أن إخراج السنوار من المعادلة سيوقف بشكل سحري موجة الإرهاب الحالية».
وكتب المحلل العسكري في صحيفة «يسرائيل هيوم»، يوآف ليمور، أنه «يحظر اتخاذ القرار حول اغتيالات بالاستناد إلى العواطف وغريزة الانتقام. وإنما يجب اتخاذه بشكل مدروس، وانطلاقاً من إدراك أن الاغتيال ليس المرحلة الأخيرة من المعركة، وإنما المرحلة الأولى فيها. وبعد الاغتيال بوقت قصير جداً ستبدأ معركة يجب أن نكون مستعدين لها، وعندما تنتهي المعركة سنبقى مع الواقع في غزة الذي لن يتغير».
ووفقاً لليمور، فإن الحكومة الإسرائيلية ناقشت في السنوات الأخيرة، اقتراحات عديدة؛ خصوصاً من جانب رئيس «الشاباك» السابق، ناداف أرغمان، لاغتيال السنوار، وإن جميع هذه الاقتراحات رُفضت من جانب نتنياهو: «الذي فضّل إجراء حوار مع (حماس)، في محاولة للوصول إلى تهدئة طويلة الأمد. والحكومة الحالية اختارت الاستمرار في السياسة نفسها حتى الآن. وبين أسباب ذلك، حقيقة أن (حماس) نجحت في الحفاظ على القطاع هادئاً بشكل كامل خلال السنة الأخيرة، ونقلت رسائل بطرق عديدة؛ خصوصاً بواسطة المصريين، مفادها أنه لا توجد لديها أي مصلحة في التصعيد».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.