الحوثيون يتهمون غروندبرغ بعدم الحياد ويهددونه بسيناريو ولد الشيخ

ترحيب يمني وأممي بالمبادرة السعودية الإنسانية وإطلاق دفعة من أسرى الجماعة

جانب من عملية نقل الأسرى بمبادرة سعودية إلى اليمن يوم الجمعة (الشرق الأوسط)
جانب من عملية نقل الأسرى بمبادرة سعودية إلى اليمن يوم الجمعة (الشرق الأوسط)
TT

الحوثيون يتهمون غروندبرغ بعدم الحياد ويهددونه بسيناريو ولد الشيخ

جانب من عملية نقل الأسرى بمبادرة سعودية إلى اليمن يوم الجمعة (الشرق الأوسط)
جانب من عملية نقل الأسرى بمبادرة سعودية إلى اليمن يوم الجمعة (الشرق الأوسط)

لقيت عملية إطلاق دفعة من الأسرى الحوثيين لدى التحالف الداعم للشرعية ترحيباً يمنياً وأممياً، باعتبارها تصب في إنجاح حالة الهدنة الأممية، والتمهيد لمسار السلام الشامل، في حين ردت الميليشيات الحوثية بتهديد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بمصير المبعوث الأسبق إسماعيل ولد الشيخ، الذي كان قد تعرض لمحاولة اغتيال في صنعاء قبل أن ترفض الجماعة التعاطي معه.
واتهم عبد الملك العجري -وهو عضو وفد الجماعة التفاوضي- الأمم المتحدة بالفشل، وذلك في تغريدة على «تويتر»، هدد خلالها المبعوث غروندبرغ بمصير إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وقال: «من المهم ألا يتصرف المبعوث كممثل لدول (التحالف)، فهذه المرحلة الحرجة لا تحتمل نسخة أخرى من ولد الشيخ».
وجاءت تغريدة أخرى من محمد عبد السلام فليتة، المتحدث باسم الجماعة، ورئيس وفدها التفاوضي، لتؤكد التهديدات الحوثية، حين اتهم المبعوث بعدم الحيادية، وزعم بأن «المواقف الرمادية (للمبعوث) ومجاراة المعتدي لن تؤدي به إلا إلى ما أدت بأسلافه» في إشارة إلى رواية حوثية تدعي أن ضغط الجماعة وعدم تجاوبها مع المبعوث الأسبق تسبب في تغييره، بالإضافة إلى محاولة الاعتداء عليه في صنعاء. هذه الاتهامات جاءت بعدما أنجز تحالف دعم الشرعية يوم الجمعة الماضي، بالتعاون مع اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر»، تسليم ونقل 163 أسيراً حوثياً إلى عدن وصنعاء، تم نقل 108 منهم إلى عدن، و9 آخرين من مقاتلي الجماعة الأجانب، تم التنسيق لتسلميهم إلى سفاراتهم، إلى جانب 37 آخرين نُقلوا براً إلى اليمن لاعتبارات إنسانية، نظراً لسكنهم قرب المناطق الحدودية.
يقول لطفي نعمان، وهو باحث سياسي يمني ومؤلف كتابين عن العلاقات السعودية- اليمنية وكتاب آخر بعنوان «اليمننة»: «واضح أن الإخوة موفدي الحوثي يبشرون السيد غروندبرغ بترقيته لمنصب كبير، على غرار المبعوث الأممي السابق ولد الشيخ»، ويضيف ساخراً: «يحق للمجتهدين هذا النصيب».
ولا يرى الباحث السياسي اليمني تصرف الحوثيين مستغرباً؛ خصوصاً ما يطال المبعوثين الأمميين «من نقد بعض الأطراف، ما دامت الخطوات التي يخطونها صوب التهدئة، وتشجيع الخطوات الإيجابية من أي طرف، لا توافق هواهم»؛ لكنه يتعجب من «أنهم لا ينتقدون المبعوث الأممي عندما يثني عليهم من باب تحفيزهم على بناء الثقة المفقودة».
وينادي نعمان الجماعة بالقول: «لا بد من إبداء قليل من الرقي في الخطاب، لكي يعكس نيات التهدئة، ويغري باستمرار وتمديد الهدنة، وصولاً إلى أولى مراحل السلام لليمن».
- ترحيب وتنديد
نددت الأوساط الحقوقية اليمنية والسياسية بالانتقائية الحوثية في التعامل مع أسرى الجماعة، لجهة فرزهم على أساس عنصري.
أمام ذلك، رحب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بمبادرة التحالف بقيادة السعودية بإطلاق سراح المحتجزين، مذكراً بالاتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين على عملية جديدة لتبادل الأسرى، وهي العملية التي لم تتم حتى الآن. وقال: «اتفق الطرفان في الشهر الماضي على عملية تبادل جديدة للمحتجزين من خلال مكتبنا. أحث الطرفين على التوافق على تفاصيل التبادل، حتى يتم لم شمل الأُسر في أقرب وقت». وأضاف أن هذه خطوة ستكون ضرورية نحو إيفاء الأطراف بالتزاماتهم التي تعهدوا بها في اتفاق استوكهولم للإفراج عن جميع المحتجزين المتعلقين بالنزاع، وشكر «الصليب الأحمر» على دورهم الذي وصفه بـ«الحيوي».
وثمَّنت اللجنة الإشرافية لتبادل الأسرى والمختطفين في الحكومة اليمنية بتقدير عالٍ المبادرة الإنسانية، المتمثلة في قيام تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية بالإفراج عن 163 عنصراً من أسرى الميليشيات الحوثية.
وقالت في بيان رسمي إن هذه المبادرة: «تأتي امتداداً لدور المملكة ومبادرتها من أجل خلق البيئة المناسبة لإحلال السلام في اليمن».
وأكدت اللجنة حرصها على إطلاق كافة الأسرى والمعتقلين والمخفيين، وكل من صودرت حرياتهم بغير حق، من أجل تعزيز الهدنة الحالية وتثبيتها، سعياً لإحلال السلام في اليمن، ودعت الجماعة «لاستغلال هذه الفرصة وغيرها لتعزيز مسار السلام، وتغيير مسلكهم المعتاد تجاه التعامل مع ملف الأسرى، واعتباره ملفاً إنسانياً خالصاً؛ حيث القضايا الإنسانية لا تتجزأ، ولا ينبغي استغلالها سياسياً، أو التعامل بانتقائية مع أسماء الأسرى، وفقاً لمعايير أسرية أو قبلية أو غيرها».
كما دعت اللجنة اليمنية الحوثيين إلى «التعامل بإيجابية مع هذه المبادرة ومثيلاتها، والاستجابة لكل الجهود الرامية لحل هذا الملف الإنساني، في إطار إجراءات بناء الثقة، وأن تسرع من صفقة التبادل المتفق والموقع عليها، ووقف كل الخروق المرتكبة من ميليشياتها المخلة بالهدنة الإنسانية المعلن عنها». وأعربت أنها تؤمل «من الجهات الدولية المعنية، ومكتب المبعوث الأممي، والدول الراعية، بذل المزيد من الجهود، وممارسة الضغوط المناسبة لأجل تهيئة البيئة المناسبة لإحلال السلام في اليمن، على كافة الصعد الإنسانية المختلفة دون تفريق».
- التبرؤ من المقاتلين
ويصف الباحث السياسي اليمني الدكتور فارس البيل، ذلك بأنه «سلوك معتاد». ويتساءل في حديثه مع «الشرق الأوسط» مستنكراً تصرف الميليشيات: «كيف نتوقع ردة فعل جماعة ترمي الناس ليكونوا وقوداً لحروبها، وتلقي بهم في محارقها بأوهام وخرافات كهنوتية، ولا يمثل الإنسان لديها أي قيمة سوى ما يخدمها منه؟! لذلك وجدناها تتبرأ من الأسرى الذين أطلقهم التحالف، وتكتفي بخمسة فقط منهم لديهم عروق النسب والانتماء، وتقذف بالآخرين إلى المجهول، وكانوا يحملون السلاح (...)» في إشارة إلى قتال الأسرى لصالح المشروع الحوثي.
وكان مسؤول الجماعة عن الأسرى عبد القادر المرتضى قد نفى صلة جماعته بالمفرج عنهم، عدا 5 عناصر، مع 4 زعم أنهم من الصيادين.
هذا الموقف وحده كفيل بأن ينسحب كل الآلاف المغدور بهم في الجبهات الذين يقاتلون في صفوف الحوثي، وفق البيل الذي تابع قائلاً: «لأنه لا قيمة حقيقة لهم عند هذه الميليشيات، سوى أنهم سواتر أو دروع بشرية لحمايتها لا أكثر»، مضيفاً أن الموقف «وإن كان معتاداً وفقاً لسلوك وطريقة تفكير ومنهجية هذه الجماعة التي تثبت بنفسها أنها لا علاقة لها بالقيم الإنسانية، ولا حتى السياسية، ومدارات التفاوض والسلام» فإنه «يفترض على المجتمع الدولي والمبعوث الأممي إعادة قراءة مواقفهم من هذه الجماعة، وخلق تصورات جديدة للسلام بناء على سلوك هذه الجماعة، والتفكير بطرق مغايرة للتعامل مع هذا السلوك والمنهجية الحوثية السادية، لإنقاذ اليمن واليمنيين من مخالبها وتغولها».
ويرى الباحث اليمني أن «الاعتماد على أن هذه الميليشيا يمكن أن تسير في خط السلام، وتتعايش مع غيرها وتتقبل الآخر، نوع من الوهم تسقطه كل هذه التصرفات والأفعال التي تقوم بها الحوثية»، ويقول: «لو كانت الحوثية تمتلك العقل والمنطق والقيم لكانت مبادرة الأسرى كافية كي تتخلى هذه الجماعة عن جنونها، وتقترب من أرضية السلام، وتتنازل عن حقدها وولعها بالدم؛ لكن المملكة والتحالف أحسنوا بهذه المبادرات المتتالية (...) ونزعت ورقة التوت عن هذه الجماعة، وعرَّتها أمام الرأي العالمي، ليدركوا أي غول يراد لنا أن نعيش معه».


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)
الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)
TT

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)
الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

أكدت السعودية، الاثنين، أهمية تعزيز الشراكات المتعددة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، مشددة في الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7) مع نظرائهم من بعض الدول العربية، ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته والتحرك من أجل وقف فوري لإطلاق النار، وضمان إيصال المساعدات دون قيود والعمل على تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة عبر حل الدولتين.

جاء الموقف السعودي في كلمة لوزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان تطرق خلالها للمستجدات في غزة ولبنان خلال مشاركته في الجلسة الموسعة للاجتماع، مؤكداً في الوقت ذاته، ضرورة خفض التصعيد في لبنان واحترام سيادته، بالإضافة إلى الحاجة الملحة للتوصل لحل دائم للأزمة في السودان وإنهاء المعاناة الإنسانية فيه.

وعقدت الجلسة التي حملت عنوان «معاً لاستقرار الشرق الأوسط»، بمشاركة الأردن، والإمارات، وقطر، ومصر، وأحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية.

الأمير فيصل بن فرحان خلال لقائه أنطونيو تاياني نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإيطالي (واس)

بينما بحث الأمير فيصل بن فرحان مع أنطونيو تاياني، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإيطالي، في لقاء ثنائي على هامش مشاركته في الجلسة الموسعة للاجتماع الوزاري، العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تنميتها في مختلف المجالات، إضافة إلى مناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

ولاحقاً، بحث وزير الخارجية السعودي مع نظيرته الكندية ميلاني جولي العلاقات الثنائية بين البلدين، وناقشا آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة بشأنها.

وزير الخارجية السعودي خلال مباحثاته مع نظيرته الكندية في إيطاليا (واس)

حضر اللقاءين الأمير فيصل بن سطام بن عبد العزيز سفير السعودية لدى إيطاليا.

وكان وزير الخارجية السعودي قد وصل إلى إيطاليا، الأحد، للمشاركة في الجلسة الموسّعة للاجتماع الوزاري بمدينة فيوجي لمناقشة الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط، بينما يعقد خلال وجوده في المدينة الإيطالية عدداً من الاجتماعات واللقاءات الثنائية التي ستتناول أهم القضايا على الساحتين الإقليمية والدولية.