استكمال عملية إجلاء المدنيين من ماريوبول

روسيا تكثف القصف شرقاً وجنوباً... وتؤكد استهداف معدات عسكرية غربية

أوكرانية تبحث في ركام متحف تعرض للقصف ببلدة سكوفورودينفكا بمنطقة خاركيف أمس (أ.ف.ب)
أوكرانية تبحث في ركام متحف تعرض للقصف ببلدة سكوفورودينفكا بمنطقة خاركيف أمس (أ.ف.ب)
TT

استكمال عملية إجلاء المدنيين من ماريوبول

أوكرانية تبحث في ركام متحف تعرض للقصف ببلدة سكوفورودينفكا بمنطقة خاركيف أمس (أ.ف.ب)
أوكرانية تبحث في ركام متحف تعرض للقصف ببلدة سكوفورودينفكا بمنطقة خاركيف أمس (أ.ف.ب)

شهدت العمليات العسكرية في أوكرانيا تصعيداً، أمس، عشية احتفال روسيا بـ«عيد النصر»، فيما أعلنت أوكرانيا إجلاء «كل النساء والأطفال والمسنين» من مصنع آزوفستال في مدينة ماريوبول.
وأعربت السلطات الأوكرانية عن قلقها من تصاعد عمليات القصف مع اقتراب موعد التاسع من مايو (أيار)، الذي يترقب فيه العالم خطاب الرئيس الروسي واستعراضه العسكري. وقال رئيس بلدية كييف، فيتالي كليتشو، الجمعة، «رجاء لا تتجاهلوا الإنذارات الجوية، وانزلوا فوراً إلى الملاجئ. فخطر حصول قصف عال جداً في كل مناطق أوكرانيا».
وتجدد القصف الروسي، أمس، على كل من أوديسا وخاركيف وماريوبول، فيما أصبحت سيفيرودونيتسك إحدى المدن الرئيسية في دونباس «شبه محاصرة» من القوات الروسية والانفصاليين، وفق ما أكد رئيس بلديتها.
في المقابل، تبنى الجيش الأوكراني، أمس، تدمير سفينة إنزال عسكرية روسية قرب جزيرة الثعبان في البحر الأسود، في غياب تأكيد من موسكو. كما شنت أوكرانيا «هجوماً مضاداً» قرب خاركيف، ثاني كبرى مدن أوكرانيا، واستعادت خمس قرى، وفق بيان نشرته هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة على «فيسبوك».
- تكثيف القصف
قالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، أمس، إن جميع النساء والأطفال والمسنين تم إجلاؤهم من مجمع آزوفستال لتصنيع الصلب بمدينة ماريوبول الساحلية بجنوب البلاد. وأضافت إيرينا فيريشتشوك على «تليغرام»، أن «هذا الجزء من العملية الإنسانية في ماريوبول انتهى».
ووسط دعوات لـ«إنقاذ» المقاتلين الأوكرانيين المتحصنين في مصنع الصلب بعد إجلاء المدنيين، حذر مسؤولون أوكرانيون من تكثيف روسيا القصف بهدف إحكام سيطرتها على ماريوبول عشية احتفالات عيد النصر. وقال أولكسي أريستوفيتس، أحد مستشاري الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، «يسعى العدو إلى القضاء على المدافعين عن آزوفستال. يسعى إلى ذلك قبل التاسع من مايو هدية لفلاديمير بوتين».

السيدة الأميركية الأولى لدى زيارتها لاجئين أوكرانيين في بوخارست أمس (رويترز)

من جهتها، قالت وزارة الدفاع الأوكرانية، أمس، إن الروس لم يوقفوا هجومهم خلال عمليات الإجلاء. وأضافت الوزارة: «في ماريوبول، يواصل العدو صد وحدات الدفاع الأوكرانية في محيط آزوفستال»، لافتة إلى أن الجنود الروس دمروا ثلاثة جسور على الطرق «لإبطاء الهجوم المضاد» في منطقة خاركيف.
وحسب المصدر نفسه، سُجلت ضربات صاروخية، الجمعة والسبت، في المنطقة الواقعة في شمال شرقي أوكرانيا، وفي مدينة ميكولايف في الجنوب وفي محيط منطقة دونيتسك (شرق).
وأكدت وزارة الدفاع الروسية، بدورها، أمس، أنها دمرت كمية كبيرة من المعدات العسكرية القادمة من الولايات المتحدة وبلدان أوروبية قرب محطة بوهودوخيف للسكك الحديدية في منطقة خاركيف في أوكرانيا.
وأضافت أنها قصفت 18 منشأة عسكرية أوكرانية خلال ليل الجمعة إلى السبت، تشمل مخازن أسلحة في داتشن قرب مدينة أوديسا الساحلية.
وعن هذه المدينة الجنوبية، قالت ناتاليا هومينيوك المتحدثة باسم القيادة الجنوبية للجيش الأوكراني، إن ستة صواريخ سقطت على أوديسا أمس. وأضافت أن أربعة صواريخ أصابت مصنعاً للأثاث في منطقة سكنية، بينما أصاب الصاروخان الباقيان مدرجاً كان قد تعرض لأضرار في وقت سابق.
في الشرق، أعلن رئيس بلدية سيفيرودونيتسك، الجمعة، أن هذه المدينة، وهي إحدى المدن الرئيسية في دونباس، التي لا تزال تخضع لسيطرة الأوكرانيين، باتت «شبه محاصرة» من القوات الروسية والانفصاليين. وقالت أولغا بابيتش، بعدما غادرت بلدتها وبلغت زابوريجيا في جنوب أوكرانيا، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «عمليات القصف تتواصل يومياً في الصباح وبعد الظهر والمساء. لم يمر يوم من دون قصف».
- مقاومة أوكرانية
في المقابل، تواصل القوات الأوكرانية مقاومة الضغط الذي يمارسه الجيش الروسي. وحسب تقرير نشرته وزارة الدفاع البريطانية، «يتسبب النزاع في أوكرانيا بأضرار على الوحدات الروسية الأكثر تمكناً».
وتبنى الجيش الأوكراني، أمس، على «فيسبوك»، تدمير سفينة إنزال عسكرية روسية قرب جزيرة الثعبان في البحر الأسود، وهو ما لم تؤكده موسكو. وأصبحت جزيرة الثعبان رمزاً للمقاومة في أوكرانيا، في الأيام الأولى من بداية الحرب في 24 فبراير (شباط). وجاء في بيان لوزارة الدفاع الأوكرانية أن مسيّرة مسلحة دمرت سفينة إنزال من طراز «سيرنا»، ومنظومتي صواريخ دفاعية في الجزيرة الصغيرة الخاضعة للسيطرة الروسية.
على هامش النزاع في أوكرانيا، أعلنت السلطات في منطقة ترانسنيستريا الانفصالية الموالية لروسيا في مولدافيا، أمس، وقوع أربعة انفجارات مساء الجمعة قرب مطار سابق في قرية محاذية لأوكرانيا، من دون سقوط قتلى أو جرحى. وفي الأسابيع الأخيرة، تزايدت المخاوف من أن يمتد النزاع في أوكرانيا إلى ترانسنيستريا، بعدما قال الجنرال الروسي رستم مينيكايف، إن السيطرة على جنوب أوكرانيا ستسمح للروس بالوصول إلى هذه المنطقة بشكل مباشر.
- دعم دولي متواصل
من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، مساعدة عسكرية لأوكرانيا بقيمة 150 مليون دولار، تضم خصوصاً ذخائر مدفعية وأجهزة رادار، لكنها حذرت من أن الأموال المرصودة للأسلحة الموجهة لكييف «أشرفت على النفاد». وتشمل هذه المساعدة، وهي أقل من الحزم السابقة بكثير، خصوصاً 25 ألف قذيفة مدفعية من عيار 155 مليمتراً، وأجهزة رادار مضادة للقصف المدفعي الروسي، وأجهزة تشويش على الاتصالات. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، في بيان، إنه «يتعين على الكونغرس الإفراج سريعاً عن الحزمة اللازمة لدعم أوكرانيا في ساحة المعركة وعلى طاولة المفاوضات»، في إشارة إلى ميزانية إضافية بقيمة 33 مليار دولار طلبت من الكونغرس الأميركي.
وفي خطوة ذات دلالة رمزية كبيرة، التقت السيدة الأميركية الأولى جيل بايدن، في بوخارست، عائلات لاجئة فرت من الحرب، وذلك في إطار جولة أوروبية لإظهار الدعم لأوكرانيا والبلدان التي تقدم لها المساعدة.
بدورها، أعلنت ألمانيا التي كشفت أنها ستقدم سبعة مدافع «هاوتزر» مدرعة لأوكرانيا، ومدافع «بانزرهابيتز 2000»، أن قادة مجموعة السبع سيعقدون اليوم اجتماعاً عبر الفيديو مع زيلينسكي للبحث في الدعم الغربي لكييف في مواجهة الهجوم الروسي.
وباتت تداعيات هذه الحرب تظهر في بقية دول العالم. فقد حذر مسؤولون في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أن أفريقيا تواجه أزمة «غير مسبوقة» ناجمة عن الحرب في أوكرانيا، مع ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والمحروقات.
وفي أول موقف موحد منذ بدء الحرب في أوكرانيا، أكد مجلس الأمن الدولي «دعمه القوي» للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «في سعيه إلى حل سلمي». وأعرب مجلس الأمن في بيانه، الجمعة، عن «قلقه العميق فيما يتصل بحفظ السلام والأمن في أوكرانيا».
من جانبها، دانت مفوضة حقوق الإنسان في مجلس أوروبا دنيا مياتوفيتش، أمس، الانتهاكات «الهائلة» لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي يرتكبها الجيش الروسي في أوكرانيا، في ختام زيارة استغرقت أربعة أيام لكييف وضواحيها.


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.