تنصيب ماكرون رئيساً لولاية جديدة من خمس سنوات

الرئيس الفرنسي يعد بالعمل من أجل فرنسا قوية وبناء سلام جديد في أوروبا

تنطلق الولاية الجديدة من خمس سنوات منتصف ليل السبت المقبل فيما البلاد تتأهب لخوض معركة الانتخابات التشريعية التي يفترض بها أن توفر للرئيس القديم ــ الجديد أكثرية تدعم برنامجه الانتخابي (أ.ب)
تنطلق الولاية الجديدة من خمس سنوات منتصف ليل السبت المقبل فيما البلاد تتأهب لخوض معركة الانتخابات التشريعية التي يفترض بها أن توفر للرئيس القديم ــ الجديد أكثرية تدعم برنامجه الانتخابي (أ.ب)
TT

تنصيب ماكرون رئيساً لولاية جديدة من خمس سنوات

تنطلق الولاية الجديدة من خمس سنوات منتصف ليل السبت المقبل فيما البلاد تتأهب لخوض معركة الانتخابات التشريعية التي يفترض بها أن توفر للرئيس القديم ــ الجديد أكثرية تدعم برنامجه الانتخابي (أ.ب)
تنطلق الولاية الجديدة من خمس سنوات منتصف ليل السبت المقبل فيما البلاد تتأهب لخوض معركة الانتخابات التشريعية التي يفترض بها أن توفر للرئيس القديم ــ الجديد أكثرية تدعم برنامجه الانتخابي (أ.ب)

وسط إجراءات أمنية مشددة وحشد إعلامي كبير، فرنسي وعالمي، تمت عملية تنصيب إيمانويل ماكرون رئيساً للجمهورية الفرنسية لولاية ثانية، حضرتها «الشرق الأوسط» في قاعة الأعياد في قصر الإليزيه. وتنطلق الولاية الجديدة من خمس سنوات منتصف ليل السبت المقبل، فيما البلاد تتأهب لخوض معركة الانتخابات التشريعية التي يفترض بها أن توفر للرئيس القديم ــ الجديد أكثرية تدعم برنامجه الانتخابي.
ووفق إجماع وتوقعات المراقبين والمحللين، فإن «مطبات هوائية» تنتظر ماكرون اجتماعياً واقتصادياً، بسبب الارتفاع الحاد للأسعار ووصول التضخم إلى نسب لم تعرفها فرنسا منذ أكثر من عشرين عاماً، وانهيار القدرة الشرائية للشرائح الأكثر هشاشة، ناهيك عن تبعات الحرب الروسية على أوكرانيا وما تطرحه من تحديات أمنية على الاتحاد الأوروبي، بما فيها العلاقة مع روسيا.
ولأن ماكرون، كما الرؤساء ديغول وميتران وشيراك الذين بقوا في قصر الإليزيه لولايتين، فإن احتفال التنصيب كان مختصراً للغاية وغابت عنه المصافحة التقليدية بين رئيس راحل وآخر واصل. وبحضور 450 مدعواً، ولج ماكرون قاعة الأعياد هي الأكبر والأكثر بهاء في القصر الرئاسي، محاطاً بالشخصيات الثلاث الأرفع في الجمهورية وهم رؤساء مجلسي الشيوخ والنواب والمجلس الدستوري، ووراءه زوجته بريجيت على وقع ألحان الموسيقي الشهير الملحن هانديل.
وكالعادة، بدأ الاحتفال بإعلان لوران فابيوس، رئيس المجلس الدستوري فوز ماكرون بالرئاسة بنسبة 58.55 في المائة من الأصوات. عقب ذلك أطلقت 21 طلقة مدفع من ساحة الأنفاليد ما يعد «تقليداً ملكياً» كان يعمل به عند صعود ملك جديد على العرش أو عند ولادة ولي للعهد. وألقى فابيوس كلمة مختصرة اعتبر فيها أن ثلاثة تحديات تنتظر الرئيس المعاد انتخابه وهي تباعاً: تحدي السلام في أوروبا على وقع الحرب في أوكرانيا بعد 72 عاماً على انتهاء الحرب العالمية الأولى، والتحدي البيئي المتمثل بالاحتباس الحراري ونتائجه على البشرية جمعاء، وأخيراً التحدي الديمقراطي الذي يعني أيضاً تعزيز الأداء الديمقراطي والعدالة الاجتماعية والسلم الأهلي. وبعكس كلمته الفضفاضة قبل خمسة أعوام، حيث «لقّن» الرئيس الشاب وقتها ما يشبه الدرس السياسي، فإن ما قاله فابيوس، أمس، يمثل «الحد الأدنى» مما هو مناط برئيس أعلى هيئة قضائية في فرنسا.
وبعد تسلمه قلادة جوقة الشرف التي يتسلم بالمناسبة نفسها رئاستها وتوقيعه على كتابها الذهبي، ألقى ماكرون خطاباً قصيراً محاطاً بكبار أركان الدولة الفرنسية الحاليين وبعض السابقين «منهم الرئيسان السابقان نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند»، وشخصيات من المجتمع المدني ووالدي المدرس صامويل باتي الذي قُتل نحراً في عام 2020 ورياضيين وتلامذة مدرسة تكميلية وأفراد من عائلته، حرص من خلاله على رسم الخطوط العريضة لما يريد القيام به من غير أن يحوله إلى برنامج، إذ بقي في إطار التوجهات العامة.
وفي كلمته التي دامت ما يزيد قليلاً على عشر دقائق والتي وضعها في إطار «القسم»، أكد أن «بوصلته» للسنوات الخمس المقبلة التي لا يعتبرها امتداداً لعهده الأول، هي «العمل بلا هوادة» من أجل خدمة فرنسا والفرنسيين، مشيراً إلى أنه «يعي خطورة المرحلة» المتمثلة بعودة الحرب إلى أوروبا واستمرار جائحة «كوفيد 19» وتدهور البيئة والاحتباس الحراري عاداً أن فرنسا «لم تواجه قط هذا الكم من التحديات».
وللخارج، عبّر ماكرون عن عزمه بناء سلام جديد والعمل من أجل أوروبا أكثر استقلالية. إلا أن أولويته «العمل من أجل تجنب التصعيد في موضوع الاعتداء الروسي على أوكرانيا»، بمعنى ألا تتمدد الحرب إلى دول إضافية، و«مساعدة الديمقراطيات وبناء سلام جديد في أوروبا واستقلالية جديدة لقارتنا»، في إشارة إلى مشروعه القديم الداعي إلى بناء «أوروبا الدفاعية» بحيث لا يبقى الاتحاد الأوروبي محصوراً بالتجارة والاقتصاد.
وللداخل، وعد الفرنسيين بأن بلادهم ستكون «أقوى» مع ولايته الجديدة، وأن كوكب الأرض «سيكون أكثر قابلية للعيش عليه». وفي التفاصيل، وعد ماكرون بالتركيز على إيجاد فرص عمل وعلى محاربة انعدام المساواة بين الفرنسيين وإيلاء النظامين الصحي والتعليمي الاهتمام اللازم، إضافة إلى التركيز على توفير الأمن اليومي للفرنسيين، وهو الملف الذي ركز عليه اليمين المعتدل والمتطرف خلال الحملة الرئاسية. والأهم من ذلك كله أن ماكرون كرر عزمه على استنباط «نهج جديد» للحكم بعد أن اتهم خلال ولايته الأولى بأن حكمه «عمودي» بمعنى فوقي سيعكس حرصه على استشارة الفرنسيين.
لكن لا أحد اليوم يعرف ما هي طبيعة النهج الجديد. وبشكل عام، غلب طابع «التواضع» على أول خطاب يلقيه ماكرون في عهده الجديد، ما قد يبشر بولادة «ماكرون ثانٍ» بعد «ماكرون الأول».
بيد أن هذه المسائل، على أهميتها، تبدو لاحقة فيما يواجه الرئيس الفرنسي استحقاقين بالغي الأهمية: الأول، العثور على رئيس حكومة تتلاءم صفاته مع الصورة التي رسمها لرئيس الحكومة الجاري البحث عنه، بحيث يهتم بملف البيئة والملف الاجتماعي وتطوير قدرات فرنسا الإنتاجية، مع التفضيل أن يكون الموقع من نصيب امرأة.
وتفيد المعلومات المتداولة بأنه اقترح المنصب على امرأتين، إلا أن عرضه رفض. كذلك يتعين على ماكرون أن يعمد إلى تشكيل حكومة جديدة تحل محل حكومة جان كاستيكس المفترض أن يقدم استقالته يوم السبت المقبل على أبعد تقدير. والحال أن هناك تشويشاً بخصوص مستقبل الوزراء الحاليين لجهة من يرحل ومن يبقى.
أما الاستحقاق الثاني، فعنوانه الانتخابات التشريعية التي ستُجرى على دورتين يومي 12 و19 يونيو (حزيران) المقبل. والتحدي أن ينجح التجمع المسمى «معاً» الذي أطلقه الحزب الرئاسي «الجمهورية إلى الأمام» الذي غيّر اسمه إلى «الولادة الجديدة»، وحزب الوسط الديمقراطي وحزب «هوريزون» (أفاق) الذي شكله مؤخراً رئيس الحكومة السابق إدوار فيليب، إضافة إلى أحزاب صغيرة تتحلق حولها، في الحصول على أكثرية مريحة في البرلمان من شأنها دعم خطط ماكرون وتساعده على تنفيذ برنامجه الانتخابي الذي تحول كثيراً خلال أسابيع الحملة الانتخابية. والصعوبة اليوم أن التجمع الجديد يجد في مواجهته تجمع اليسار المسمى «التحالف الشعبي والبيئوي الجديد» الذي نجح مرشح اليسار المتشدد، جان لوك ميلونشون وحزبه «فرنسا المتمردة أو الأبية» في تشكيله، وهي المرة الأولى التي ينجح فيها اليسار في لمّ شمل مكوناته الرئيسية تحت عباءة حزب ميلونشون ويضم التجمع الجديد اليسار الاشتراكي والشيوعيين و«فرنسا المتمردة» والبيئويين.
ويرى المراقبون أن قبول أحزاب تاريخية مثل الحزب الاشتراكي الانضواء تحت زعامة ميلونشون مرده إلى أمرين: الأول، النسبة العالية من الأصوات (22 في المائة) التي حصل عليها الأخير في الجولة الأولى من الانتخابات، مقابل ما حصلت عليه المرشحة الاشتراكية (أقل من 2 في المائة)، والثاني، وجود رغبة لدى جمهور اليسار في بروز كتلة يسارية تقف بمواجهة ماكرون، لا بل إن ميلونشون يريد أن يفرض، من خلال الانتخابات النيابية، نفسه رئيساً للحكومة المقبلة التي سترى النور بعد الانتخابات. وقد بدأ نشر أسماء المرشحين للنيابة لدى ماكرون واليسار، فيما التكتل اليميني المتطرف وزعيمته مارين لوبن التي خسرت المعركة الرئاسية للمرة الثانية بوجه ماكرون، يبدو غائباً نوعاً ما عن الساحة.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.