ليبيا: باشاغا يؤكد أن حكومته ستمارس مهامها «دون سقوط قطرة دم واحدة»

«الجيش الوطني» يتعهد تأمين حقول النفط في مدن الجنوب

دورية عسكرية تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي لحماية حقل الشرارة النفطي (التوجيه المعنوي للجيش)
دورية عسكرية تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي لحماية حقل الشرارة النفطي (التوجيه المعنوي للجيش)
TT

ليبيا: باشاغا يؤكد أن حكومته ستمارس مهامها «دون سقوط قطرة دم واحدة»

دورية عسكرية تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي لحماية حقل الشرارة النفطي (التوجيه المعنوي للجيش)
دورية عسكرية تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي لحماية حقل الشرارة النفطي (التوجيه المعنوي للجيش)

قال فتحي باشاغا، رئيس الحكومة الليبية الجديدة، أمس، أمام جمع من أنصاره ووزراء حكومته بمجمع قاعات واغادوغو في مدينة سرت، إن حكومته يهمها ممارسة مهام عملها من العاصمة طرابلس «دون سقوط قطرة دم واحدة، وإن لم تستطع ذلك فيمكننا أن نشتغل من أي مدينة أخرى، وسرت هي الأقرب». وفي غضون ذلك، أعلن «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، استمرار قواته في تأمين مناطق الحقول النفطية ومحيطها في جنوب البلاد، بهدف منع أي خروقات.
وتابع باشاغا موضحاً أن ممارسة مهام الحكومة من سرت تأتي «لما عانته المدينة من حروب وويلات خلال السنوات الماضية، ولكونها تقع وسط ليبيا، وتربط شرق البلاد بغربها وجنوبها، وليست لها عداوة أو خلافات مع مختلف المدن الليبية».
وفي بيان مقتضب عبر «تويتر» نفى باشاغا صلته بمقال نشر باسمه في صحيفة «التايمز» البريطانية أول من أمس، وقال إنه فوجئ بالمقال بالصحيفة، ودعاها لتحري الدقة لتفادي نشر ما وصفه بمقالات مكذوبة. كما نفى المكتب الإعلامي لحكومة باشاغا صلة الأخير بالمقال المنسوب إليه، الذي تبنى خلاله الدعوة للعمل المشترك مع بريطانيا، ووصف حكومته بـ«الشريك الحقيقي» لبريطانيا لإيقاف روسيا، وتعهد بتقديم المساعدة لإيقاف اعتماد أوروبا على النفط الروسي.
في غضون ذلك، أكد اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»، استمرار الدوريات المكثفة في محيط حقل الشرارة النفطي من قبل «الكتيبة 218»، التابعة لـ«اللواء 128 معزز» التابع للجيش، وذلك في إطار حملة لتكثيف الدوريات طيلة أيام عيد الفطر المبارك، قصد منع أي خروقات في مناطق الحقول النفطية ومحيطها بالجنوب الليبي.
وعلى صعيد غير متصل، قال عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، إنه ناقش، مساء أول من أمس، مع عدد من النشطاء والشباب بمدينة مصراتة آخر تطورات الشأن الليبي، وما تقوم به الحكومة لتحسين الخدمات للمواطنين. وقال إنه استمع لآراء المشاركين ولمقترحاتهم بخصوص ما يتعلق بالشأن العام.
وتزامن ذلك مع إعلان مديرية أمن صبراتة أن دورياتها تمكنت صباح أمس من إحباط عملية تهريب للبشر على شاطئ البحر، كانت إحدى عصابات التهريب قد شرعت في تنفيذها. وقالت إنه تم القبض على المهاجرين وضبط الزورق المطاطي، وتمت إحالة جميع المضبوطات إلى قسم البحث الجنائي، واتخاذ ما يلزم من إجراءات للقبض على المتهمين بالواقعة.
من جهة أخرى، اعتبرت منظمة العفو الدولية أن ترسُّخ الإفلات من العقاب في ليبيا شجَّع ميليشيا جهاز دعم الاستقرار، التي تُموّلها الدولة، على ارتكاب عمليات قتل غير مشروع، واحتجاز الأفراد تعسفياً، واعتراض طرق المهاجرين واللاجئين واحتجازهم تعسفياً بعد ذلك، وممارسة التعذيب وفرض العمل القسري، وغير ذلك من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان وجرائم مشمولة في القانون الدولي.
وقالت المنظمة، في بيان لها، أمس، إن عبد الغني الككلي، المعروف بـ«غنيوة» أحد أكثر قادة الميليشيات نفوذاً في طرابلس، يتولى قيادة ميليشيا جهاز «دعم الاستقرار»، التي أُنشِئت بموجب قرار حكومي مطلع العام الماضي، رغم تاريخٍ حافل بجرائم مشمولة في القانون الدولي، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، ارتكبتها الميليشيات تحت قيادته، ووُثِّقت على نحو وافٍ.
ونقلت عن ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى المنظمة، تورّط هذه الميليشيات في جرائم شنيعة، سواء كانت بحق المهاجرين واللاجئين أو الليبيين، مشيرة إلى أنها دأبت على إرهاب الأفراد في حي أبوسليم بطرابلس لأكثر من عقد، بممارسة الإخفاء القسري والتعذيب، وتنفيذ عمليات القتل غير المشروع، وغيرها من الجرائم المشمولة في القانون الدولي. ودعت لإجراء التحقيقات بشأنه، ومقاضاته في إطار محاكمة عادلة، إذا توفرت أدلة كافية مقبولة، مبرزة أنها لم تتلقَّ أي رد من السلطات الليبية حيال بلاغات تلقتها ضد الككلي ونائبه السابق لطفي الحراري، كما طالبت بإقالتهما من منصبيهما.
ونقلت المنظمة عن ممثلي وزارة الداخلية في طرابلس أن أفراد جهاز دعم الاستقرار يعترضون سبيل اللاجئين والمهاجرين في عرض البحر، ويقتادونهم إلى مراكز احتجاز تحت سيطرة الجهاز، ولفتت إلى أن عمليات الجهاز لا تخضع لإشراف الوزارة، معتبرة أن تأكيد شرعية قادة الميليشيات الذين يرتكبون الانتهاكات، وتقليدهم مناصب في الدولة من دون طرح أي تساؤلات بشأنهم، يمكّناهم من مُواصلة سحقهم لحقوق المزيد من الأفراد، وسط إفلات تامّ من العقاب.
كما أوضحت المنظمة أن حكومة «الوحدة» خصصت العام الماضي 40 مليون دينار ليبي (8.9 مليون دولار أميركي) لجهاز دعم الاستقرار، منها 5 ملايين دينار ليبي (1.1 مليون دولار أميركي) لرواتب العاملين والمدفوعات الإضافية الخاصة، بينما وافق الدبيبة في فبراير (شباط) الماضي على صرف 132 مليون دينار ليبي (نحو 28 مليون دولار أميركي) إلى الجهاز، الذي وسعت ميليشياته نطاق نفوذها بوتيرة متسارعة، ليمتد خارج طرابلس إلى الزاوية وبلدات في غرب ليبيا.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.