الانقلابيون يحاكون «القاعدة» و«داعش» ويقيّدون مظاهر الاحتفال

حملات دهم شملت حدائق صنعاء

TT

الانقلابيون يحاكون «القاعدة» و«داعش» ويقيّدون مظاهر الاحتفال

أفادت مصادر محلية في العاصمة اليمنية صنعاء، بأن الميليشيات الحوثية شنّت حملات دهم طالت خلال أول أيام عيد الفطر المبارك عدداً من الحدائق والمتنزهات العامة والخاصة في العاصمة صنعاء، ضمن مساعي الميليشيات لتقييد مظاهر الاحتفال بالعيد ومنع سماع الأغاني.
وتزامن ذلك وفق ما أكدته المصادر ذاتها لـ«الشرق الأوسط»، مع انتشار كثيف لمسلحي الميليشيات في معظم طرقات وشوارع صنعاء الرئيسية والفرعية، وعلى مستوى مداخلها ومخارجها، وصولاً إلى بوابات المساجد.
وضمن سعي الانقلابيين المستمر للتضييق على السكان وتقييد حرياتهم وإفساد بهجتهم وأطفالهم بقدوم العيد، قالت المصادر إن دوريات أمنية على متنها مسلحون حوثيون داهمت حدائق: «الثورة»، و«السبعين»، و«14 أكتوبر»، و«فان سيتي»، بمديريتي السبعين والثورة بأمانة العاصمة صنعاء، لحظة بدء تدفق بعض الأسر إليها لغرض الترفيه.
وألزمت الميليشيات الحوثية -بحسب المصادر- القائمين على الحدائق بسرعة إغلاق مكبرات الصوت التي تبث أغاني العيد، أو تغييرها بالأهازيج الحربية المعروفة بـ«الزوامل»، كما فرض عناصرها خلال المداهمة على ملاك الحدائق المستهدفة دفع مبالغ مالية تحت اسم «تأديبية»، مع إجبارهم على الالتزام خطياً بعدم تكرار فتح الأغاني عبر مكبرات الصوت.
وبينما لاقت جريمة المداهمة تلك غضباً واسعاً في أوساط الزوار من سكان صنعاء، وصف ناشطون يمنيون سلوك الميليشيات بأنه «يأتي في إطار الانتهاكات المتكررة بحق ما تبقى من المنشآت الترفيهية، بغية تضييق الخناق على ملاكها من جهة، والوقوف حجر عثرة أمام ما يسعد اليمنيين في عيدهم، وينسيهم همومهم والتزاماتهم المعيشية».
وأكد الناشطون أن الجماعة الحوثية تهدف من منع الأغاني في الحدائق إلى لفت أنظار الأسر وخصوصاً شريحة الشبان والأطفال، وتوجيه جميع اهتماماتهم نحو أفكار الجماعة المحرضة على العنف والقتل، وتمجيد زعيمها وسلالته.
السلوك الحوثي القمعي لم يكن جديداً؛ حيث أشار الناشطون اليمنيون إلى أنه «امتداد لحملات استهداف سابقة طالت مئات المقاهي والمطاعم والمتنزهات والحدائق العامة والخاصة في صنعاء المحتلة، ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة، في أسلوب يحاكي ما تقوم به التنظيمات المتطرفة مثل (القاعدة) و(داعش)».
وسبق للميليشيات الحوثية أن اقتحمت قبل نحو أسبوع حديقة «فان سيتي» في صنعاء، وباشرت طرد موظفيها والعبث بمحتوياتها وإغلاق أبوابها أمام الزوار؛ حسب تأكيدات مصادر محلية.
وكان مستثمرون بمتنزهات عامة في صنعاء شكوا خلال فترات سابقة لـ«الشرق الأوسط» من تعرضهم لحملات ابتزاز ونهب من قبل مجاميع حوثية؛ حيث يُجبرون على دفع مبالغ مالية شهرية.
وذكروا أنهم أطلقوا نداءات لحمايتهم من بطش الميليشيات التي تسعى لاستهدافهم ضمن مساعيها للقضاء على من تبقى من المستثمرين بذلك المجال؛ لكن من دون جدوى.
وبالعودة إلى سلوك الميليشيات المتطرف المتعلق بمنع الغناء واستهداف حفلات التخرج والزواج، ذكرت مصادر يمنية حقوقية لـ«الشرق الأوسط»، أن المغنين بعديد من مناطق سيطرة الميليشيات لا يزالون حتى اليوم يتعرضون لسلسلة تعسفات ممنهجة، يرافقها إلغاء الحفلات واعتقال الأهالي والفنانين.
وبحسب تقارير سابقة، هاجمت الميليشيات خلال النصف الأول من عام 2020 فقط أكثر من 85 عرساً وحفل تخرج في 5 مدن واقعة تحت سيطرتها، تحت ذريعة منع الغناء ومكبرات الصوت.
وكشفت التقارير عن أن مسلحي الجماعة الحوثية اعتقلوا بتلك الفترة ما يزيد على 220 شخصاً من أهالي وفنانين، وطلبة كانوا يحتفلون بمناسبة تخرجهم.
وتصدرت محافظة حجة الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين –حسب المعلومات- قائمة المدن التي طالتها حملات الإرهاب والتطرف الحوثية، بواقع 28 عملية اقتحام خلال تلك الفترة، تلتها العاصمة صنعاء في المرتبة الثانية بواقع 23 حادث اقتحام، ثم محافظة إب بـ19 عملية اقتحام، ثم محافظة ذمار بواقع 15 عملية.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».